من عادات الرباطاب (2 من 2): جون ونتر كروفوت … عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي

 


 

 


تقديم: هذا هو الجزء الثاني والأخير لعرض وترجمة مختصرة لشذرات قليلة من مقال نشر في العدد الأول من مجلة "السودان في رسائل ومدونات" (والمطبوعة في المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية بالقاهرة) في عام 1918م، للكاتب جون ونتر كروفوت (1873- 1959م). عمل الكاتب كمدير لمصلحة التعليم بين عامي 1903 – 1926م، وفي ذات السنوات عمل أيضا كعميد لكلية غردون التذكارية خلال الفترة ما بين عامي 1914 - 1926م. كان القسم الأول من المقال يدور حول الصفات والخواص العامة لقبيلة الرباطاب.
المترجم 
الأولياء الصالحون عند الرباطاب
لكل قبيلة أو عشيرة أولياؤها الصالحون الذين تقدم عند قبابهم الهدايا والنذور في المناسبات، مثل مناسبة الختان، والتي تحلق فيها رؤوس الأطفال. ويخشى الناس من تأخير تقديم هذه الهدايا حتى لا يضاروا أو يلاقوا حتفهم. يؤمن الرباطاب أيضا بأن الهدايا والنذور والقرابين التي يضعونها على قبور الصالحين تصل إليهم في قبورهم، بل ويأكلونها! وأن من يمس هذه الهدايا والقرابين أو يأكلها سوف يصاب بضرر عظيم على الفور. كما أنهم يؤمنون أشد الإيمان بأن التقاليد والمقولات الدينية القديمة التي آمنت بها الأجيال المتعاقبة هي عين الصواب، وأنها أبدية لا يجب أن تغير، ويتحتم عليهم الإيمان بها دون سؤال.
تتلى باستمرار قصص (خرافية لا تصدق) لكثير من الأولياء الصالحين، ويتهم كل من يبدي أي قدر من الاعتراض أو النقد لهذه القصص في دينه أو خلقه أو عقله. يؤمنون على سبيل المثال في أربعة أخوة من "الأولياء الصالحين" يسمون "أولاد البوش" بنوا مسجدا في جزيرة "أرتو لي" له سقف يقف على أعمدة أتى بها هؤلاء الصالحون من الصين، كل عامود منها نحت من صخرة واحدة دائرية، تشبه الرخام. تمضي القصة بالقول إن ثلاثة من أولئك الإخوة طاروا من الصين عائدين للوطن ومعهم الصخور، وتركوا أخاهم الأصغر هناك. ضحكوا منه ساخرين، فأثار ذلك غيظه فرمى بصخرته وهشمهما. بقي عليه أن يعود مرة أخرى للصين ويأتي بصخرة أخرى بديلة، فقام بإحضار صخرة أخرى مختلفة في الشكل واللون. يؤمن الرباطاب بأن هذه الأعمدة مغروسة في الأرض لبعد لا يعلمه أحد من العالمين، ويزعمون بأن لهذا المسجد 99 نافذة لا تستطيع أشعة الشمس أن تنفذ من أيها، وأن بقايا العامود المكسور لا يزال موجودا يتبرك به الزوار. يحلف كثير من الرباطاب بهؤلاء الأولياء الصالحين.
