الحرب ضد الاختراق (2)
محمد علي خوجلي
1 June, 2016
1 June, 2016
khogali17@ yahoo.com
من أولويات الحزب في حقب نظم الحكم الديكتاتورية و الشمولية القابضة: المحافظة علي (بقاء الحزب و سلامة جسده)و الهدف الوحيد للاختراق عبر كل نظم الحكم،عزل الحزب عن الجماهير بافراغ ثوريته،و انحسار عضويته و طرد أشرف كوادره بتدرج و بطء حتي (موت الحزب).
و نظرية "امن الحزب" إذا لم تكن ترياقا لهدف الاختراق، و اكتفت بالاجراءات الشكلية و الادارية و معلومات مكاتب الرقابة الحزبية و التي أكدت التجربة اختراقها، فانها تتحول إلي شريك في إنفاذ خطة الاختراق و تكون مهمتها المحافظة علي (أمن القيادات) و مواقع القيادات
واشاره ذلك : رصد حركات و سكنات العضوية و تكاثر البلاغات صحيحة أو مفبركة لكل منتقد لسياسات الحزب أو قياداته.
وفي النهج السوفييتي فان المنتقدين لقيادات الحزب من عضويته أو المعترضين علي سياساته هم من وجهة نظر القيادة : لا مبادئ لهم ولا فكر. وهم مخربين وجواسيس لدوائر أجنبية ولا ينفع معهم أي حوار بل الواجب الاطاحة بهم وابادتهم فهم أعداء الحزب.
وهذا النهج رتب ثلاث نتائج:
1- جمد صراع الافكار فتوقف التقدم في جبهة أساسية
2- أضعف تنظيم الحزب بتحول عضويته إلي جنود مخلصين و مطيعين ينفذون الأوامر (القرارات) دون مناقشات
3- كل من مارس النقد داخل أو خارج مواعين الحزب هو عدو وجاسوس و خائن.
أنظر:
من ماثورات النهج السوفييتي:
(إن الفكرة التي تقول أنه ليس مخربا هذا الذي لم يشترك في اعمال التخريب، و المجد و المجتهد في عمله ونضاله، لهي فكرة ساذجة وفاسدة، وعلي العكس تماما فالمخرب الحقيقي ينبغي أن يظهر تفانيا في عمله للمحافظة علي وضعه كمخرب و يكسب ثقة الجماهير لمواصلة عمله التخريبي..)!!
قضية فكرية وسياسية
الحرب ضد الاختراق ستواجه مقاومة الطابورالخامس و البصاصين و المستفيدين المنتشرين في مواقع هامة
نحت ذرائع زائفة وتبريرات واهية أبرزها الترويج لمدي ما تلحقه علانية النقاشات من أضرار بالحزب. فهم مدركون أن العلانية هي الضوء الساطع الكاشف لمواقع الاختراق. ولن يكفوا عن بذل النصح أو حتي اتخاذ الاجراءات بالتوقف عن نشر (أسرار) الحزب في محاولة بينة للخلط بين (أمراض) و (أسرار) الحزب وإخفاء الأمراض هو (قتل) للحزب.
فالحرب ضد الاختراق قضية فكرية و سياسية قبل أن تكون تنظيمية وفنية. فنظم المعسكر الاشتراكي لم يكن من أسباب انهيارها تجييش الجيوش بل التاكل الذاتي لنظم الحكم الشمولية بسبب الامراض التي استوطنت والاختراقات الفكرية و (القوة الناعمه) بالخطة الأمريكية
وكتب جوزيف س.ناي في كتابه "القوة الناعمة" طبعة 2012:
(إن مبدأ الاحتواء الناعم الذي طبقناه أدي إلي نجاح في الحرب البارده.. لان قوتنا الناعمة قيض لها أن تساعد علي تحويل الكتلة السوفيتيه من الداخل عندما قام الدبلوماسي المشهور جورج كينان بتصميم تلك السياسة. فا لاحتواء كان استراتيجية تحويلية ولو أن تحقيقه استغرق عشرات السنين..)
والاختراق الفكري و القوة الناعمة تطبقها أمريكا في مناطق أخري وعلي ما تبقي من أحزاب شيوعية وطنية. والخطط الأمريكية معلنه و موقع السودان في الخريطة الأمريكية يعني بالضرورة أن القوه الناعمه وخططها، مطبقة علي نظام الحكم في السودان وعلي الحزب الشيوعي الذي تطبق خطه تحويله من الداخل.
