جوزيف لاقو في أخطر أقواله (2-2)
رئيس التحرير: طارق الجزولي
27 November, 2008
27 November, 2008
حتى قرنق يمكن أن يُقدم للمحكمة الجنائية الدولية!!
حاوره: عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الصحافة
سطع نجم الرائد جوزيف لاقو لاول مرة، وهو يقود قوات الانانيا والتي فجرت تمردا بجنوب السودان في ستينيات القرن الماضي، اوقفته اتفاقية اديس ابابا 1972، ليعود لاقو ويصبح نائبا لرئيس الجمهورية حتى سقوط حكومة النميري في ابريل 1986م، وظل لاقو منذ قيادته للانانيا في احراش الجنوب وحتى لحظة لقائنا به في لندن، مشاركا وفاعلا اصيلا في الساحة السياسية السودانية والجنوبية منها علي وجه الخصوص.
ترجمة: سيف الدين عبد الحميد
كل التعقيدات التي تعتري تنفيذ اتفاق نيفاشا سببها قرنق
الحديث حول محاكمات مجرمي الحرب سيطال الكثيرين والأفضل ان نعترف بها ونحلها كسودانيين
هل عاد الكولونيل لاقو من متاهته في لندن ليعافر السياسة السودانية؟ وما هو الدور المنتظر الذي سيلعبه؟. جلست إلى جوزيف لاقو بهدوء لأعرف سِكّته التي سيسلكها مرة اخرى إلى الساحة السياسية. لم اكد ابدأ الحوار حتى ثار في وجهي اكثر من مرة، اعتقدت انه سينهي الحوار من اول سؤال، لم اسعَ ابدا لتهدئته فهذه الحالة تعجبني لاثارة الحوار اكثر.. كان لاقو ينهض في منتصف الحوار ليدور حول المائدة او يتوقف ليخرج اوراقا كثيرة، من شنطة قديمة كان يحملها وانا ألاحقه بأسئلتي في كل الحالات. كنت اعرف ان مثير الاعصاب لدى جوزيف لاقو، هو د.قرنق فظللت استعمله حتى انتهى الحوار.
هل تعتقد أن ثنائية الاتفاق بين الحركة والحكومة من المخاطر التي تهدده ؟
- حسناً، إنها اتفاقية بين طرفين متحاربين، ولاتشمل كل البلاد. ورغم أن اتفاقيتي مع نميري كانت شبيهة بهذه وانها كانت بين جوزيف لاقو قائد حركة تحرير جنوب السودان ونميري قائد حكومة الخرطوم، لكن لازال في ذلك الوقت جنوبيون موحدون ولم يكن هناك أفراد يحاربون بعضهم آنذاك، وكان الشمال في ذلك الوقت متماسكاً أكثر من الآن، فالظروف تختلف، وهذا هو الشئ الذي جعلني أتحرك من هنا واذهب الى الخرطوم لأقول لهم ياجماعة نحن مشتتون في بلدنا، فدعونا أولاً نلتئم قبل الدخول في حوار الاتفاقية، أن نلم شمل الجنوب ونلم شمل الشمال، ولم يستمع لكلامي أحد فالحكومة اختارت أن تتحدث مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان فقط، متجاهلة الصراع الجنوبي الآخر. أما قرنق فاستغل التجمع الوطني لتقوية نفسه وعندما يأتي ينفرد بالأمر وحده من غير اعتبار للتجمع الوطني، وهذه واحدة من المخاطر، ولا يُلام عليها أحد، لا أحد خارج دائرة الحكومة وحركة قرنق يُلام على ذلك.
* ماهو الخطر الآخر الذي يواجههم والخطر الآخر الذي يواجه الاتفاقية؟
- أنا كنت جندي «غوريلا» كنت محارب حرب عصابات وكنت أواظب على كسب الناس، أن تكسب الناس الى جانبك حتى تنجح، فاذا لم تكسب الناس الى جانبك فإنك لن تنجح، فلو تذكر أنني عندما كنت أحارب في الغابة حدث أن سقطت طائرة في المنطقة التي أسيطر عليها وكان داخلها 92 شخصاً احياء، وكنت أنا أحارب الحكومة ولكن لم يكن لي شأن بهؤلاء الأشخاص، وكانت هذه رسالة للناس بأن المشارك في حرب العصابات يجب أن يكسب الناس الى جانبه لا أن يستعديهم ضده، فاذا استعديت الناس فلن تجد طريقك إليهم.
