عام علي الانفجار …. بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
14 September, 2009
مضي عام كامل علي الانفجار الكبير لما صار يعرف ب"الازمة المالية العالمية" التي أدخلت الاقتصاد الرأسمالي في منعرج خطير سيبحث كثيرا حتي يجد مخرجا منه.بدأ العالم يعيد ترتيب اوراقه الاقتصادية بعد استيعابه لصدمات الركود الاقتصادي و الهزات العميقة استعداد لرسم ملامح التطور الرأسمالي في عالم " ما بعد الازمة المالية العالمية". وضعت الازمة المالية العالمية التي انفجرت بشكل واضح في ايام 15 الي 17 سبتمبر من العام 2008م ، وضعت العالم امام خيارات جديدة في جميع المسارات الاقتصادية سواء ان كانت نقدية او مالية او تمويلية .في ذلك الوقت اعلن بنك ليمهان برازرز عن افلاسه و استحوذت الحكومة الامريكية علي عملاق شركات التامين ( A.I.G) كما تدخلت في دعم مجموعة من عمليات الاستحواذ منها قيام بنك اوف امريكا بالسيطرة علي " وول ستريت ميريل لينش ". لم تتوقف المحاولات اليائسة للادارة الامريكية المنصرمة عند ذلك الحد فقد تم ضخ ملياردات الدولار لدعم القدرة الاستهلاكية كان اولها مبلغ 150 مليار دولار كما تم تقديم دعم غير مسبوق لعملاقي العقارات فاني ماي و فريدي ماك. كل تلك الاجراءات لم تجدي فحاءات خطة الانقاذ الاولي بمبلغ 700 مليار دولار. تلاحقت عمليات الانقاذ و الاستحواذ و الدعم و امسكت الادارة الجديدة بعصا الانقاذ و ركضت بها الي الامام.
بعد اتخاذ جميع التدابير علي مستوي الاقتصاد الداخلي انتقلت الماكينة السياسية الأمريكية الي الخارج فجمعت معها جميع رموز العالم الرأسمالي الغربي في اوربا و اليابان و انطلقت بعد ذلك الي مجموعتي الثمانية و العشرين. بذلك يرجع الفضل في حالات التعافي و الانتعاش البطيء الذي بدأ يظهر علي بعض الاقتصاديات الي التدخل الحكومي و ليس لآلية السوق التي أصيبت بعطب كبير من الصعب إصلاحه علي المدي المنظور. انتشرت اثار المرض الامريكي الذي ظهرت عوارضه في الازمة المالية العالمية الي جميع انحاء العالم فأصابت الاقتصاد العالمي بالكساد ، تراجعت مستويات النمو و تم انتاج جيوش من البطالة التي تغذي كل يوم بدفعات جديدة ، انهارت الشركات و البنوك و تم الدفع بملايين الأشخاص الي الفقر و الإملاق.
لم يعد هناك عاقل يشكك في ضرورة البحث عن طريق جديد لتصحيح مسار الاقتصاد العالمي و لتخليصه من هيمنة الرأسمالية المالية التي لا تحد جشعها حدود. في هذا المسار يبحث العالم عن بديل لمعيار الدولار و ضبط الرقابة المالية و تصحيح معايير و مؤشرات الأسواق المالية. و ربما استوعبت كثير من الحكومات الدرس و بدأت بالتخلص من التبعية للاقتصاد الامريكي و السير وراءه بشكل اعمي بعد ان اظهرت الازمة المالية الخلل في هيكل الاقتصاد الرأسمالي و علي رأسه الاقتصاد الامريكي. كانت الدول التي لم تستجب لدعاوي التحرير الاقتصادي و الخصخصة غير الراشدة هي الأقل تأثرا بالازمة المالية العالمية كما نجد ذلك في البرازيل و الهند. شملت المراجعة العودة الي قطاعات الاقتصاد الحقيقي العادة التوازن المفقود. ستدرس هذه الأزمة كأزمة للنظام الاقتصادي الرأسمالي و سيستفيد منها كل ذي لب بوضع الاستراتيجيات اللازمة التي تلبي احتياجات الأسواق المحلية و توفر السلع و الخدمات الاجتماعية بما يضمن تشبع السوق المحلي و استقرار الأسعار ، و نحن من اشد الناس حاجة لمثل تلك الإجراءات.