نفحات الدرت: بين وطن يتردى وغربة تتهدى (3) .. يكتبها: د. الوليد ادم مادبو

 


 

 



نفحات الدرت:
بين وطن يتردى وغربة تتهدى
(3)
يكتبها الوليد ادم مادبو


Drawing by Susan Olmetti

(1)
أجمل القبلات ما تقابلت فيها المعاني
قبل الأماني
ما التاع القلب    إلاَ نبض الحس وشاع

(2)

ترقب النَهَر
هي في مدار القمر
تمَّلى من خاصرتها
قبل المد وبعد الجَزَرَ

(3)

في إنثنائتها دهاء
في نظرتها غور وجلاء
لماها آلم، مشيتها نغم، انفها فيه كبرياء وشمم
قالت: انت غريب عن هذه الديار
قلت: ولمَ؟
قالت: عمامتك، جلبابك،
عبارتك، رزانتك والحمى
قلت: بل هم الغرباء!

رجعت لها بعد يوم،
وليلة لم اهجع فيها إلاً قليلا
قالت: كيف حالك؟
قلت: حالي حال من يغالب الشوق والعناء
قالت: فيما التشوف، ولم التعوف والإباء؟
....................................
قلت: عقد بالأمس أضاءت سواميته جيدك والبهاء.
قالت: استحممت ليلا وأفتقدته فجرا
قلت: ليتني كنت قبل الغسل ماء
قالت: ضمني إليك ودع الغلواء
قلت: لا يسود القوم نجل خان الميثاق
ولم يعن بالوفاء.

(4)

شارة عيب أعمق دلالة من كلمة حرام، لوكان يعلمون!

(5)

اتصلت مهنئاً إياها بعيد الميلاد
قالت: اسرَّك أني بلغت الخمسين؟
قلت: بل هالني النضج وراعني
أنك بعد خمس تتوحدين،
جمال واقتدار ، حلم وازدهار
وعرفان في القلب غار
............................
ما هديتك إلى؟ قلت:
خمسين لابسين الدروع
وخمسين شايلين الشموع
ننشدك الموشحات
هنَّ الملهمات
فيهن دعوات من الله مباركات
قالت: سررت خاطري
وأجليت ناظري،
اين الألاء المرصعات؟
....................
ضحكنا افترقنا علي
قولها باي باي
باي باي يا ولاض امي
قطعت حشاي
وانذرتني من الآي اي
.............................
فارقتها ولم تزل في القلب لوعة،
بل لوعات،
رجعت فتشت أل بسنس كارت
لم اجده.قلت لعل الترحال أضاعه
ولربما مذقته أم الأولاد!

(6)

كان في حاشية ملك من الملوك الأوروبيين، لعلهم الفرنسيين، أحد النبلاء السود.
خرجا ذات يوم في رحلة صيد، وعند رجوعهما بشرته الخادمة بمولد طفل جميل.

هرع إلى زوجته مهنئا
راعه أن الطفل أسود،

نظر إلى أفراد الحاشية
قاطعته الداية: لعل ذاك الفارس قد نظر إلى زوجتك نظرة حانية،
وهي حبلى
تبسم وأنصرف!

(7)

هل تعلم أنيورب (Europe) اسم لملكة من ملكات افريقيا؟

كان الاسود وكانت حضارته،
وما زالت مصدر إلهام للبشرية
تنكروا له، جحدوا فضله،
اقتادوه في السلاسل
كيما يقننوا هرمية عرقية

عرجوا على تمثاله، جدعوا آنفه آنفين
ابقوا على زنده طامعين
جاءوا بعد ذلك واعظين
عن حقوق الإنسان متكلمين
تبعهم المرجفون، المغرضون والقالون
لم ينتبهوا إلا وقد استحالت
دولتهم إلى رماد
ومجتمعاتهم إلى شتات

(8)

