السياحة في دولة طالبان السودانية! … بقلم: د. النور حمد

 


 

د. النور حمد
16 November, 2009

 

elnourh@gmail.com

 

        نعى الشاعر أحمد شوقي على السلطان عبد الحميد استبداده، قائلاً:

                        عبد الحميـدُ حسابُ مثلك في يد الملك الغفـورْ

                        سُدْتَّ الثلاثيـن الطوال ولسن بالحكم القصيـرْ

                        تنهى وتأمر ما بدا لك في الكبيـر وفي الصغيرْ

                        لا تستشير وفي الحمى عدد الكواكب من مشيرْ!

       

        بدأت مقالي هذا بأبيات الشاعر أحمد شوقي أعلاه، لأنوه إلى أن حكامنا ومسؤولينا في السودان، لا يستشيرون! فهم، عند أنفسهم، عباقرة بالميلاد والنشأة! ولربما أجرؤ فأقول، إن الاستنكاف من تلقي المشورة يوشك أن يكون خُلَّةً سودانيةً صميمة تخص المتنفذين السودانيين، دون سواهم من عباد الله. فإخوتنا في دول الخليج، مثلاً، يثمنون المشورة والمستشار، ويعتمدون في أغلب ما يأتون ويدعون، إن لم نقل كله، على المستشارين. والحاكم والمسؤول الحصيف هو الذي يعرف كيف يستشير، وكيف يرتفق بالمشورة. فالدولة التي يستبد الحاكم، أو المسؤول فيها برأيه، دولة لا علاقة لها بالإطار العصري الراهن الذي نعيش فيه اليوم. فعالم اليوم هو عالم تخصصات، وعالم معرفة، وعالم أبحاث، ولا مكان فيه للإرتجال، ولا للمرتجلين والمرتجلات. أقول هذا، ولا يغيب عن بالي أن آليات الوصول إلى الموقع السياسي، أو التنفيذي، في السودان، لا تأتي، بحكم طبيعتها القبلية العشائرية الطاائفية، بمن أهم أكثر معرفة أو خبرة إلى الموقع القيادي. فإطارنا السياسي لم تتمكن منه بعد ميكانيزمات الدولة الحديثة. ولا يمكن، بطبيعة الحال، القفز فجأة فوق مثل هذا الوضع لأنه متجذر في طبيعة المرحلة التاريخية التي نمر بها. غير أن في وسع من يصلون إلى مواقع القيادة، عبر هذه الآليات القائمة أصلاً، أن يتحلوا بشيء من الحكمة، بألا يتجاهلوا أهمية المشورة الفنية التي يقدمها المختص، ومنحها حقها من الإعتبار. وكما سبق أن أشرت، فإن دول الخليج، مثلاً، لا تزال تعتمد الأوزان العشائرية في تشكيل الطواقم القيادية، غير أنها تميزت علينا باعتماد المشورة. فقادتها يختلفون عن قادتنا بكونهم لم يضفوا على أنفسهم هالات ربانية. يراقب أهل الخليج ما يتم صنعه في بقية العالم من حولهم ويستهدون به، بلا عُجب زائد بالنفس، وبلا ادعاء خصوصية، وبلا صلفٍ "رساليٍ" أجوفٍ، كالذي أحاق بقومنا.

 

        بلغ مجموع سنوات الحكم العسكري في سودان ما بعد الاستقلال الإثنتين وأربعين عاماً، في حين أن جملة سنوات ما بعد الإستقلال لدينا التي لم تتعد الثلاثة والخمسين! أمضى الفريق إبراهيم عبود ست سنوات في الحكم، وأمضي المشير جعفر نميري ستة عشر سنة في الحكم، وأكمل المشير عمر البشير سنته العشرين في الحكم في يونيو الماضي. ويبدو أن من يصل منا إلى سدة السلطة على ظهر الدبابة، غالباً ما لا يجد في نفسه ميلاً إلى تلقي المشورة من أحد. فهو حتماً قائل لنفسه: ((لو كان في الآخرين "عمار"، لكانوا قد سبقوني إلى سدة السلطة))! ومثل هذا القول الذي نحلته، ونسبته افتراضاً، إلى الدكتاتور القافز إلى دست الحكم، من على ظهر دبابة، قول ربما لا يخلو من منطق! فما دام الآخرون لم يسبقوا الدكتاتور إلى سدة السلطة، فهم بالقطع أقل منه شأناً، وبالتالي، لا يرى الدكتاتور الذي تمكن من الصوصل إلى السلطة بالفعل، أنهم يستحقون الجلوس على كرسي من يشير عليه بما يفعل، وما لا يفعل!

