الأستاذ ياسر عرمان لـ “سودانايل”: ستحتاج بلادنا إلى مائة عام لتنجب شخصا مثل الدكتور جون قرنق
رئيس التحرير: طارق الجزولي
27 November, 2008
27 November, 2008
القائد سلفاكير مؤهل لقيادة الحركة وهو صبور ومهذب ولكنه إذا غضب فان ذلك سيكون حديثا آخر
إذا ما اضطررت للعمل في الجهاز التنفيذي فإنني في أفضل الأحوال لن أعمل أكثر من عام
قضية الشماليين في الحركة أثيرت بمنهج خاطئ وعلى أسس أثنية وعرقية ..
ماذا يساوي ياسر عرمان او الدكتور منصور خالد كشماليين مقارنة بآلاف الشماليين من جبال النوبة والنيل الأزرق
الجرائم التي ارتكبت يومي الاثنين والثلاثاء تستحق العقاب والدولة تقاعست عن أداء واجبها
هل صحيح أن نجم الشماليين داخل الحركة الشعبية قد أفل بغياب الدكتور جون قرنق؟؟ .. وهل وجود الشماليين داخل الحركة مرهون بوجود الدكتور قرنق نفسه .. ؟؟ أين هو الدكتور منصور خالد .. ولماذا قرر الأستاذ ياسر عرمان ترك العمل السياسي والتفرغ للدراسة في هذا الوقت بالذات .. وما هو تأثير غياب قرنق على العملية السلمية وعلى الحركة الشعبية نفسها ... سودانايل التقت بالأستاذ ياسر عرمان المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في حوار ساخن وشامل أجاب فيه على العديد من التساؤلات:
الأستاذ ياسر عرمان على علاقة خاصة بالدكتور قرنق .. من هو الدكتور قرنق .. حياته .. نضالاته .. دراسته .. علاقته بقادة التحرر في أفريقيا وبحركة الأنانيا الأولى ..
الدكتور جون قرنق شخص ذو حضور كثيف بل من الشخصيات التي هي تمثل الحضور نفسه ولذلك حتى الذين يدركون القيمة الحقيقية لشخص مثله يتشككون يوميا بأن غيابه ذو تأثير عميق بقدر ما حفر وطبع هو نفسه بصماته بقوة في مسرح الحياة والتاريخ والرحيل المفاجيء وتعجل الدكتور الرحيل مثل ابطال التراجيديا الاغريقية اضفى وسيضفى على شخصيه هالة اسطورية كبيرة ولأنه رحل وبلادنا وانا اقول بلادنا وليس الحركة في احوج ما تكون اليه.. وهذا يرجع الى المواهب العديدة التي يتمتع بها الدكتور جون قرنق. فهو كان بحق يمثل كتيبة من الرجال والنساء الموهوبين بل يمثل فرقة كاملة وانا لا اتورع من القول بأنه سيأخذ بلادنا خمسين الى مائة عام لتنجب شخصا مثل الدكتور جون قرنق. فوحدها امرأة مثل السيدة قاك تلك المرأة الفقيرة المعدمة في ريف بور وفي منطقة وانقلي هي التي انجبت شخصا مثله ومثل هذا الحدث لا يتكرر يوميا وعلى عكس ما حملت بعض وسائل الاعلام انه اتى من اسرة ميسورة وصحيح انه اتى من اسرة فقيرة كانت تعيش على هامش الحياة. وقد ظل يعتز بذلك على الدوام، وكم استوقفتني عبارة ابنه البكر مبيور في مدينة جوبا حين قال لاطفال مدينة جوبا ان الاطفال الفقراء يجب الا ييأسوا بأن قرنق نفسه كان فقيرا وصنع من نفسه ما صنع وقال من بينكم يمكن ان يخرج شخص مثل الدكتور جون قرنق. ولكني انا مبيور لن يتاح لي ذلك.. ببساطة لانني اصبحت ابن الدكتور جون قرنق.
والفقر كان محطة في رحلة الدكتور ذكرته دائما بآلام الفقراء، والمحطة الاخرى كانت في بحر الغزال في بوسري بالقرب من واو وفي التونج وفي رمبيك حيث درس الدكتور مع احد اعمامه المراحل الاولى من تعليمه وفي رمبيك خرج مع بعض زملائه الطلاب وذهب الى شرق افريقيا وانتهى الى تنزانيا، وتنزانيا هي المحطة الاهم في رحلة قرنق فحينما وطأت اقدام في تنزانيا ليكمل الدراسة الثانوية كانت تنزانيا ارض احلام كبيرة جسدت كل الحلم الافريقي في التحرر والعدالة والاشتراكية وحينما اكمل دراسته الثانوية ذهب الى الولايات المتحدة الامريكية في قرينيل في ولاية ايوا حيث درس الاقتصاد الزراعي وعاد مرة اخرى الى تنزانيا ليكمل بحثه وفي ذلك الوقت امضى اهم فترات تاريخه والتقى بالمفكر الثوري الكبير وولتر رودني الذي اتى من غينيا الجديدة في الكاريبي وهو الشخص الذي الف الكتاب الشهير «كيف ساهمت اوربا في تخلف افريقيا» والذي اغتيل لاحقا حينما كاد ان يفوز بانتخابات رئيس الوزراء في غينيا الجديدة وهو الذي نال درجة الدكتوراة وعمره لم يتجاوز 24 عاما.
