اِستنطاق المذهول الجهول في امر العلاقات السودانية المصرية

 


 

 

كتبت النخب السودانية في صميم العلاقة المصرية السودانية الكثير وكم ليس بالقليل وقد تكون الكتابة والطرح ضربا من ضروب التخيل والابتعاد عن المشكلة الحقيقة أو بالأحري نوعا من النفاق السياسي هنالك مشاكل تناقش بعمق أوعدم فهمها أو بتعالي وتغابي عن قول الحقيقة بعضهم خوفا من ضياع المصالح بمصر وأخرين يرون أن السند المصري الرسمي يجعلهم أصحاب سلطة وحضور وهنالك الصامتون بوعي عن ما يدور ولكن في مجالسهم يحلو لهم البوح والانتقاد للرؤية المصرية والتعاطي من أهل السودان معها وبالمقابل يري المصريين أن السودان حديقة خلفية ومحمية مصرية وعليهم فقط هم دون غيرهم من خلق الله التمتع بخيرات هذه الارض وتحيد أهلها بل هم يحارب قيام دولة ديمقراطية أو أنتقال من سلطة عسكرية الي دولة مدنية لهم أذرع وعيون وعملاء وكذلك يدعمون العسكر وبعض البيوت الطائفية لمزيد من التمزيق والتخلف وارساء قيم الخواء والانكسار أمام دولة هي في حقيقتها لا تعرف الديمقراطية يقودها تحالف مابين العسكر واخرين لا يؤمنون بقيم العدالة والمساواة بل يقهرون كل منادي بقيام جمهورية حقيقة غير الثالثة التي يروج لها أنها حقيقة هشاشة الاستقرار وخلال مقبل الايام وسوف نري فوضي الجياع والسيسي هو الشخصية الأبرز والأقوى في الحياة السياسية المصرية، حيث يتمتع بسلطات واسعة بموجب التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان والشعب في 2019، والتي تسمح له بالبقاء في الحكم حتى عام 2030 البرلمان المصري هو الهيئة التشريعية في البلاد، ويتكون من مجلسين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ , ومجلس النواب يضم 596 عضوًا، ويتم انتخاب 448 منهم بالتصويت الفردي، و120 بالقوائم الحزبية، و28 يتم تعيينهم من قبل الرئيس3. مجلس الشيوخ يضم 300 عضوًا، يتم انتخاب 200 منهم بالتصويت الفردي والقوائم الحزبية، و100 يتم تعيينهم من قبل الرئيس. الأغلبية الساحقة في البرلمان تنتمي إلى تحالف دعم مصر، الذي يعتبر الذراع السياسية للرئيس السيسي , والأحزاب السياسية في مصر تعاني من ضعف وتشتت وانقسام، ولا تمثل بديلًا قويًا أو موحدًا للنظام الحاكم الحالي و بعض الأحزاب تعارض السيسي وتنتقد سياسته، مثل حزب الدستور وحزب الكرامة وحزب القوى الوطنية وحزب الحرية والعدالة، ولكنها تواجه قمعًا واعتقالات ومحاكمات وحظرًا و بعض الأحزاب تدعم السيسي وتشارك في تحالف دعم مصر، مثل حزب المصريين الأحرار وحزب المؤتمر وحزب النور وحزب الوفد وحزب مستقبل وطن، ولكنها تفتقر إلى قاعدة شعبية وبرنامج سياسي واضح , بعض الأحزاب تحاول اللعب بين المعسكرين وتبحث عن مساحة للتعبير عن رأيها ومصالحها، مثل حزب الغد وحزب الحركة الوطنية وحزب الحرية المصرية وحزب الحركة الاشتراكية، ولكنها تواجه صعوبات في تحقيق تأثير أو تمثيل