        تميز عهد الإنقاذ بأنه جاء نتيجة لتحالف بين العسكري والإديولوج الاسلاموي المبرمج مسبقا. والإديولوج لا يقبل، بطبيعته، المشورة من أحد. فهو يجيء إلى السلطة بخارطة طريق جاهزة، ونظره غالباً ما يكون مصوَّباًٌ إلى الخريطة التي يحملها، بأكثر مما هو مصوبٌ على تفاعلات الواقع. ولذلك، فهو وإن أضطر أحيانا إلى المساومة في بعض جزئيات خطته، إلا أنه قليلاً ما يحيد عن مقاصدها ومراميها النهائية. ولقد تميز حكم الإنقاذ الحالي عن الأنظمة الدكتاتورية السابقة، بكونه قد جمع بين سوءتي الدكتاتور العسكري، والإديولوج المبرمج مسبقا. وهذه، لعمر الحق، من أفدح النكبات التي يمكن أن تقع على رأس بلد ما، في زماننا هذا.

 

السياحة بين الفيل والظل:

 

        يقول المثل السوداني: ((عينك في الفيل، وتطعن في ضُلُّو؟!))!! والأمثال تخرج من أحوال الواقع. ويقول واقعنا السوداني أننا نرى الفيل، الذي هو مقصدنا بالأصالة، ولكننا ننصرف عن بدنه، منهالين بالطعن في ظله، خشية غضبته التي نعرف عواقبها الوخيمة. دفعني إلى استخدام هذا المجاز، ما ظلت تردده القنوات التلفزيوينة السودانية عن جهود لتنشيط السياحة في السودان". ولقد شاهدت في هذا الباب عدداً من المواد الإعلامية سيئة الإعداد، سيئة التصوير، سيئة الإخراج، وهي تتحدث عن فرص الغوص في مياه البحر الأحمر ـ وهي مياه بديعة بحق ـ وعن مهرجانات ثقافية موسمية للسياح في البحر الأحمر، وغير ذلك من أحاديث قنواتنا العاطفية، المرتجلة، والمكرورة. كما شاهدت بعضاً من مختلف اللقطات التي تحشرها هذه القنوات بين برامجها، لتنقل إلى المشاهدين صوراً عن مشاهد الطبيعية المختلفة في السودان، من الجنوب، إلى جبل مرة، إلى جنوب النيل الأزرق، إلى آثار مروي والبركل في النيل الشمالي.

       

        يظن القائمون على أمر قنواتنا، أن قنواتنا هذه التي يتعلم فيها الهواة من خامدي المواهب، ومنذوري الحظ من الثقافة العامة، الحلاقة في رؤوس اليتامى، قنوات يشاهدها الناس في كل مكان! ولعلهم لا يدرون، أو يدرون ويتجاهلون، أن الدول الجادة في شأن السياحة ـ وهي دول تملك قنوات فضائية أفضل مما نملك مثل المغرب، وتونس، والأردن، ومصر، وغيرها ـ تحرص على بث إعلاناتها عن السياحة في قنوات عالمية، ذات جمهور عريض، مثل (سي إن إن)، و(بي بي سي)، و(إم، بي، سي)، و(الجزيرة العربية والإنجليزية)، وغيرها. يضاف إلى ذلك، أن مثل هذه الإعلانات يُعهد بها إلى خبراء، وإلى بيوت متخصصة، لتعدها وتخرجها، لا إلى هواة، محدودي التأهيل، والقدرات، والأفق المعرفي. فمثل هذه الإعلانات يُدفع في تصميمها، وتنفيذها، وبثها، مالٌ كثير، لأنها يُنتظر لها أن تعود بمالٍ بالغ الوفرة. فالسياحة تدر على كل من المغرب وتونس ومصر والأردن أموالاً طائلة. فصناعة السياحة في هذه البلدان أصبحت ركناً ركيناً في اقتصاداتها. ولابد لي من التنويه هنا، إلى أن هذه الأمور التفصيلية لم تكن بعضاً من غرض مقالي هذا. فالحديث في مثل هذه التفاصيل سابق لأوانه، لأن النداء الجوهري المندغم في مجاز الانصراف عن طعن جسد الفيل إلى طعن ظله، الذي استخدمته، إنما هو دعوة غلى الانحصار في التصدي إلى جذور أزمة السياحة. فلو تمت معالجة جذور الأزمة، فإن التفاصيل تتبع، بطبيعة الحال.

