فاروق ابو عيسى في حوار مع سودانايل
رئيس التحرير: طارق الجزولي
27 November, 2008
27 November, 2008
فى اول حوار تجريه معه سودانايل-(1-5)
اجرى الحوار فى القاهرة: عادل التجانى حسون
-الاستاذ فاروق ابو عيسى، مناضل وطنى سودانى معروف، لا يحتاج منى لتقديم، ٌقدمته مواقفه لابناء شعبه وللعالم اجمع، عبر رحلة كفاحه الممتدة لاكثر من اربعين عاماً، فى دروب السياسة والمحاماة، والثقافة، وهو كما يقول، يناضل منذ ان كان فى الخامسة عشر من عمره فى مدرسة حنتوب الثانوية بوسط السودان، وما فتىء يكابد، ويحلم من اجل وطن حُر مدنى ديموقراطى موٌحد. التقيت به فى ظل الراهن السياسى الحرج، وجلست معه لاكثر من ثلاث ساعات، سالته فى كل شىٍ ممكن، عن الغزو او التدخل الاجنبى المُحتمل، عن التجمع الوطنى، وعن تاريخ ابو عيسى السياسى، عن دارفور ومآسيها، وعن حال حقوق الانسان فى الوطن العربى، ذٌكرته بقرب حلول الذكرى الاربعين لثورة اكتوبر التى شارك فيها وكان من صناعها، واستفسرته عن انجازات التجمع الذى يكمل، بعد قليل، عامه العاشر منذ اعلان مقرراته الشهيرة فى اسمرا 95م، فالى اسئلتى الطويلة، والى اجاباته، الوافية، ادعوكم:
*فيما تمددت نار الحرب لتشمل ارجاء دارفور من شمالها وغربها وحتى جنوبها، وبعد سقوط عشرات الآلآف من المدنيين الابرياء ضحايا للنزاع، وبعد نزوح ولجوء ما يربو على المليون مواطن من اهالى الاقليم، وفى ظل الحديث عن جرائم ابادة جماعية وسياسة ارض محروقة تُطبق فى ارجاءه. جاء اعلان متمردى/ثوار دارفور الانضمام الى التجمع الوطنى الديموقراطى المعارض فبراير الماضى، ومشاركتهم بالفعل فى اجتماع المعارضة الاخير فى اسمرا يوليو المنصرم. على اية اُسس بنيت العلاقة بين التجمع الوطنى ومتمردى دارفور؟ وهل توجد اية مبادىء سياسية او منطلقات ثقافية ترِفد وتدعم هذه العلاقة مُستقبلاً؟؟
- انضمام حركة تحرير السودان الى التجمع الوطنى الديموقراطى كان اضافة نوعية جاءت لتؤكد ما تعود ان يطرحه التجمع من ان ما تعانى منه الاطراف، ان كان فى الشرق او فى الغرب او فى الجنوب او الوسط، هو تعبير عن الازمة الشاملة التى لحقت بالحياة السياسية السودانية منذ الاستقلال وحتى الآن. وان هذه المشكلة ان كانت فى دارفور او شرق السودان او فى الجنوب لا يمكن حلها بمعزل عن باقى المشاكل فى المناطق الاخرى حتى يصبح الحل حلاً شاملاً يعالج جذور الازمة ولا يعالج فقط مظاهرها او فروعها، من واقع هذا الطرح انضمام ثوار دارفور للتجمع هو تعزيز لهذا الفهم وتاكيد ان قضية وحدة السودان من خلال الاقتراب الشامل من جذور الازمة السياسية السودانية يؤكد صحة ما ذهب اليه التجمع وان رؤيتنا كانت ثاقبة. الشىء الآخر، اختيارهم للانضمام الى التجمع لم يكن صدفة، بل بعد دراسة وتروى، وناتج عن فهمهم الموضوعى والصحيح بان التجمع مظلة خُلقت لتجمع كل اهل السودان لتشمل فى وعائها كُل قضايا المهمشين وكل قضايا الاطراف التى عانت كثيراً، وان التجمع يطرح فهماً واسعاً شامل وجذرى وفق برنامجه وميثاقه ومقررات اسمرا وما لحق بها من قررات. وبالتالى انضمامهم لنا هو انضمام بوعى وبارادة سياسية، ناتجة عن فهم باننا نطرح فعلاً قضية الحل السياسى الشامل وان الحلول الجزئية لقضايا السودان لا تساعد كثيراً، لافى وحدة السودان ولا فى صمود هذه الحلول الجزئية او فى معالجة المشاكل الفرعية لاى طرف من اطراف السودان. من هنا نحن نعتبر ان هذا مكسب للسودان، انضمامهم مكسب لوحدة السودان، مكسب للرؤية الشمولية التى يطرحها التجمع ومكسب واضافة لهم ايضاً فى نضالهم من اجل الانتصار لقضاياهم وقضايا اهلنا فى دارفور.