وفي دار السلام كون تلك المجموعة العظيمة كخلية من الثوريين دعاة الوحدة الافريقية والتحول الاجتماعي الثوري ما عرف «بنادي دار السلام» الذي ضم الدكتور وولتر رودني وجون قرنق دي مبيور ويوري موسفيني واريا كاتيقايا الذي اصبح لاحقا في وقت من الاوقات الرجل الثاني في حكومة الرئيس موسفيني قبل ان يقرر الاعتزال ودكتورة انيوني ادوارد ماندلين من انقولا ورجع كل هؤلاء الى بلدانهم واقاموا الدنيا في بلدانهم. وقد قطعوا العهد على انفسهم لتغيير واقع بلادهم وانشأ يوري موسفيني حركة المقاومة الوطنية ومعه اريا كاتيقايا وانشأ وولتر رودني مع آخرين الحزب الثوري في الكاريبي.
وانضم قرنق لحركة الانانيا الاولى وحاول جاهدا تغيير وجهة الانانيا وعند انضمامه كانت الانانيا على وشك التوقيع على اتفاقية السلام واعترض برسالة مشهورة احتفظ بها لسنوات طويلة صديقه الدكتور دومنيك اكيج محمد في الولايات المتحدة. كان من ضمن احتجاجاته القوية ضرورة الاتفاق على وجود جيشين هذه الفكرة التي لاحقها عبر السنوات حتى توصل اليها في اتفاق نيفاشا.
بعد الانانيا دخل القوات المسلحة السودانية وهي محطة ايضا هامة ستمكنه لاحقا من الوفاء بعهود لافكار قديمة وسيكون على موعد مع التاريخ في 16/5/1983م قبل ذلك ابتعثته القوات المسلحة لاكمال درجة الدكتوراة من جامعة ايوا في الاقتصاد الزراعي وقد كان مشروعه للدكتوراة «قناة جونقلي» واسس الحركة الشعبية للجيش الشعبي وكانت محطة «نادي دار السلام» حاضرة بقوة وحينما كتب مانيفستو الحركة الشعبية احدث انقلابا فكريا سياسيا من على منصة تراث حركة الانانيا الاولى. ودعا لوحدة السودان على اسس جديدة وقدم مشروع السودان الجديد.
واذا اردنا ان نختصر الدكتور في عبارة موجزة وزاهية وموجعة «الدكتور جون قرنق هو مشروع السودان الجديد».
ولو ولد الدكتور جون قرنق لاب وام من الشمال النيلي لتحدث عنه الكثيرون من ذوي التمييزات العرقية والدينية على نحو آخر. هذه قصة اخرى.
توفرت للدكتور مواهب عديدة قلما تتوفر لشخص واحد فهو مفكر ثوري من طراز رفيع وهو اكاديمي مبرز وهو عسكري ذو قدرات في التخطيط والتفكير وتاريخ الحرب لمدة 22 عاما شاهد على ذلك، ويمتاز بالثبات في اوقات التراجع والهزائم كما في اوقات الانتصارات وهو ذو قدرات على التعبير عن افكاره بمنطق قوي وحجة رصينة كذلك فهو يتمتع بحس انساني وفكاهة وقدرة على اضفاء المرح في مواقف من الصعب ايجاد مرح فيها ولديه قدرة على النظر بشكل ثاقب للمتناقضات والربط بينهما جدليا وتحديد الحلقة في كل وقت، كذلك اتى من اكبر قبيلة في السودان ومواهبه مجتمعة شكلت منه ذلك الانسان الفذ والمتفرد، ولذلك الفراغ الذي تركه الدكتور جون قرنق فراغ كبير فالحركة الشعبية ستتجاوزه عبر القيادة الجماعية والمؤسسات التي عبرها يمكن التعويض عن الخسارة التي لحقت بشعبنا في غياب قرنق.
معلوم ان رئيس الحركة الجديد القائد سلفاكير له تجربة واسعة خلال 22 عاما عرف عنه ميله للعمل الجماعي الامر الذي تحتاجه الحركة الشعبية في هذا الوقت.
رحيل قرنق
لنتحدث قليلا عن الرحيل المفاجئ للدكتور قرنق .. تأثيره على عملية السلام وعلى الحركة الشعبية نفسها وأيضا على علاقة الحركة بالتنظيمات السياسية الأخرى
رحيل وغياب قرنق يمتد اثره بوضوح في اهم قضيتين: السلام الشامل والتحول الديمقراطي. فهو لاعب اساسي ذو قدرات واسعة وساهم بقدر واسع في وضع الاساس النظري والعملي لهذه القضايا مع آخرين ولكن دوره المتميز، القوى التي لا ترغب في سلام شامل وعادل في تحول ديمقراطي تعمل على استثمار غياب قرنق للدفع في اتجاه النكوص عن طريق السلام الشامل والتحول الديمقراطي ولذلك غياب قرنق يلقي باعباء جسام على الحركة السياسية. واذا اخذنا التشتت والارهاق وعدم القدرة على التركيز على ما هو اساسي ومركزي من قضايا وواجبات عند بعض كبار القادة السياسيين الذين يتحدثون ليل نهار عن التحول الديمقراطي لامكننا ان نلاحظ بوضوح ان قضايا التحول الديمقراطي والسلام الشامل خسرت برحيل الدكتور جون قرنق ولا يمكن معالجة ذلك الا عبر التوحد خلف اتفاقية السلام كآلية وهي الاكثر ملاءمة للعبور نحو التحول الديمقراطي واي محاولة للتقليل من اتفاقية السلام واشاعة العمى حولها واضعاف العمل المشترك بين الحركة الشعبية والقوى السياسية الاخرى ومنظمات المجتمع المدني لن يصب الا في خانة خصوم السلام الشامل والتحول الديمقراطي.