 

هذا هو الفيل أيها الطاعنون!

 

        الفيل في شأن شلل قطاع السياحة لدينا، إنما هو السمعة الخربة التي اكتسبتها البلاد عبر رعونات الإنقاذ التي ارتكبتها في العشرين سنة الماضية. كما هو أيضا العزلة التي خلقت من بلادنا جزيرة اختلف إيقاع الحياة فيها عما هو عليه لدى دول الإقليم ودول العالم. لقد شوَّه حكم الإنقاذ صورة السودان، وصورة السوداني، بما لا مزيد عليه. فالسوداني المعروف في منطقة القرن الإفريقي، وغرب إفريقيا وشمالها، وفي منطقة الشرق الأوسط، بدماثة الخلق، والمسالمة، والموثوقية، حولته الإنقاذ في مخيلة الأجنبي إلى إرهابي! والقطر الذي كان يُعد من بين أكثر الأقطار توفيراً للأمن الشخصي، أصبح في المخيلة العالمية بلداً بلا قانون. فمن إذن يا ترى يريد أن يجيء إلى بلادٍ ارتبطت صورتها في الإعلام العالمي بالحروب، وبرعاية الإرهاب، وبعدم الإستقرار، وبضعف وجود الدولة؟! من يريد أن يدفع من حر ماله ووقته الذي إدخره للراحة وللاستجمام، والترويح عن النفس، والتعرف الوادع المستأني لثقافات الشعوب، ليجوب مجاهيل بلادٍ يمكن أن يصبح فيها، بين غمضة عين وانتباهتها، رهينةً لدى فصيلٍ من الرعاع المدججين بالسلاح من شعر الرأس إلى أخمص القدمين؟! من يريد أن يأتي إلى بلدٍ تجهد نفسها وعسسها، وتشغل قضاءها المشغول أصلا، بمحاولات لفرض نمطٍ للزي على النساء، وكأنهن طالبات في مدرسة؟! من يريد أن يأتي ليتجول في دولة مهجسة بالأمن، كل طرقها حواجز، ونقاط تفتيش، ومساءلات عن التصاديق، ومصادرة لكاميرات التصوير، ومفاجآت لا ينفك بعضها يأخذ برقاب بعض؟! من يريد القدوم إلى بلدٍ القانون فيه هو مزاج المسؤول، أو من ينوب عنه في تقديم الخدمة، في وضع اختلطت فيه خدمات الدولة الروتينية، بالأجندة  الشخصية للأفراد، حتى أصبح حكم القانون هُزُواً وأضحوكة؟! من يريد أن يجيء إلى بلدٍ ليس فيه بنية تحتية تُذكر، والتنقل عبر طرقه البرية لا يقل خطورة من السير فوق حقل للألغام؟!

        لكي تكون لدى بلد ما سياحة مزدهرة، لابد أن يكون لديها نظام، وحكم للقانون، وبنية تحتية تستجيب لكل حاجات السائح التي يحتاجها في حله وترحاله. السائح لا يجيء للسياحة في بلد تكون فيه السياحة سلسلة من المتاعب التي لا تنتهي، ومغامرات يومية مفتوحة على المجهول! بلادنا تعيش الآن عزلةً مطبقةً، اقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وتعليمياً، وتقنياً. العالم لم يعد يحترمنا، بما في ذلك من نعتبرهم أشقاء لنا. العالم لم يعد يتعامل معنا إلا كحالة شاذة معقدة، لا مناص له من التعامل معها، وفق حسابات انكمشت مقاصدها حتى انحصرت في مجرد الدرء لأفدح الأضرار!