*الاوضاع المتازمة فى دارفور صارت الجند الرئيس فى كافة المنابر الاقليمية والدولية بثنائياتها الماساوية (جرائم حرب/انتهاكات حقوق انسان) (اوبئة/مجاعات/نزوح/لجوء)، يعنى فى ضوء اعلان (بريطانيا) اعتزامها ارسال لواء عسكرى عديده خمسة الف جندى ونشره فى الاقليم، وفى ضوء نشر (فرنسا) لبعض قواتها (فعلياً) فى الحدود السودانية-التشادية، وفى ضوء اعلان (الاتحاد الافريقى) نيته ارسال الفى جندى (نيجيريون/تنزانيون/مصريون/روانديون/وغيرهم) كقوات حفظ سلام، فى ضوء كُل ذلك، هل يُعد التدخل العسكرى الدولى بدعوى حماية المدنيين وتسهيل الاغاثة وحفظ السلام وما الى ذلك من اجندة مُعلنة، مُبّرراً؟؟ اخلاقياً؟ ام برايك الاوضاع الماساوية (حروب/نزوح/اوبئة/مجاعات) هى التى فرضت التدخل العسكرى الاجنبى فى اقليم دارفور المترامى الاطراف، الغٌنى بانسانه وتاريخه وثرواته الطبيعية والمعدنية؟؟
-نحن فى التجمع الوطنى الديموقراطى ومن واقع تجربة خمسة عشر عاماً فى معارضة هذا النظام وقد تٌعرض السودان خلالها لصنوف مختلفة من العقوبات التى وقُعت على نظام الجبهة الاسلامية، كنا نرى باُم اعيننا ان اى عقوبة توٌقع على نظام الخرطوم هى فى الحقيقة وفى النهاية عقوبة توٌقع على الانسان السودانى، على المواطن السودانى. اهل السُلطة لم يكن يدفعون ثمناً ولا يعانون من هذه العقوبات التى يعانى منها ويدفع ثمنها الانسان السودانى البسيط، هذه هى تجاربنا الخاصة فى السودان. تجارب العالمين الآخرى وآخرها تجربة العراق، تؤكد بان التدخل العسكرى الاجنبى فى النهاية يوجد حالة كما هى الحالة الآن فى العراق، التى لا تسر بال ولا تسر صديق على الاطلاق يعرف فضل شعب العراق ويعرف نقاء وثقافة وحضارة شعب العراق. ومن هنا جاء رفضنا المبدئى لاى عقوبات ولاى تدخل عسكرى اجنبى بالذات فى السودان، لان فى نهايته سيادة الوطن واستقلاله سُتمس وتُهدد، نحن وطنيون حريصون على سيادة وطننا وحريصون على مواطنا، حريصون على ان نٌقلل الآلآم التى يعانى منها المواطن السودانى الذى عانى عبر الخمسة عشر عاماً الكثير الكثير، الذى لم يكن محتملاً. لذلك لا نريد هنا ان يتعرض لمزيد من الآلآم والمعاناة، ومن هنا جاء موقفنا المبدئى والوطنى فى رفض التدخل الاجنبى، ليس حرصاً وليس حمايةً للنظام ولكن حمايةً للسودان ولاستقلال السودان وللمواطن العادى فى دارفور وغير دارفور، ممن سيتاثرون بمثل هذا التدخل. لكن ومع ذلك، ونتيجة للآلآم الشديدة التى يعانى منها اهلنا فى دارفور، نتيجة القصف بالطائرات ونتيجة الجرائم التى ارتكبها الجنجويد والمليشيات الاخرى فى حق النساء والاطفال والقرى بالحرق والتدمير والفظائع التى رايناها وسمعنا بها، امام هذا، فمن حق الانسان فى دارفور ومن حق قواه الوطنية المختلفة ان تطالب بحماية قانونية للمواطنين، اىً كان مصدر هذه الحماية ومن اى مكان تاتى منه. ومن هنا موقف القوى المحلية الدارفورية هو قبولهم لاى تدخل لحماية انفسهم من الجرائم والفظائع التى ارتكبت فى حقهم وحق قُراهم صباح مساء، وهنا تكمن المفارقة، موقف اهل دارفور مُبّرر ومفهوم، وانا افتكر ان موقفنا مفهوم ومُبّرر فى نفس الوقت، وهذا لا يفسد للود قضية، نحن وهُم نكمل بعضنا البعض فى فهمنا السبب الذى ادى الى هذا، وهى سياسات النظام الخرقاء، بدعمه الجنجويد والجرائم التى ارتكبها الحنجويد والبشمرقة وغيرها من المليشيات العسكرية، والحقيقة هذا لا يقبل غير الرفض والادانة والاستهجان.
