مليار جائع في العالم!
4 January, 2010
الفاضل حسن عوض الله
سطر جديد
حسب آخر تقرير أوردته منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، هناك مليار جائع وأكثر من إثني عشر مليار لا يحصلون على الغذاء الكافي. هؤلاء الجوعى يكادوا ينحصرون في قارات أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. الجوع هو أدنى الدرجات في سلم الفقر فبينما الفقر يعني عدم قدرة الفرد على مجابهة إحتياجات الحياة اليومية من أكل وسكن ودواء وتعليم، يبقى الجوع هو العدم نفسه حيث لا يملك المرء القدرة حتى على شراء قطعة الخبز.
يرى المراقبون أن هناك عاملين هما سبب هذه المليارات الجائعة من بني البشر. السبب الأول هو الدول الإستعمارية التي نهبت الموارد الطبيعية وثروات العالم الثالث في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في حقبة الإستعمار التقليدي بشكله القديم، ومضت تواصل هذا النهب في حقبة الإستعمار الحديث حينما راحت تروج لعولمة الاقتصاد بحيث تلاشت وأختنقت حتى الصناعات البسيطة في دول العالم الثالث التي أصبحت أسواقاً مشاعة لكل سلع الدول الرأسمالية والتي راحت تستنزف حتى العمالة من سكان العالم الثالث وحولتهم لقوى منتجة رخيصة حين نقلت مصانعها إلى الدول النامية. وفوق ذلك ظلت الدول الرأسمالية تشجع وتدعم النعرات الإنفصالية العرقية والمذهبية في العالم الثالث ومضت تصطنع الحروب التي يتبعها النزوح والهجرة وبالتالي الجوع... كل هذا من أجل خدمة الإستراتيجيات التي ترمي لإستمرار السيطرة على موارد العالم الثالث الوفيرة.
العامل الثاني في نظر المراقبين هو الأنظمة الشمولية التي باتت خادماً أميناً مخلصاً للدول الرأسمالية والتي راحت تغض الطرف عن ممارسة هذه الشموليات في قهر شعوبها وإفقارها وتجويعها عبر سياسيات الفساد السياسي التي جعلت ثروات معظم دول العالم الثالث في جيب حكامها حيث راحوا يتصرفون في المال العام كميراث شخصي آل إليهم من ابائهم وأجدادهم وراحوا ينفقونه في ملذاتهم وفي قصورهم وطائراتهم ويودعون الملايين في بنوك لا تطالها أيدي شعوبهم، كذلك يوظفون بعض فتات المال المنهوب هذا في شراء الموالين والبطانات الفاسدة.
ومما لا شك فيه أن السودان يحظى بحصة لا بأس بها من هذا المليار الكوني من جائعي العالم، فحروب الجنوب وتداعياتها من الصراعات القبلية إلى جانب حرب دارفور قد أفرزت واقعاً لا ينكر من النزوح والهجرة وما يتبعها من فقر وجوع، كما أن إزدياد حالات السل في شرق البلاد هي نتاج طبيعي لسوء التغذية، وحتى الحروب الإقليمية في الدول التي تجاورنا أضافت لنا رصيداً مقدراً من الجوعى اللاجئين إلى بلادنا.
لقد نبهنا مراراً وتكراراً إلى أن الأزمة الاجتماعية في السودان والتي يتراكم مخزونها يوماً بعد يوم بفعل تردي أوضاع المواطن الاقتصادية هي قنابل اجتماعية موقوتة لا يقل ضرام نيرانها إن إنفجرت عن نيران أزماتنا السياسية الحالية، فمتى نستبصر المستقبل بعين ثاقبة لا تعرف النوم؟