أما علاقة الحركة بالتجمع الوطني وكافة القوى السياسية بعد اتفاقية السلام سواء كان الدكتور قرنق موجودا ام لا تحتاج الى اعادة ترتيب والى نظرة جديدة تأخذ في الاعتبار وضع الحركة الشعبية كشريك في اتفاقية السلام. الحركة الشعبية لن تتخلى عن اتفاقية السلام ولن ترضى بأن تستوعب في النظام القديم، الحركة الشعبية تسعى للشراكة بصنع نظام جديد عبر التغيير والتحول الديمقراطي ولذلك هذا يحتاج الى آلية جديدة وطرق جديدة تخاطب قضايا اليوم بمنطق اليوم لا بطرق الامس التي ما عادت تلائم واقع اليوم، وهذا ينطبق على علاقتنا بالتجمع وغيره من القوى السياسية.
تحدث الكثيرون عن وضع الشماليين داخل الحركة وانحسار دورهم بعد رحيل الدكتور قرنق .. بل وذهب بعضهم إلى أن نجم ياسر عرمان ومنصور خالد قد أفل مما دفع بياسر عرمان إلى الابتعاد عن العمل السياسي والتفرغ للدراسة ما حقيقة هذه الشائعات؟
من الناحية الفكرية هذه قضية من الدرجة الثانية لان قضايا الدرجة الاولى هي مصير السلام الشامل والتحول الديمقراطي بعد رحيل الدكتور ومدى تأثير رحيله على هذه القضايا.
من قضايا الدرجة الاولى ايضا مستقبل اتفاقية السلام ومستقبل الحركة الشعبية بل ومستقبل السودان نفسه.
قضية الشماليين في الحركة اثيرت بمنهج خاطىء بل اثيرت على اسس اثنية وعرقية ماذا يساوي ياسر عرمان او الدكتور منصور خالد كشماليين مقارنة بآلاف الشماليين من جبال النوبة والنيل الازرق، لماذا لا نتحدث عن اسماعيل خميس جلاب والذي عين بالامس واليا لجنوب كردفان وهو من قادة الحركة الشعبية، لماذا لا نتحدث عن عبد العزيز آدم الحلو ومالك حقار وآلاف الشماليين الآخرين انها التحيزات الاثنية والعرقية التي تحصر الشمال الجغرافي في الشمال النيلي بل شمال عرقي جعليين.. شايقية.. دناقلة.. ومن والاهم الى يوم الدين. وايضا اثيرت هذه القضية بمنهج الاثارة والتشفي.
الشماليون في الحركة هم من كل شمال السودان الذي يضم الوسط الشرق والغرب والشمال البعيد ولذلك هذه قضية مفتعلة مثلها مثل قضية سلفاكير رئيس الحركة الشعبية الذي يتحدثون عنه بأنه شخص غامض غير معروف ثم يفصلون له ملابس جاهزة دون ان يأخذوا المقاسات ويعطونه زيا انفصاليا ثم يتحدثون بأنهم لا علم لهم بالمقاسات التي تناسبه. هذا منهج مغلوط به كثير من الدس ولا يخلو من الغرض وكما قيل ان الغرض مرض يحتاج لعلاج.
اما بالنسبة لي فانا قد قلت في مناسبات عديدة وقبل رحيل الدكتور جون قرنق انني لا انوي الاستمرار بالطريقة القديمة التي ساهمت عبرها على مدى 19 عاما في الحركة الشعبية. فاولا انا لا اعتبر السياسة مهنة لي ولا ارى ان تكون السياسة مهنة لاي شخص في بلاد مفقرة مثلي بلادنا ومثلما يصعب في بلادنا احتراف الرياضة فربما يصعب احتراف السياسة وانا اريد ان اؤهل نفسي على نحو جديد واساهم في الحركة الشعبية وفي مشروع السودان الجديد عبر تأهيل نفسي بالرجوع الى مقاعد الدراسة مرة اخرى وعلى نحو جديد.
ثانيا، انا معجب بكل الذين اتخذوا موقفا متباعدا من السلطة من ارسطو وحتى كريست هاني في جنوب افريقيا، كما قال الامام علي: السلطة فاسدة ومفسدة. وهذا لا يعني اغفال ان السلطة تظل هي الاداة الواقعية للتغيير وهناك من يحسنون العمل عبرها ومن يحسنون استخدامها وانا لست منهم. لحسن او لسوء الحظ تعتمد على الزاوية التي تنظر منها هذا موقف فلسفي وسياسي وانساني ولقد تحاورت على مدى ثلاث سنوات في هذا الموقف مع الدكتور جون قرنق ومع زملائي الآخرين وقد كنت انوي التفرغ للدراسة ووجدت معارضة كبيرة من الدكتور جون قرنق ومن عدد كبير من زملائي.
