baragnz@gmail.com جاء على لسان أحد قيادات المؤتمر الوطني التصريح التالي: (حذر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، الأحزاب السياسية من القيام بأي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار أثناء الانتخابات المقبلة، مشدداً على الحرص على سلامة الإجراءات لتحقيق أركان العملية الديمقراطية التي تحقق التداول السلمي للسلطة)انتهى المقتبس. الشروق نت 11 يناير 2015. لقد أخذ موضوع الانتخابات من حكومة المؤتمر الوطني كثير من الجهد والوقت والمال وذلك لتزكية استمرار وجودها في السلطة خصوصاً في مواجهة العالم الخارجي، ولكن تجاهل المواطن السوداني لهذه العملية برُمّتها أصبح هاجساً ماثلاً يهدد الزخم الذي يحاول الحزب الحاكم أن يخلقه، خصوصاً مع بوادر مقاطعة متوقعة من قبل القوى السياسية المعارضة. محاولات الحزب الحاكم لإثارة هذا الزخم، لم تتوقف عند إعلان وتكوين مفوضية للانتخابات مختلف على نزاهتها برئاسة الأصم، ولكنه تمثَّل أيضاً في الدعاية الكثيفة التي انتظمت الإعلام الرسمي والتصريحات الهتلرية للأصم حول عدد المسجلين للمشاركة! فقد صرَّحت المفوضية عبر رئيسها أن التسجيل فاق 13 مليون، وهو رقم بخلاف أنه غير منطقي مقارنة بالتعداد السكاني عقب الانفصال، إلا أنه كذلك يؤكد على أن الطعن في نزاهتها، لن يعدو كونه تحصيل حاصل، فإحجام الناس عن التسجيل، لن يجعل القائمين عليها مكتوفي الأيدي أمام الصناديق الفارغة، وفي بالنا وتاريخنا مشاهد "الخج" المعروفة! هناك عبارة أثيرة لكاتب أسفيري في أحد المواقع الإلكترونية الشهيرة وهي(التجاهل..التجاهل..التجاهل)، لا يفتأ يكررها كلما تداخل أحد منسوبي النظام في أي حوار سياسي عبر هذا الموقع، وهي كلمة ذات مغزي يجعلها أكثر حكمة من عبارة (المقاطعة) التي ستصبح غير ذات جدوى في مواجهة الفئة المُتنفِّذة في ظل الظروف الحالية، فالحزب الحاكم وبحرصه على جعل الانتخابات موضوع العام 2015 في السودان، سيهنأ بالمساعدة المجانية التي ستقدمها القوى المعارضة إن هي حاولت أن تجعله موضوعاً لسياساتها ومؤتمراتها الصحفية. الموقف الحقيقي للمؤتمر الوطني والمُتمثِّل في جعل الانتخابات محضورة ومؤثرة، شكّلته تصريحات قيادات المؤتمر الوطني من خلال اللقاءات الجماهيرية، فقد دعا بروفيسور غندور المواطنين في مدينة الدويم خلال الأسبوع المنصرم، إلى المشاركة بفاعلية في الانتخابات القادمة، ثمَّ دبَّج دعوته تلك بالوعود المكرورة حول الالتزام بالتنمية المستدامة والحرص على المشاريع الواعدة، وهي دعوة تتسق مع الميزانية الجاذبة و"الكاذبة" التي أعلنت عنها الحكومة والتي هدفت إلى خفض التضخم وزيادة معدلات الانتاج، ولكن هذا الإعلان لا يتسق مع واقع المواطن المُزري، وتوقف عجلة الانتاج، وانهيار المشاريع الكبيرة، وخروج الفساد عن السيطرة، بل إن شبح رفع الدعم الذي أتى بنتائج كارثية في سبتمبر من العام 2013، يبقى هو المخرج الوحيد للحكومة في أي منعطف أو منحنى اقتصادي، خصوصاً مع استمرار الحروب والنزاعات وتصاعد حدة الحصار الاقتصادي. إن الزج بعبارات نارية في الخطب السياسية لقيادات الحزب الحاكم، هي محاولة لإشعار الناس والقوى المعارضة بجدوى الانتخابات وجديتها وتأثيرها، وإن استجابت القوى المعارضة بأي شكل لهذه المحاولات، فقد تضمن الزخم المطلوب لإنجاح هذا (المشروع الكذوب) وغير المشروع، على المستويين الإجرائي والقانوني، أما إن نهضت القوى المعارضة لاجتراح أساليب مقاطعة مبتكرة وإدارة معركة سمتها انتظام جانب الجماهير المُتجاهلة للعملية الانتخابية في صمت، فقد تضمن الخروج من هذه الملهاة وهي أكثر قدرة على إعادة بناء الثقة بينها والمواطنين. حكومة المؤتمر الوطني وبتهديدها للقوى المعارضة بعدم محاولة نسف الانتخابات تريد أن تقوم ب(تسخينة) على ملعب القوى السياسية المعارضة، فبالرغم من معرفة المؤتمر الوطني والحكومة، لمقدرات الأحزاب السياسية في الداخل وأخلاقيات عملها، والتي تتنافى وزعزعة الاستقرار وتهديد الأمن، إلا أنها تطرح هذه العبارات لحشد الملعب بمشاهدين متنوعين، حتى تؤكد على كسب مباراة الديمقراطية التي تمثل أرض الخصم وحصنه، إذن، والحال كذلك، فعلى القوى المعارضة عدم الاكتفاء بالانسحاب، ولكن كذلك، عليها بتوفير مواصلات قبل العرض، لإخلاء الساحة من أي مشاهدين محتملين.