للإمبريالية أجندة تفتيتيه
طبقها الأفندية
كل باء بوزره    ألا القائد الملهم
فقد رُفعت بشأنه قضية
وادخرت أمواله في حساب
إلى حين تلقيه أوامر بالانصراف
أو ينوؤوا فيتحفظوا على غلالته
لعله يموت سجناً
أو يتلقى الموت الذؤاب

(9)

في"خريف البطريك" كتب
غارسيا ماركيز عن
ديكتاتور
ظل الشعب يتحاشى توجيه اللوم اليه
في كل ما حل به من المصائب،
بل يتنهد افراده من أعماقهم في كل مرة يسمعون فيها عن عمل وحشي جديد
قائلين "آه لو ان الجنرال يعلم!"

(10)

أمر ملك الموت
ان يقبض روحه في السماء
تعجب لكنه أمتثل

برهة يرفع إلى الدرجات العلا
إكراما، فإنه أول من كتب بالقلم
إدريس كان نوبيا
عاش في أرض السود

جئنا نبحث عن مسبحته
هالنا ان قد اغرقوا معبده
سألنا عما جمعوا من اغراضه
ابلغنا انهم قد سرقوا عصاته

قال الحارس في المتحف
ان المنسأة تضئ ليلا
ما بين الاراضين والسماوات
قلنا: كفكف انهم ان يسمعوك
يثبتوك او يقتلوك او يخرجوك
ولم،
قلنا: انهم قوم
ينكرون الكرامات
لماذا اّذاً يقطنون الوادي؟

قبل ان تكون "توحيدية"
حضارتنا كانت روحية
كنا نتواصل دونما تبرم
مع السماوات
كانت لنا لمات وحضرات
بل ومنجزات علي الارض باهرات
وذلك قبل ان يتكالبوا علينا
ويخرجونا من منتدي الحضارات
اليوم نسأله رب البريات
ان ينجينا من هذه الآفات
يولينا المهمات: نصرة الضعيف
ومحو الآهات

صعق البرق وأضأت الغرفة
فرأينا العصاة ملقاه
والملفحة مسجاه
هرعنا للامساك بها آملين متوسلين:
رحماك يا مولاي ...................
سُترتم وعُفيتم رجاي
لا تتبعوا بعد اليوم أعداي
من أساء الي اسلافكم
ولم يرغب في الخيرلاي

إدريس كان نوبيا
عاش في أرض السود
ادريس كان زنجيا يصطاد الحوت
لطيبتنا وجميل سجيتنا
(نحن احفاده)
يأنف أن يأكل اجسادنا الدود

(11)

صديق ام بدا، اقتصادي ضليع،
صحبي من آبائي
حُبس في عز عطائه لأنه
لا بحابي ولا بزازي

قال لي يوماً:
السودان هو البلد الوحيد الذي يزداد فيه عدد البنوك اطرادا مععدد الفقراء.
قلت له:
ما هي البنوك عملوها لسرقة أموال الفقراء.

أو لم تسمع بقصة أحد الإعلاميين "النابهين" الذين أقرضهم بنك فيصل الإسلامي مالاً،
عوض عن استثماره اشترى به شقتين وسجلهما بأسماء بناته.
ذهب إلى جهة سيادية، اعفته عن المساءلة القضائية
..............................
ولذا فهو يلعلع هذه الايام
وينافح عن المعسرين
هؤلاء ليسو معسرين
هؤلاء سرقة مارقين
نحن نعلم من المعسرين
علي ايام )سيتي بانك( كانت
نسبتهم لا تتجاوز العشرة
وهي اليوم في مناحي التسعين
انسوا ان ذلك مال المساكين
ام انكروا ان لهؤلاء رب
هو بهم ضنين  

(12)

شجاعة جَدِّي وجدك حمية
شجاعة عبدالخالق إيمانا بقضيه
شجاعة محمود مزية، وسجية وحكمة مروية
قال الاله: من أحدث تواصلا بين عقلة وقلبه
أجلسته في فناء القدسية!