وبغياب الدكتور جون قرنق تشكلت صورة اكثر تعقيدا من الماضي وقد طلب مني رئيس الحركة القائد سلفا كير الاستمرار للظروف الدقيقة التي تمر بها الحركة في العمل بكافة اجهزة الحركة والدولة وقد ناقشت معه وحتى مساء الخميس الثامن من سبتمبر وبحضور القائد دين الور ثلاثة خيارات: الخيار الاول والمفضل بالنسبة لي ان اعطى اجازة لمدة ثلاث سنوات للتفرغ للدراسة ثم العودة لمزاولة واجباتي بعد ذلك في داخل الحركة الشعبية.
الخيار الثاني: ان استمر كعضو في البرلمان والتفرغ للدراسة.
الخيار الثالث: ان اعمل في كافة الاجهزة المطلوب مني العمل فيها من قبل الحركة الشعبية لفترة اقصاها مدة عام وهو الخيار الذي يفضله رئيس الحركة الشعبية القائد سلفا كير الذي طلب مني ان استمر في كل الظروف لان الحركة الشعبية في هذا الظرف تحتاج لمجهودات الجميع وانا اقول بشكل قاطع اني مع الحركة الشعبية ضد خصومها وسأظل على الدوام في صفوفها ومدافعا عنها وعن مشروع السودان وعن قضايا السلام العادل والشامل والتحول الديمقراطي.
وبالنسبة للخيارات المطروحة ففي كل الاحوال سأصل الى ما سيخدم اهداف الحركة وتغليب مصلحتها ولكني اقول بوضوح اذا ما اضطررت للعمل في الجهاز التنفيذي فانني في افضل الاحوال لن اعمل اكثر من عام لان العمل في الجهاز التنفيذي يتعارض مع قناعاتي الفلسفية والسياسية والانسانية وانا لدي وعد قطعته على نفسي ان اصوت لشخصيات تشكل اقلية في التاريخ الانساني ليست من حزب الاغلبية فيما يخص السلطة مثل كريست هاني وولتر سوسولو من المؤتمر الوطني الافريقي وعلي قوتلا مناضل الانانيا الاولى.
تناول الكثيرون شخصية القائد سلفاكير وميوله الانفصالية والبعض وصفه بالغموض .. من هو سلفاكير وهل هو نسخة من الدكتور جون قرنق؟
القائد سلفاكير النائب الاول لرئيس الجمهور شخص متمرس وذو خبرات ومؤهل لقيادة الحركة الشعبية وعلى خصومه الا يخطأوا في تقديراتهم فهو ليس نسخة من الدكتور جون قرنق وله طريقته في الحياة والعمل ولكن يخطيء من يظن انه سيتعامل دون الالتزام بتنفيذ اتفاق السلام فهو شخص صبور ومهذب ولكنه اذا غضب فان ذلك سيكون حديثا آخر ولذلك المطلوب منا جميعا ان نعمل على كل ما من شأنه ان يؤدي الى تنفيذ الاتفاق وتنقية اجواء وامكانية العمل المشترك وتعزيز المصالحة داخل بلادنا وفي اوساط شعبنا والسعي لاحداث نقلة نوعية تنقل بلادنا الى مربع التحول الديمقراطي والاجماع الوطني وتغيير حياة الناس العاديين وفتح فرص واسعة لتنمية بلادنا والتي راوغتها هذه الفرص منذ الاستقلال ولينعكس اتفاق السلام سلاما وطعاما لحياة الملايين من ابناء شعبنا.
مهو تقييمك للأحداث التي شهدتها العاصمة ومدن أخرى عقب خبر رحيل الدكتور قرنق
ستظل ايام الاثنين والثلاثاء الاول والثاني من اغسطس ايام سوداء في تاريخ بلادنا، الحركة الشعبية هي المتضرر الاول لان مشروعها قائم على التراضي والتسامح والعمل بين كافة القوميات وتقاعس اجهزة الدولة عن التصدي لما تم اضر ضررا بليغا بالنسيج الاجتماعي والوطني واضر بالعلاقات بين قوميات واديان بلادنا والجرائم التي ارتكبت تستحق ليس الادانة فحسب بل العقاب، فالحركة الشعبية بذلت مجهودات كبيرة منذ ان تلقينا خبر رحيل الدكتور جون قرنق واجرينا اتصالات بمسؤولين كبار لاتخاذ اجراءات بالعاصمة والمدن الاخرى لتأمينها ولكيفية اعلان نبأ رحيل الدكتور جون قرنق، الحركة الشعبية على استعداد للمشاركة في كل مجهود لمعرفة ما جرى على نحو معلن وبمشاركة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني عبر تحقيق دقيق ورصين ونزيه لا لتعليق الاخطاء في مشجب من مشاجب الآخرين لان ما جرى له ما بعده وسيظل مفتوح ويلقي بظلاله على مستقبل العلاقات بين مختلف الاعراق والاديان لا سيما في العاصمة القومية ويستحق ان نعرف اسباب الاحتقانات الاجتماعية والاقتصادية والاثنية والدينية وتقديم معالجات لمصلحة التراضي والتصالح الوطني والقوى الشريفة ولكن قبل المصالحة يجب معرفة الحقيقة وان تبنى المصالحة على اساس الحقائق.