        مرة أخرى، الفيل، هو هذا الغول الإسلاموي الذي جفف منابع الحياة، وحاول خلق جزيرة معزولة عن العالم. جزيرة مات فيها حراك الثقافة، وانعدمت فيها البسمة، واكفهر فيها أفق العيش، وشحت فيها وسائل الترفيه، وتزعزعت فيها أركان الأمن. السوداني الذي يخرج من داره في الخرطوم طالباً ترويحاً، أو تغييراً، أو تثاقفاً حراً، لا يدري إلى أين يتجه، دع عنك الغريب الوافد! أين الأسواق الفسيحة المريحة التي أصبحت في معظم الدول في يومنا هذا الوعاء الحاضن لطائفة واسعة من الأنشطة، من دور السينما المغلقة الحديثة، إلى ملاعب الأطفال، إلى المقاهي، إلى حلبات التزلج، إلى المعارض الفنية المتجددة، إلى سائر الأنشطة الثقافية، وقس على ذلك. أين المكتبات العامة، وأين المتاحف، وأين الملاذات التي يمكن أن يخرج إليها قاطنو المدينة، بل أين الفنادق والموتيلات والإستراحات على طرقنا وقرب مواقع الجذب السياحي عندنا. أين الحدائق العامة الفسيحة المريحة المجهزة، في مدننا. أهي هذه الأشرطة الخضراء الضيقة المرتجلة الغاصة بالخلق. الخرطوم مدينة تصحرت، ويبس عودها، ولم تعد تملك من دلالات كلمة مدينة سوى الرنين الصوتي للإسم.

        أما خارج الخرطوم، فلا شيء!! الخارج من الخرطوم، في أي اتجاه، يحس بعد أن يقطع عددا معدودا من الكيلومترات، وكأنه قد سقط في هاوية، أو كمن تلقفه جوفُ مفازةٍ لا تحدها حدود. ينقطع خيط التحضر الرقيق، حال أن يغادر المرء أطراف الخرطوم. وكلما ابتعد المرء عنها، كلما أحس بالإيغال في القرون الغابرة! ولك أن تتصور مبلغ الرعب الذي يقذفه مثل هذا التيه البائس الخاوي في روع سائح قادم من بلاد تعرف معنى البنى التحتية، وتعرف أنس الريف المُنَمَّى! في هذا التيه الشاسع، غير المُنَمَّى، يصبح أكل السائح، ونومه، وغسل ملابسه، وعلاجه، وحتى قضاء حاجته، وكل ما يحتاجه في شؤونه اليومية، مجرد مغامرة متصلة الحلقات. مغامرة تنداح فصولها في فضاء مفتوح على كل الإحتمالات الممكنة، حيث تسيطر المشاق وتتضاعف، وتتعمق وتتضاءل أسباب الراحة وتضمحل! 

 

عارنا السياحي بالإحصائيات:

 

