إدارة السودان السياسية بين عامي 1899 و1955م (1) .. ترجمة وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
The Sudan Political Service, 1899 – 1955 (1)
Anthony Kirk - Greene بروفيسور أنتوني كيرك - قرين
ترجمة وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة وتلخيص للجزء الأول من بعض ما ورد في الفصل السادس من كتاب Britain’s Imperial Administrators, 1858 – 1966 (الإداريون البريطانيون في العهد الاستعماري بين 1858 و1966م) من تأليف انتوني كيرك – قرين، البروفيسور والباحث الفخري بجامعة أكسفورد البريطانية. ويتكون الكتاب من مقدمة وعشرة فصول. وكان الكتاب قد صدر عن دار نشر كلية سانت أنتوني بأكسفورد عام 2000م.
عمل كيرك – قرين (1925م – ) في الجيش الهندي في سنوات الحرب العالمية الثانية، ثم درس في جامعة كمبردج، وعمل فور تخرجه في عام 1950م إداريا في السودان ونيجيريا. وتخصص المؤلف في شئون إدارة بريطانيا لمستعمراتها السابقة، وعمل بتدريس التاريخ الحديث بجامعة أكسفورد من عام 1967 إلى 1992م. ونشر الرجل العديد من المقالات والكتب عن الإدارة في كثير من تلك الدول، وعن دور مفتش الإدارة في أفريقيا، وعن الحرب الأهلية في نيجيريا، وعن الهوسا وغير ذلك من المواضيع المتفرقة، وترأس جمعية الدراسات الإفريقية ببريطانيا والجمعية الملكية الأفريقية لعدد من السنوات.
المترجم
**** **** ****
أنشئت الإدارة السياسية بالسودان في عام 1899م، وكانت من أصغر وأحدث الإدارات الاستعمارية مقارنة بمثيلاتها في مستعمرات أخرى مثل الهند وهونج كونق، وكانت أكثرها تفردا Sui generis. فلم يكن عدد الموظفين العاملين في تلك الإدارة يزيد على 150 في أي سنة من سنوات الحكم الاستعماري. ولم يزد عدد كل الموظفين البريطانيين عن 500 في أي عام. وكان العمل في تلك الإدارة حلم خريجى كبرى الجامعات البريطانية، وكانوا يختارون كما قال السير هارولد ماكمايكل من بين الخريجين من "ذوي الصحة الجيدة والتقدير الأكاديمي الجيد" (في ذات النقطة انظر المقال المترجم: "كيف كان البريطانيون يختارون الأطباء للعمل في السودان" بقلم سايمون ملان. المترجم). وكانت الإدارة السياسية تقدم لموظفيها شروط عمل مغرية تشمل عطلة سنوية طويلة مدفوعة الراتب، والتقاعد بمعاش كامل عند بلوغ الخمسين من العمر. غير أن فرص الترقي في تلك الإدارة كانت ضيقة جدا. ولم تكن إدارة السودان السياسية تحت سيطرة "إدارة شئون المستعمرات" أو "الإدارة الهندية"، بل لم تكن تدار من أي مكتب للحكومة البريطانية المركزية في هوايت هول Whitehall. فقد آلت رئاسة تلك الإدارة إلى وزارة الخارجية البريطانية بتفويض من المندوب السامي (البريطاني) في مصر. غير أن وزارة الخارجية البريطانية لم تكن تتدخل في الشئون الداخلية للإدارة السياسية، ولم تكن لديها سلطة تقديم أي نوع من النصائح لتلك الإدارة، مثلما كانت وزارة المستعمرات تفعل مع حكومات الدول المستعمرة.
