أكاديميون يرجحون الانفصال … ويحذرون من عواقبه …. عرض: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

بجامعة الخرطوم امس

 

 dolib33@hotmail.com

 

تفاوتت تقديرات الاكاديميين حول احتمالات الوحده والانفصال أمس، فبينما كانت الأغلبية ترجح خيارات الإنفصال على ضوء التطورات الراهنة وبعضها يعده قد وقع فعلياً، مضي آخرون الى ترجيح خيار الوحده على ضوء المصالح المشتركة التى تجمع مكونات الوطن الواحد.

ووصف المتحدثون في المائده المستديره لخبراء العلوم السياسيه حول "إحتمالات الوحدة والإنفصال وأثرها على جنوب السودان وشماله" الوضع الراهن بأنه أسوء مرحلة يمر بها السودان في التاريخه، مرجعين ذلك الى متلازمة الفشل التي صاحبت الدولة السودانية منذ الاستقلال عير نظمها المختلفة التى فشلت في ايجاد مشروع أو صيغة تستوعب التعدد والتنوع الذي يزخر به السودان.

 

وقد استهلت "المائده" التى نظمتها "طبية برس" بتشريح أولى للحالة الراهنة قدمها دكتور عطا البطحاني، وخلص فيها الى صعوبة ترجيح أى من الإحتمالين "الوحده والانفصال" على ضوء التعقيدات التى تتسم بها القضية، وقال "ان الحديث عن الوحدة والانفصال لا يخلو من العاطفه، لذا سأحاول معالجة موضوع عاطفي بصورة غير عاطفيه" وأضاف ان الوحدة والانفصال بالنسبة للقوي السياسيه تعد مباراة لحصد المصالح "لخدمة مصالح قواعد التأييد في الشمال او الجنوب" وهذه المصالح هي التى تحدد موقف أى حزب من الوحدة أو الانفصال وفي هذه الحالة يتم التحدث عنها بدون قيود اخلاقيه، ولكنه قال "ان مجموع مصالح هذه القوي من الوحده أكثر من الانفصال ويمكن ان تعظم مصالحها بالوحده بدرجة اكبر من الإنفصال". وحمل البطحانى مسئولية تحقيق الوحده على الطبقة الحاكمة، التى قال أنها عجزت منذ الاستقلال عن ايجاد مشروع يوفق بين مكونات البلاد، مرجعاً ذلك الفشل الى ما اسماه بـ"الخاصية البنيوية" لهذه الطبقه التى قال انها نتنتهد ذات التوجه السياسي العام في كل النظم، وكان نتيجة ذلك ان النسيج التراكمي للوحدة بدأ يتآكل ويتضاءل. مشيراً الى انه توجد فرصة تاريخية لتسوية عبر "نيفاشا" يمكن تحقق عبرها صيغة أو مشروع لربط مكونات البلد مع بعضها، ثم تحدث البطحانى عن "سلوك الفاعلين الاساسيين في هذه القضية" وخلص فيها الى ان مكاسب المؤتمر الوطنى من الوحده أنها تحقق له مكاسب متوقعه يمكن أن يحافظ على وضعه الاقتصادي، لأن وضعه السياسي يمكن ان تنافسه فيه القوي الاخري، كما انه قد يؤدي لفتح الجنوب لإستثمارات تتوجس عناصره من الذهاب إليه، أما خسائره من الوحده أن سلطته ستتعرض لتحديات كبيره لأنه سيكون هناك حراك سياسي قد يؤدي لنتائج ربما تكون غير مضمونة. اما الحركة الشعبية فإن مكاسبها من الوحده تتمثل في الاستفادة من ثروات الجنوب وتوسيع مشاركتها في المركز، وخسائرها من الوحده تتمثل في أنها قد تخسر مكاسبها من الثروة في الجنوب، أما بالنسبة للقوي الشمالية الأخري فإن الوحده تساعدها في محاصرة قوي الانفصال، وخسائرها منها تتمثل في أن المؤتمر الوطنى اذا تخلص من المتشددين به يجعله اكثر إعتدالاً ويجعل منه قوي وسطيه تنافس التقليديه. أما بالنسبة لحركات دارفور فإن الوحدة تضمن لها استمرار تحالفها مع "الشعبيه" والانفصال يزيد عليها الضغوط لتحقيق السلام في دارفور. ثم استعرض البطحانى مكاسب الانفصال للاطراف كافة، فالمؤتمر الوطنى قد يريحه في التخلص من عبء الجنوب، وخسائره من الانفصال انه سيخسر البترول وهذا قد يؤدي لعجز ماكينة "الزبائنية" السياسيه، ويحملة كذلك مسئولية عبء تفكيك البلاد، اما الحركة الشعبية فإن مكاسبها في الانفصال تتمثل في انها ستحصل على حصة بترول الجنوب، وكذلك الحصول على دعم  أعداء الانقاذ، أما خسائرها فإنها سترث دولة تفتقد للبنيات الاساسيه ما يجعلها مستقبلها مظلماً، كما انه سيفتح الابواب لدول الجوار للاستفادة من مواردها. أما القوي الشماليه فغن خسائره من الانفصال انه سيفقدها دعم الحركة الشعبيه، وأن القوي الجنوبية قد تواجه بضرورة التوجه لقواعدها بعد فقدانها دعم المؤتمر الوطني، وبالنسبة لحركات دارفور فإن الانفصال ربما يقوي من دعواها للفيدرالية والكونفيدراليه. واختتم البطحاني بأن هناك عوامل محلية اذا تكاملت مع الاعتبارات الاقليميه "مصر" والدولية "أمريكا" واستراتيجيتها الامنيه القائمه على الأمن والإستقرار ربما تؤدي لتسوية وظيفية قد تؤدي للحفاظ على شكل ما للبلد.

