دكتور ياسر ميرغني يحذر في حوار ساخن
إنشغلوا بالصراعات و الوضع الصحي في خطر
منصب وزير الدولة أضر بالصحة علي مر السنين
الوكيل مظلوم وهذا دليلي
لايوجد إحصاء لمرض مثل الإيدز
المرض أصبح له سعر غير محدد
الدواء له سعر ولكن بعض الشركات تري أنها فوق القانون
*أريد منك في البداية دكتور ياسر تقديم خطوط عريضة عن الواقع الصحي المتهم بالإنهيار علي كل الأصعدة؟
الصحة هاجس لكل مواطن سوداني (العنده والماعنده كما يقولون) والمقصود ميسر الحال والفقير فقد صار المرض جزء لا يتجزأ من حياتنا يزاحمنا تفاصيلها اليومية ومع إرتفاع الفواتير والضغوط الإقتصادية لم يعد العلاج ممكنا في كثير من الأحيان وصار الوضع العام أشبه بحالة من الإنهيار بل تحولت صحة المواطن ضحية للبيروقراطية والروتين والصراع السياسي وغياب الكفاءات بسبب الولاءات السياسية ولم تغب هذه الصراعات عن الوزارة التي كانت نتيجتها إقالة وزير الدولة والوكيل لترتفع أصوات كثيرة في الإعلام وغير الاعلام منبهه لخطورة الموقف من هذه الاصوات الدكتور ياسر ميرغني صاحب الآراء القوية والجريئة في كثير من قضايا الصحة إستضفناه في هذه المساحة وكان هذا الحوار
حوار/ حسن فاروق .. تصوير/إبراهيم حسين
الواقع الصحي في السودان للأسف غير مرضي تماما وللأسف هناك عودة للوراء بعد أن شهدنا تقدما في هذا الجانب نموذج لذلك بعد أن كدنا نقضي علي الملاريا بحسب شهادة منظمة الصحة العالمية الملاريا الآن تفتك بالمرضي بل توقفت حتي حملات الرش بجانب أن حملات النظافة والرقابة الصحية والبيئية ضعيفة للغاية لضعف الإمكانيات سبب آخر نجد ان الرقابة أعطيت للمحليات والمحليات رقابة جبائية ولاتوجد خدمات مقابل هذه الجبايات لذلك تدنت صحة البيئة وبالتالي تدنت صحة المواطن . وهناك أسباب أخري ساهمت في هذا التدني بصورة مباشرة منها ما قرأناه مؤخرا في الصحف أن القائمين علي أمر الصحة في السودان ذهبوا إلي أجندة خفية وأجندة شخصية طفحت إلي السطح مؤخرا بإقالة الوكيل ووزير الدولة ولكن هذا ليس نهاية المطاف, وبالتالي الوضع الصحي الان به كثير من الجراح وهذا يتطلب فتح الجرح ونظافته حتى لا تتعفن الرجل وتبتر لذا لا بد من نظافة الوضع الصحي باللبلاد, وانا هنا لا اريد ان ادافع عن شخص لكن اعتقد ان الحادثة لا يجب ان تتوقف عند اقالة شخصين لانه واود القول هنا ان منصب وزير الدولة بوزارة الصحة كان مضر بالصحة طيلة الفترة الماضية وانا على استعداد تام لتحمل هذا القول بأنهم كانوا سبب الأزمات في الخدمات الصحية وذلك لضعفهم تجاه مقابلة مافيا الدواء بحكم انني صيدلي وخضت معارك في المحاكم ووصلت حتى المحكمة العليا وتمت تبرئة ساحتي, ووزير الدولة بحكم منصبه يكون مشرفا على مجلس الادوية والسموم ظل على الدوام ضعيف ولم يستطع مراقبة الادوية وهناك الكثير من المخالفات في الادوية المنقذة للحياة وهناك ادوية ضروية غير مسجلة وغير موجودة وعندما يتقدم شخص لتسجيلها يجابه بكثير من العقبات لمصلحة من لاادري؟ في حين ان ادوية الرفاهية والكماليات والتجميل تجد حظها من التسجيل السريع بينما الادوية الاساسية واركز هنا على دواء الخصوبة وهو مسجل بالسودان كصنف واحد وعندما تقدمت اكثر من اربعة شركات لمنافسة هذا الدواء منذ اكثر من خمسة سنوات وانا امتلك كل الاوراق التي تؤكد حديثي سواء المخاطبات مع الجهات الرسمية بما فيها الوزراء لكن ظل هذا الدواء تحت رحمة تجار الشنطة والذين يرتزقون من المعاناة ومن الندرة ولذلك الوضع الصحي يحتاج الى قرع جرس انذار والطاقم الجديد الذي تولى امر الصحة عليه الالتفات الى مشاكل المستهلكين وعليه الاستماع الى ارائنا ولدينا الكثير من الشكاوي ولدينا الكثير الذي نقوله عن المرض. والمرض في السودان اصبح له سعر وللاسف هذا السعر غير محدد, نحن طالبنا كجمعية حماية المستهلك المستشفيات الخاصة بان تضع التسعير امام الاستقبال وكل العالم المتحضر يقدم لك اسعار الخدمة حتى تختار وحق الاختيار واحد من حقوق المستهلك ويجب ان يكون هناك سعر محدد للكشف, وهنا اقول انه لا توجد آلية في السودان لتحديد سعر مقابلة الاخصائي والاستشاري ونائب الاخصائي والطبيب العمومي, لذلك ظل المستهلك في معاناة على الدوام احيانا تجد طبيب قيمة مقابلته (150) جنيه واغرب شكوى وصلتنا عن احد الاطباء فتح مستشفى بالكلاكلة وهو اخصائي وحدد سعر المقابلة بعشرة جنيهات فقام الاختصاصيين الذين يجاورونه بتقديم شكوى الى المجلس الطبي ولجهات معنية فتم قفل عيادته, وهذا يؤكد ان هناك مراكز قوى تتجار حتى في صحة المريض وهذه الشكوى موثقة وموجودة, واحب ان اقول المرض مُسعّر وللاسف سعره غير محدد والمواطن ضحية لكثير من المرض, وهذه خرطة عامة للوضع الصحي الذي ظل على الدوام محور مشاكل.
* هل يمكن ان نقول ان ما يحدث جزء من سياسة التحرير الاقتصادي او سياسة الحكومة لاهمالها تحديد اسعار محددة للخدمة الدوائية؟
سياسة التحرير الإقتصادية أثرت تأثير سلبي علي النظام الصحي و تحمل المواطن مشاكل كثيرة جدا متعلقة بالمرض مثل الكشف وخلافه المشكلة في الدواء فهو عمليا له سعر بالقانون ولكن لاتوجد رقابة علي الاسعار فهنالك شركات لاتلتزم بالتسعيرة الدوائية وهنالك شركات تري نفسها فوق القانون ولاتحترم حتي المجلس القومي للادوية والسموم ولاتحترم القوانين وتري نفسها فوقها ولا أحد يسأل لذلك ظل المريض يعاني . أنا صيدلي ولدي تجربة شخصية في العام 1992 عندما تم تحرير الاسعار كان يوجد سعرين للدواء الواحد وذلك لأن الصيادلة كانوا أخلاقيين وكانت هناك أخلاق والاخلاق إنتهت بالتقادم بمعني عام 1992 كان عندنا أخلاق وفي العام 2011 تراجعت الأخلاق بسبب التسيب العام وعدم المساءلة وإذا أخذنا الصيادلة سنجد أن الملتزمين بعدم تغيير الأسعار قليلون للغاية ولعلمك تلقينا تهديدات من زملاء لنا لأننا لم نغير في اسعار الدواء ومعروف عند شراء الدواء أن ربحه 20% ولذلك لايوجد سبب لزيادة السعر وهؤلاء يربحون أكثر من هذه النسبة
*تقصد لايوجد مايجعله يخضع للعرض والطلب؟