* أنا قلق بشأن المخاطر، ما الذي يعرض الاتفاقية للخطر، فأنا ارى هناك صراعاً في الشمال بين التجمع الوطني وحزب الأمة والشيوعي، فهناك رهانات في الشمال على نبذ الاتفاقية بعيداً، الا ترى في ذلك مخاطر تواجه الإتفاقية؟
- اعتقد أنه لايزال هناك متسع لتصحيح الأشياء ووضعها في اتجاهها الصحيح، اذ يجب على الحكومة أن تتفاهم مع الآخرين في الشمال، أن تتفاهم مع التجمع الوطني الديمقراطي، ويجب أيضاً أن يتفاهم قرنق مع الآخرين في الجنوب من الذين لايقفون معه بصدق للتوصل الى اجماع في الجنوب، وذلك لكيما تحتوي الحكومة المؤقتة التي يتم تشكيلها عناصر من كل الشعب السوداني وبطريقة متساوية وعادلة، فالنسب التي اتفقوا عليها في نيفاشا كأن يكون للحكومة كذا وللحركة الشعبية كذا وأن الآخرين يتركون لأصوات أخرى، هذا أمر يجب أن ينبذوه بعيداً لمصلحة السودان وأن يتوصلوا لاتفاق مجمع عليه مع الناس الآخرين الذين ليسوا معهم، وبذلك سننقذ البلاد، بالنسبة لي، يجب علينا الرجوع لما تركناه، الرجوع الى مديرياتنا التسع السابقة، ولتكن هذه المديريات التسع ولايات فيدرالية في شكل «اتحاد الولايات السودانية» وكل جماعة يتبنوا مشاكلهم داخل مناطقهم المعنية، فالوحدة تبدأ بهذا الشكل حيث تنسجم هذه المديريات التسع داخل السودان وتكون لديك حكومة مركزية، وعندما تدير الناس بالتساوي في هذه المديريات التسع تكون حسمت كثيراً من مشاكل السودان، ولن يكون هناك وجود للمشكلة التي تواجه الحكومة الآن في دارفور وفي الشرق، لقد قلت ذلك في الخرطوم، وأنا ذاهب الى الخرطوم وسأقول لهم ذلك، فأنا جوزيف لاقو ليس لديّ رغبة أن أكون أى شئ مطلقاً، واعتقد أن مواطني جنوب السودان يريدونني فأنا سبق أن وحدتهم وخلقت تناغماً بينهم وبين الشمال عام 1972م. فأنا لم أخصص لنفسي منصباً بل بقيت في الجيش لست سنوات، وبعد الست سنوات قال لي المواطنون نحن نريد منك أن تأتي لتقف في الانتخابات لأننا لانريد نميري أن يفرض علينا أبيل ألير، إذن المواطنون هم الذين دعوني آنذاك وما أخترت نفسي فرضاً عليهم مثلما أختار قرنق نفسه، لذا أنا شاكر «للجنوبيين» ولا أريد منهم شئ فقد أعطوني مافيه الكفاية، وأنا على استعداد لخدمتهم بأية صفة مهما كان تواضعها، أما في الشمال فقد وجدت إحتراماً أيضاً، فعندما قامت الانتفاضة ضد نميري كنا ثلاثة نواب للرئيس: عمر محمد الطيب والرشيد الطاهر وشخصي، فقد ذهب المتظاهرون وقذفوا منزل عمر الطيب والرشيد الطاهر بالحجارة ولكنهم لم يقذفوا منزلي، وحتى طفلاي الصغيران أخذوهما الى فندق المريديان، وعندما هدأت المظاهرات في المساء أعادوهما لنا في المنزل، وأنا شاكر لهم، أنا شاكر للسودانيين، وسأفعل كل مابوسعي لايقاف الحرب وإقرار السلام في السودان بدون أن يطمح جوزيف لاقو لنيل أى شئ.
* طيّب، الآن وقد تم التوقيع لانهاء الصراع بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان، هل ترى أن هذا الاجراء يمثل مشكلة أم أنه اجراء بالامكان مواصلته، أم هو أحد المخاطر؟
- أنا متابع، وأرى أن معظم المشكلة بين الحكومة والجيش الشعبي بعد توقيع الاتفاقية سببها جون قرنق «قالها بنبرة توكيدية» فقد كان من المفترض أن يأتي قرنق مع البشير الى الخرطوم في ذات الطائرة ليعكس للجمهور حسن النية، فعندما و قّعت أنا اتفاقية أديس أبابا في أديس أبابا طرت في اليوم التالي الى الخرطوم لأعكس للناس جديتي، فلماذا لايفعل قرنق نفس الشئ؟ لماذا لايزال قرنق مبتعداً حتى الآن؟ فلماذا لا ىأتي الى جوبا واذا افترضنا أنها عاصمته وأن كثيراً من الناس يموتون هناك أفلا يمكنه أن يأتي هناك؟ لماذا يظل بعيداً، لماذا يظل ماكثاً في نيروبي؟ ولايأتي الى رمبيك؟
* -مقاطعاً- : ربما يكون مرتباً خطواته، ربما كانت هناك خطوات أكثر تتعلق بالاتفاقية؟
-: ونحن عندما وقّعنا اتفاقيتنا كانت عندنا خطوات، إتفاقيتنا كانت عندها خطوات، أعلناها، نعم أنا وقعت اتفاقية وقصدت توقيعها، وعدت الى أهلي، ولكنني رجعت الى الخرطوم أولاً، فلماذا لا يفعل هو ذلك ليعكس حسن النية للناس.
* أريد أن اسألك عن شئ آخر، بالنسبة للجنوبيين هناك في الجنوب، الجنوبيون داخل الجيش الشعبي، هل ترى أنهم موحدون؟ فهم لديهم مليشيات هناك؟
- الذي يفرقنا هو قرنق، إقرأ مرة ثانية محاضر محادثاتهم، فالجنوبيون داخل الجيش الشعبي والجنوبيون خارج الجيش الشعبي سيتوحدون اذا أزحت قرنق بعيداً، فقرنق هو ثعلب شقاقهم وفرقتهم، إقرأ كلامه الذي قاله هو وليس أنا، كلامه الذي نشر في «الرأي العام» في الخرطوم، هذه هى الحقيقة، قرنق قاتل الناس وشتت الناس في الجنوب، فهو أناني وهو يتاجر بقضية الجنوب، فأنظر له وأنظر اليّ عندما وقعت اتفاقية اديس أبابا، لقد كنت نظيفاً ولكنه يبدو مثل رجل أعمال ثري هذه هى مشكلة جنوب السودان.
* هل ترى أن واحدة من المشاكل في الجنوب تتمثل في الرؤية حول التنمية، فالاتفاقية لم تقل شيئاً عن تصور للتنمية؟
- إن الناس في حالة السلام يمكنهم أن يفعلوا الكثير في إتجاه تنميتهم، وفي حالة السلام يأتي الأصدقاء الآخرون ويساهمون في تنمية الناس، فما يحتاجه الناس هو السلام، فأمنحهم السلام والاستقرار وأى شئ آخر سيأتي بما فيه التنمية.