الموقف شكلو قبيح جداً يا اخى، ونحن لا نردد ما تقول به بعض الحكومات العربية، باعطاء الحكومة مُهلة زمنية، والانحياز للحكومة فى مواجهة اهل دارفور الذين يدفعون الثمن صباح مساء، لا، نحن موقفنا غير ذلك، نحن نٌحمل الحكومة هذه المسئولية، الحكومة مسئولة عن ما وقع ويقع فى دارفور منذ اليوم الاول وحتى الآن، والذى يستحق العطف وان تقدم له المساعدات الانسانية والموقف الاخلاقى السليم هو الانسان الدارفورى وليس الحكومة، هذا موقف اخرق من الحكومات العربية، ومن بعض الدوائر التى حولت المسالة الى عطف على الحكومة المُهددة بتدخل اجنبى، نحن ضد التدخل الاجنبى ولكن فى نفس الوقت نٌحمل سياسات الحكومة الخرقاء والهوجاء تجاه ازمة دارفور منذ اليوم الاول وحتى الآن، وهى مُصرة على حلها بطريقتها، حلها باجندتها القديمة القائمة على الاقصاء، على رفض الآخرين، على التعالى عليهم والامتناع عن الحوار، وهى سياسات الجبهة الاسلامية التى تمضى عليها الى اليوم، الآن بدا و يتكلمون عن تعميم تجربة نيفاشا، طيب من اليوم الاول وانتو فى نيفاشا كان تنتبهوا الى ان هناك ازمة مستمرة منذ شهور فى دارفور وازمة ممكن تنفجر فى شرق السودان فى اى وقت؟؟، كان من الاجدى ان يدعو اهل دارفور، ويدعو مؤتمر البجا فى شرق السودان، ويدعو التجمع الوطنى الديموقراطى ونوسع ماعون الحوار الشامل لحل مشاكل السودان، لكن الحكومة ركبت راسها، ورفضت اى فهم من هذا النوع، على كُلٍ، نحن تحدثنا، والمجتمع الدولى راى مصالحه فى ان يمضى الحوار ثنائياً فى المفاوضات بطريقة معينة تحقق تلك المصالح، وخلال ذلك تم ابعادنا نحن، وهذا اراح وارضى الحكومة، الحكومة اخطات فى هذا، والحديث الآن عن تعميم تجربة نيفاشا، كان من الممكن، ان يؤخذ به ونيفاشا فى بداياتها، وكان فى ذلك حل لمشكلة دارفور، وحل لمشاكل السودان عبر التجمع الوطنى الديموقراطى، ومشاركته الفاعلة فى المفاوضات، وكان من خلاله سيحضر ثوار دارفور ويحضر ثوار شرق السودان، دائماً ياتون متاخرين، ودائماً يندمون حيث لا ينفع الندم، وعلى اى حال لازم يتحملو المسئولية كاملةً، وبالتالى المسلك الانبطاحى من قبل بعض الحكومات، خصوصاً العربية التى تُبّرر للحكومة السودانية وتطالب بان تعطى مهلة بدون مراعاة للآلآم والضيق والقهر الذى يعانى منه انسان دارفور، حقيقة هذا موقف غير صحيح، واخرق، ويجب ان يٌصحح، ويجب ان تطالب الحكومة بحل المشكلة فى خلال ثلاثين يوم، وممكن حلها فى ثلاثين يوم، ليست صعبة، صنعوها بايديهم، بسياساتهم وبعنتهم وافقهم الضيق فى التعامل مع السياسة ومع مشاكل السودان المعقدة والكثيرة، وطبعاً السؤال فى مقدمة الحلول، اين نحن (التجمع)؟ واين هُم؟؟، وكيف سيبقون فى السُلطة؟ وكيف سيبقون على الكرسى؟