وبناء على ذلك يحق لإدارة السودان السياسية القول بأنها "مختلفة" عن مثيلاتها في الدول المستعمرة الأخرى، وأن السودان ليس من ضمن "الإمبراطورية البريطانية"، وليس تحت سيادة (dominion) أو تفويض (mandate) الحكومة البريطانية، وليس مستعمرة (colony) ولا محمية (protectorate). ولا تجد في أي أطلس مدرسي خريطة السودان وهي ملونة باللون الأحمر. ورغم أن منصب "الحاكم العام" لم يحتله غير البريطانيين، وأن كبار الإداريين والعسكريين كانوا من البريطانيين دون سواهم، إلا أن السودان ظل منذ يوم دخول كتشنر لأم درمان وحتى الأول من يناير عام 1956م يحكم ثنائيا ويعرف بـ "السودان الإنجليزي/ البريطاني – المصري Anglo – Egyptian Condominium". وكانت هنالك سابقة مماثلة لهذا النوع من الحكم الثنائي (البريطاني – الفرنسي) في جزر هيبريد الجديدة Anglo- French Condominium of the New Hebrides.
وتطور الحكم بالسودان منذ عام 1900م من إدارة سياسية ابتدائية rudimentary إلى حكومة متمرسة sophisticated تقود البلاد - بعد مرور نصف قرن على تكوينها - عبر تغير دستوري أفضى إلى حكم ذاتي. وكان ذلك هو الطراز الأساس والنموذجي للبيروقراطية البريطانية فيما وراء البحار. وكانت على رأس تلك الحكومة الحاكم العام، ومعه سكرتاريته المركزية التي يرأسها "السكرتير الإداري" المقيم دوما في الخرطوم (وليس مثلما كان يحدث في الهند حيث تجد عددا من السكرتيرين الإداريين في مختلف مناطق البلاد، وفي مستعمرات أفريقية أخرى حيث تنتقل الحكومة في الصيف الحار لمدن أكثر اعتدالا في الجو). ويفوض السكرتير الإداري سلطاته إلى مديري (حكام) المديريات، والذين يفوضون بدورهم إلى كادر من الباشمفتشين والمفتشين الإداريين ومساعديهم. وفي عام 1930م (أي في حوالي منتصف الحكم الثنائي) كان السودان مقسما إلى 12 وحدة إدارية (مديريات)، أي ضعف عدد المديريات في بداية القرن العشرين. وفي عام 1950م تم تقليل عددها إلى تسع مديريات: ثلاث في الشمال وثلاث في الجنوب واثنان في الغرب وواحدة في الشرق من الخرطوم. وكان لهذا القطر الواسع والعدد القليل من السكان (مليون ميل مربع و9 مليون نسمة) خدمة مدنية مكونة من مراكز إدارية (posts) بلغ عددها 9625، كان يعمل بها 993 من البريطانيين. وكان 87% من بقية الموظفين من السودانيين، و2% من المصريين و18% من جنسيات أخرى. وكانت أصغر وظائف الهرم الإداري هي المامور (المأمور) ومساعده. وكانت تلك الرتبة الإدارية قصرا على الإداريين المصريين، ولم يبدأ تعيين السودانيين فيها إلا بعد عام 1915م. وكان كل مديري المديريات وغالب الباشمفتشين ومساعديهم من البريطانيين حتى عام 1952م. وبعد ذلك بدأت حركة "السودنة" بتدرج متسارع.
وشغلت الوظائف الإدارية والمهنية المختلفة بالسودان صفوة الصفوة البريطاني" (The elite of the British elite). فعلى سبيل المثال عمل في مصلحة السكة حديد والمساحة والصحة والتعليم رجال مشهود لهم بالتميز على مستوى العالم مثل السير جيمس فاركواسون والسير إيرك برايدي والسير جيمس كيري والسير كريستوفر كوكس.
وبعد الحرب العالمية الأولى أحدثت الإدارة البريطانية بعض التغيرات في التركيبة الإدارية في القسم السياسي. وشملت تلك التغيرات في عام 1922م الاستعاضة عن كلمتي "مدير المديرية" ب "حاكم المديرية"، وفي عام 1924 تم تغيير كلمة "سردار" ب "الحاكم العام".