* هل علمت أن الحكومة الامريكية قد عيّنت خمسة مستشارين لحكومة قرنق؟ اسمعت بذلك؟
- لم أسمع بذلك، وأن كان هؤلاء المستشارين الخمسة لن يفعلوا شيئاً اذا لم يوافق الجنوبيين على حكومة مقبولة وعملية.
* ماهى هذه الحكومة العملية؟
- الحكومة العملية هى الحكومة المتفق عليها من جانب الناس.
* ولكن مثل هذه الحكومة وافقت عليها الاتفاقية؟
- الاتفاقية منحت كل السلطات لقرنق، قرنق يكون النائب الأول للرئيس، قرنق يكون الحاكم قرنق يكون ويكون.
* هل أنت تقف ضد الاتفاقية؟
- أنا لا أقف ضد الاتفاقية، ولكن هذه الاتفاقية خاطئة إن كانت تمنح السلطة لرجل واحد، واذا ظن الأمريكان انهم بارسال مستشاريهم الى هناك سيجعلون الاتفاقية تعمل فانها لن تعمل!.
* ولكن اذا مضيت في هذا الاتجاه، فينبغي عليك أن تعدّل الاتفاقية في الجنوب وفي الشمال وهذا من شأنه أن يخلق معضلة؟
- في هذا الاتجاه لن تعمل الاتفاقية، فليمضوا في اتجاههم أنا امسك أيديهم، ولكن أى شئ يُفرض على الناس سيكون مصيره الفشل، نعم مرحباً بالاتفاقية التي توقف الحرب، فأي شخص يرحب بذلك، ولكن يجب اشراك الناس، بالنسبة لي مثلاً، فأنا لا أفاوض السلطة لنفسي وأن يكون أى شئ لي، فإذا كان قرنق يفاوض ليصبح كل شئ له فإن الاتفاقية لن تعمل.
* هناك المحكمة الدولية، وهناك عقوبات تناقش في مجلس الأمن، كيف ترى هذه المخاطر، هل يمكنهم اجراء عقوبات، وحسب رؤيتك، إذا أرادوا أن يقبضوا على مسؤولين وعلى الذين ارتكبوا جرائم في دارفور، فما هى مخاطر ذلك على البلد؟
- السودانيون إتفقوا بأنفسهم وأنا قلت علينا ان نتخذ من جنوب افريقيا نموذجاً، فعندما يقر السلام يجب أن تكون لجان للتحقيق للوصول للحقيقة، ما الذي يحدث؟ نحن نشك في فرض عقوبات مثل عقوبات جنوب إفريقيا حتى يعرف الناس ماذا فعل فلان وماذا فعل فلان، ولكننا لانحب معاقبتهم، وبهذه الطريقة ستجعل الأشياء أكثر إنسجاماً، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، وذهبوا الى المفاوضات تحت الاشراف الامريكي، وبالطبع يعرف الأمريكان أن هناك مسؤولين ارتكبوا جرائم، وأن الامريكان رفضوا أن يمنحوا العفو وسيجري التحقيق لهؤلاء المسؤولين وان المجموعة الدولية ستصر على محاكمتهم، وربما يشمل هؤلاء مسؤولين في الحكومة نفسها وربما المعارضة، وهذا لن يعزز إتجاه سلامنا،وفي الحركة الشعبية ذات الشئ، فالناس يقولون إن جون قرنق إرتكب جرائم وسيكون عرضة للمحاكمة أيضاً، لأنه أرتكبها ضد من رفعوا أياديهم ضده، ليس هذا هو السلام، فالسلام لايتم الا أن تطلب من السودانيين أن يتفقوا بين أنفسهم، ليقولوا نعم نحن حملنا السلاح وارتكبنا جرائم ضد بعضنا، ودعونا نترك كل ذلك وراء ظهرنا، ودعنا نفتح صفحة جديدة، فإن كان هناك أي تهديد يكون التهديد لمعرفة الحقيقة من جانب الناس، ولكن لنعفو لا لنعاقب، وسيعمل الناس جنباً الى جنب، فهناك مشكلة أمامنا مشكلة ليست سهلة، ولكن يمكن للسودانيين أن يحلّوها، لاتحل بواسطة الأجانب، وأنا أناشد الحكومة والحركة الشعبية أن يمضوا في الحوار مع إخوانهم السودانيين الذين لايتفقون معهم، فهناك درس يكمن في التحاور لا في الاتفاقية التي تفرضها أمريكا، فأمريكا تقول بطريقة «الأخ الأكبر» إتفقوا هنا واتفقوا هناك واذا لم تتفقوا فسأضربكم.
* بالنسبة للحوار الجنوبي الذي دعت له مؤسسة موي، هل ستشاركون في ذلك المنبر؟
- حسناً ، لقد كان ماتي مالييا رئيس المنبر هناك من البداية، وحتى إذا طلب مني أن أشارك فسأذهب للمشاركة، فإن كانوا هم رؤساء منبر محايدين فما ذلك الا لأنه معهد «موي»،نعم نحن شجعنا على ذلك الحوار، وأنا أشجع أىضاً على الحوار الشمالي- الشمالي.
* وقلت لي إنك ستأتي في هذا الشهر؟
- نعم في هذا الشهر سآتي الى الخرطوم.