(13)

الكتابة إنابة من حيث أنها رجوع من الذات إلى الذات وبالذات

(14)

عمكم الناظر اليوم بغيرو ............
باخدمحفضتووبندقيتو
دخل الحرامي (الفحل) كوزي الناظر
جمع كل ما قدبه نذر

هم بالخروج،
بحث عن الباب لم يجده
حاس ولاص
لكنه لم يهتد الي سبيل    
أوجس في نفسه خيفه
رجع الأغراض وانصرف

قابلو الصباح .........
قاليهو يا وليدي
براعيكودرت الباب
طلب السماح، تاب وأناب


قاليهو: يا وليدي انا بقرا يس
قبل النوم اربعين

قالوا: الما بخاف الله خافو
والبخاف الله بخوف منه

(15)

باديتنا كان يسوسها أولياء
واليوم يسوسها سفهاء
يلبسون الحق بالباطل
يأكلون الرشا
ولا يرقبون في الشرع جلاء

استخدمهم المركز للتفتيت، للقتل وللتشريد
اشقاهمرجل استعان باهل أمه
على قتل اهل ابيه
احراهم من قنع بخدمة السادة
ولبس الأفك قلادة
سنجليهم عن ارضنا      سنعفيهم من ارثنا
سنمحوا اثمهم من صفحاتنا
بحق من رقدوا الحميضاية
ومن اتخذوا العدل وقاية

(16)
الصينية رمز  التكافل في حياتنا اليومية
تربعت فاستطالت
فاستحالتإلى رقة قطبية

اذا حضرها واحد غاب عنها الاخر
لا عجب أنها لم تعد
حرما لتلقي التوجيهات التربوية

(17)

رحم الله الاشتراكية
فقد وئدت في وقت كانت أحوج
ما تكون إليها البشرية

(18)
ما بين تسيس السماوي
ومحاولة التسامي
فوق ما هو ارضى
هوة عميقة
يقع فيها الاشقياء
قبل الجهلاء

(19)

شايب دقنودايرة
طاوي عميه، ولابس بقارية
جاكي جلكايتو في التراب
وغازي في الركاب فِسية حدية

تهيبت الوصول اليه الصحفية
اصطحبت احد عيال المنطقة الشرقية
قالت له: يا عمي رأيك في المهرجان شنو،
بالاخص الفقرة الغنائية

قال ليها: يا بنيتي
عيال مصطفى التتين
الله ما شناهم
عشة الفلاتيةوالعب ولداود
غضب الله عليهم

(قمة الانبساطة!)

(20)

نحن مهددون: هوية وبدا
يفتقر الواحد منا بموت قطيعه
يلجأ إلى المدينة
يتعلم صلواتها وآذانها
ينآي عن ثقافتها ويضجر
خيار صعب بين المؤونة والانتماء


(21)

كدت اختنق
كادت أنفاسي تحتبس
وأنا أطالع رواية الطنطورية
بلغت موضعا اضطررت فيه للخروج
كي استنشق الهواء

فكرت الجدة فيما يمكن ان تهديه لرقية
مدت يدها إلى صدرها
تلمست المفتاح،
رفعت الحبل عن رقبتها

"مفتاح درانا يا حسن،
هديتي إلى رقية الصغيرة!"

(22)

بيت العائلة له دلالة رمزية
تستحيل إلى قيمة معنوية
إذا كان أفرادها متآلفين
وقد يكونوا احيانامتشاكسين
لكنهم متسامحين

الحس والمعني:
يتلَاحان، يتشاجران،
متما افترقا ينتفيان!

