*أساطير صغيرة
يحكى أن من المعروف أن مرض السرطان يعد من أخطر الأمراض التي تواجه الإنسان في هذا العصر، وأكثرها تحديا للأطباء والعلماء؛ فهو المرض القاتل المتفشي الذي لم تتوفر له وسائل علاجية حتى الآن؛ وبحسب "ويكيبيديا" فإن السرطان يعرف كالتالي: "هو مجموعة من الأمراض التي تتميز خلاياها بالعدائية Aggressive (وهو النمو والانقسام من غير حدود)، وقدرة هذه الخلايا المنقسمة على غزو Invasion أنسجة مجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية نطلق عليها اسم النقيلة. وهذه القدرات هي صفات الورم الخبيث على عكس الورم الحميد، والذي يتميز بنمو محدد وعدم القدرة على الغزو وليس لهُ القدرة على الانتقال أو النقلية. كما يمكن تطور الورم الحميد إلى سرطان خبيث في بعض الأحيان". إذن هو ورم خبيث عدائي، يسكن أجسادنا!
قال الراوي: لكن بصراحة السرطان كعلة مرضية تصيب الأبدان لا يعنينا هنا كثيرا، إلا بالقدر الذي يجعله مدخلا لكي نتحدث عن أنواع سرطانية أخرى نطلق عليها إجرائيا مصطلح (السرطانات البشرية)؛ وهي مجموعة أورام اجتماعية – تاريخية تتشكل داخل الجسم البشري وتفعل فعل السرطان المرضي من (الانتهازية) و(العدائية) و(التدميرية)، وهي للأسف مستفحلة ومزمنة وذات تكرار (غبي) قد يعرض البشرية بأجمعها للتورم المرضي الذي يقود إلى فساد الجسد وتلاشيه ومواته!
قال الراوي: والسرطانات البشرية الفتاكة في صورها الأولية تجدها نابتة وناشبة في جسد (المجتمع) متشكلة في صور (ورمية) متنوعة ومتعددة، تبدأ صغيرة وهينة ورخوة ثم تأخذ في التضخم والتمدد في شكل فساد مجتمعي ينخر في الأخلاق والقيم ويدمر السلوك ويخرب الروح الجمعية ويعزز بداخلها مفاهيم الأنانية والشر والفساد والإفساد.
فال الراوي: بيد أن أشنع وأبشع تمظهرات السرطان البشري، تستبين في حالة القيادة السياسية، أو السلطة السياسية الحاكمة بالتحديد، في حال ارتقائها من حالة ورم سرطان (مضلل) إلى حالة قيادة يفترض فيها الأخذ بيد البشر صوب المراقي والحضارة والاستقرار.. والأمثلة السرطانية البشرية المتورمة خبثا؛ التي هددت تاريخ الإنسان وأوشكت على تدميره وإهلاكه كثيرة ومتعددة ولا تقف عند نموذج هولاكو أو هتلر أو طغاة أفريقيا في القرنين الماضي والحالي.. أورام وأورام!
ختم الراوي؛ قال: مثلما لم يصل الأطباء حتى الآن لعلاج شاف لمرض السرطان، لم تصل البشرية بعد لآلية تجتز بها أورامها السرطانية المفسدة.
استدرك الراوي؛ قال: حاصروا حالات (السرطنة) قبل استفحالها!
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)
منصور الصُويّم
mansourem@hotmail.com