إن رغب أحد الرباطاب في زيارة قبر أولياء من الصالحين المدفونين في مكان واحد وتقديم هدية  ونذر لهم جميعا، فهو يقوم بوضع ما أتى به في جرة موضوعة خصيصاً لهذه الغرض اسمها "اللامة". يزور أضرحة هؤلاء الأولياء الرجال والنساء الذين لم يرزقوا بأطفال، والعذارى اللواتي يرغبن في الزواج، فيعقدن أطراف "رحاطتتهن" في الأعلام المنصوبة حول الأضرحة. يؤمن الجميع هنا بأن من يتمسح بهذه الأضرحة وأعلامها، فسيتحقق مراده، ولن يصيبه مكروه. كل من يرتكب ذنبا يهرع للأضرحة، فيغفر له ذنبه، بيد أنه يظل موصوفا بالجبن من بقية أفراد العشيرة للذنب المشين الذي ارتكبه. كثيرا ما يؤتى بالمجانين للأضرحة طلبا للعلاج، إما ببركات الأولياء الموتى، أو ببركات من يقوم على رعاية الأضرحة من الشيوخ والأتباع، والذي عادة ما يقرأ أحدهم على المريض بعض الآيات والتعاويذ، أو يجلده بسوط عنج، ويمنع عنه الطعام الطيب (أو أي طعام، في بعض الحالات) لأيام عديدة.
يؤمن الناس هنا أيضا في "بنات الجن" ويسمين "الحور"، وهؤلاء يعشن في النهر، ولهن وجوه بيضاء وشعور طويلة تتهدل على الكتفين. أحيانا تنسل الحورية من النهر، ولا يراها أحد سوى من تجره خلفها لعرض النهر. يسمع من كان حول المخطوف صراخه وطلبه للعون، ولا أحد يقدر على جذبه لليابسة، وقد تكسر ذراعه إن حاول الإمساك بجذع شجرة ملقاة على  شاطئ النهر. يزعم الأهالي أن هنالك من آبوا للبلدة بعد سنوات من  خطف حورية ما لهم، وأخبروا الناس أن للحور بيوتا وقرى تحت النيل، وان هنالك عددا من رجال الرباطاب الأحياء من الذين خطفوا وعادوا لأهاليهم بعد سنوات.
يزعم الرباطاب أن "الشريف" (أي من نسل الرسول الكريم) لا تحرقه النار، ويزعمون أيضا أن هنالك شريفيا من الرباطاب يمكنه أن يستل إبرة موضوعة داخل إناء عميق فيه ماء يغلي، وأن هنالك من الأشراف من يطبخون اللحم على أيديهم العارية. قيل أيضا أن الولي بإمكانه بلع لحم وعظم عدوه. فهنالك الفكي سليمان بلاع الرجال، والفكي العجال (؟) الذين أمرا برنيقا (فرس النهر أو قرنتية في العامية. المترجم) بالخروج من النهر، وأن يقوم مقام الثور في سياقة الساقية. رفض البرنيق أن يفعل ما أمر به، فضربه الفكي بسيف خشب مقداره ذراع واحد كان يحمله،  فبدأ العمل على الفور.
عادات واحتفالات الرباطاب
1/ تحضيرات الزواج: يتوقع عادة عند الرباطاب أن تتزوج الفتاة من ابن عمها، بغض النظر عن الفارق في السن أو الثراء بينهما، وستتعرض الفتاة للضرب إن أبدت أدنى اعتراض على هذا الترتيب العائلي. وقد يفعل ذلك الشيء للفتي الذي يرفض الزواج من بنت عمه. من العادات المتبعة عندهم أن تتزوج المرأة التي يتوفى زوجها، أقرب الأقربين للزوج، حتى وإن كان صغير السن، فينبغي عليها الانتظار حتى يبلغ مبلغ الرجال ويتزوجها. إن لم تفعل فستفقد كل حق لها في تركة الرجل، وفي أطفالها. في غير ذلك، يختار الرجل عادة زوجة يتميز أهلها بالثراء أو الحسب والنسب، أو بحسن التربية.
عادة ما تتم الخطبة في البدء بلقاء الأبوين دون مشاورة الوالدتين. بعد ذلك يخبر والد الفتاة أمها. وإن كان الخاطب هو ابن أخيه، فلا داعي لانتظار موافقة الأم، بيد أن موافقتها ضرورية إن كان الخاطب غريبا. عند إعلان الخطبة، تمتنع الفتاة المخطوبة عن تناول الطعام مع والد عريسها المقبل، أو مقابلته، وتبتعد المخطوبة تماما عن خطيبها، والذي يجب عليه أن يرسل لها الملابس وبعض المال، وأن يؤدي كثيرا من الخدمات لأهلها، دون أن يكون له الحق في استرداد ما دفعه إن غير رأيه لاحقا في ذلك الزواج.