حصار مستحيل دون تقييم التجارب
حفلت مساله (أمن الحزب) بخلافات قديمة ، لم تجد حظها من الدراسة ولم تخضع لتقييم (العقل الجماعي) وظلت في حيز (المعلومات) التي يتم تداولها و تجري النقاشات حولها خارج قنوات الحزب وفي الجلسات (الخاصه) للأشباه من العضوية (الاصدقاء) و اقتداءآ بمسلك الزعيم الأزهري عند الفصل من عضوية الحزب وعنوانه (إلي من يهمهم الأمر سلام) فان قيادة الشيوعي تفعل ذات الشئ بين أونه و أخري تحت العنوان (إلي مزبلة التاريخ) و تنسي أنه حزب (ثوري) وله تقاليده الثورية..إن الاعلان عن حصار الاختراق لن يفيد و سيلازمه الفشل من غير استيعاب دروس الماضي و أبرز محطاتها:-
1. تعميم دروس تجربة مكتب الرقابة المركزي (1956-1970)
2. مرحلة (التجميع) بعد 22 يوليو 1971، وما تعرض له البناء الحزبي من اخفاقات بسبب الاختراقات الناتجة عن التوصيلات (1971-1976) و معروف أن اعباء التجميع تحملها (شيوعيين أبطال كافراد) لعدم وجود تنظيم واضح المسئوليات. و أحدثت الاخفاقات اضرار بالغة خاصة في 1978
اشاره: تعرض عدد من الذين انجزوا اعادة تنظيم الحزب فيما بعد للابعاد من عضوية الحزب.علي حقبتي (نميري) و الانقاذ و أشير إلي عضو اللجنة المركزية (خضر نصر) و ولد الحزب (الفاتح الرشيد حمزة) و هذا موضوع أخر.
3- الخلافات حول نظرية (أمن الحزب) و (نمو العضوية) ما بين قيادة الحزب في الخرطوم و احدي لجان المناطق (1976-1982) و التي قرر مركز الحزب اداره حوار فكري داخلي لم ينفذ حتي 2016
4- استمرارآ للخلافات حول مناهج العمل القيادي و تامين الحزب أوصت لجنة المديرية بالاجماع (إلا واحد) بانزال أحد أعضائها المختلف معهم من اللجنة و رفض المركز التوصية مشيرآ إلي أن هناك خلافات فكرية واضحة يجب أن تتم ادارتها ولم ينفذ قرار المركز حتي 2016
5- معروف أن أول اجتماع للجنة المركزية بعد 30 يونيو 1989 كان في أغسطس 2001 وأطلق الشيوعيون علي المرحلة (فترة التوهان) وشهدت الفترة كل انواع التصفية و الاختراقات و ترفيع الطابور الخامس إلي المواقع القيادية
فهل يستطيع السكرتير السياسي 2016 محاصره الاختراق و كشف مواقعه في اللجنة المركزية بحسب افتراض الكنين دون التعرف علي جذوره؟ وهل الاختراقات هي فقط في صورة نشر ما يدور في الاجتماعات؟ ان (القوه الناعمه) تعمل داخل الشيوعي لثمانية و خمسين سنه ولن يعرقل خطتها الا (العلانيه) و بجساره و (الجماعيه) في التقييم
اشاره:
لا يتبادر إلي الاذهان أن هذه هي المرة الأولي التي تطرق فيها القضية أو اننا لم نطرحها تفصيلآ داخل تنظيم الحزب عندما كنا ضمن عضويته لقد فعلنا دون جدوي
الأدلة المادية بعد 30 يوينو
قضيه أمن الحزب من بين الموضوعات المختلف عليها في قيادة المديريه (1982-1985) وكذلك في لجنة المديريه (1986-1989) ولم يتم التوصل لاتفاق حولها حتي 30/يوينو 89 وقتها برزت وقائع مؤكده علي صحه وجهة نظر (الأقلية/واحد)! ومن ذلك :
1. الاختفاء الجماعي للقيادات و كوادر الحزب و اخلاء دور الحزب دون محتوياتها! (رفضت لجنة المديريه 1986 النظر في اقتراح اعاده توزيع العضوية سري/علن، وبناء ادوات العمل السري تاسيسا علي تقييم وصف حاله الحزب ابان الديمقراطيه الثالثه بشبه العلنية و سخر البعض.. وفي يوليو 1989 قررت السكرتاريه المركزيه بما يطابق اقتراح 1986 وكان الوقت متاخرآ فقد كان الاجتماع الأخير للجنة)
2. كل المتهمين بالاختراق تحت حماية القيادات (!) قبل 30/يونيو شاركوا بعدها في تصنيف العضوية و التعريف علي اماكن سكنهم (الحماية مقصود بها رفض اتخاذ الاجراءات اللائحيه و مطالبه البعض بالادله الماديه، و قدمها المخترقون بانفسهم بعد 30/يونيو)
3. نتيجة الاختراق علي المستوي القيادي، فان الاعتقالات مع 30/يوينو لم تشمل معظم المرشحين للعضوية و الآخرين الذين أفصحوا عن معارضتهم لسياسة الحزب أو المناهج القيادية، وكل العضوية موقوفه النشاط في الحزب أو خامله النشاط... ومؤكد ان الاعتقالات طالت عناصر من البصاصين..