وكان العامل المصري جزءا لا يتجزأ من تاريخ السودان الحديث، منذ توقيع اتفاقية الحكم الثنائي في 1899م، والتي جاء فيها اشتراط أن يعطى الخديوي حق تعيين الحاكم العام بموافقة حكومة الملكة. وكان ذلك حلا توفيقيا ابتدعه لورد كرومر (1841 – 1917م، مبعوث ملكة بريطانيا العظمى والقنصل العام المقيم بالقاهرة بين عامي 1883 – 1907م، والذي بعث ليكون حسيباً ورقيباً على إدارة أموال مصر (المثقلة بالديون) بعدما عبث بها الخديوي إسماعيل، وبعد الفوضى التي أعقبت ثورة عرابي الشهيرة. المترجم). ومرت العلاقات بين طرفي الحكم الثنائي بأحداث دولية مؤلمة بين عامي 1924 و1953م، وتواصلت تلك الأحداث حتى أنزل علما البلدين من على سطح القصر في 1/1/1956م. وكان من تلك الأحداث "إعلان اللنبي" في 28 /2/ 1922م، ذلك التصريح الذي أعلنت فيه بريطانيا صراحة، ومن طرف واحد بلندن والقاهرة، في ذلك التاريخ عن إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وأن مصر قد غدت " دولة مستقلة ذات سيادة، إلا أن بريطانيا تحتفظ لنفسها بحقوق تأمين مواصلات إمبراطورتيها فيها، والدفاع عنها ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها، مع إبقاء الوضع في السودان على ما هو عليه. ثم أتى التحذير الذي وجهته بريطانيا لمصر في نوفمبر 1924م عقب اغتيال السردار السير لي استاك في القاهرة، والذي أمرت فيه بريطانيا مصر بسحب وحداتها العسكرية ومسئوليها من السودان، رغم أن فكرة إنشاء "إدارة السودان السياسة" نفسها كانت من بنات أفكار مصر (بناء على نصيحة من لورد كرومر للخديوي).
وألقي في البدء عبء إدارة السودان عقب إعادة البريطانيين لاحتلال البلاد على كاهل ضباط بريطانيون يعملون في الجيش المصري. وتم احتلال كردفان في عام 1900م وأعقبتها مديريات الجنوب، وعين في تلك المديريات ضباط الجيش في وظائف المديرين ومساعديهم. وعين كذلك معظم مديري المصالح التقنية من ضباط الجيش المصري في الأفرع المختلفة. بل كان مجرد العمل في الجيش المصري بين عامي 1899 و1905م يعد مؤهلا كافيا للبريطانيين للحصول على 12 من 28 وظيفة في "إدارة السودان السياسية" بحكومة السودان. غير أن كرومر في أول زيارة له للسودان في يناير من عام 1899م انتبه إلى ضرورة الاستعانة، بأسرع ما تيسر، بمدنيين من ذوي القدرات العالية يديرون شئون البلاد ويمضون بها في مسيرة التطور.
وبدأ تعيين موظفين مدنيين في خدمة حكومة السودان في 1901م، حين بلغ عدد المسئولين البريطانيين 67 موظفا (كان 46 منهم من العسكريين). وكان الموظفون (والذين كانت أعمارهم تتراوح بين 25 – 29 عاما قد تخرجوا في جامعات كمبردج (3) وأكسفورد (2) بينما تخرج البقية من كلية سانت هيرست العسكرية. وكان بعض هؤلاء الضباط لا يحملون أي نوع من التقدير لزملائهم من خريجي الجامعات العريقة. وقال أحدهم وهو يرد على زميل له تخرج من جامعة: "قال عني هذا الملحد إنني لم أتخرج من أي جامعة ... فقل لي بربك: ما الذي يتعلمونه في كمبردج وأكسفورد ويكون له أدنى فائدة لأي فرد كان؟ عندما يأتونا هنا بخريجين، نقوم بتعليمهم كل شيء... حتى أيسر الأشياء... تلك التي تعلمناها نحن الضباط الأغبياء الذين تخرجنا في سانت هيرز. نعلمهم مسك الدفاتر والحسابات وقراءة الخرائط وكتابة التقارير وجداول الأعمال ومبادئ المساحة ... لا بد أنهم انشغلوا في سنوات الجامعة بدراسة اللغتين اللاتينية والإغريقية ولعب الكريكت... ولكن هل هذا ممكن هنا حيث لا توجد ملاعب خضراء أصلا لهذه اللعبة؟ لماذا لا يعلمونهم الرماية وركوب الخيل ويدربونهم عسكريا قبل إحضارهم هنا؟ يبدو لي أن تعليمهم يبدأ بالفعل بعد أن نتولى نحن أمرهم".