(23)

الحوت ؟؟؟
..................................
عجزك عن فهم الظاهرة لا يلغيها
لو تفكرت لادركت
أن الكون يشهق ويزفر
بأنفاس المحبين
موسيقاهم لحن من الحان السماء
أوتار من القلب تدلت
اناشيد بالوجد تجلت
اسارير بالحزن تحلت

يا مبعث الروح و يا محيا الجسد
هل يقوى الفاني على تحمل الباقي؟

(24)

أكرم الله امرأة بالولاية
وارشدها سبل الهداية
فكان لها أحباب يتبعونها،
ضيوف يتكالبون عليها وطلاب

فيما هي تتنزه يوماً
رأت رجلا اندلسيا
سلمت عليه وابتسمت
لم تنتبه إلا وقد اغار عليها
الحصن دونما جند ينشدونه
ولا مريدون ينفون نارها والتكاب

إشترط عليها التنصر فامتثلت،

ولبس الصليب
قالت: دعني حتى استشير الاصحاب!

قالا: زينة لنا، تحسساً
وحراسة من الاغراب

جمع الله بينهما على سنن
تواردت وشرائع تتابعت
مكثا دهراً يتلوعان      مضيا شهرا يتمنعان

ما إن انطفأت الشموع وافتقد موقع الطبل حتى استحال المحراب إلى منصة لحب الاخر وجال في النفس خاطر:
لا يقتحم العقبة
إلا من كانت له في الله رغبة

(25)

سألت ربها بالود القديم
والفضل المبين
أن يجنبها درك المتكلفين
أجيبت ................
أنت في الحسن آية
تجملي، تبسطي، ترفقي
فلن تضرك الجناية

(26)

كانت هذه محاولة لعقلنة قضايا المرأة من منظور ميثولوجي وكوني ينآي بها عن التصورات العقائدية التي جعلت المرأة قرينة الشر.

اليسالظلمة مصدر للنور وأساس للرحمة اللتان جسدتهما الاكوان والرحم؟

عز من قائل"يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث"
(الزمر:6)

(27)

الاصطبار الاصطبار .............
ان الزمان اجمله ينتظرنا
ريثما ندع المراء
ونولي ظهرنا الاغيار

(28)

بمنازلتهم الطاغوت ودك حصونه
الثوار يمحون عنا العار
باتباعهم الهوي ورصد مجونه
منهم من يجلبون لنا الشنار

قلت لوالدي:
ما ينبغي ان تعقد راية للحرب فنتخلف عنها
قال لي:
يا بني لقد اكرمني الشعب اذ جعلني وزيرا لدفاعه وانا لم اتجاوز بعد الثلاثين،اتخالني احمل البندقية علي الجندي الذي حياني وانا اناهز الثمانين.
قلت: الجند غير الجند والقادة غير القادة
قال: اعرف ذلك، مختلفين، متحاربين، متخاصمين، لكنهم سودانيين ولابد لهم من اوبة. فقد خبرتهم متسامحين وفي الاوطان راغبين.

ادركت ان القوم اجالونا
بتقوانا وليس بتقواهم
(او كما قال ابا الحسنين)

(29)

الجماعة بتاعين الركشات
عندهم أحيانا كفشات
نبهني ولدى إلى إحدى مكتوباتهم:
"أنا حايم والجلابي نايم"

قلت له: (الجلابي) له أسس مهنية يحتكم إليها وإن كانت أحيانا غير عادلة،
أما (الجابي) فيعتمد الضرر والضرار لنيل مكسبه وتحقيق مقصده.

قال لي (بكل لماضه):
انشاء الله تقدر
تقنع سائق الركشة بذلك
يا دكتور!

(30)

ينتابني إحساس عميق هذه الأيام بانقضاء حقبة الطيبين الذين ماتوا دون أن ينتبه احد إلى دورهم في تشييد اركان الفضيلة.

مضى جيل هو
مزيج من الحداثة والتقليد
من البساطة والعمق
من الكبرياء وحسن الخلق
هو وفرة من الحاضر
وندرة في التاريخ
هو ومضة
لعمري هو عِبرة وعَبْرة

كيف لنا ان نتحمل هذا الارث
أو اننقوي على أدائه ؟
auwaab@gmail.com
//////////

 

آراء