تعالوا ننظر إلى السياق والخلفية السياسية والأمنية للسودان، والتي شهدت تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة، بدءاً من الثورة الشعبية التي أطاحت بالبشير ، وانتهاءً بالانقلاب العسكري الذي قام به قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2023، والذي أدى إلى حل المجلس السيادي والحكومة الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ، وتعليق الدستور، وتشكيل مجلس عسكري جديد , هذه الخطوة أثارت ردود فعل متباينة داخلياً وخارجياً، فمن جهة، رفضت قوى الحرية والتغيير والمجتمع المدني والمعارضة السياسية والحركات المسلحة والمتظاهرون الانقلاب، ودعوا إلى العصيان المدني والمقاطعة والاحتجاج، ومن جهة أخرى، أيدت بعض القوى السياسية والعسكرية والقبلية والدينية الانقلاب، واعتبروه ضرورياً للحفاظ على الأمن والاستقرار والسيادة والوحدة الوطنية وثانياً، يجب أن ننظر إلى العلاقات والمصالح المصرية-السودانية، والتي تتسم بالتعقيد والتباين على مر الزمن. فمن جهة، تربط مصر والسودان روابط تاريخية وثقافية ودينية واجتماعية، وتتشاركان في مصادر المياه الحيوية لنهر النيل، وتواجهان تحديات مشتركة في مواجهة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية. ومن جهة أخرى، تشهد العلاقات بين البلدين خلافات وتوترات بسبب قضايا مثل الحدود والأمن والتنمية والتعاون الإقليمي، وخاصة في ظل النزاع حول سد النهضة الإثيوبي، الذي يهدد حصة مصر من مياه النيل , وقد تباينت مواقف مصر من التغيرات السياسية في السودان، فبينما دعمت الانتفاضة الشعبية ضد البشير، فإنها ترى في البرهان شريكاً موثوقاً ومنسقاً في الحفاظ على الاستقرار والأمن في السودان، وتخشى من أن يؤدي تفكك الجيش السوداني إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية وفوضى وأخيرا يجب أن نقيم ما بعد الجمهورية الثالثة وفوز السيسي في مصر، وما هي الأهداف والتحديات والفرص والمخاطر التي تواجهه في العلاقة مع السودان. وفقاً للمصادر المتاحة، يمكن القول أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى إلى تعزيز دور مصر الإقليمي والدولي، وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في مصر والمنطقة، وتحسين العلاقات مع الدول العربية والإفريقية والدولية، ومواجهة التحديات والتهديدات التي تمس بالمصالح والسيادة والوحدة الوطنية وفي هذا السياق، يولي الرئيس المصري اهتماماً خاصاً بالسودان، باعتباره جاراً وشريكاً استراتيجياً، ويحرص على دعم العملية الانتقالية نحو الديمقراطية والتنمية في السودان، والتوسط بين الأطراف السودانية لتهدئة الأوضاع واستئناف الحوار السياسي، والتنسيق والتعاون مع السودان في المجالات المختلفة، وخاصة في ملف سد النهضة والمياه والأمن والتجارة والاستثمار. ولكن هذا لا يعني أن الرئيس المصري لا يواجه صعوبات ومخاطر في العلاقة مع السودان، فمن جهة، يواجه الرئيس المصري معارضة وانتقادات من بعض القوى السياسية والمدنية والشعبية في السودان، التي تتهمه بالتدخل في الشأن الداخلي السوداني، وبالتحالف مع الانقلابيين، وبالتنازل عن حقوق مصر في مياه النيل، وبالتغاضي عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، وبالتآمر مع إسرائيل والإمارات بالرغم مصر ترى في السودان جاراً وشريكاً استراتيجياً، في العلن وتهتم بالحفاظ على استقراره وأمنه ووحدته، وتدعم العملية الانتقالية نحو الديمقراطية والتنمية , ومصر هي من أحتل حلايب وتواجه تحديات وخلافات مع السودان في بعض القضايا، مثل سد النهضة الإثيوبي، والحدود والأمن والتعاون الإقليمي، وتسعى إلى حلها بالحوار والتفاوض
