الانقاذ والمحشورون فى الترلة
عرضحال الى البلد
لو كنت من جوقة الانقاذ وناصحيها ، لنصحتها ان تتفكر جيدا فى معنى ومغزى موقف بعض ركاب الترلة الانقاذية التى ظلت تنؤ بحملها الثقيل من ركاب الضرورة الذين حشدتهم الانقاذ فى ترلتها القاصدة واطلقت عليهم صفة الحلفاء من باب المباهاة والمكر والخديعة حتى يقال ان الانقاذ هى حلف قوى ضارب يجمع ولا يفرق مثل حلف الحلفاء الذى هزم جنون هتلر وموسيلينى . كان ذلك هو مفهوم أهل الانقاذ وقصدهم . أما ركاب المقطورة المحشورين فى مقاعدها الخلفية ، فقد كان قصدهم ابسط. فقد قبلوا من الغنيمة بالاياب ، ونسوا أمسهم القريب . ونسوا معه حكاية سلم تسلم ، التى انخدع بها حتى صديقى محمد المكى ابراهيم ، الشاعر المضروب بجنون الابداع، فاضاف من عنده " سلم و ما بتسلم". هؤلاء الركاب النهازون الذين تلتقط آذانهم رنة القرش فى المريخ على وصف صديقى المكى عرفوا ان الانقاذ تتهتك لكى تجد رديفا يناصرها وينصرها بأى شكل من الاشكال . وعرفوا ايضا ان خزائنها قد امتلأت حتى فاضت بأموال البترودولار الجنوبية ، فاقبلوا نحو الانقاذ مهرولين طمعا فى ذهب معز زماننا هذا ، وتقية من سبفه . هؤلاء النهازون لم تفتهم ولا مرة واحدة سانحة من سوانح الخم و اللم فى تاريخهم الطويل، بدءا بزمن عريضة "كرام المواطنين" ، و مرورا بزمن مقولة "الشريك الخفى" فى مفاوضات نيفاشا ، التى نفشت ريش الوطن ، وريش الشريك الخفى نفسه ، الذى بان له اخبرا جدا أنه كان شريكا مغيبا و " ما شافش حاجة ، ولا علم بحاجة ، ولم يستبن أيتها حاجة حتى ضحى الغد . اعرف ان نظام الانقاذ ليس بالبلاهة التى تجعله لا يدرك معنى الهرولة والجرولة و الانسحاب غير المتماسك من قلب العاصمة المضطربة بلغة العسكر بسبب هبة الشباب الذين حرقتهم المحروقات . الانقاذ عرفت الآن أن من يتغطى بالبشر النهازين هو فى حقيقة أمره عريان عريان ثم عريان . الانقاذ عرفت وتعرف من التاريخ القديم أن هذا النوع من البشر ، لا يستطيع أن يركز ساعة من نهار. فهم أهل علم ودراية بطبيعة الحال. و لا بد أنهم لا حظوا باحتقار كيف لملم هؤلاء النهازين أغراضهم فى عجالة وفى سرية تامة ثم انقشعوا خفافا خوفا من أن يسفر صبح المعركة ويجدهم فى قلبها حيث لا فرار و لا نجاة . لقد انقشعوا خفافا. وتركوا من خلفهم ما كشف المزيد من عوراتهم وضعفهم المعروف والمستتر . مثل آل البوربون الذين حدثنا عنهم التاريخ كانوا فى هرولتهم خارجين . قالوا كل شئ . ولم يقولوا أى شئ . تركوا جميع الابواب مواربة . الا باب النزول من ترلة الانقاذ. هم باقون فى مؤخرة الترلة فى منزلة من منزلتين تقول أنهم لا فى عير السلطة ولا فى نفيرها . إنهم مجرد كومبارس نهاز للفرص متى وجدوا مرعى خصيب ارتعوا إبلهم وأنفسهم . فى بادئ الأمر عرفوا ان الانقاذ قوية بضعف معارضيها ، فتهيبوها ثم انضموا الى الصفوف المعارضة تحت الحاح قوى خارجية لها دالة كببيرة عليهم . ثم ضعفت الانقاذ وصارت محتاجة لأنيس وجليس ناعم بصفة حليف لا يلاطع ، و يداور، و لا يفاجج ، و يقبض المقسوم شاكرا ومقدرا. وقد كانوا هم ، و لا احد غيرهم ، هو ذلك الأنيس المطلوب . ولكنهم أقبلوا على الانقاذ بذكائهم الفطرى فى علم الانتهاز : أن لا يكونوا حضورا اذا وقعت الواقعة فى الخرطوم . ألا يكونوا بمثل غباء غردون ، عظيم الانجليز ، الذى تأخر كثيرا حتى هبت عاصفة أبو قرجة ، أمير البرين والبحرين ، فاقتلعته فذهب كأنه لم يكن شيئا فى الأمس القريب. إنهم أهل وصايا محفوظة . ولن يقعوا فى خطأ غردون القاتل. إنهم بطبيعتهم لا يدخلون اياديهم فى الفتة الحارة عملا بوصية الأب الكبير ، ووصايا الآباء والأجداد هى دائما فوق الرؤوس والهامات والاكتاف. لقد انقشعوا عن طريق العاصفة المحدقة الى حين ، حتى يتبين لهم الخيط الاسود من الخيط الابيض. وروجوا خبارا خادعة زعمت ان الراكب الكبير قد اتخذا قرارا بالتدلى من الترلة الآثمة ليريح نفسه من الحرج الدائم الذى يسببه لنفسه ولجماعته بالسكوت الممنهج حتى والبلاد تغلى كالمرجل 0وحتى و الشباب السودانى الغاضب يفجر ثورة فى الشارع العريض لأن الجوع الكافر عضّ امعاءه الغليظة والدقيقة. ولكن شئيا من هذه المزاعم لم يحدث . فالريح لا يأخذ شيئا من بلاط الزعماء المراجيح ، الذين ولت الازمان من حولهم وبقوا هم مثل تقالة التاريخ . وعود على بدء : اقول لو كنت ناصحا اهل الانقاذ بخير لنصحت لهم بكنس هؤلاء المراكبية من مقطورتهم اليوم وليس غدا . فهذا يفيدكم ، ويفيدنا برفع الغيظ الذى يسببه لنا هؤلاء المراجيح
Ali Ibrahim [alihamadibrahim@gmail.com]
//////////