، ومن هنا تاتى التعقيدات والمصائب التى عانى وسيعانى منها السودان، ما لم تتخلى الحكومة تماماً عن هذه العقلية. لقد استمعت مؤخراً يوم الخميس الماضى للنائب الاول فى مؤتمر تعايش الاديان فى الخرطوم الى خطاب مختلف، خطاب سياسى جديد للحركة الاسلاامية، واتمنى ان يكون هذا الخطاب خطاب دائم، وليس لمواجهة المرحلة الحرجة، وموقف الصيق الذى هم فيه الآن فى دارفور، موقف العزلة التى هم فيها فى دارفور، نرجو ان يكون هذا موقف استراتيجى قائم على تغيير السياسات القديمة التى تقوم على اقصاء الآخرين، بل تصفية الآخرين، وقهر الآخرين، عبر القوانين المقيدة للحريات وقانون الطوارىء والمحاكم الاستثنائية وما الى ذلك يجب ان يرفع كل ذلك، ويجب ان الذى استمعنا اليه من السيد النائب الاول، يكون سياسة جديدة من اجل تصحيح الوضع السىء والمزرى والمخيف الذى يتهدد مستقبل ووحدة السودان،لكن بالامس سمعنا عن اعتقالات جديدة فى الخرطوم وسط ناشطى المنظمات والاحزاب الوطنية، يعنى دا عودة للقديم، ومرفوض، مرفوض.
*عّرض نظام الانقاذ الحاكم فى الخرطوم على حاملى السلاح فى دارفور، تقاسماً للموارد والسُلطة، تماماً كما فعل من قبل، فتقاسم السُلطة والموارد مع الحركة/الجيش الشعبى لتحرير السودان فى ماشاكوس/نيفاشا. برايك، هل ستعرض الخُرطوم على التجمع الوطنى المُعارض صيغةً تقاسمية اُخرى للموارد والسلطة فى المستقبل المنظور؟؟
- (ضحك) وقال، السُلطة والثروة بهذه الطريقة (تكون خِلصت)، لا للحكومة شىء، ولا للتجمع شىء، بهذه العقلية وهذه الطريقة، انا افتكر، تقاسم السلطة لغرب السودان ولشرق السودان، هذا ليس الحل. الحل نحن نريد نظاماً فيدرالياً حقيقياً، وليس النظام المُسمى فيدرالى الحالى، الذى هو فى الحقيقة نظام مركزى قهرى، قائم على قهر الآخرين وتبعيتهم للسلطة المركزية فى الخرطوم، نريد نظام فيدرالى يقوم فيه اهل كل اقليم واهل كل طرف من اطراف السودان على شئون امرهم. ونحن لدينا فى التجمع الوطنى الديموقراطى، وفى مقررات اسمرا، حلول كاملة لهذه القضايا، هُم بيعقدوها ويجعلوا منها زى ما انا وصفتها ب(كيمان المرارة)- يوزعو المسالة زى كيمان المرارة، دا كوم ادوه لشرق السودان، ودا كوم ادوه لناس غرب السودان، ودا كوم خدوه يا ناس الوسط، ما بتمشيش كدا، الجسم السودانى سوف يتمزق، ادعو الى مؤتمر قومى سودانى، مؤتمر دستورى سودانى واطرحو كل هذه القضايا، حتى ما تمّ فى نيفاشا لم نقل نلغيه، قُلنا نبنى عليه، نٌطوره، ولكن بفهم وبمشاركة الاطراف الآخرى، وانا متاكد ان ثوار دارفور وثوار شرق السودان لن يقبلوا بمجرد ان يقولو لهم خذو نصيبكم من السلطة والثروة، المسالة ليست خد وهات، الاصل، انها سياسات تنبنى عبر حوار ديموقراطى مكشوف ومفتوح يشارك فيه كل الشعب السودانى، فى ظل وضع ديموقراطى، منزوعة عنه كل القوانين والحواجز والمؤثرات على حقوق الانسان وعلى الحريات العامة. والناس يكونو بيتحاورو فى غرفة من زجاج، الشعب السودانى يسمع ويرى ما يتم فيها، ليكون مطمئناً ومشاركاً فى نتائجها، هذا هو المطلوب، واهل دارفور ابدو استعداد، واهل شرق السودان مبدين استعداداهم ايضاً، والتجمع مبدى استعداده، وقلنا عبر التجمع يتم كل هذا، وهذا مقبول لكافة الاطراف، اما تقسيم الامور بهذه الطريقة، (زى كيمان المرارة) هذا فى الحقيقة وضع مُزل ومُهين ولن يساعد على وحدة السودان، بل سيفتح الباب لتفتيت السودان، وواضح انو المصلحة الحقيقية وراء ذلك هو بقاء السلطة، وبقاء الخيوط فى يد المؤتمر الوطنى الذى لا يريد مشاركة حقيقية فى وضع القرار، يريد مشاركة شكلية، مشاركة ديكورية من الآخرين فى صنع القرار، ودا مرفوض وغير مقبول، لازم المشاركة الحقيقية تكون من الجميع للجميع.