مصر تتأثر بالتحولات في السودان بشكل مباشر وغير مباشر، فمن جهة، تتلقى مصر موجات من اللاجئين والمهاجرين السودانيين الفارين من النزاع والفقر، وتواجه صعوبات في استيعابهم وتوفير الخدمات والحماية لهم ومن جهة أخرى، تتأثر مصر بالتوازنات السياسية والعسكرية في السودان، وتحاول التنسيق والتعاون مع الأطراف المعنية لتعزيز الأمن والسلام في السودان والمنطقة ومصر تستفيد من التحولات في السودان إذا ما أدت إلى بناء دولة مستقرة ومنتخبة ومتعاونة مع مصر في المجالات المختلفة، وتخسر إذا ما أدت إلى انهيار الدولة أو ظهور نظام معادٍ أو متحالف مع أعداء مصر
الاقتتال بالسودان و مصر تواجه معضلة في التعامل مع الصراع في البلد المجاور نري يجب أن نفهم السياق والخلفية السياسية والأمنية للأزمة السودانية، وأدى إلى تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن الجيش والمعارضة المدنية, ومنذ ذلك الحين، شهد السودان توترات واشتباكات بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، والقوات الموالية لنائب رئيس المجلس السيادي حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية تشكلت من ميليشيات الجنجويد التي ارتكبت جرائم حرب في دارفور. وتصاعدت حدة العنف في أبريل 2023، عندما هاجمت قوات الدعم السريع مواقع للجيش في مدينة مروي بشمال السودان، واستولت على قاعدة عسكرية تضم جنوداً مصريين كانوا يشاركون في تدريبات مشتركة مع الجيش السوداني
أن العلاقات والمصالح المصرية-السودانية، والتي تتسم بالتعقيد والتباين على مر الزمن فمن جهة، تربط مصر والسودان روابط تاريخية وثقافية ودينية واجتماعية، وتتشاركان في مصادر المياه الحيوية لنهر النيل، وتواجهان تحديات مشتركة في مواجهة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية. ومن جهة أخرى، تشهد العلاقات بين البلدين خلافات وتوترات بسبب قضايا مثل الحدود والأمن والتنمية والتعاون الإقليمي، وخاصة في ظل النزاع حول سد النهضة الإثيوبي، الذي يهدد حصة مصر من مياه النيل وقد تباينت مواقف مصر من التغيرات السياسية في السودان، فبينما دعمت الانتفاضة الشعبية ضد البشير، فإنها ترى في البرهان شريكاً موثوقاً ومنسقاً في الحفاظ على الاستقرار والأمن في السودان، وتخشى من أن يؤدي تفكك الجيش السوداني إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية وفوضى
و أن نقيم احتمالية ومبررات وعواقب تدخل مصر عسكرياً في السودان، والتي تعتمد على عدة عوامل ومتغيرات. فمن الواضح أن مصر تتابع بقلق واهتمام شديدين تطورات الأوضاع في السودان، وترى في استقراره أمناً قومياً لها، وتسعى إلى حماية مصالحها ومواطنيها وقواتها التي بحلايب , ولكن هذا لا يعني أن مصر ستتدخل عسكرياً في السودان بشكل مباشر ومفتوح، إلا في حالات استثنائية ومحدودة، مثل تعرض مواطنين أو جنود مصريين لخطر محدق، أو تهديد مباشر لأمن مصر القومي، أو طلب رسمي من الحكومة السودانية المعترف بها دولياً ,وقد يحدث هذا حسب المعطيات علي الارض ,وفي هذه الحالات، قد تقوم مصر بعمليات عسكرية محددة الهدف والزمن والمكان، لإنقاذ أو إجلاء مواطنيها أو قواتها، أو لردع أو تحييد أي تهديد يمس بأمنها. ولكن مصر لن تشارك في حرب أهلية في السودان، أو تدعم أحد الأطراف على حساب الآخر، أو تحاول فرض حل عسكري على النزاع، لأن هذا سيكون مغامرة خطيرة ومكلفة ومعقدة، وسينال من مصداقية وشرعية مصر في الساحة الإقليمية والدولية، وسيزيد من حدة التوتر والعنف والانقسام في السودان، وسيعرض مصر لمخاطر أمنية وسياسية ودبلوماسية وقانونية وإنسانية