* أو لست خائفاً؟
- أخاف من شنو؟
* لأن قرنق الآن في السلطة ويمكن....؟
- يمكن يعمل شنو؟
* يمكن أن يعمل أى شئ، يمكن أن يلحق بك أذى على الأقل؟
- بونا ملوال ذهب الى قوقريال في منطقة واقعة تحت سيطرة قرنق، فهناك لدينا مئات الناس الذين يمكن أن يحمونا، فنحن لسنا خائفين من شئ، ويمكن أن أذهب الى رمبيك، يمكن أن أذهب الى جوبا ويمكن أن أذهب الى أى مكان، فنحن نتحدث له في وجهه أنه فعل كذا وفعل كذا، لست خائفاً من أى شئ.
* ماهو مستقبل الشماليين الذين هم مع قرنق، منصور خالد، ياسر عرمان وغيرهم؟
- منصور خالد رجل نبيل وأنا أكنّ له إحتراماً بالغاً، واعتقد أن منصور خالد رجل وطني ذو مقدرات عقلية كبيرة، فلو كنت في مكان جون قرنق سأجعل منصور خالد الرجل الثاني بعدي، وأنا أوصى بأن يكون منصور خالد وزيراً للخارجية مرة ثانية.
* هل يمكن للجنوبيين أن يقبلوا بذلك؟
- إذا كان الجنوبيون يقدرون الناس حقّ قدرهم، أقول لهم إن رجلاً وقف معكم طوال هذه السنين وتحمل في سبيلكم الإهانات والشتائم من جانب أهله وهو لايزال متمسكاً بكم، فمثل هذا الرجل منصور خالد جدير بأن يكافئه الجنوبيون، فمنصور خالد غالب الراحة وضحّى بوقته، فقد استمع لكل ما يقال من جانب أصحابه الشماليين، وهو لايزال في موقفه، هذا مايجب الإعتراف به بمنح منصور خالد المنصب الأعلى المتاح بعد قائد الحركة، فاذا لم يفعلوا ذلك، فما الفائدة معكم عندما لاتقرون بما يفعل الآخرون، أنا لديّ إحترام عميق لمنصور خالد.
* ما الذي يجعل الوحدة ممكنة؟
- وجود أشخاص مثل منصور خالد، إن كان هناك «ناس» كثيرون من شاكلة منصور خالد، فهو ينظر للجنوبيين بإعتبارهم ابناء بلده واخوانه وهذا هو الطريق الى الوحدة، فلو كان هناك أناس في الشمال مثل منصور خالد ناس كثيرون فان ذلك سيجعل الوحدة ممكنة.
* من جانب الجنوبيين؟
- نعم حتى من جانب الجنوبيين فان وجود أشخاص مثل منصور خالد سيجعلهم يعفون عن كثير مهما جنى عليهم الشمال، فاذا وُجد أشخاص مثله ومثل نلسون مانديلا في جنوب السودان، فإن ذلك يجعل الوحدة ممكنة.
* هل هذا ممكن؟
- ممكن ولم يفت الوقت بعد.
* ماهو السبيل لتنفيذ الاتفاقيات من جانب الحكومة حتى تكون الوحدة جاذبة، فهم يتحدثون عن جاذبية الوحدة،ماذا ترى؟
- هم يقولون إنهم سيجعلون الوحدة جاذبة حسناً، دعنا نرهم يطبقون هذا الكلام عملياً، فهذا ربما يجذب الجنوبيين لكي يلتقوا، لكن أعتقد أنني يجب أن أفصح عن تقديري لشخصيتين في الحكومة: النائب الأول فهو لم يكترث في التفاوض لمنصبه وهذا شئ يجب الإعتراف به أىضاً، والشخصية الثانية وزير الخارجية مصطفى اسماعيل الذي قال إنه سيستقيل من منصبه خلال شهرين ليعطي الفرصة لغيره في الحكومة الجديدة التي ستعطي حقيبة الخارجية للحركة الشعبية لتحرير السودان، فهؤلاء هم الذين يجعلون الوحدة جاذبة، فقد ضحيّا بمنصبيهما للمصلحة الانسانية.
ومن جانبي، فقد بعثت برسالة تقدير للنائب الأول على عثمان محمد طه ولمصطفى اسماعيل، فهذان هما اللذان يجعلان الوحدة تبدو جاذبة.
* هل لديك ماتضيفه في هذا اللقاء؟
- عموماً أقول للسودانيين إن اتفاقية السلام شئ جميل بحكم أنها أنهت الحرب، وأوقفت عمليات القتل، وأناشد الحكومة والحركة الشعبية لتوضيح تفاصيل قسمة السلطة وإشراك الآخرين معهم، فهذا ما يقر سلاماً دائماً مستداماً.
وأنا لا أتحدث لنفسي ولا أنا طامح لمنصب سياسي بعد هذا، ولكنني أريد إجراء ترتيبات جاذبة لكل السودانيين، فأنا مقتنع بالإحترام الذي أولاني له الناس في الماضي، وأرغب الآن في خدمة السودان بأية صفة وضيعة، فأنا هذه الأيام أكثر اشتياقاً للعودة الى البلاد لكي أعمل في المشاريع الإنسانية، هذا كل ماأريده.
* وماذا عن الثلاث سنوات القادمة، أوليست لديك فكرة في المشاركة من خلال المنبر الديمقراطي والتفاوض مع الحكومة؟
- أنا لاأريد منصباً والمنبر الديمقراطي يزخر بالشباب الذين سيشاركون في الفترة القادمة، بالنسبة لي فقد أصبحت أكبرهم سناً أنا مستشار لهم فقط فلست جارياً وراء منصب حكومي، نعم قرنق ليس هو الجنوب لا خلال الثلاث سنوات ولا الثلاثة أشهر، وسأحاضر شباب المنبر الديمقراطي موضحاً لهم أن الجنوب ليس هو قرنق، الجنوب لكل الجنوبيين.