 

من جهته قال بروفيسر حسن حاج على، أنه من الصعوبة ان نجد مدخل أكاديمي وعلمي واحد ليعيننا في تفسير قضيتي الوحدة والانفصال، مشيراً الى أن من غير المصالح "المادية" هناك ىجانب "قيمي" وهو الذي نجده في الخطاب السياسي الذي يركز على قضية الوحده بإعتبارها قضية فكرية ليست "بروجماتيه" أو ذات مصالح مادية، وقال ان مصالح الفاعلين الأساسيين في الساحة السياسيه لا نستطيع ان نفصلها عن هوية هؤلاء الفاعلين، ثم تحدث عن عدد من القضايا ترتبط بموضوع الوحدة وهى مشكلة سياسة الاستعمار "المناطق المقفوله" وتاثيرها على الوحده، والجدل حول الهوية هل سينتهي اذا انفصل الجنوب أم أنه سينقلها لمستوي آخر، وكذك قضية الوطنية هل ستكون جامعه ام ستتفتت الى إثنيات، وقال في الجنوب الوطنية بدأت قبل تأسيس الدولة ما يرجح عملية الانفصال، واضاف اذا حدث انفصال للجنوب سوف لن يعني سوي الفصل السياسي لكن واقع الحياة وعلاقات البشر لنة تتاثر في ظل العوله، مشيراً الى أن ىليات تنفيذ اتفاقية نيفاشا لم تمكن نسبة لضيق الفترة الزمنية المحدده من القيام بمهامها لا لجعل الوحدة جازبة.

 

وإعتبر د.عوض السيد الكرسني، ان "نيفاشا" بالضرورة كانت محاولة لبناء مؤسسات، مشيرا الى تلخيص الاتفاقية يطرح سهولة امكانية الوحده او الانفصال، وقدم عدداً من المقترحات لتسهيل الوحده منها ان تشرع لجنة اهلية لصياغة دستور جديد يتجاوز نيفاشا لترتيب الاشياء حتى تكون هناك وحدة جازبة، وتطوير نظام المجلس الرئاسي الحالي على مستويين المستوي الحالى "الثلاثي" ومستوي رديف بسلطات واسعه، واعادة النظر في تقسيم الولايات والعودة للأقاليم "9" القديمه، وتعديل قانون الانتخابات حتى يتم زيادة التمثيل النسبي لأن صلة الاحزاب بجماهيرها ضعفت، وقال ان الانفصال او الوحده قرار تحكمه المصالح الدوليه، مشيرا الى اهمية الدور الامريكي في هذه المسألة فهو دور مهم ومحوري ومفصلي ولابد من احترامه والتعامل معه بعقلانية.