مصر ضمن قائمة الدول المهددة بالآثار الكارثية من تحقق سيناريو الحرب الأهلية فى السودان؛ إذ يعد المراقبون أن ما يجرى فى السودان، قد تكون له انعكاسات سلبية على ملف سد النهضة نفسه؛ لأن استمرار الحرب واحتمالات انهيار الدولة السودانية، ربما يغرى إثيوبيا ويقوى موقفها الذى تتمسك به فى الخلاف الناشب بينها وبين مصر والسودان، فانهيار السودان سيضعف الجبهة المصرية فى مواجهة إثيوبيا، ولا يقل ملف اللاجئين السودانيين بالنسبة إلى مصر أهمية؛ عن "سد النهضة"، نظرا لحجم الضغط الذى يشكله أعداد المتدفقين على الاقتصاد المصرى ومرافق الدولة المستضيفة، فى ظل أزمة اقتصادية عالمية.
ويعد السودان موردا رئيسيا للمواشى واللحوم الحية وهى إحدى السلع الاستراتيجية لمصر؛ حيث يمد السودان مصر بنحو 10% من احتياجاتها من هذه السلع، وهو ما يزيد الضغط على أسعار اللحوم محليا، مما قد يؤدى إلى مزيد من التضخم فى الأسواق المصرية. ويحتل السودان المرتبة الثانية بقائمة أكبر 5 أسواق مستقبلة للصادرات المصرية بقيمة 226 مليون دولار، كما يعد السودان بوابة لنفاذ الصادرات المصرية إلى أسواق دول حوض النيل وشرق إفريقيا. ومع استمرار الحرب وانعدام الأمن، سيتأثر حجم التبادل التجارى بين البلدين، كما تتخوف مصر بامتداد الحرب نحو البحر الأحمر والتأثير فى حركة الملاحة فى قناة السويس، وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد المصرى الذى يعانى بعض الأزمات فى الوقت الراهن , إذا تمكنت قوات الدعم السريع من هزيمة الجيش السوداني والسيطرة على السلطة في السودان، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات كبيرة في المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد وفي المنطقة
وهل من المحتمل أن تواجه قوات الدعم السريع مقاومة شعبية وعسكرية من قبل القوى المدنية والثورية والحركات المسلحة التي ترفض الانقلاب العسكري وتطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل ,كما قد تواجه قوات الدعم السريع عزلة دولية وإقليمية من قبل الدول التي تدعم الانتقال الديمقراطي في السودان وترفض التدخل العسكري في شؤونه الداخلية، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة
أما بالنسبة لمصر، فقد تتأثر بالوضع في السودان بشكل مباشر وغير مباشر، فمن جهة، تربط مصر بالسودان علاقات أخوية وتاريخية وجغرافية وثقافية واقتصادية، وتعتبر أمن السودان جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي، وتدعم كل ما يحقق الاستقرار والسلام والتنمية للشعب السوداني الشقيق
ومن جهة أخرى، تواجه مصر تحديات إقليمية ودولية تتعلق بالسودان، منها النزاع حول سد النهضة الإثيوبي وملءه وتشغيله، والذي يهدد حصة مصر من مياه النيل، والنزاع حول الحدود البحرية والبرية بين السودان وإثيوبيا، والذي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد عسكري، والتدخلات الأجنبية في ليبيا، والتي تهدف إلى تغيير التوازن الإقليمي , لذلك، قد تتخذ مصر قرارات مختلفة تبعًا لتطور الأوضاع في السودان، ومن الممكن أن تشمل هذه القرارات ,العمل على وقف القتال والوساطة بين الأطراف المتنازعة والدعوة إلى حوار سياسي وطني يضمن احترام الإرادة الشعبية والالتزام بالمسار الديمقراطي والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين في هذا الصدد الحفاظ على العلاقات الثنائية مع السودان وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية والتعاون في مجالات مختلفة مثل الطاقة والزراعة والتجارة والتعليم والصحة والثقافة ومن المتوقع أن تقوم بالدفاع عن مصالحها الوطنية والإقليمية في مواجهة التحديات المتعلقة بسد النهضة والحدود وليبيا والتدخلات الأجنبية، وذلك بالاستعانة بالقوانين الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية والحلفاء الاستراتيجيين
هذه بعض المقولات والهواجس التي تملا راسي في أمر العلاقات المصرية السودانية ولازالت ذهولا جهول في تفاصيلها وتعقيدتها
zuhair.osman@aol.com

 

آراء