حاوره: عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الصحافة
سطع نجم الرائد جوزيف لاقو لاول مرة، وهو يقود قوات الانانيا والتي فجرت تمردا بجنوب السودان في ستينيات القرن الماضي، اوقفته اتفاقية اديس ابابا 1972، ليعود لاقو ويصبح نائبا لرئيس الجمهورية حتى سقوط حكومة النميري في ابريل 1986م، وظل لاقو منذ قيادته للانانيا في احراش الجنوب وحتى لحظة لقائنا به في لندن، مشاركا وفاعلا اصيلا في الساحة السياسية السودانية والجنوبية منها علي وجه الخصوص.
ترجمة: سيف الدين عبد الحميد
كل التعقيدات التي تعتري تنفيذ اتفاق نيفاشا سببها قرنق
الحديث حول محاكمات مجرمي الحرب سيطال الكثيرين والأفضل ان نعترف بها ونحلها كسودانيين
هل عاد الكولونيل لاقو من متاهته في لندن ليعافر السياسة السودانية؟ وما هو الدور المنتظر الذي سيلعبه؟. جلست إلى جوزيف لاقو بهدوء لأعرف سِكّته التي سيسلكها مرة اخرى إلى الساحة السياسية. لم اكد ابدأ الحوار حتى ثار في وجهي اكثر من مرة، اعتقدت انه سينهي الحوار من اول سؤال، لم اسعَ ابدا لتهدئته فهذه الحالة تعجبني لاثارة الحوار اكثر.. كان لاقو ينهض في منتصف الحوار ليدور حول المائدة او يتوقف ليخرج اوراقا كثيرة، من شنطة قديمة كان يحملها وانا ألاحقه بأسئلتي في كل الحالات. كنت اعرف ان مثير الاعصاب لدى جوزيف لاقو، هو د.قرنق فظللت استعمله حتى انتهى الحوار.
هل تعتقد أن ثنائية الاتفاق بين الحركة والحكومة من المخاطر التي تهدده ؟
- حسناً، إنها اتفاقية بين طرفين متحاربين، ولاتشمل كل البلاد. ورغم أن اتفاقيتي مع نميري كانت شبيهة بهذه وانها كانت بين جوزيف لاقو قائد حركة تحرير جنوب السودان ونميري قائد حكومة الخرطوم، لكن لازال في ذلك الوقت جنوبيون موحدون ولم يكن هناك أفراد يحاربون بعضهم آنذاك، وكان الشمال في ذلك الوقت متماسكاً أكثر من الآن، فالظروف تختلف، وهذا هو الشئ الذي جعلني أتحرك من هنا واذهب الى الخرطوم لأقول لهم ياجماعة نحن مشتتون في بلدنا، فدعونا أولاً نلتئم قبل الدخول في حوار الاتفاقية، أن نلم شمل الجنوب ونلم شمل الشمال، ولم يستمع لكلامي أحد فالحكومة اختارت أن تتحدث مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان فقط، متجاهلة الصراع الجنوبي الآخر. أما قرنق فاستغل التجمع الوطني لتقوية نفسه وعندما يأتي ينفرد بالأمر وحده من غير اعتبار للتجمع الوطني، وهذه واحدة من المخاطر، ولا يُلام عليها أحد، لا أحد خارج دائرة الحكومة وحركة قرنق يُلام على ذلك.
* ماهو الخطر الآخر الذي يواجههم والخطر الآخر الذي يواجه الاتفاقية؟
- أنا كنت جندي «غوريلا» كنت محارب حرب عصابات وكنت أواظب على كسب الناس، أن تكسب الناس الى جانبك حتى تنجح، فاذا لم تكسب الناس الى جانبك فإنك لن تنجح، فلو تذكر أنني عندما كنت أحارب في الغابة حدث أن سقطت طائرة في المنطقة التي أسيطر عليها وكان داخلها 92 شخصاً احياء، وكنت أنا أحارب الحكومة ولكن لم يكن لي شأن بهؤلاء الأشخاص، وكانت هذه رسالة للناس بأن المشارك في حرب العصابات يجب أن يكسب الناس الى جانبه لا أن يستعديهم ضده، فاذا استعديت الناس فلن تجد طريقك إليهم.