يجب على والد العريس تدبير أمر المهر والطُعْمة (ربما كان هذا مصطلحا طقوسيا رباطابيا قديما، ولعله يعادل "فتحة الخشم" او "قولة خير" عند غيرهم) . يتكون المهر من عدد من أشجار النخيل، وأرض زراعية تكون ملكا للزوجين، دون أن تكون تلك الأرض مما سيرثه العريس من أبيه لاحقا. أما الطُعْمة فهي مبلغ من المال يتفق عليه يعطيه والد العريس لوالد العروس حتى يشتري لها ما يلزمها من أغراض وملابس وحلي، وله أن يحتفظ ببعض ذلك المال لنفسه إن كان محتاجا، دون أن يعير بذلك العمل. لم يكن استعمال النقود شائعا فيما مضى، وكانت العملة المستعملة هي قطع من القماش القطني (الدمور).
2/ الزفاف: يتميز حفل الزفاف بالرقص المصاحب للأغاني والطبول والتصفيق. يقف (أو يجلس) الرجال والنساء في صفين متقابلين تحت ظل الأشجار (في النهار)، وفي فضاء واسع (في الليل). يصفق الجميع ويخبطون بأرجلهم في إيقاع وتواتر معين مع أنغام الربابة. يدعو أحدهم إمرأة بالاسم لتتقدم في الساحة ووجهها ورأسها مكشوفين، وتبدأ في الرقص بتحريك رأسها وصدرها في تناغم واتزان مع صوت الموسيقى والتصفيق. بعد نحو ربع ساعة من الرقص تعود المرأة من حيث أتت لتجلس مع صويحباتها دون أن يكون أحد من الرجال قد مسها. يسمح عادة للغرباء أن يشاهدوا الرقص، دون أن يشاركوا فيه. تستخدم الدلوكة في "السيرة"، وهي مسيرة موكب العريس من قريته (أو بيت أهله) لبيت العروس. يلاقي صبية وصبيات أهل العروس موكب أهل العريس قبل وصوله لدار العروس ويدخلون معهم في تحد  و"معركة وهمية" يشاهدها الأهل وهم يبتسمون في رضاء وحبور. إن حدثت من هذه المعركة الوهمية بعض الإصابات، فإنها لا تسبب في أي مشاكل، ولا يطالب أحد بأي تعويضات مما قد يحدث له/ لها من إصابات (علمت من أحدهم أنه في جنوب هذه المنطقة تحدث بعض الاحتكاكات العنيفة في "السيرة" بين أهل العريس وأهل العروس، وقد تؤدي لإصابات خطيرة).
قبل "السيرة" يكون الجرتق (أو "الدهبة" عند الرباطاب، أو "الحنة" عند آخرين) وهي دعوة للطعام يدعو لها والد العريس. يوضع عنقريب ضخم مفروش بأجمل الفرش في وسط الحوش، ويجلس عليه العريس، حيث تقوم مغنية بترديد أغاني تمجد العريس وأباه وأهله (ولا يمكنها المبالغة هنا، فهي مراقبة بالسامعين الناقدين، والذين قد يقاطعونها، وقد يغادروا المكان محتجين إن تمادت في المبالغة في المدح). تسمى هذه الأغنية المادحة "السومار" (وتسمى "البنينة" في أماكن أخرى). وأثناء أداء المغنية، يحضر أهل العريس عقدا من حبات "السوميت" (تسمى الكنار)، وسوارا مصنوع من ذات الحبات وأنواع أخرى من الخرز المصنوع من مواد مختلفة (سجل الكاتب في الهامش نبذة تاريخية قصيرة عن استعمال الأسورة والعقود في السودان ومصر واثيوبيا منذ العهود الضاربة في القدم). توضع هذه الأشياء على العريس مع انطلاق الزغاريد، والتي يتردد صداها في المكان. بعد ذلك يقدم الضيوف من الرجال هداياهم المالية لوالد العريس، وتفعل النساء ذات الشيء لوالدة العريس. توضع هذه المبالغ المهداة في صحن كبير في وسط الدار، وكلما وضع أحدهم في الصحن شيئا، أعلن ذلك القيم على الحفل بصوت عال، وتتعالى الزغاريد، ويعرض الرجال بالسيوف فرحين.