لايوجد أي سبب لأن الدواء سلعة ذات خصوصية وهي السلعة الوحيدة التي لايختارها المستهلك وهي السلعة الوحيدة يختارها لك شخص آخر غيرك هو الطبيب وأقصد أنني اليوم مثلا يمكن أن أشتري (طحنية) وإذا لم أجدها يمكن أن أشتري حلاوة (سمسمية) ولكن الدواء كما ذكرت يحدده شخص آخر غيرك لخصوصيته لذا كل العالم وحتي أمريكا دولة التحرر الإقتصادي تضع أسعار للدواء ويمكن أن نلحظ ذلك في أي دواء مستورد من أمريكا أو إنجلترا سنجد سعره مختوما علي (الفتيل) .. لكن في السودان نشهد الفوضي بعينها وهناك بعض الأشخاص يظنون أنهم فوق القانون وهم أس البلاء في القطاع الصحي
*هناك ضبابية في المعلومة حول الامراض بمعني أننا لانعرف كثير من النسب لأمراض ودرجة إنتشارها وخطورتها وكيفية التحكم فيها ودائما مانجد في هذا الجاني من ناحية الحكومة دفاع أكثر من تمليك المواطن المعلومة وإذا أخذنا الإيدز كمثال لن نجد أي إحصائية له في السودان ماذا تقول؟
كما قلت لك سابقا إنشغل القائمون علي أمر الصحة في البلاد بالصراعات ونسوا شيء أساسي قسم إسمه الاحصاء وفي أي مجال كما نعلم يوجد قسم إحصاء والآن إذا أردت إحصاء للعشر سنوات الأخيرة بخصوص الامراض لن تجد أي أحصاء مثلا عن الإيدز وكم المصابين لن تجد وهذا تسيب عام في الدولة مثال آخر قسم تحديد الحوجة في الإمدادات الطبية وهو مجال تخصصي (الدواء) كان هناك تحديد للحوجة كم يريدون من حبوب الملاريا وكم حقنة؟ الآن هذا القسم له عشر سنوات لاتوجد فيه إحصاءات بل تم إغلاقه مع إنه القسم الاساسي في التخطيط مع العلم أنهم لجأوا لإستراتيجية ربع قرنية واغلقوا قسم بهذه الاهمية وقس علي ذلك في غياب الاحصاء خاصة في وزارة الصحة الولائية لن تجد أي معلومة ..
بل الادهي والامر كان هناك أورنيك إسمه أورنيك تسمم غذائي وهذا يهمنا جدا في جمعية حماية المستهلك مثله مثل أورنيك (8) ما ان يأتي مريض مصاب بتسمم يملأ هذا الاورنيك بواسطة طبيب ويعطي له الدواء وتتم ملاحظته لمدة أربعة أو خمسة أيام ثم يخرج المريض .. هذا الأورنيك إختفي من العام 1994وحتي الآن مع الوضع في الإعتبار إزدياد الأكل المعلب والمستورد بمعني إزدادت نسبة السموم وإغلق أورنيك التسمم الغذائي الذي يعرفنا علي مانأكل الخلاصة لايوجد إحصاء وحتي الموجود نجده في العام 2005 او العام 2007 وتغيب الاحصائية عن أعوام مثل 2009و2010وإنشغل القائمون علي أمر الصحة بالصراعات التي لم تؤد بنا إلا للهاوية.
*كيف تضبط كل هذه الفوضي أو التسيب كما أطلقت عليها ماالذي يجب أن يحدث؟
يجب إبعاد التعيينات السياسية داخل وزارة الصحة وأن يتركوا الأمر للفنيين ويجب أن يكون هناك إحترام لقرارات المعمل القومي المركزي (ستاك) ويجب أن يكون هناك إحترام وقدسية لشهاداتهم .. وأي مستورد لأي صنف من الدواء يقال له دواءك غير صالح يطلب علي الفور مرجعية تحليل خارجي أو تحليل ثاني وهذا يعني أننا مطالبين بإحترام معاملنا ومابنيناه بأنفسنا نؤهلها ونزيد لها كوادر ومعدات خاصة وأن القائمين علي أمر المعامل يتعرضون لضغوط كبيرة .