 

فيما مضي د.محمد عثمان ابوساق، الى ارجاع الأزمه الى التطور الدستوري في السودان الذي قاد لتكوين دولة فيها مشكلة أدوار، لأنها تسيطر عليها مجموعة محدده تعزل الآخرين، وفيها سيطرة على الاقتصاد وعدم توازن في التنمية، واضاف ان التنظيم في الدولة غير مواتي للمشاركة السياسيه لأنه قائم على العنصر المسيطر، وان الصمالح فيها نوع من التحيز وعدم التوزيع العادل، والقادة متشاكسون وكل علاقاتهم السياسيه لمصالحهم الشخصية، هذه المشاكل ادت لتطور الصراع الى ان تمحور حول المشاكل الخصوصية، ورغم الانفتاح الذي احدثة نيفاشا مازالت هناك مشاكل وعدم قبول للوحدة الوطنية وعدم ثقة خاصة من الجنوبيين.

 

وقال د.عدلان الحردلو ان السودان يعيش أزمة عميقة ومقعده أكثر من أى وقت مضي، ازمة اقتصادية واجتماعية في المقام الأول سياسيه شديده التعقيد فحواها ان السودان الى اين؟. وقال بعد نيفاشا كان يفترض ان يتوافق أهل السودان على نظام حكم فاعل يقرب الشقة بين الشمال المتقدم نسبيا والجنوب المتخلف اقتصادياً، وبين الشمال المسلم والجنوب المسيحي. وقال في نظري ان حظوظ الانفصال أكبر بكثير من حظوظ الوحدة، وأن الفترة الانتقالية جاءت اساساً لإعطاء الجنوبيين فرصة معرفة هل هناك تغيير يمكن ان يسمح بالوحده، واضاف لو سارت الإمور على ما كانينبقي لأنتصر دعاة الوحده وكبر حظهم، ولكنه قال للاسف الحديث عن الوحدة أنحصر على البنية الفوقية دون النظر لجذور الثقافة السائده في الذاكرة الجماعية لأهل السودان، وقال ان حصر العمل في البنية الفوقية لا يخدم قضية الوحده، وقال ان الوحده دائما في تحدي لأن ادراك السودانيين لوطنهم مجزء لم يدركوه ككل، وقال الأزمة نتجت عن خطأءين هما نظرة الطبقة الحاكمة للحركات التى نشطت في المجال السياسي في الجنوب والشرق والغرب خارج أطار الوحدة الوطنية لذا اتهموها بالعمالة والخيانة، ثانياً اتفاق كل القوي السياسيه على اعطاء الجنوب حق تقرير المصير والمغامرة بإحتمال فقدان جزء من الوطن بل وضياع وحدة الدولة نفسها، وقال البطحانى ان عواقب الانفصال ستكون وخيمة على الشمال والجنوب.

 

وذهب د.ابينقو أكوك، الى ان الاهتمام الذي يبديه الأكاديميون والسياسيون ليس بذات القدر عند الشريكين، وقال ان نيفاشا طرحت ان تكون الوحدة جازبة ومسئولية ذلك تقع على الشريكين، واضاف ان الاشياء التى تجعل الوحجة جازبة في الجنوب غير موجودة نتيجة لتخلف الذي مازال يعيشه وعدم الاستقرار، وقال ان الناس الذي قتلوا في ظرف اتفاقية السلام "2400" شخصفهناك خطر أمنى في الجنوب، واضاف ان على كل القوي السياسيه ان تفكر في مستقبل السودان كيف سيكون، وقال ان في الجنوب هناك جيل كامل لا يعرف شئ عن الشمال، مشيرا الى ان الوحدة تمارس على مستوي القيادات العليا ولكن يجب ان تنزل للقواعد، ولتحقيق ذلك يجب منع النزاعات وبناء مؤسسات سياسيه فاعلة تنزل برامجها الى القواعد.

