دلوي في الحوار الوطني (٣): السودان الجديد ، الذي نريد

 


 

 


rafeibashir@gmail.com

    نحن مهتمون ومسكونون ومتفاعلون هذه الأيام ، بأمر عزيز علينا جميعا ، هو تشكيل السودان الجديد بهذا الحوار ، جميل أن يأخذ  السودانيون  الان صلصال الوطن بأيديهم  ليعجنوه بما يشاء الله ، ثم بما يشاؤون ،؛ ليخرجوا منه السودان الجديد ، الحديث ، الحديد  ، وسوف لن يكون السودان بعده كما سيكون قبله بيوم واحد ، لذا تكون المشاركة في الحوار كالذي يسيج صريف بيته حرزا ، ويبنيه عزا ، ويقويه عمادا ،  ويساهم في أن تكون مخرجاته بما يستحق الوطن (السودان)،  سودانا جديدا ، ليس كما يريده اصحاب الاطماع الخارجية او الداخلية ، بل كما يريده كافة الشعب ، الوسط ، الا منتمي الا له ، الشعب الذي صبر تحت تقاطعات الخلاف والشقاق الداخلي والعالمي، حتى اصبح بلده مهيض ، وقاوم رياح الإحتراب  ، وصبر على الخراب ، وساهم في الاعمار مقتطعا من حيبه وجلده ورفاهه ،  حتى آتاه الله حقه الآن في أن يرسم خارطة وطنه  كما يستحق هذا الوطن ،  فإن عقل ووعى ورضى وأخلص النوايا ، وسودن الطوايا ، في هذه المرحلة الدقيقة ،  رسم سودانا معافى عن الشقاق والحروب والتجزئة والالحاد او الشطط في تطبيق الدين  ، رسم سودانا مدني اليد ، اسلامي اللسان ، خلاصي الوجه ، متعدد الأعراق ، وزولا سمح ، زول في هويته ، وزولا في هامته وقامته ، ثم رسم في لوحته  هذه ،  خيمة الهوية  ،  هوية الزول ، تاجا وعزا ،  ووئام وسلام ، فالهوية ظلة نفسية ومعنوية ، لا تحس ولا تؤكل ولا تباع فتشترى ،  ولا تسمن وتغني من جوع ، وهي كل لا يمكن تجزئته ، وطهر  لا يجب تدنيسه  بنواقص النفس وامراض الغرض ، والعلل الاجتماعية ،  وهي انا وانت وهي وهو ونحن ، قوام الزول وهلامه ورسمه ، لا تتحمل التشكيل ، السؤال عنها بدعة ، وتفيتها فتنة ، والانتقاص منها جرم في حق الله ، وحق الناس والوطن ، وهي خيط يربطنا ، رحما وتراحم ، ووطنية ، وصفات وثقافة ، وأديان سماوية متحدة الاطار ، متحدة الهدف والقدسية ، وهي ظلة تظلنا جميعنا كما يظلنا سماء الوطن  ، وتسرى بنا وبيننا وفي دماءنا كمجرى السيل ، إذا حجزته هد ، واذا تركته تحدر على طبيعة الوطن ، وهي جبلة من جبلات الله في الكون والشعوب ، بإختلاف السنتنا والواننا ، و اختلاف ادياننا ، وقبائلنا وصفائح دمائنا، التفضيل بيننا فيها بالتقوى ، والعطاء وبذل الخير للناس.

    ثم  رسم وجها خلاسي  السحنة ، عربي الكيان،  نوبي البنان، أفريقي الجنان ، متعدد الألوان و لغة البيان ، كما خلقه الله ، سودانوي الثقافة ، سودان ، زول ، زول في طبائعه ،  زول في نخوته وسمعته وكرامته ، ووجدانه ، وفي ماركته وعلامته الإنسانية بين الشعوب ، متفرد ببراءته ،(فوزي أوزي) القلب ،  مهدي النصال ، غاندي الوصال ، مانديلي النضال ، صوفي التزهد ، سلفي التعبد ، أخواني الحراك ، علماني التجريب والانتاج ، اشتراكي الحقوق  ، شعبا جديدا ايضا في كل شيء ، شعبا خلاق ومبدع ، وأبي ،  اذا خاصم  لا يخاصم على  مئين ولقمة عيش ، أنما لأجل العزة والكرامة والشرف ، و لإشباع ابداعه و علمه ونهمه للسمو والتسامي ، ومكنونه الجميل ، شعب لا يفكر بالبطون كبعض الشعوب ، وشعب لا يرائي ولا يداهن ،  ولا يتسترزق بالكذب ولا يترزق على فتات موائد الآخرين .

