السودان والعاقون من ابنائه: يعيشون في كنفه ويسعون لدماره … بقلم: محمد إبراهيم الشوش

 


 

 

mohammed shoush [mi_shoush@hotmail.com]

الظاهرة التي كشف عن ملامحها مؤخرا الدكتور عبد الوهاب الافندي في واحدة من اروع مقالاته بعنوان " بين لغة الديمقراطية ولغة الابادة الجماعية : شجرة الحرية لا تنبت في ارض الحقد ". ظاهرة خطيرة ينفرد بها السودان من بين كل دول العالم وتتمثل في ما يحس به ويعبر عنه نفر من المثقفين السودانيين وخاصة من بين اليساريين من حقد مدمر لا يعرف حدودا ولا يرعى إلا ولا ذمة وحرمة لأهل أو دين.  ولا نقصد بهم اؤلئك الذين ينطلقون من حقد عنصري او جهوى ضد فئات معينة ظلت تذكر بالاسم: المركز او الوسط او القبائل النيلية او الجلابة. وهو هجوم ينطلق عن عمالة مدفوعة،  او جهالة متجذرة او حقد عنصري لقوم حاقدين اغلبهم لا ينتمي لهذا الوطن المتسامح المعطاء. ومثل هذا الغثاء مما يتصدى له القانون بحزم وصلابة في كل بلاد الدنيا إلا السودان. ففي كل الدول المتقدمة قانون للقذف يمنع التعدي علي حُرمات الناس واتهامهم بالباطل، ويحدد لذلك عقوبات صارمة تردع عن التفوه به ونشره بأي صورة من الصور. وكم من صحيفة راسخة  ادت بها عقوبات القذف والكذب الضار الي افلاسها. وفي الدول الراسخة في الديمقراطية قانون يعاقب اشد العقاب من يثير الفتنة او يحرض علي فئة في المجتمع يحددها بالاسم . وفي السودان من يكتب بكل وقاحة وحقد دفين عن قبائل معينة ومناطق يذكرها بالاسم ولا قانون يتصدى له واكثر هؤلاء هم الذين يملأون الارض صراخا وعويلا حول القوانين المقيدة للحريات ويريدون ان يزيلوا عن الوجود كل اثر لأجهزة الامن ليس حبا في الديمقراطية ولكن رغبة في مزيد من التسيب القانوني الذي يتيح لهم اشعال الفتن والتنفيس عن حقدهم وغلهم الذي كان يجب ان يدفع بهم الي مصحات العلاج النفسي .

ذلك صنف من البشر تولد عن عقدة النقص فيهم حقدٌ علي كل من يختلف عنهم بسبب العنصر او اللون او اللغة ولهم في كل ملة نظير، ولكن الذي نشير اليهم اليوم فئة تنبت كالطفيليات الضارة في ارض السودان لا نظير لها في امم الارض جميعا.

فتح عينيه عليها الدكتور عبد الوهاب الافندي بعد مشاركة في ندوة دعاه اليها الباقر العفيف مدير مكتب الخاتم عدلان . هناك سمع عجبا طالما جرح مشاعرنا وسكت اغلبنا عليه . يقول الافندي : " وقد استوقفتني في ذلك النقاش مداخلتان توقع صاحباهما انفصال الجنوب ثم تحوله الي قاعدة لشن الحرب علي الشمال مما يعرض السودان للتمزق الكامل . وتمتد الحرب الي كل اجزائه بما فيها العاصمة. ولكن بدلا ان يري المتداخلان في هذا مدعاة للهلع والخوف ابديا ترحيبهما بما سيقع  جزاء وفاقا بما فعلت النخبة النيلية المهيمنة منذ الاستقلال.

والمدهش – كما يقول الكاتب – ان كلا المتحدثين ينتميان الي عين تلك النخبة النيلية التي تمنيا لها كل شر.  وكل واحد فيهما كان ولا يزال مواطنا في هذه البلاد التي تمني خرابها.  ويحاول الافندي جاهدا ان يجد تفسيرا لحقد لا تفسير له، وبخاصة وان السودان الذي ابتلي بكل هذا الحقد من بعض ابنائه "المثقفين" كان ولا يزال برغم ما مر به بلداً يتعامل بسلوك حضاري وتكامل ومحبة لا يعرف الحقد اليه سبيلا .

والدكتور عبد الوهاب الافندي يجد كل البلاء في هذه الظاهرة المرضية : اهمها انها تمثل حقداً غير مؤسس ولا مبرر . ولان لغة الحقد هي نقيض لغة المصالحة والتعايش التي لابد منها لكي يتم التحول الديمقراطي الحقيقي .

بقي ان نضيف ان اسوأ ما تولد عن هذه الظاهرة المرضية سكوت الشعب السوداني عنها وإتاحة المنابر لها لتبث سمومها وتفتح الباب واسعا للتآمر الاجنبي وتسهيل مهمته في تدمير السودان.

 

آراء