* أنا قلق بشأن المخاطر، ما الذي يعرض الاتفاقية للخطر، فأنا ارى هناك صراعاً في الشمال بين التجمع الوطني وحزب الأمة والشيوعي، فهناك رهانات في الشمال على نبذ الاتفاقية بعيداً، الا ترى في ذلك مخاطر تواجه الإتفاقية؟
- اعتقد أنه لايزال هناك متسع لتصحيح الأشياء ووضعها في اتجاهها الصحيح، اذ يجب على الحكومة أن تتفاهم مع الآخرين في الشمال، أن تتفاهم مع التجمع الوطني الديمقراطي، ويجب أيضاً أن يتفاهم قرنق مع الآخرين في الجنوب من الذين لايقفون معه بصدق للتوصل الى اجماع في الجنوب، وذلك لكيما تحتوي الحكومة المؤقتة التي يتم تشكيلها عناصر من كل الشعب السوداني وبطريقة متساوية وعادلة، فالنسب التي اتفقوا عليها في نيفاشا كأن يكون للحكومة كذا وللحركة الشعبية كذا وأن الآخرين يتركون لأصوات أخرى، هذا أمر يجب أن ينبذوه بعيداً لمصلحة السودان وأن يتوصلوا لاتفاق مجمع عليه مع الناس الآخرين الذين ليسوا معهم، وبذلك سننقذ البلاد، بالنسبة لي، يجب علينا الرجوع لما تركناه، الرجوع الى مديرياتنا التسع السابقة، ولتكن هذه المديريات التسع ولايات فيدرالية في شكل «اتحاد الولايات السودانية» وكل جماعة يتبنوا مشاكلهم داخل مناطقهم المعنية، فالوحدة تبدأ بهذا الشكل حيث تنسجم هذه المديريات التسع داخل السودان وتكون لديك حكومة مركزية، وعندما تدير الناس بالتساوي في هذه المديريات التسع تكون حسمت كثيراً من مشاكل السودان، ولن يكون هناك وجود للمشكلة التي تواجه الحكومة الآن في دارفور وفي الشرق، لقد قلت ذلك في الخرطوم، وأنا ذاهب الى الخرطوم وسأقول لهم ذلك، فأنا جوزيف لاقو ليس لديّ رغبة أن أكون أى شئ مطلقاً، واعتقد أن مواطني جنوب السودان يريدونني فأنا سبق أن وحدتهم وخلقت تناغماً بينهم وبين الشمال عام 1972م. فأنا لم أخصص لنفسي منصباً بل بقيت في الجيش لست سنوات، وبعد الست سنوات قال لي المواطنون نحن نريد منك أن تأتي لتقف في الانتخابات لأننا لانريد نميري أن يفرض علينا أبيل ألير، إذن المواطنون هم الذين دعوني آنذاك وما أخترت نفسي فرضاً عليهم مثلما أختار قرنق نفسه، لذا أنا شاكر «للجنوبيين» ولا أريد منهم شئ فقد أعطوني مافيه الكفاية، وأنا على استعداد لخدمتهم بأية صفة مهما كان تواضعها، أما في الشمال فقد وجدت إحتراماً أيضاً، فعندما قامت الانتفاضة ضد نميري كنا ثلاثة نواب للرئيس: عمر محمد الطيب والرشيد الطاهر وشخصي، فقد ذهب المتظاهرون وقذفوا منزل عمر الطيب والرشيد الطاهر بالحجارة ولكنهم لم يقذفوا منزلي، وحتى طفلاي الصغيران أخذوهما الى فندق المريديان، وعندما هدأت المظاهرات في المساء أعادوهما لنا في المنزل، وأنا شاكر لهم، أنا شاكر للسودانيين، وسأفعل كل مابوسعي لايقاف الحرب وإقرار السلام في السودان بدون أن يطمح جوزيف لاقو لنيل أى شئ.
* طيّب، الآن وقد تم التوقيع لانهاء الصراع بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان، هل ترى أن هذا الاجراء يمثل مشكلة أم أنه اجراء بالامكان مواصلته، أم هو أحد المخاطر؟
- أنا متابع، وأرى أن معظم المشكلة بين الحكومة والجيش الشعبي بعد توقيع الاتفاقية سببها جون قرنق «قالها بنبرة توكيدية» فقد كان من المفترض أن يأتي قرنق مع البشير الى الخرطوم في ذات الطائرة ليعكس للجمهور حسن النية، فعندما و قّعت أنا اتفاقية أديس أبابا في أديس أبابا طرت في اليوم التالي الى الخرطوم لأعكس للناس جديتي، فلماذا لايفعل قرنق نفس الشئ؟ لماذا لايزال قرنق مبتعداً حتى الآن؟ فلماذا لا ىأتي الى جوبا واذا افترضنا أنها عاصمته وأن كثيراً من الناس يموتون هناك أفلا يمكنه أن يأتي هناك؟ لماذا يظل بعيداً، لماذا يظل ماكثاً في نيروبي؟ ولايأتي الى رمبيك؟
* -مقاطعاً- : ربما يكون مرتباً خطواته، ربما كانت هناك خطوات أكثر تتعلق بالاتفاقية؟
-: ونحن عندما وقّعنا اتفاقيتنا كانت عندنا خطوات، إتفاقيتنا كانت عندها خطوات، أعلناها، نعم أنا وقعت اتفاقية وقصدت توقيعها، وعدت الى أهلي، ولكنني رجعت الى الخرطوم أولاً، فلماذا لا يفعل هو ذلك ليعكس حسن النية للناس.
* أريد أن اسألك عن شئ آخر، بالنسبة للجنوبيين هناك في الجنوب، الجنوبيون داخل الجيش الشعبي، هل ترى أنهم موحدون؟ فهم لديهم مليشيات هناك؟
- الذي يفرقنا هو قرنق، إقرأ مرة ثانية محاضر محادثاتهم، فالجنوبيون داخل الجيش الشعبي والجنوبيون خارج الجيش الشعبي سيتوحدون اذا أزحت قرنق بعيداً، فقرنق هو ثعلب شقاقهم وفرقتهم، إقرأ كلامه الذي قاله هو وليس أنا، كلامه الذي نشر في «الرأي العام» في الخرطوم، هذه هى الحقيقة، قرنق قاتل الناس وشتت الناس في الجنوب، فهو أناني وهو يتاجر بقضية الجنوب، فأنظر له وأنظر اليّ عندما وقعت اتفاقية اديس أبابا، لقد كنت نظيفاً ولكنه يبدو مثل رجل أعمال ثري هذه هى مشكلة جنوب السودان.
* هل ترى أن واحدة من المشاكل في الجنوب تتمثل في الرؤية حول التنمية، فالاتفاقية لم تقل شيئاً عن تصور للتنمية؟
- إن الناس في حالة السلام يمكنهم أن يفعلوا الكثير في إتجاه تنميتهم، وفي حالة السلام يأتي الأصدقاء الآخرون ويساهمون في تنمية الناس، فما يحتاجه الناس هو السلام، فأمنحهم السلام والاستقرار وأى شئ آخر سيأتي بما فيه التنمية.