بعد "السيرة" يقام في منزل العروس حفل عشاء يتكون أساسا من عجين ذرة مخمر (عصيدة أم مريسة؟ المترجم) وكسرة مع نوع من الشوربة (وتسمى كامل الوجبة "كلاكاب"). أما الوجهاء والكبراء فتقدم لهم الكسرة مع ملاح الباميا الناشفة (الويكة؟).
يتم عقد القران (أو عقد الحبل) حسب القانون الإسلامي (الشريعة)، ويقرأه بصوت عال فكي (رجل دين) للحصول على البركة. يقدم والد العريس ما اتفق عليه من مهر، ويعلن والد العروس ما سيعطيه لابنته منه (إن كان سيعطيها أي شيء!). بعد ذلك ينصرف غالب الضيوف لمنازلهم، ولا يبقى إلا أقرباء العريس لمدة 5 -7 أيام قادمة، يكونون خلالها ضيوفا على والد العروس. يحضر الضيوف طقوس "قطع الرحط"، وهو يعد أهم جزء في حفل الزواج، ولا يقام إلا للعروس العذراء. تأتي العروس مرتدية أفخر الثياب، وعليها "الرحط" المصنوع من قطع من الجلد، ينزعها العريس وهي ترقص أمامه واحدة بعد الأخرى، بينما أصوات الزغاريد تعلو وتعلو. لا يقام "قطع الرحط" عند الرباطاب أمام الرجال (ربما لأن رجال الرباطاب لا يجيدون الرقص (العرضة) إلا على أصوات الربابة). بعد "قطع الرحط" تبقى العروس مع والدتها لمدة أسبوع كامل. (سجل الكاتب هنا مقارنات مطولة عن العادات والتقاليد الخاصة بالزواج وما بعد قطع الرحط في مناطق مختلفة من السودان). تقضي بعد ذلك العروس ليلة مع عريسها، وليلة مع أمها بالتناوب، لمدة 40 يوما متتالية. لا يجب أن تدع العروس جيرانها أو أقاربها يسمعونها تتحدث مع زوجها إطلاقا أثناء هذه الفترة. كذلك يجب على العريس عدم مغادرة البيت لأي سبب سوى للذهاب للخلاء، وليس خلال الساعة التي تسبق الشروق، أو تلك التي تعقب المغيب (ويسمون تلك الفترة  "الحمارين")، وهي الساعات التي يدقون فيها الطبول لطرد الجن. يتم تدليك العروس بالدهن طوال هذه الأيام الأربعين صباحا ومساء، وعندما تغادر العروس دارها بعد هذه الأيام الأربعين، تبدو ملابس العروس وكأنها كانت معطونة في الدهن السائل، ويمكن لرجل قوي أن "يعصر" هذه الملابس لتقطر دهنا كثيرا. يعد هذا دليل ثراء وكرم أسرة العروس. كذلك تبخر العروس صباح مساء بحطب الطلح حتى يتفسخ جلدها، وتبدو مصفرة (حتى وإن كانت سمراء). يتم أيضا  وشم (أو"دق") شفة العروس السفلى ولثتها العليا حتى تبدو خضراء اللون. بعد الأربعين يوما تبدأ العروس في الحديث مع عريسها (ولن تسكت بعد ذلك إلى أن تلقى وجه الله. المترجم)، ولكن ليس قبل أن تنال "رضوة التكلم"، وهي "هدية" تعطي لها لتباشر الحديث مع زوجها. تعطي العروس هذه الهدية لوالدتها لتسمح لها ببدء الحديث مع الزوج. يمكن من بعد ذلك للعريس نظريا- أن يأخذ زوجته، ويستقل بحياته، ولكن عمليا تظل العروس في بيت أهلها لمدة عام تقريبا قبل أن تذهب مع زوجها.