*اشترط البيان الختامى لمؤتمر هيئة قيادة التجمع المعارض الاخير 14-22 يوليو/2004م، تسعة تدابير مُعينة حتى يمكن لبروتكولات نيفاشا للسلام ان تحقق غاياتها المرجوة. اهم هذه التدابير "ان تُعرض الاتفاقية النهائية التى سيتوصل اليها طرفا التفاوض فى نيفاشا، على مؤتمر واسع يضم كل ممثلى القوى السياسية السودانية "، و" ان تتوافق القوى السياسية السودانية جميعها على برنامج للاجماع الوطنى يحكم الفترة الانتقالية"، و"ان تُرّبط اتفاقية السلام النهائية بالتصدى الفورى للازمة المستفحلة فى دارفور ببعديها الانسانى والسياسى". هل هذه التدابير هى امتداد لمطالب التجمع الوطنى التى اشترطها فى اعلان طرابلس 1999م، واسماها وقتذاك(شروط تهيئة المناخ للحل السياسى السلمى الشامل)؟ وهل المؤتمر الذى ستُعرض على مائدته اتفاقية نيفاشا النهائية المنتظرة، هو المؤتمر الدستورى، مطلب المعارضة القديم؟؟ واخيراً- هل تعتقدون بان (الاخوان المُسلمين) وتنظيمهم (المؤتمر الحاكم) يقبلون بمشروعكم للاجماع الوطنى الذى يٌقر بالمساواة والديموقراطية، العدالة والحرية؟؟؟
- يعنى هذه عدة اسئلة فى سؤال واحد، بالنسبة للتدابير التى راينا انه لا بد من الاخذ بها لانقاذ بروتكولات نيفاشا الستة من اى خطر يتهددها نتيجة لثنائيتها، ونتيجة عدم مشاركة القوى السياسية فيها، وعدم مشاركة الشعب فى صنعها ناتجة عن شيئين، الاول، نحن حريصون عليها، لعلمنا بان الغائها الآن، سيُفجر اوضاعاً غير قابلة للاحاطة، ونحن لا نريد للسودان مشاكل اكثر من ما هو فيه الآن، وبالتالى نحن قادرين على ان نبنى عليها، بان نصحح بعض نواقصها، بان نوسع بعض جوانبها الضيقة من اجل ان تكون ماعوناً اوسع يحل كل مشاكل السودان، لانفى اى تهمة للتجمع بانو يريد ان يُدمر هذه البروتكولات، نحن لدينا تحفظات عليها شديدة، اجملناها فى 18 تحفظ، والحركة الشعبية كانت موجودة عندما قُدمت هذه التحفظات، وشارك الدكتور جون قرنق وشارك الاخوة منصور خالد وباقان اموم وياسر عرمان، وتقبلو النقد، وقالو هذا نقد حقيقى، موضوعى، وقالو نحن لا نريد ان ندافع عن باطل، وهذه الاتفاقات لم تكن مطمحنا، ولم تكن رؤيتنا كاملة، بل هو اتفاق توفيقى، لانو نحن لم نهزم النظام، ونفرض عليه شروطنا، وهم لم يهزمونا ليفرضو علينا شروطهم، وبالتالى لا بد من اتفاق وسطى يوفق بين الاثنين، هذه الاتفاقية خرجت بهذه الطريقة، وكانت اقصى ما يمكن الوصول اليه، هكذا كان منطقهم، ونحن قبلناه، وقبلنا مّد يدهم للتعاون معنا من اجل تصحيح هذه الاخطاء والنواقص، والتصدى لها مستقبلاً من اجل ان تبقى هذه الاتفاقية، لتسع كل ابناء السودان، من هنا جاء هذا الموقف الذى فى رآىّ ليس موضوعى فحسب، وانما بناءَ، واولى الخطوات فيه الاعتراف بانه هناك بعض النواقص والاخطاء، ولا بد من تصحيحها، وهذا