* هل علمت أن الحكومة الامريكية قد عيّنت خمسة مستشارين لحكومة قرنق؟ اسمعت بذلك؟
- لم أسمع بذلك، وأن كان هؤلاء المستشارين الخمسة لن يفعلوا شيئاً اذا لم يوافق الجنوبيين على حكومة مقبولة وعملية.
* ماهى هذه الحكومة العملية؟
- الحكومة العملية هى الحكومة المتفق عليها من جانب الناس.
* ولكن مثل هذه الحكومة وافقت عليها الاتفاقية؟
- الاتفاقية منحت كل السلطات لقرنق، قرنق يكون النائب الأول للرئيس، قرنق يكون الحاكم قرنق يكون ويكون.
* هل أنت تقف ضد الاتفاقية؟
- أنا لا أقف ضد الاتفاقية، ولكن هذه الاتفاقية خاطئة إن كانت تمنح السلطة لرجل واحد، واذا ظن الأمريكان انهم بارسال مستشاريهم الى هناك سيجعلون الاتفاقية تعمل فانها لن تعمل!.
* ولكن اذا مضيت في هذا الاتجاه، فينبغي عليك أن تعدّل الاتفاقية في الجنوب وفي الشمال وهذا من شأنه أن يخلق معضلة؟
- في هذا الاتجاه لن تعمل الاتفاقية، فليمضوا في اتجاههم أنا امسك أيديهم، ولكن أى شئ يُفرض على الناس سيكون مصيره الفشل، نعم مرحباً بالاتفاقية التي توقف الحرب، فأي شخص يرحب بذلك، ولكن يجب اشراك الناس، بالنسبة لي مثلاً، فأنا لا أفاوض السلطة لنفسي وأن يكون أى شئ لي، فإذا كان قرنق يفاوض ليصبح كل شئ له فإن الاتفاقية لن تعمل.
* هناك المحكمة الدولية، وهناك عقوبات تناقش في مجلس الأمن، كيف ترى هذه المخاطر، هل يمكنهم اجراء عقوبات، وحسب رؤيتك، إذا أرادوا أن يقبضوا على مسؤولين وعلى الذين ارتكبوا جرائم في دارفور، فما هى مخاطر ذلك على البلد؟
- السودانيون إتفقوا بأنفسهم وأنا قلت علينا ان نتخذ من جنوب افريقيا نموذجاً، فعندما يقر السلام يجب أن تكون لجان للتحقيق للوصول للحقيقة، ما الذي يحدث؟ نحن نشك في فرض عقوبات مثل عقوبات جنوب إفريقيا حتى يعرف الناس ماذا فعل فلان وماذا فعل فلان، ولكننا لانحب معاقبتهم، وبهذه الطريقة ستجعل الأشياء أكثر إنسجاماً، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، وذهبوا الى المفاوضات تحت الاشراف الامريكي، وبالطبع يعرف الأمريكان أن هناك مسؤولين ارتكبوا جرائم، وأن الامريكان رفضوا أن يمنحوا العفو وسيجري التحقيق لهؤلاء المسؤولين وان المجموعة الدولية ستصر على محاكمتهم، وربما يشمل هؤلاء مسؤولين في الحكومة نفسها وربما المعارضة، وهذا لن يعزز إتجاه سلامنا،وفي الحركة الشعبية ذات الشئ، فالناس يقولون إن جون قرنق إرتكب جرائم وسيكون عرضة للمحاكمة أيضاً، لأنه أرتكبها ضد من رفعوا أياديهم ضده، ليس هذا هو السلام، فالسلام لايتم الا أن تطلب من السودانيين أن يتفقوا بين أنفسهم، ليقولوا نعم نحن حملنا السلاح وارتكبنا جرائم ضد بعضنا، ودعونا نترك كل ذلك وراء ظهرنا، ودعنا نفتح صفحة جديدة، فإن كان هناك أي تهديد يكون التهديد لمعرفة الحقيقة من جانب الناس، ولكن لنعفو لا لنعاقب، وسيعمل الناس جنباً الى جنب، فهناك مشكلة أمامنا مشكلة ليست سهلة، ولكن يمكن للسودانيين أن يحلّوها، لاتحل بواسطة الأجانب، وأنا أناشد الحكومة والحركة الشعبية أن يمضوا في الحوار مع إخوانهم السودانيين الذين لايتفقون معهم، فهناك درس يكمن في التحاور لا في الاتفاقية التي تفرضها أمريكا، فأمريكا تقول بطريقة «الأخ الأكبر» إتفقوا هنا واتفقوا هناك واذا لم تتفقوا فسأضربكم.
* بالنسبة للحوار الجنوبي الذي دعت له مؤسسة موي، هل ستشاركون في ذلك المنبر؟
- حسناً ، لقد كان ماتي مالييا رئيس المنبر هناك من البداية، وحتى إذا طلب مني أن أشارك فسأذهب للمشاركة، فإن كانوا هم رؤساء منبر محايدين فما ذلك الا لأنه معهد «موي»،نعم نحن شجعنا على ذلك الحوار، وأنا أشجع أىضاً على الحوار الشمالي- الشمالي.
* وقلت لي إنك ستأتي في هذا الشهر؟
- نعم في هذا الشهر سآتي الى الخرطوم.