وفي الاخير يجب ان نرحب بالعيش المشترك والتعايش المشترك بين كافة قوميات بلادنا لا سيما في العاصمة الخرطوم ووجود الآخرين وحقهم في ان يكونوا امنين يجب ان يرحب به في الخرطوم وفي جوبا وفي بورتسودان وكريمة ونيالا وكادقلي لان هذا ما ينفع شعبنا.
إذا ما اضطررت للعمل في الجهاز التنفيذي فإنني في أفضل الأحوال لن أعمل أكثر من عام
قضية الشماليين في الحركة أثيرت بمنهج خاطئ وعلى أسس أثنية وعرقية ..
ماذا يساوي ياسر عرمان او الدكتور منصور خالد كشماليين مقارنة بآلاف الشماليين من جبال النوبة والنيل الأزرق
الجرائم التي ارتكبت يومي الاثنين والثلاثاء تستحق العقاب والدولة تقاعست عن أداء واجبها
هل صحيح أن نجم الشماليين داخل الحركة الشعبية قد أفل بغياب الدكتور جون قرنق؟؟ .. وهل وجود الشماليين داخل الحركة مرهون بوجود الدكتور قرنق نفسه .. ؟؟ أين هو الدكتور منصور خالد .. ولماذا قرر الأستاذ ياسر عرمان ترك العمل السياسي والتفرغ للدراسة في هذا الوقت بالذات .. وما هو تأثير غياب قرنق على العملية السلمية وعلى الحركة الشعبية نفسها ... سودانايل التقت بالأستاذ ياسر عرمان المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في حوار ساخن وشامل أجاب فيه على العديد من التساؤلات:
الأستاذ ياسر عرمان على علاقة خاصة بالدكتور قرنق .. من هو الدكتور قرنق .. حياته .. نضالاته .. دراسته .. علاقته بقادة التحرر في أفريقيا وبحركة الأنانيا الأولى ..
الدكتور جون قرنق شخص ذو حضور كثيف بل من الشخصيات التي هي تمثل الحضور نفسه ولذلك حتى الذين يدركون القيمة الحقيقية لشخص مثله يتشككون يوميا بأن غيابه ذو تأثير عميق بقدر ما حفر وطبع هو نفسه بصماته بقوة في مسرح الحياة والتاريخ والرحيل المفاجيء وتعجل الدكتور الرحيل مثل ابطال التراجيديا الاغريقية اضفى وسيضفى على شخصيه هالة اسطورية كبيرة ولأنه رحل وبلادنا وانا اقول بلادنا وليس الحركة في احوج ما تكون اليه.. وهذا يرجع الى المواهب العديدة التي يتمتع بها الدكتور جون قرنق. فهو كان بحق يمثل كتيبة من الرجال والنساء الموهوبين بل يمثل فرقة كاملة وانا لا اتورع من القول بأنه سيأخذ بلادنا خمسين الى مائة عام لتنجب شخصا مثل الدكتور جون قرنق. فوحدها امرأة مثل السيدة قاك تلك المرأة الفقيرة المعدمة في ريف بور وفي منطقة وانقلي هي التي انجبت شخصا مثله ومثل هذا الحدث لا يتكرر يوميا وعلى عكس ما حملت بعض وسائل الاعلام انه اتى من اسرة ميسورة وصحيح انه اتى من اسرة فقيرة كانت تعيش على هامش الحياة. وقد ظل يعتز بذلك على الدوام، وكم استوقفتني عبارة ابنه البكر مبيور في مدينة جوبا حين قال لاطفال مدينة جوبا ان الاطفال الفقراء يجب الا ييأسوا بأن قرنق نفسه كان فقيرا وصنع من نفسه ما صنع وقال من بينكم يمكن ان يخرج شخص مثل الدكتور جون قرنق. ولكني انا مبيور لن يتاح لي ذلك.. ببساطة لانني اصبحت ابن الدكتور جون قرنق.
والفقر كان محطة في رحلة الدكتور ذكرته دائما بآلام الفقراء، والمحطة الاخرى كانت في بحر الغزال في بوسري بالقرب من واو وفي التونج وفي رمبيك حيث درس الدكتور مع احد اعمامه المراحل الاولى من تعليمه وفي رمبيك خرج مع بعض زملائه الطلاب وذهب الى شرق افريقيا وانتهى الى تنزانيا، وتنزانيا هي المحطة الاهم في رحلة قرنق فحينما وطأت اقدام في تنزانيا ليكمل الدراسة الثانوية كانت تنزانيا ارض احلام كبيرة جسدت كل الحلم الافريقي في التحرر والعدالة والاشتراكية وحينما اكمل دراسته الثانوية ذهب الى الولايات المتحدة الامريكية في قرينيل في ولاية ايوا حيث درس الاقتصاد الزراعي وعاد مرة اخرى الى تنزانيا ليكمل بحثه وفي ذلك الوقت امضى اهم فترات تاريخه والتقى بالمفكر الثوري الكبير وولتر رودني الذي اتى من غينيا الجديدة في الكاريبي وهو الشخص الذي الف الكتاب الشهير «كيف ساهمت اوربا في تخلف افريقيا» والذي اغتيل لاحقا حينما كاد ان يفوز بانتخابات رئيس الوزراء في غينيا الجديدة وهو الذي نال درجة الدكتوراة وعمره لم يتجاوز 24 عاما.