3/ واجبات الزوج وأهل زوجته:  ينبغي على المرأة أن تتحاشى – ما أمكنها ذلك- مقابلة زوج بنتها أو الاختلاط به في أي محفل اجتماعي أو في مركب أو في الطريق، وأن لا تتحدث عنه بسوء، أو تنشر بين الناس خبر أي مكروه يصيبه، بل على العكس، فهي تشيد به دوما أمام الناس، وتأمر بنتها بطاعته (مخافة أن يتزوج عليها، وهو أمر عند الرباطاب معيب، ويعادل الخيانة الزوجية). ينبغي أيضا على المرأة أيضا المساعدة في تربية عيال بنتها دون انتظار مقابل. من الناحية الأخرى يجب على الرجل أن يظهر لوالدة زوجه كامل الاحترام، وأن لا ينظر ا إليها في عينيها، ولا يحدثها إلا عبر وسيط، ولا يأكل معها أو مع أبيها من صحن واحد، وأن لا يركب دابة أمامها.
4/ الحمل والولادة: عندما تحبل المرأة، يجب على زوجها أن يعمل كامل جهده لإحضار جميع ما تشتهيه من طعام وعطور وغير ذلك، وإن تخلف عن تلبية أي من طلباتها (حتى وإن بدت غريبة)، فسيأتي الطفل وفي جسده شامة، أو قد تجهض المرأة، فيلام الرجل على إهماله لمطالب زوجته.
عند بدء الطلق، يعلق حبل من سقف البيت، وتبرك المرأة وهي ممسكة بالحبل، ويسندها من الجانبين إمرأتان، بينما تجلس القابلة أمامها لتقوم بعملية التوليد. يجب على المرأة الرباطابية أن لا تصرخ أو تبدي الجزع، حتى وإن كانت تلك هي الولادة الأولى لها. بعد الولادة تحرص القابلة على دفن المشيمة "التبيعة" إما في حوش الدار أو قريبا منه. بعد الولادة مباشرة يقدم للمرأة كوب من السمن الصافي لتشربه، وترفع إلى عنقريب، حيث ستظل راقدة لمدة 40 يوما كاملة. عند قطع صرة (سرة) المولود، يعطي الزوج القابلة هدية معتبرة، ويتحدث الناس بأن صرة المولود قد دفع فيها كذا وكذا. في صباح يوم الولادة ينحر خروف يسمى "الحرارة"، والقصد هو تمني أن تمتلئ بطن المرأة باللحم والدهن. يعطى للقابلة من الذبيحة الفخذ والرأس والجلد. تقام بعد ذلك وليمة طعام للنساء فقط، ومن المعيب أن يطعم الرجال من تلك الوليمة شيئا. لا يقرب الرجل من امرأته إلا بعد 60 يوما من الولادة.