* أو لست خائفاً؟
- أخاف من شنو؟
* لأن قرنق الآن في السلطة ويمكن....؟
- يمكن يعمل شنو؟
* يمكن أن يعمل أى شئ، يمكن أن يلحق بك أذى على الأقل؟
- بونا ملوال ذهب الى قوقريال في منطقة واقعة تحت سيطرة قرنق، فهناك لدينا مئات الناس الذين يمكن أن يحمونا، فنحن لسنا خائفين من شئ، ويمكن أن أذهب الى رمبيك، يمكن أن أذهب الى جوبا ويمكن أن أذهب الى أى مكان، فنحن نتحدث له في وجهه أنه فعل كذا وفعل كذا، لست خائفاً من أى شئ.
* ماهو مستقبل الشماليين الذين هم مع قرنق، منصور خالد، ياسر عرمان وغيرهم؟
- منصور خالد رجل نبيل وأنا أكنّ له إحتراماً بالغاً، واعتقد أن منصور خالد رجل وطني ذو مقدرات عقلية كبيرة، فلو كنت في مكان جون قرنق سأجعل منصور خالد الرجل الثاني بعدي، وأنا أوصى بأن يكون منصور خالد وزيراً للخارجية مرة ثانية.
* هل يمكن للجنوبيين أن يقبلوا بذلك؟
- إذا كان الجنوبيون يقدرون الناس حقّ قدرهم، أقول لهم إن رجلاً وقف معكم طوال هذه السنين وتحمل في سبيلكم الإهانات والشتائم من جانب أهله وهو لايزال متمسكاً بكم، فمثل هذا الرجل منصور خالد جدير بأن يكافئه الجنوبيون، فمنصور خالد غالب الراحة وضحّى بوقته، فقد استمع لكل ما يقال من جانب أصحابه الشماليين، وهو لايزال في موقفه، هذا مايجب الإعتراف به بمنح منصور خالد المنصب الأعلى المتاح بعد قائد الحركة، فاذا لم يفعلوا ذلك، فما الفائدة معكم عندما لاتقرون بما يفعل الآخرون، أنا لديّ إحترام عميق لمنصور خالد.
* ما الذي يجعل الوحدة ممكنة؟
- وجود أشخاص مثل منصور خالد، إن كان هناك «ناس» كثيرون من شاكلة منصور خالد، فهو ينظر للجنوبيين بإعتبارهم ابناء بلده واخوانه وهذا هو الطريق الى الوحدة، فلو كان هناك أناس في الشمال مثل منصور خالد ناس كثيرون فان ذلك سيجعل الوحدة ممكنة.
* من جانب الجنوبيين؟
- نعم حتى من جانب الجنوبيين فان وجود أشخاص مثل منصور خالد سيجعلهم يعفون عن كثير مهما جنى عليهم الشمال، فاذا وُجد أشخاص مثله ومثل نلسون مانديلا في جنوب السودان، فإن ذلك يجعل الوحدة ممكنة.
* هل هذا ممكن؟
- ممكن ولم يفت الوقت بعد.
* ماهو السبيل لتنفيذ الاتفاقيات من جانب الحكومة حتى تكون الوحدة جاذبة، فهم يتحدثون عن جاذبية الوحدة،ماذا ترى؟
- هم يقولون إنهم سيجعلون الوحدة جاذبة حسناً، دعنا نرهم يطبقون هذا الكلام عملياً، فهذا ربما يجذب الجنوبيين لكي يلتقوا، لكن أعتقد أنني يجب أن أفصح عن تقديري لشخصيتين في الحكومة: النائب الأول فهو لم يكترث في التفاوض لمنصبه وهذا شئ يجب الإعتراف به أىضاً، والشخصية الثانية وزير الخارجية مصطفى اسماعيل الذي قال إنه سيستقيل من منصبه خلال شهرين ليعطي الفرصة لغيره في الحكومة الجديدة التي ستعطي حقيبة الخارجية للحركة الشعبية لتحرير السودان، فهؤلاء هم الذين يجعلون الوحدة جاذبة، فقد ضحيّا بمنصبيهما للمصلحة الانسانية.
ومن جانبي، فقد بعثت برسالة تقدير للنائب الأول على عثمان محمد طه ولمصطفى اسماعيل، فهذان هما اللذان يجعلان الوحدة تبدو جاذبة.
* هل لديك ماتضيفه في هذا اللقاء؟
- عموماً أقول للسودانيين إن اتفاقية السلام شئ جميل بحكم أنها أنهت الحرب، وأوقفت عمليات القتل، وأناشد الحكومة والحركة الشعبية لتوضيح تفاصيل قسمة السلطة وإشراك الآخرين معهم، فهذا ما يقر سلاماً دائماً مستداماً.
وأنا لا أتحدث لنفسي ولا أنا طامح لمنصب سياسي بعد هذا، ولكنني أريد إجراء ترتيبات جاذبة لكل السودانيين، فأنا مقتنع بالإحترام الذي أولاني له الناس في الماضي، وأرغب الآن في خدمة السودان بأية صفة وضيعة، فأنا هذه الأيام أكثر اشتياقاً للعودة الى البلاد لكي أعمل في المشاريع الإنسانية، هذا كل ماأريده.
* وماذا عن الثلاث سنوات القادمة، أوليست لديك فكرة في المشاركة من خلال المنبر الديمقراطي والتفاوض مع الحكومة؟
- أنا لاأريد منصباً والمنبر الديمقراطي يزخر بالشباب الذين سيشاركون في الفترة القادمة، بالنسبة لي فقد أصبحت أكبرهم سناً أنا مستشار لهم فقط فلست جارياً وراء منصب حكومي، نعم قرنق ليس هو الجنوب لا خلال الثلاث سنوات ولا الثلاثة أشهر، وسأحاضر شباب المنبر الديمقراطي موضحاً لهم أن الجنوب ليس هو قرنق، الجنوب لكل الجنوبيين.