مصر … آخر الفراعنة !

 


 

 




هل يكون حسنى مبارك هو آخر الفراعنة الذين تداولوا الحكم فى مصر على مر قرون طوال ؟ فراعنة تباينت سحناتهم وأعراقهم والقابهم من (موحد القطرين) الى (إبن الشمس) الى (الحاكم بأمر الله) الى (الخديوى) و(جلالة الملك) ثم (القائد الملهم) ومن بعده (الرئيس المؤمن بطل الحرب والسلام) وأخيراً (مبارك  صانع التاريخ ) على رأى مفيد فوزى . ويبدو أن الإستثناء الوحيد فى هذه المنظومة الباطشة هو محمد نجيب أول رئيس لمجلس قيادة ثورة يوليو 52 وأول رئيس للجمهورية الذى أراد أن يعيد الحياة النيابية عقب الثورة فلم يقف معه من أعضاء مجلس الثورة سوى خالد محى الدين الوجه اليسارى فى المجلس فخرج الإثنان معاً .
قبل يومين توجهت الملايين من أبناء الشعب المصرى ولأول مرة منذ عدة قرون لإنتخاب رئيسهم القادم ، فما هو مستقبل الديمقراطية فى مصر وهل من أمل لإستدامتها وتطورها ؟ من المؤكد أن مسار الرئيس القادم أياً كان سيظل ممتلئاً بالأشواك إن لم نقل الألغام فهو رئيس مكتوف اليدين بلا دستور ، وإن جاء من خارج توجهات الإسلام السياسى سيواجه برلماناً مناكفاً يسيطر عليه الإسلاميون مما يزيد من تكبيله ، وفوق هذا أمامه جبال من الأزمات الخانقة من بينها الأزمة الإقتصادية وتحديات إستعادة الأمن ومستقبل إتفاقية السلام مع إسرائيل والجدل ما بين دستور مدنى ودستور إسلامى وتقنين وضع المؤسسة العسكرية  بجانب المشى على الحبال فى العلاقات الدولية . ولعل غياب الدستور يشكل أبرز ملمح للتعقيد فى هذا المسار الشائك فحتى الآن مازال مستقبل تشكيل الحكومة والجهاز التنفيذى غامضاً بعد الفراغ من إنتخاب الرئيس ... هل تشكيلها من صلاحيات الرئيس الفائز أم هى حق مكفول للكتل البرلمانية المسيطرة على البرلمان ؟ ولعل هذا ما دفع المجلس العسكرى الحاكم ليضغط بإتجاه إقرار مرسوم دستورى تكميلى يسد هذه الثغرة وربما يتيح للمؤسسة العسكرية دور الشريك فى المؤسسات الدستورية الحاكمة أسوة بما كان يمارسه الجيش التركى فى الحياة السياسية خلال السنوات الماضية .
وبالنظر الى الهوية السياسية للمرشحين هناك ثلاثة تيارات تتصارع فى هذه الإنتخابات ، فهناك التيار الإسلامى (عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسى والمفكر سليم العوا) والتيار الليبرالى (عمرو موسى وأحمد شفيق) بجانب التيار اليسارى (حمدين صباحى وأبو العز الحريرى وخالد على) وقد تراوحت نسبة التصويت فى اليوم الأول مابين 20 الى 30 % ، ويرى بعض المحللين أنه كلما قلت نسبة التصويت تزايدت فرص الفوز للمرشحين المدعومين بواسطة تيارات وكيانات حزبية متماسكة ونشطة مثل جماعة الأخوان المسلمين ومرشحها محمد مرسى وكذلك أجهزة الحزب الوطنى المنحل ومرشحها أحمد شفيق ، فى حين أن تزايد نسبة التصويت يتيح فرصاً أفضل لغير المسنودين حزبياً مثل عمرو موسى وعبد المنعم ابو الفتوح وحمدين صباحى . ومن المرجح أن يتعذر حسم الإنتخابات من الجولة الأولى لصعوبة حصول أى من المرشحين الثلاثة عشر على نسبة تفوق الـ 50 % مما يتطلب الذهاب الى جولة ثانية بين الإثنين الأوائل .
لى صديق من قبيلة الماركسيين ظل يقول طوال السنوات والعقود الماضية إن الفرق بين الشعب السودانى والشعب المصرى هو أن الأول فيه نزعة البداوة بحكم حرفة الرعى التى يمارسها معظم السودانيين لذا هو يجنح للثورات والإنتفاضات ولا يستكين للقهر السياسى بينما جموع الشعب المصرى هم أبناء حرفة الفلاحة والزراعة وهى نشاط إقتصادى يفرض إستكانة مزمنة للظلم السياسى والإجتماعى .... ترى ماذا يقول صديقنا الماركسى اليوم بعد أن تبدلت الأدوار ؟!

fadil awadala [fadilview@yahoo.com]

 

آراء