        تقول الإحصائيات التي يتضمنها كتاب الجيب لإحصائيات العالم، الذي تصدره الأمم المتحدة، وهي احصائيات معروضة على موقع http://www.nationmaster.com، وتعود للعام 1994، أن عدد السياح الذين يزورون السودان سنوياً لا يتعدي الثلاثين ألف سائح. وهي إحصائية رغم قدمها النسبي، تعطي فكرة مناسبة عن حال السياحة عندنا، فعدد السياح الذيم يزورون بلدا ما لا تتغير في المدى الزمني القصير. فالسمعة السياحية يحتاج بناؤها لمدى زمني طويل. فمدينة مثل دبي، مثلاً، بنت سمعتها السياحية عبر ما يقارب الثلاث عقود من الزمان. في تلك الإحصائية، احتل السودان المرتبة المائة وستة وثلاثين، من مجموع الدول المائة وأثنتين وخمسين المرصودة في الإحصائية. فالدولة الأولى من حيث عدد السياح القادمين من الخارج، كانت فرنسا التي يزورها 67 مليون سائح سنويا!! (أمسكوا الخشب)!! تأتي بعدها الولايات المتحدة الأمريكية (47 مليون سائحا)، ثم أسبانيا (43 مليون سائحا)، ثم إيطاليا (34 مليون سائحا)، ثم المملكة المتحدة (25 مليون سائحا) ونحن لا نقارن أنفسنا بفرنسا، ولا بغيرها ممن يتصدرون هذه القائمة. ولكن دعنا نقارن أنفسنا بالدول العربية والإفريقية التي تماثلنا، هونا ما. فتونس، مثلاً، تستقبل أكثر من أربعة ملايين سائح سنويا. ويستقبل كل من المغرب ومصر ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح. وتستقبل الأردن مليون وربع المليون سائحا. أما كينيا فيزورها مليون سائح سنويا، يأتي سبعمائة ألف منهم من خارج القارة الإفريقية وثلاثمائة ألف من داخل القارة. ويزور إرتريا أربعمائة ألف سائح. فدعونا نقارن هذه الأرقام مع رقمنا البائس حقا، (30 ألف سائح سنويا)! ولابد أن هذا الرقم قد إزداد في العقد الأخير بحكم انفتاح البلاد على الإستثمارات الخارجية، خاصة الآسيوية والعربية، وهو أمر ربما دل عليه التوسع الضئيل الذي شهده القطاع الفندقي. ومع ذلك، فهذا التحرز لا يغير كثيرا في كلاح الصورة العامة لحال السياحة لدينا. وعموماً فإحصائيات السياح الداخلية تؤخذ من صالات الوصول في المطارات، ومن حجوزات الفنادق وما شابهها من أماكن الإقامة.

بلد مثل السودان، من حيث كبر المساحة، وكبر عدد السكان، وتنوع المناخات، وتنوع الطبيعة، والإمتلاك لآثار بديعة من الحضارات القديمة، وامتلاكه تنوعا إثنيا وثقافيا نادر الشبيه، وامتلاكه ساحلا بحريا يعد من أجمل السواحل في العالم وأنظفها، كان يجب أن يكون من الدول التي يزورها السياح بالملايين لا بعشرات الآلاف، لا ولا مئاتها. أفلا تخبرنا الأرقام كيف ينظر إلينا الآخرون، وكيف أننا أصبحنا أمةً تنقصها السمعة الحسنة، بل ينقصها حتى مجرد الوجود في قوائم الدول التي تُعد دولا؟! بقي أن نقول أنه لا يماثلنا في الضعف والهوان، وقلة الزائرين من الخارج، سوى أفغانستان (4 آلاف سائح سنويا)، والصومال (10 ألف سائح سنويا)، ورواندا (ألف سائح سنويا)، وتشاد (12 ألف سائح سنويا)، وليبيا (50 ألف سائح سنويا). وقائمة من يماثلوننا في الحال تغني عن السؤال حول الكيفية التي يرانا بها العالم.

        السياحة صناعة، غير أنها صناعة تقتضي أن يكون القطر امتداد طبيعيا للبنية التحتية العالمية ولأسلوب الحياة المدينية العالمية، التي لا تختلف في دبي، عنها في القاهرة، عنها في مراكش، عنها في جنيف، عنها في ريودي جانيرو. فإن قال قادة قطر من الأقطار من ممتطي الجياد الطالبانية، نحن قوم لنا خصوصيتنا، فإن أهل الكوكب سيتركونهم وقطرهم الذي يحمون لخصوصيته وفقره، وينصرفون عنه لغيره، ففي العالم متسع، ومتسع عريض. وختاما، فإنه ما من شك في أن فرص التنمية السياحية في السودان فرص ضخمة، يمكن أن تجعل من هذا القطاع قطاعا يدر من الدخل مثل ما يدره البترول وتدره الزراعة. فهلا ترجل قادتنا الأشاوس عن متون جيادهم الطالبانية المطهمة، وتركونا نتواصل مع أهل الكوكب، ونعيش مثل بقية خلق الله من "العرب" و"العجم"؟

 

آراء