 

من جانبه أرجع د.ابراهيم ميرغني الحالة الراهنة الى فشل الحكومات المختلفه في خلق نظام سياسي يستوعب التعددية، وقال كل الحكومات عملت على قيام وحده من خلال انصهار ثقافة لقوة محدده في الشمال، ومع ظهور فشل ذلك منذ البداية ايضا الحكومات أصرت عليه، مشيراً الى أن التنظيم لا يتم إلا من خلال تنظيم التعاملات والتفاعلات في هذا الفضاء، وهذا احدث شعوراً بالتهميش لدي كثير من السودانيين، واضاف نحن نحتاج لنظام سياسي أكثر منه لحل المشاكل، وقال لن تتحقق مصالح للمؤتمر الوطنى بإنفصال الجنوب لأنه ستكون هناك محاسبة في الشمال، لذا المخرج في نظام سوداني  يجمع الكل ويحقق المصالح الكلية، وقال ان النظرات القبلية والجهوية ليست مخرج وستقودنا لنق الزجاجه، واضاف ان الدولة السودانية دولة رسمية قامت على مؤسسات فارغه لا تعبر عن المواطنيين، وتعبر عن مصالح فئوية ضيقه. كما ان نيفاشا جاءت بدولة بيروقراطية عبرت عن مصالح فئة محدده، وقال نخشي ان تكون نيفاشا ضمن المشروع الذي يتحدث عن أن "الجنوب منذ الاستقلال يشكل عقبة في طريق الشمال" وقال نتمني ان لا تكون نيفاشا جاءت في اطار هذا الصياغ. مشيراً الى أن الدولة غير مرتبه اومنظمة ولا تعبر عن مصالح المواطنيين، وقال لا استبعد في ظل تدهور الأوضاع وازدياد المشاكل ان يعلن الجنوب الانفصال من داخل البرلمان.

 من جهتة قال بروفيسر حسن الساعوري، انه لا يستطيع ان يرجح أو يتنبأ بإنفصال الجنوب أو وحدته، وقال هناك عوامل أساسيه تقرر الوحدة أو الانفصال مرتبطه بالشريكين، ومرتبطه بالأحزاب الشماليه، والأحزاب الجنوبيه، ومرتبطه بالشماليين داخل الحركة الشعبيه، ثم تفاعل هذه القوي الأربع مع بعضها وتفاعلها مع العالم الخارجي، هذا التفاعل بحسب الساعوي هو الذي سيؤدي بنا أما الى الوحدة أو الانفصال، واضاف ان المسئولية الكبري في ذلك تقع على عاتق الشريكين، وقال اذا حسنت العلاقة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وانتقلت من درجة الإئتلاف الحاكم الى درجة التحالف السياسي سيكون ذلك رصيد ايجابي لصالح الوحده، متسائلا هل يمكن للشريكين ات يرفعا درجة الإئتلاف الى تحالف؟ قائلاً ان داخل الحركة الشعبية هناك تياران، تيار يدعو لتعاون الكامل مع المؤتمر الوطنى وهناك تيار يدعو الى عدم التعاون مع المؤتمر الوطني، وقال اذا لم تحسم العملية التفاعليه هذه داخل الحركة الشعبية سيظل موقفها من الوحدة والانفصال متذبذب حتى موعد الاستفتاء، وكذلك العملية التفاعلية بين الحركة الشعبية والقوي السياسيه الشماليه يمكن ان تسهم في ترجيح خيار الوحدة، وكذلك علاقة الحركة الشعبية بالقوي السياسيه الجنوبية التى لم تبلور مواقفها واحجامها بعد يمكن ان يكون لها دور كبير في ذلك.    

 

آراء