يتم عبر مؤتمر وطنى، لم نسميه دستورى، ولكن راينا ان يعقد مؤتمر، تعرض عليه هذه الاتفاقيات، يجمع كل اهل السودان، التجمع الوطنى الديموقراطى، حزب الامة، وكافة القوى السياسية الاخرى، لتاتى وتشارك بالراى فى تعديل وتهذيب وتحسين الاتفاقية، بما لا يلغى اىً من اساسياتها، لا نريد ان نلغى شى من اساسياتها، لنجمع اهل السودان حول هذه الاتفاقية، حتى تعيش وتبقى، لانو عدم بقاءها او استمراريتها، او افولها، سيؤدى بالسودان الى مخاطر كبيرة، نحن مقتنعين بهذا، وهذا مختلف عن ما اشرت اليه انت. اما بالنسبة لاعلان طرابلس، انا بافتكر انو اعلان طرابلس، مرحلة انتهت، كان بيعبر عن حالة معينة، فى مرحلة معينة، وتوازن قوى معين، ما عاد موجود فى الوقت الحاضر، نحن امام حالة جديدة، وهى البروتكولات التى انجزت، وهذه البروتكولات عُزل عنها الشعب السودانى، نحن نريد ان نجمع شعب السودان حولها، ولم يكن هناك نظام مُرتب لاعلام الانسان السودانى بتطور المفاوضات فى نيفاشا، كانت اخبارها تخرج عبر الاعلام حيناً، وسراً ومقطعة فى آحايين اكثر، وبالتالى الشعب السودانى لم يقابل هذه الاتفاقيات بحماسه المعروف عنه فى القضايا السياسية، وهذا سببه انه عُزل عنها بالدرجة الاولى، ولم يُشرك فيها، وله ملاحظات عليها، هذا كله سيحسم عبر هذا اللقاء او المؤتمر، المفروض انو الحركة الشعبية والحكومة ان لا ينزعجا من هذا اللقاء، الحركة الشعبية موافقة على هذا المؤتمر، بدليل انها اجازت معنا ذلك فى البيان الختامى. سؤالك الاخير سؤال وجيه، يعنى حقيقة الجبهة الاسلامية مطروح عليها سؤال مهم، وهو يعبر عنه رئيس النظام دائماً، بانهم متمسكين بثوابتهم، ثوابتهم دى اجندتهم المغلقة اياها، التى اوصلت السودان الى هذا الدرك، فاذا كانوا لا يودون التنازل عن ما يسمى بثوابتهم، فليتمسكو بها داخل حزبهم، ثوابت حزبهم، فليحتفظوا بها داخلياً، لكن ان تكون ثوابت الوطن، ثوابت الوطن لا بد من ان يبنيها اجماع وطنى من ابناء الوطن جميعاً، وهذا الذى نتحدث عنه، انو الجبهة الاسلامية او المؤتمر الوطنى عليه ان يتنازل عن اجندته المغلقة القائمة على اقصاء الآخرين، ومن هنا جاء ترحيبنا بكلام على عثمان طه مؤخراً، رحبنا به وقلنا هذا خطاب جديد، ونرجو ان يتحول الى فعل، عبر الغاء القوانين المقيدة للحريات، وبسط الحريات،وسيادة حكم القانون واحترام حقوق الانسان، لكيما ينطلق الجميع، هذا هو ما اسميناه بالبرنامج الوطنى، اجندة يضعها الجميع، لتخرج بالوطن من الكارثة الماثلة، البرنامج نفترض فيه اجماعاً وطنياً يكون اساساً للحكومة الوطنية ذات القاعدة العريضة، هذا هو ما يحمى السودان من اى ازمات طاحنة يتعرض لها فى الغرب وفى الشرق وحتى الجنوب، وهذا يٌعزز وحدة السودان ويخلق ارادة سياسية تجنب السودان المخاطر المحدقة به.