وفي دار السلام كون تلك المجموعة العظيمة كخلية من الثوريين دعاة الوحدة الافريقية والتحول الاجتماعي الثوري ما عرف «بنادي دار السلام» الذي ضم الدكتور وولتر رودني وجون قرنق دي مبيور ويوري موسفيني واريا كاتيقايا الذي اصبح لاحقا في وقت من الاوقات الرجل الثاني في حكومة الرئيس موسفيني قبل ان يقرر الاعتزال ودكتورة انيوني ادوارد ماندلين من انقولا ورجع كل هؤلاء الى بلدانهم واقاموا الدنيا في بلدانهم. وقد قطعوا العهد على انفسهم لتغيير واقع بلادهم وانشأ يوري موسفيني حركة المقاومة الوطنية ومعه اريا كاتيقايا وانشأ وولتر رودني مع آخرين الحزب الثوري في الكاريبي.
وانضم قرنق لحركة الانانيا الاولى وحاول جاهدا تغيير وجهة الانانيا وعند انضمامه كانت الانانيا على وشك التوقيع على اتفاقية السلام واعترض برسالة مشهورة احتفظ بها لسنوات طويلة صديقه الدكتور دومنيك اكيج محمد في الولايات المتحدة. كان من ضمن احتجاجاته القوية ضرورة الاتفاق على وجود جيشين هذه الفكرة التي لاحقها عبر السنوات حتى توصل اليها في اتفاق نيفاشا.
بعد الانانيا دخل القوات المسلحة السودانية وهي محطة ايضا هامة ستمكنه لاحقا من الوفاء بعهود لافكار قديمة وسيكون على موعد مع التاريخ في 16/5/1983م قبل ذلك ابتعثته القوات المسلحة لاكمال درجة الدكتوراة من جامعة ايوا في الاقتصاد الزراعي وقد كان مشروعه للدكتوراة «قناة جونقلي» واسس الحركة الشعبية للجيش الشعبي وكانت محطة «نادي دار السلام» حاضرة بقوة وحينما كتب مانيفستو الحركة الشعبية احدث انقلابا فكريا سياسيا من على منصة تراث حركة الانانيا الاولى. ودعا لوحدة السودان على اسس جديدة وقدم مشروع السودان الجديد.
واذا اردنا ان نختصر الدكتور في عبارة موجزة وزاهية وموجعة «الدكتور جون قرنق هو مشروع السودان الجديد».
ولو ولد الدكتور جون قرنق لاب وام من الشمال النيلي لتحدث عنه الكثيرون من ذوي التمييزات العرقية والدينية على نحو آخر. هذه قصة اخرى.
توفرت للدكتور مواهب عديدة قلما تتوفر لشخص واحد فهو مفكر ثوري من طراز رفيع وهو اكاديمي مبرز وهو عسكري ذو قدرات في التخطيط والتفكير وتاريخ الحرب لمدة 22 عاما شاهد على ذلك، ويمتاز بالثبات في اوقات التراجع والهزائم كما في اوقات الانتصارات وهو ذو قدرات على التعبير عن افكاره بمنطق قوي وحجة رصينة كذلك فهو يتمتع بحس انساني وفكاهة وقدرة على اضفاء المرح في مواقف من الصعب ايجاد مرح فيها ولديه قدرة على النظر بشكل ثاقب للمتناقضات والربط بينهما جدليا وتحديد الحلقة في كل وقت، كذلك اتى من اكبر قبيلة في السودان ومواهبه مجتمعة شكلت منه ذلك الانسان الفذ والمتفرد، ولذلك الفراغ الذي تركه الدكتور جون قرنق فراغ كبير فالحركة الشعبية ستتجاوزه عبر القيادة الجماعية والمؤسسات التي عبرها يمكن التعويض عن الخسارة التي لحقت بشعبنا في غياب قرنق.
معلوم ان رئيس الحركة الجديد القائد سلفاكير له تجربة واسعة خلال 22 عاما عرف عنه ميله للعمل الجماعي الامر الذي تحتاجه الحركة الشعبية في هذا الوقت.
رحيل قرنق
لنتحدث قليلا عن الرحيل المفاجئ للدكتور قرنق .. تأثيره على عملية السلام وعلى الحركة الشعبية نفسها وأيضا على علاقة الحركة بالتنظيمات السياسية الأخرى
رحيل وغياب قرنق يمتد اثره بوضوح في اهم قضيتين: السلام الشامل والتحول الديمقراطي. فهو لاعب اساسي ذو قدرات واسعة وساهم بقدر واسع في وضع الاساس النظري والعملي لهذه القضايا مع آخرين ولكن دوره المتميز، القوى التي لا ترغب في سلام شامل وعادل في تحول ديمقراطي تعمل على استثمار غياب قرنق للدفع في اتجاه النكوص عن طريق السلام الشامل والتحول الديمقراطي ولذلك غياب قرنق يلقي باعباء جسام على الحركة السياسية. واذا اخذنا التشتت والارهاق وعدم القدرة على التركيز على ما هو اساسي ومركزي من قضايا وواجبات عند بعض كبار القادة السياسيين الذين يتحدثون ليل نهار عن التحول الديمقراطي لامكننا ان نلاحظ بوضوح ان قضايا التحول الديمقراطي والسلام الشامل خسرت برحيل الدكتور جون قرنق ولا يمكن معالجة ذلك الا عبر التوحد خلف اتفاقية السلام كآلية وهي الاكثر ملاءمة للعبور نحو التحول الديمقراطي واي محاولة للتقليل من اتفاقية السلام واشاعة العمى حولها واضعاف العمل المشترك بين الحركة الشعبية والقوى السياسية الاخرى ومنظمات المجتمع المدني لن يصب الا في خانة خصوم السلام الشامل والتحول الديمقراطي.