التشكيك في المعامل هو الذي أوصلنا إلي هذه المرحلة والصراع الموجود في القطاع الصحي هو الذي أورثنا هذا الجهل وهذا المرض ويجب أن تكون هناك حلول سريعة
*ماهي طبيعة هذا الصراع وماهوأساسه؟
أساسه صراع مصالح لا أحب الدفاع عن أحد لكن إقالة وزير الدولة والوكيل الإثنان مع بعض فيها ظلم شديد لأننا شاهدنا بأعيننا الإصلاحات التي قام بها الوكيل والذين أداروا هذه الحملة الصحفية تعمدوا إخفاء جزء من الحقيقة لصالح هدم المشروع وأدافع هنا عن الوكيل بغض النظر عن إختلافي معه لأن قرار إقالته ظلمه وأتحدث هنا عن حالتين حالة زراعة الأعضاء الوكيل ولإستعجال الطرف الآخر وهي الشركة السعودية في تنفيذ العقد قبل أن تكتمل إجراءات الوكيل قبل عام من الآن جمد هذا القرار ولدي وثيقة بذلك ولكن من أثاروا القضية في الصحف نسوا هذه الورقة عمدا وتم إخفاءها وهي موجودة معي .
الموضوع الثاني هو موضوع المستشفي الصيني الوكيل شكل لجنة تحقيق للإتهامات التي طالت مساعد المدير في المستشفي الصيني قبل أكثر من 45يوم من إثارة الموضوع في الصحف ولكن وزير الدولة ألغي هذه اللجنة كما لايمكن أن يكون هناك شخصين تنفيذيين في وزارة واحدة التنفيذي إما الوكيل أو الوزير ولاأود هنا التبرير له ولكن في هاتين النقطتين تحديدا دكتور كمال عبدالقادر الوكيل ليس مذنبا والحملة الصحفية ظلمته كثيرا .
*نذهب إلي جانب آخر خاص بصحة البيئة نري ونتابع الاتهامات المتواصلة عن تدني صحة البيئة بصورة كبيرة والحديث يكثر عن الاوساخ وفي الخريف مازالت المشكلة المزمنة قائمة كل ذلك أثر علي صحة المواطن والاخير قليل حيلة بماذا تعلق؟
المرض والمطر مرتبط ان ببعضهما وللأسف ولاية الخرطوم سيفاجئها الخريف مثلما يفاجئها كل عام وللأسف هناك جهود مبذولة ولكن في غير مكانها نحن الآن نحتاج إلي ضبط المصارف وإلي صحة البيئة .. والي الخرطوم إجتهد كثيرا وأحضر عربات (زيادة) لحملة النفايات كما ذكر من خلال إجتماع مشترك معه ولكن للتسيب الموجود الآن افضل (حي) في الخرطوم يتم أخذ نفاياته مرتين في الإسبوع ولكن في الأماكن التي يمر بها المسؤولين والوزراء يتم أخذ النفايات كل ست ساعات وهذا الوضع مقلوب يفترض جمع النفايات في الأحياء مرتين في اليوم مع الوضع في الإعتبار أن رسوم النفايات زادت ولم تزد محلية الخرطوم الخدمات .
هناك صعوبة كبيرة في التعامل مع الخريف صحيح ان هناك عمل كبير لرصف المصارف وسط الخرطوم ولكن حتي الآن في مرحلة (الحديد) لم يتم (صبها) والخريف علي الأبواب بعد أقل من شهرين من الآن وسنعيش في هذه الدوامة وهذا يتطلب من الوالي قرع جرس الإنذار وإلا سنعيش عام لايختلف عن الاعوام السابقة وسيذهب الامر أبعد من ذلك إلي المياه ستذهب فترة الطمي وستأتي المياه (عكرة) وسيقال أن هذه المياه الملونة البنية صالحة للشرب ولكن لونها (عكر) وكان (العكر) يأتي مرة في السنة لهذا الولاية مطالبة بتوجيه كل إمكانياتها إلي مصارف الخريف .
*سؤال أخير إلي متي يكون المواطن ضحية السياسات الخاطئة في السودان؟
هذا السؤال جميل جدا وأتمني من خلال ماحدث في دول الجوار وأعني بذلك مصر وتونس وماكتب في بعض الصحف أن يكون فاتحة حوار عميق لإصلاح حال كبير جدا وان تري مفوضية الفساد المقترحة من قبل رئيس الجمهورية النور وتتمتع بصلاحيات كبيرة ونريد أن نري حلول جذرية وأن نسمع بمحاسبة واضحة بشفافية كاملة