    ثم يرسم  عليها حكومة ، وادارة، ديمقرطية  الاختيار ، مؤسسية الأداء ،  ، والخدمات ، إسلامية التوجه ، مسيحية السماح ، رحبة الصدر ،  واسعة الماعون ، موفورة الاخلاق ، حليمة ، عظيمة ، رحيمة ، مسؤولة عن الرعية ، إذا عثرت بغالها، واذا قل طعامها واذا ضاق بها الحال ، حكومة مدنية الوجه ، والاداء ، الجيش فيها خدمة وخفارة للوطن ، يحرس حدوده ويقوي عوده ، والبوليس خدمة ، والرئاسة خدمة ،  والخدمة المدنية خدمة ، للوطن والمواطن ، حكومة لا تتسلط ولا تتجبر ولا تتكبر ولا تخيف ولا تهضم الحقوق ولا تستحلها ولا تتحلل منها ، تقبل النصح والشفافية ، وتمارس المؤسسية ، وتجود الاداء ، وتعدل ، وحكومة لا تنتمي لحزب ، ولا لطائفة ،تطبق القانون على نفسها وعلى الناس ، تعف وتشف  وتعدل ،  ، لا يخاف في الله لومة لائم ، لا يخشى شعبه ولا يتخوف من الاخرين ، فيطمئن رئسها فينام تحت أفياء  الشعب ، وعلى عيونه الساهرات.


    ثم يرسم عليها إطارا لوطن الناس فيه شركاء في النار والماء والكلأ، مفتوح على الملأ ، محروس الأمن وموفور الأمان ، قوي الكيان ، مؤسسي البنيان ، طاهر اليد عفيف ، عزيز غزير العطاء  ، منارة للعلم ومسرحا للادباء ،  لجأ للغرباء ، عزيز بين الدول، حاضر في العالم ، يصادق هذا ويعامل هذا ويتسامح مع هذا ، كطبع الزول بين الأمم ، كريم في الكفاف ، عفيف اليد عند المغنم ، حامدا للنعم ، قليل الطمع ، مسكون بالصبر والصمت ، مطاطي الاحتمال ، أندروسي المقال ، حدقي النبال ، وطن ، يطيب لأسرته ويلمها من الشتات ، شتات الفكر وشتات الناس في الدول ، يهديء روعهم ، ويستوعب اخلاقهم وعلمهم ، وابداعهم وهويتهم وتعدديتهم ويتسامح في اديانهم ، يكفيهم الذل والصبر والمصغبة ، ويرفع عنهم الفساد ، ويعدل بينهم ، ويتواضع لهم ويخدمهم.

    أو أن يرسم الناس اذا غفلوا وأبو ، سودانا جديدا أيضا ، لكنه غير ذلك ، وطن خارجي اللجام والخطام أجنبي القياد ، مكسور الجناح والعماد، تنتهشه الاحقاد والأطماع ممن لا يرغب فيه إلا ولا ذمة ، كما نرى من تخطف الناس حولنا وتخطف كرامتهم وحرماتهم ودينهم وهويتهم واوطانهم ، ويرسم عليه شعبا  لا يزرع أرضه ، ولا يحرس عرضه ، ولا يرضي ربه وشعبه ، شعبا يتسكع داخليا ، وتنزى على موائد الأسياد وعلى أفضال العباد .

    فإن خرج الحوار بخارطة كما يستحقها السودان ونستحقها  ، فالسودان موعود بالخير ، وأن يكون مدينة فاضلة يأرز اليها الآخرون كما تأرز الحية لجحرها ، أستجارة من الجور الذي يغشى العالم ، والسوداني قمين بهذا وجدير به وأكثر.

    وإلا فلا دولة نبقي ولا شعب ولا حكومة ولا إطار.

    والله من وراء القصد

    الرفيع بشير الشفيع
    جنوب افريقيا
    2015/11/22

 

آراء