أما علاقة الحركة بالتجمع الوطني وكافة القوى السياسية بعد اتفاقية السلام سواء كان الدكتور قرنق موجودا ام لا تحتاج الى اعادة ترتيب والى نظرة جديدة تأخذ في الاعتبار وضع الحركة الشعبية كشريك في اتفاقية السلام. الحركة الشعبية لن تتخلى عن اتفاقية السلام ولن ترضى بأن تستوعب في النظام القديم، الحركة الشعبية تسعى للشراكة بصنع نظام جديد عبر التغيير والتحول الديمقراطي ولذلك هذا يحتاج الى آلية جديدة وطرق جديدة تخاطب قضايا اليوم بمنطق اليوم لا بطرق الامس التي ما عادت تلائم واقع اليوم، وهذا ينطبق على علاقتنا بالتجمع وغيره من القوى السياسية.
تحدث الكثيرون عن وضع الشماليين داخل الحركة وانحسار دورهم بعد رحيل الدكتور قرنق .. بل وذهب بعضهم إلى أن نجم ياسر عرمان ومنصور خالد قد أفل مما دفع بياسر عرمان إلى الابتعاد عن العمل السياسي والتفرغ للدراسة ما حقيقة هذه الشائعات؟
من الناحية الفكرية هذه قضية من الدرجة الثانية لان قضايا الدرجة الاولى هي مصير السلام الشامل والتحول الديمقراطي بعد رحيل الدكتور ومدى تأثير رحيله على هذه القضايا.
من قضايا الدرجة الاولى ايضا مستقبل اتفاقية السلام ومستقبل الحركة الشعبية بل ومستقبل السودان نفسه.
قضية الشماليين في الحركة اثيرت بمنهج خاطىء بل اثيرت على اسس اثنية وعرقية ماذا يساوي ياسر عرمان او الدكتور منصور خالد كشماليين مقارنة بآلاف الشماليين من جبال النوبة والنيل الازرق، لماذا لا نتحدث عن اسماعيل خميس جلاب والذي عين بالامس واليا لجنوب كردفان وهو من قادة الحركة الشعبية، لماذا لا نتحدث عن عبد العزيز آدم الحلو ومالك حقار وآلاف الشماليين الآخرين انها التحيزات الاثنية والعرقية التي تحصر الشمال الجغرافي في الشمال النيلي بل شمال عرقي جعليين.. شايقية.. دناقلة.. ومن والاهم الى يوم الدين. وايضا اثيرت هذه القضية بمنهج الاثارة والتشفي.
الشماليون في الحركة هم من كل شمال السودان الذي يضم الوسط الشرق والغرب والشمال البعيد ولذلك هذه قضية مفتعلة مثلها مثل قضية سلفاكير رئيس الحركة الشعبية الذي يتحدثون عنه بأنه شخص غامض غير معروف ثم يفصلون له ملابس جاهزة دون ان يأخذوا المقاسات ويعطونه زيا انفصاليا ثم يتحدثون بأنهم لا علم لهم بالمقاسات التي تناسبه. هذا منهج مغلوط به كثير من الدس ولا يخلو من الغرض وكما قيل ان الغرض مرض يحتاج لعلاج.
اما بالنسبة لي فانا قد قلت في مناسبات عديدة وقبل رحيل الدكتور جون قرنق انني لا انوي الاستمرار بالطريقة القديمة التي ساهمت عبرها على مدى 19 عاما في الحركة الشعبية. فاولا انا لا اعتبر السياسة مهنة لي ولا ارى ان تكون السياسة مهنة لاي شخص في بلاد مفقرة مثلي بلادنا ومثلما يصعب في بلادنا احتراف الرياضة فربما يصعب احتراف السياسة وانا اريد ان اؤهل نفسي على نحو جديد واساهم في الحركة الشعبية وفي مشروع السودان الجديد عبر تأهيل نفسي بالرجوع الى مقاعد الدراسة مرة اخرى وعلى نحو جديد.
ثانيا، انا معجب بكل الذين اتخذوا موقفا متباعدا من السلطة من ارسطو وحتى كريست هاني في جنوب افريقيا، كما قال الامام علي: السلطة فاسدة ومفسدة. وهذا لا يعني اغفال ان السلطة تظل هي الاداة الواقعية للتغيير وهناك من يحسنون العمل عبرها ومن يحسنون استخدامها وانا لست منهم. لحسن او لسوء الحظ تعتمد على الزاوية التي تنظر منها هذا موقف فلسفي وسياسي وانساني ولقد تحاورت على مدى ثلاث سنوات في هذا الموقف مع الدكتور جون قرنق ومع زملائي الآخرين وقد كنت انوي التفرغ للدراسة ووجدت معارضة كبيرة من الدكتور جون قرنق ومن عدد كبير من زملائي.