5/ تسمية المولود وحلاقة شعره: عند بلوغ المولود اليوم السابع، يذبح كبش كبير، ولكن – وخلافا للتعاليم الدينية- لا يوزع الرباطاب لحم ذلك الكبش على الجيران، بل يقيمون به مأدبة تشبه مأدبة العرس. عادة ما يطلق على المولود اسم شخص من العظماء، سواء من الأحياء أو الأموات، تيمنا به. إن كان ذلك الشخص من الأحياء، فيجب عليه أن يرسل هدية لائقة لوالد الطفل. إما إن كان حدوث الحمل بسبب دعاء من فكي أو دعوة من رجل صالح، فعادة ما يسمي المولود باسمه. لا يحلق شعر المولود حتى تدفع كل الهدايا والنذور للرجل الصالح أو الفكي. يعطى من يحلق شعر المولود رغيفا كبيرا، أو يعطى من لحم سخلة تذبح بهذه المناسبة. كثيرا ما يترك "قنبور" (أو عرف) من الشعر في منتصف رأس المولود، إلى أن تتم عملية دفع كامل "مستحقات" الفكي أو الرجل الصالح. ويسود الاعتقاد بأن المولود سيموت إن لم يترك هذا "القنبور".
يعالج الطبيب الشعبي الرباطابي آلام التسنين عند الطفل، إما بحفر اللثة أو بكي منطقة أسفل الظهر بالنار.
6/ الشلوخ: الشلوخ (وهي آثار قطع بالموسى على خدي  الطفل). عند الرباطاب (والجعليين) تكون الشلوخ رأسية، ولكن شلوخ الرباطاب عادة ما تكون أعرض وأكثر تقاربا مما هو عند الجعليين. تعد الشلوخ العراض عند نساء الرباطاب مظهرا جماليا. دخلت حديثا (في أو قبل 1918م. المترجم) أشكال جديدة للشلوخ، مثل "سلم الشيخ الطيب"، وهي تشبه الحرف الإنجليزي اتش، أو مطارق ود بدر، وهي تشبه الحرف الإنجليزي تي، أو درب الطير (لرؤية أشكال الشلوخ المختلفة يكمن الإطلاع على كتاب البروفسور يوسف فضل المعنون: الشلوخ).
7/ الختان: يمارس الختان (الطهارة) عند الأولاد بين عمر 14 و16 عاما. يقام حفل ومأدبة في هذه المناسبة. يتوقع من الصبي الرباطابي أن يرفع رأسه عاليا، والطهار يقطع بالموسى غلفته (قلفته)، والجميع حوله يصيحون به" ابشر"، فيرد عليهم بالقول "أنا باشر". إن بدا عليه التأثر، أو طأطأ رأسه، أو لم يرد على "المبشرين" فسيعد جبانا، وسيلحق العار بنفسه وبعائلته وعشيرته أجمعين. بعد الطهارة يتناول سيفا ويهز به على من حوله. ينظف الجرح بعد 3 أيام بالماء الحار، وقد ينثر عليه مسحوق من أوراق النخيل الجافة المحروقة. إن بدا من المختون أي أثر للألم من تلك العملية فسيعيره الأطفال لسنوات طويلة.
تختن البنات دون حفل أو ولائم، ويعاب على البنت إبداء أي مظهر للألم عند الختان.
8/ الجنازات: يبالغ الرباطاب في مظاهر الحزن على الميت، فتمزق النساء شعورهن ويشققن ملابسهن. ينبغي على من يزور بيت العزاء أو "الفراش" (والذي يستمر لثلاثة أيام) أن يظهر مظاهر الحزن الشديد على الميت، والبكاء بصوت عالي (وكأنه قريبه)، وإلا سيقاطع. تقدم كثير من النذور لروح الميت بعد يومين أو ثلاثة، إيمانا بأن ثوابها سيصل للميت. بعد أيام "الفراش" يتفرق الناس عائدين لمنازلهم، ويبقي الأقربون لتلقي العزاء ممن يأتي متأخرا، أو من مكان بعيد. يعد من العار أن تظهر الأرملة حزنها الشديد على زوجها المتوفى.
ككثير من العرب، يقدم الرباطاب هدايا ونذور من اللحم وأنواع الطعام الأخرى لروح الميت في أيام الخميس في كل رمضان.  
نقلا عن "الأحداث"    
badreldin ali [alibadreldin@hotmail.com]

 

آراء