عبد الله مسار … كذب المنجمون ولو صدقوا
9 November, 2009
إلى الآن له ثلاثة ألقاب ، المهندس مسار ، الوالي مسار ، المستشار مسار ، تولدت ظاهرة الرجل كأحد التداعيات السلبية لأزمة دارفور ، هو لسان حكومة الإنقاذ عندما تريد توجيه رسائلها للمجتمع الدارفوري ، هناك من قارن بين ظاهرة عبد الله مسار وظاهرة وزير الإعلام العراق السابق محمد سعيد الصحاف ، ووجه الشبه يكمن في أن كل من الرجلين يمارس الخطاب السياسي التعبوي الذي يلتف حول الحقائق الثابتة ، وقد وقع المستشار مسار في خطأ فادح عندما أكد في مقابلة مع قناة العربية في وقت متأخر من يوم أمس أن الرئيس البشير سوف يحضر قمة أستانبول الإسلامية ، وقد مضى سعادة المستشار في التنقيب في صفات الرئيس البشير بوصفه بالرجل الشجاع الذي فقد الكثير من الرفاق في حرب الجنوب ، لذلك هو لا يخشى مصير أن يُلقى القبض عليه أو أن يلقى الشهادة على أسوأ الفروض ، وذكرني ذلك بمقولة شهير للمناضل الأممي جيفارا : لا أعدكم بغير الموت والمرض وفقد الرفاق ، لكن التصريح المضلل الذي أدلى به المستشار مسار كشف شيئاً هاماً ، وهو أن بعض مستشاري الرئيس يعيشون تحت بند فائض العمالة ، وهم بعيدون كل البعد عن الرئيس البشير وتحركاته ناهيك أن يستشيرهم الرجل في قضايا تهم مصالح العباد ، ويبدو أن هناك رتب وأفضليات بين جوقة المستشارين الكثر ، هناك خواص وعوام كما يقول الصوفية، وقد خيب الرئيس البشير زعم المستشار مسار ، ألغى الرئيس البشير مشاركته في هذه القمة على الرغم من أهميتها بالنسبة للسودان ، والتبرير الذي طالعناه في وسائل الإعلام الحكومية لم يكن شافياً أو حتى مقنعاً للذين صاغوا كلماته ، لمدة أكثر من عامين يواجه السودان نفس الأزمات ، ولا أعتقد أن هذه الأزمات كانت تحد من أسفار الرئيس البشير ، على العكس تماماً هو يسافر كثيراً للخارج من أجل حل هذه الأزمات ، فمن الحلول التي وصلتنا من وعثاء السفر إتفاقية نيفاشا ، إتفاقية أبوجا ، إتفاقية أسمرة ، كل هذه الوصفات وصلت إلينا من الخارج ، وسبب إلغاء المشاركة الآن هو أن حكومة الإنقاذ بدأت تؤمن بالواقعية السياسية ، وبالذات فيما يتعلق بالمحكمة الدولية ، وقد تعهدت تركيا بحماية الرئيس البشير داخل أراضيها ، لكنها لا تضمن له الأجواء ، وتركيا في ذاتها قامت بإعتقال الزعيم الكردي عبد الله أوجلان داخل أفريقيا عن طريق التنسيق الأمني المشترك بينها جهاز الموساد الإسرائيلي ، لكن هذه الضمانات التركية غير كافية ، لذلك عاد الرئيس البشير من الغنيمة بالآياب وترك مستشاريه في حيرة تامة وفتح شهية وسائل الإعلام للقول : هل بدأ الآن الرئيس البشير يحس فعلياً بالخطر ؟؟، وربما يكون المستشار مسار قد أستند إلى خطاب الرئيس البشير الإعلامي داخل السودان ، فالرئيس البشير أكد في أكثر من مرة أن أمريكا وبريطانيا تحت جزمته ، وأنه لن يسلم المحكمة الدولية حتى جلد كديس سوداني ، هذا الخطاب يصلح للإستهلاك المحلي ، وهو خطاب ممزوج بالغضب الشديد وتجاوب مع مشاعر الجماهير التي تستقبل هذا الخطاب وتنساه عند أول نقطة تزاحم للمواصلات ، لكن الوضع في الخارج يختلف كثيراً ، و تخلف الرئيس البشير عن المشاركة في هذه القمة سوف يضع الأخلاق السودانية في محل الإختبار ، سوف نتهم بعد الشحذة بالجبن والخوف ، هذه القمة كانت مهمة للسودان لأنها تتناول قضايا الفقر ، وهي أهم من القمم التي حضرها الرئيس البشير في أفريقيا بعد صدور مذكرة أوكامبو ، أهمية هذه القمة تنبع من شعارات الإنقاذ التي ترفعها ، فهي تقول أن بعد السودان في العالم إسلامي وعربي ، لذلك تهكم عليهم وزيرة الخارجية دينق ألور لأن العرب يوصفون بالأشقاء بينما يوصف الأفارقة بالأصدقاء ، ومن هنا أقول أن سلامة الرئيس البشير الشخصية أصبحت تؤثر على مصالح السودان في الخارج ، فالسودان الآن يخضع لبروتكول سري ينظم أسفار الرئيس ، لكن الدرس الذي يجب أن تستفيد منه الإنقاذ هذه المرة هو توحيد الخطاب الإعلامي ، عليها أن تضع حداً لثرثرة المستشارين الذين يسيل لعابهم عندما يجدون أنفسهم أمام مايكروفونات الفضائيات ، وقد قرأنا قبل شهور أن هناك مستشار صحفي فبرك مقابلة مع الرئيس البشير ، في تلك المقابلة الوهمية أكد الرئيس البشير أنه لا يشرب لبن النيدو المعلب ، ذلك كدلالة أن الرئيس البشير يقاطع المنتجات الدانماركية ، تمت تنحية ذلك المستشار السينارست بصورة سلسة أو كما يقول المصريون بدون شوشرة ، ولم تمر شهور على ذلك الحدث حتى يطل علينا مسار و هو يسير في نفس الطريق ، هم ينافقون الرئيس البشير على حساب الحقيقة ، لكنهم عندما يتكلمون بلسانه على هذا النحو سوف يحرجونه أمام الملأ ، وقد حرصت قناة العربية على بث مقابلة عبد الله مسار على الرغم من تأكيدات صدرت من أعلى المستويات في الحكومة السودانية بأن الرئيس لن يحضر القمة . فحدث هذا الهرج والمرج .
سارة عيسي
sara issa (sara_issa_1@yahoo.com)