وبغياب الدكتور جون قرنق تشكلت صورة اكثر تعقيدا من الماضي وقد طلب مني رئيس الحركة القائد سلفا كير الاستمرار للظروف الدقيقة التي تمر بها الحركة في العمل بكافة اجهزة الحركة والدولة وقد ناقشت معه وحتى مساء الخميس الثامن من سبتمبر وبحضور القائد دين الور ثلاثة خيارات: الخيار الاول والمفضل بالنسبة لي ان اعطى اجازة لمدة ثلاث سنوات للتفرغ للدراسة ثم العودة لمزاولة واجباتي بعد ذلك في داخل الحركة الشعبية.
الخيار الثاني: ان استمر كعضو في البرلمان والتفرغ للدراسة.
الخيار الثالث: ان اعمل في كافة الاجهزة المطلوب مني العمل فيها من قبل الحركة الشعبية لفترة اقصاها مدة عام وهو الخيار الذي يفضله رئيس الحركة الشعبية القائد سلفا كير الذي طلب مني ان استمر في كل الظروف لان الحركة الشعبية في هذا الظرف تحتاج لمجهودات الجميع وانا اقول بشكل قاطع اني مع الحركة الشعبية ضد خصومها وسأظل على الدوام في صفوفها ومدافعا عنها وعن مشروع السودان وعن قضايا السلام العادل والشامل والتحول الديمقراطي.
وبالنسبة للخيارات المطروحة ففي كل الاحوال سأصل الى ما سيخدم اهداف الحركة وتغليب مصلحتها ولكني اقول بوضوح اذا ما اضطررت للعمل في الجهاز التنفيذي فانني في افضل الاحوال لن اعمل اكثر من عام لان العمل في الجهاز التنفيذي يتعارض مع قناعاتي الفلسفية والسياسية والانسانية وانا لدي وعد قطعته على نفسي ان اصوت لشخصيات تشكل اقلية في التاريخ الانساني ليست من حزب الاغلبية فيما يخص السلطة مثل كريست هاني وولتر سوسولو من المؤتمر الوطني الافريقي وعلي قوتلا مناضل الانانيا الاولى.
تناول الكثيرون شخصية القائد سلفاكير وميوله الانفصالية والبعض وصفه بالغموض .. من هو سلفاكير وهل هو نسخة من الدكتور جون قرنق؟
القائد سلفاكير النائب الاول لرئيس الجمهور شخص متمرس وذو خبرات ومؤهل لقيادة الحركة الشعبية وعلى خصومه الا يخطأوا في تقديراتهم فهو ليس نسخة من الدكتور جون قرنق وله طريقته في الحياة والعمل ولكن يخطيء من يظن انه سيتعامل دون الالتزام بتنفيذ اتفاق السلام فهو شخص صبور ومهذب ولكنه اذا غضب فان ذلك سيكون حديثا آخر ولذلك المطلوب منا جميعا ان نعمل على كل ما من شأنه ان يؤدي الى تنفيذ الاتفاق وتنقية اجواء وامكانية العمل المشترك وتعزيز المصالحة داخل بلادنا وفي اوساط شعبنا والسعي لاحداث نقلة نوعية تنقل بلادنا الى مربع التحول الديمقراطي والاجماع الوطني وتغيير حياة الناس العاديين وفتح فرص واسعة لتنمية بلادنا والتي راوغتها هذه الفرص منذ الاستقلال ولينعكس اتفاق السلام سلاما وطعاما لحياة الملايين من ابناء شعبنا.
مهو تقييمك للأحداث التي شهدتها العاصمة ومدن أخرى عقب خبر رحيل الدكتور قرنق
ستظل ايام الاثنين والثلاثاء الاول والثاني من اغسطس ايام سوداء في تاريخ بلادنا، الحركة الشعبية هي المتضرر الاول لان مشروعها قائم على التراضي والتسامح والعمل بين كافة القوميات وتقاعس اجهزة الدولة عن التصدي لما تم اضر ضررا بليغا بالنسيج الاجتماعي والوطني واضر بالعلاقات بين قوميات واديان بلادنا والجرائم التي ارتكبت تستحق ليس الادانة فحسب بل العقاب، فالحركة الشعبية بذلت مجهودات كبيرة منذ ان تلقينا خبر رحيل الدكتور جون قرنق واجرينا اتصالات بمسؤولين كبار لاتخاذ اجراءات بالعاصمة والمدن الاخرى لتأمينها ولكيفية اعلان نبأ رحيل الدكتور جون قرنق، الحركة الشعبية على استعداد للمشاركة في كل مجهود لمعرفة ما جرى على نحو معلن وبمشاركة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني عبر تحقيق دقيق ورصين ونزيه لا لتعليق الاخطاء في مشجب من مشاجب الآخرين لان ما جرى له ما بعده وسيظل مفتوح ويلقي بظلاله على مستقبل العلاقات بين مختلف الاعراق والاديان لا سيما في العاصمة القومية ويستحق ان نعرف اسباب الاحتقانات الاجتماعية والاقتصادية والاثنية والدينية وتقديم معالجات لمصلحة التراضي والتصالح الوطني والقوى الشريفة ولكن قبل المصالحة يجب معرفة الحقيقة وان تبنى المصالحة على اساس الحقائق.
وفي الاخير يجب ان نرحب بالعيش المشترك والتعايش المشترك بين كافة قوميات بلادنا لا سيما في العاصمة الخرطوم ووجود الآخرين وحقهم في ان يكونوا امنين يجب ان يرحب به في الخرطوم وفي جوبا وفي بورتسودان وكريمة ونيالا وكادقلي لان هذا ما ينفع شعبنا.