من الجهة الاخري اصدرت قيادة الحزب بالخرطوم في الاسبوع الاول من يوليو1989 قرارآ بايقاف ثمانيه عشر كادرآ (تم العفو عن واحد الان موقوف النشاط) و التوصيه لمركز الحزب بفصلهم من العضوية دون ابلاغهم الدواعي التامين وكل المجموعة لم تعتقل!!
نتيجة المفهوم من جانب واحد
المفهوم القيادي الذي ينظر للاختراق من جانب واحد (احداث الفوضي و انقسام الحزب) عله كبري فهو يصرف النظر عن الاختراق الفكري و (القوه الناعمه) الذي يفتح الطريق أمام الضعف التنظيمي وآثاره..و المفهوم لا يزال مسيطرآ
ومن النماذج:
1. الغاء/تقييد النشاط المستقل بما أنتج فقدان المبادره بما يعني أن القياده خلف العضويه و العضويه خلف الحركة الجماهريه
2. تحويل العلاقة بين الحزب و الجماهير الي علاقة بين قياده الحزب و قيادات الاحزاب الآخري حتي إذا خالفت المبادئ (و احزاب الحركة الاسلامية)
3. اضعاف الديمقراطية الحزبيه
4. التمسك بالنهج السوفيتيي في الممارسة ولعنه بالقول ولا تفسير لذلك غير آثر القوه الناعمه التي تعمل علي تحويله ومن النماذج:
قياده الحزب لا تزال تستند علي (القبضه القياديه) و أدواتها (الاشراف) في العمل الحزبي و (التوجيهات) و (اذن القياده) في العمل الجماهيري و المبرر (عدم الانفلات)!! و يتحول هدف التحكم في حركة العضوية الي اخر يتسع،ليشمل تقييد حركة الجماهير. وكل ذلك ماخوذ من التجربه السوفيتيه حيث ظل الاشراف و الرقابه يعملان عملهما من 1917 وحتي انهيار الدوله.
والنتيجه الطبيعيه لذلك
1. ضمور عضوية الحزب أو مغادره العضويه الحزب
2. الانفصال عن العضوية و الجماهير
3. تيسير و تطوير الاختراقات
و تستطيع القول عن ثقه ان قياده الحزب تعتقل عضويه الحزب و حركة الجماهير معآ.
ومن المفاهيم الخاطئة لمسالة أمن الحزب، مقابله (الضربات) التي توجه للحزب بمزيد من اجراءات احكام القبضه القياديه، رد فعل ساذج يحقق هدف أعداء الحزب في حين أن رد الفعل المفترض أن يكون في الاتجاه المضاد.واستنادآ علي المفهوم الخاطئ أصبحت (المركزيه المطلقه) درعآ للدفاع عن الحزب في حين أن الحزب لا يقوي بالاجراءات القمعيه التي تجفف دماءه. و تامين الحزب هو بمواجهة أساليب اضعافه وأهمه عزله عن العمل الجماهيري.
فالجماهير هي التي تحمي نشاط الحزب و تامين الحزب ومن المناهج القيادية الغربيه جعل قضية تامين الحزب (قضيه خاصه) مما دفع كثير من العضوية للوقوع في شراك مفهوم خاطئ آخر مقابل وهو أن مناقشه (أمن الحزب) من المحظورات و خارج صلاحياتها.
الاحزاب و التنظيمات السياسية كالبشر: تولد و تنمو و تتعلم و تمرض و تموت. وفي السودان اندثرت احزاب كثيره و الاحزاب و قياداتها تصيب و تخطئ.. وغير الطبيعي أن تدعي قيادات أنها لم ولن تخطئ ابدآ(!) وعندما تخفي قيادة حزب أخطاءها فانها في الحقيقة تخفي أسباب امراضها و تقتل نفسها ببطء
وللحديث صلة