الزراعة بدون حرث … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

 


 

د. حسن بشير
15 September, 2009

 

يدور هذه الأيام حديث حول الزراعة بدون حرث و الذي كان يجب إدخاله هذا الموسم لكنه واجه صعوبات عوقت التنفيذ. و كما عهدنا و الحمد لله فقد اتصل بي عدد من الأخوة الصحفيين المهتمين بالشأن الاقتصادي الذين تعودنا تبادل وجهات النظر معهم لاخذ رأي في ذلك الموضوع.  كنا قد نشرنا مقالا حول هذا الموضوع في ابريل 2008م، و للتذكير نعيد نشره أدناه مرة أخري ، كما نأمل ان تقوم الوزارات المختصة بالاعلان عن برامجها و التوعية حولها و الترويج لها و ذلك اسلوب حضاري حميد :

بدأت الهيئة العربية للاستثمار الزراعي في العام 2001م مشروعا رائدا لتوطين نظام الزراعة بدون حرث في السودان و تعميمه و قد كان ذلك بمنطقة اقدي بالنيل الازرق. يطبق ذلك النظام في الدول المتقدمة اقتصاديا باستخدام تقنيات حديثة تستخدم حزما متكاملة في الزراعة و المكننة . بالرغم من ان نظام الزراعة بدون حرث يقترب من نظام الحش او التقليع للحشائش المتبع في الزراعة التقليدية و لكنه يتم بأساليب و أدوات متطورة و عالية الإنتاجية لا تعتمد علي المجهود البدني و استخدام الادوات التقليدية المعروفة في السودان و انما تعتمد عي تقنيات حديثة. تم تطبيق ذلك النظام في السودان بناءا علي اسس علمية اتبع فيها البحث العلمي و التجارب الحقلية تمت فيها المقارنة بين نظم الزراعة المختلفة و بمستويات مختلفة من الحرث. تم الخروج من كل ذلك بان الزراعة بدون حرث تعطي انتاجية عالية كما حدث في حالة انتاج محصول الذرة الرفيعة. يتم في نظام الزراعة بدون حرث الاحتفاظ بالحشائش بعد إزالتها مما يحافظ علي رطوبة الارض و يحمي التربة من الانجراف و هو امر مهم لبلد يعاني من ارتفاع معدلات التصحر كالسودان.

 تم تحديد اهداف ذلك المشروع في اقامة نموذج زراعي متطور لتستنير و تحتذي به الجهات التي تعمل في الاستثمار الزراعي و لاقامة المشاريع ذات التأثير المباشر في تعزيز الامن الغذائي. جاء كل ذلك في اطار استراتيجية الهيئة العربية للاستثمار و الانماء الزراعي للفترة الممتدة لعشر سنوات من العام 2002 و حتي العام 2012م و التي تهدف بدورها الي تطوير القطاع الزراعي و زيادة انتاجيته و تنافسيته و تحقيق الأمن الغذائي في " الوطن العربي " حسب تعبير الهيئة . يتم كل ذلك عبر نظم حديثة للري و الميكنة الزراعية و الحزم التقنية المتكاملة الملائمة للبيئة المعينة التي يتم فيها الاستثمار. و يمكن بذلك الشكل تطوير أنماط متطورة للزراعة تلبي احتياجات الجودة و الكميات المطلوبة و أنواع التركيبة المحصولية اللازمة التي تتلاءم مع البيئات و الأقاليم المناخية في السودان.

 في إطار أزمة الغذاء الحالية و المشاكل المالية و التمويلية التي يعاني منها السودان كان من الممكن الاستفادة من تلك البرامج بشكل كبير و المضي بها حسب الاستراتيجيات الموضوعة بالشكل الذي يمكن السودان من جذب الاستثمار الاجنبي في القطاع الزراعي و جعل السودان قبلة لرؤوس الاموال العربية التي تبحث عن الفرص المناسبة للاستثمار بدرجة مخاطر في الحدود المعيارية المقبولة. و لكن اين ذهبت كل تلك البرامج و الاستراتيجيات ؟ و ما هو التيار الذي جرفها؟ و الي اين وصل بها؟ يتطلب الامر اعادة النظر في السياسة الاستثمارية في السودان و توفير المناخ الصحي له و وضع برنامج عمل واضح المعالم حتي يصبح من الممكن العمل به و مراقبته و تقييم أدائه و بدون ذلك من الصعب الوصول الي المستوي المطلوب من الاستثمار الزراعي في السودان . و باعتبار ان الزراعة هي العمود الفقري للاقتصاد السوداني فلن يستقيم له عود و يتعافي بدون ان يملك القطاع الزراعي كامل صحته. ان برنامج الزراعة بدون حرث من البرامج التي كانت تعد بالكثير من المخرجات الايجابية للسودان  و لكنها تبخرت و يجب ان نتجنب حدوث ذلك لاي مشروع مستقبلي واعد. و اذا كان ذلك البرنامج حي يرزق فنريد ان نسمع عنه خيرا و نري طحنه.

 

Dr.Hassan.

 

hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]

 

آراء