وبلغ عدد من عينوا في خدمة إدارة السودان السياسية بين عامي 1899 و1952م 396 موظفا، عين غالبهم (179) بين عامي 1919 و1933م، بينما عين 8 موظفين فقط بين عامي 1941 و1944م. وكان معظم هؤلاء قد تخرجوا في مدارس ثم جامعات مشهورة، فقد تخرج 180 منهم في أكسفورد و103 في كمبردج (مقارنة باثنين من جلاسجو وثلاثة من كل من لندن وأربعة من أدنبرا وسانت أندروز، وسبعة من دبلن بإيرلندا).
(أورد المؤلف قوائم بالغة التفصيل بالإداريين من خريجي الجامعات، والدرجات التي تخرجوا بها، والمواد التي درسوها، وضرب أمثلة لعدد من مشاهير الإداريين من خريجي الجامعات العريقة مثل هارولد ماكمايكل وروبنسون وبيل ونيوبولد واستاك، ومشاهير الرياضيين منهم الذين برزوا كرياضيين في سنوات دراستهم بالجامعات. المترجم).
وجاء في تقرير عن أسس تعيين الموظفين في إدارة السودان السياسية، ذكر أحد الإداريين القدماء أن ذلك كان يعتمد على "مظهر (في الأصل ال fashion. المترجم) وتنشئة وتعليم المتقدم، وتشابه صفاته ومزاجه العام مع العاملين في خدمة الإدارة، إضافة للصفات الجسدية والإنجازات التي حققها المتقدم من قبل. وكان معظم المتقدمين لوظائف الإدارة من الذين برزوا في القيادة والرياضة البدنية في المدارس والجامعات أكثر من بروزهم في المجالات الأكاديمية، ومن الذين لديهم مقدرات بدنية وعقلية، ويعشقون المغامرة والعمل في خارج الغرف والمكاتب أكثر من الدراسة في داخل القاعات".
وكتب أحد السودانيين (المقصود هو المهندس محمد النجومي في كتابه "وصايا عظيمة" الصادر في 1957م. المترجم) في أمر اختيار البريطانيين للعمل في "إدارة السودان السياسة" ما يلي:
" كان طيب المولد والأخلاق الحسنة أهم بالنسبة للجان التعيين من الذكاء المفرط. وكانت تلك اللجان تعد أن الصرامة الأخلاقية والتميز في الرياضة البدنية يحملان نفس أهمية التفوق الأكاديمي. وبالطبع تعد المؤهلات التعليمية من الأمور المفروغ منها، ولا تختار من لا يكون رائدا متميزا وسط أقرانه من الخريجين. وبهذه الطريقة البالغة الصارمة لم يختر قط للعمل بالسودان سوى صفوة خريجي الجامعات البريطانية من أبناء العائلات البريطانية. ولم يسبق لقطر في هذا العالم أن اجتمعت على أرضه مجموعة طيبة من أمثال أولئك الموظفين لأداء عمل واحد مثلما حدث في السودان".
ولا ريب أن تحيز كل فرد في لجنة الاختيار لجامعته التي تخرج فيها كان له أثر كبير فيمن يختار من بين كل المتقدمين. فمن تخرج من جامعة معينة وعمل بالإدارة السياسية كان يرى أن المتقدم للتعيين في ذات الإدارة لا بد أن يحمل ذات صفاته وخلفياته الثقافية وغيرها.
وخلص أحد كبار رجال "إدارة السودان السياسية" ساخرا إلى أن المعايير الأخلاقية لكرومر (Cromerian ethos) المتمثلة في المهارات الرياضية العالية والعقل المتوقد والطبقة الاجتماعية العالية هي التي شكلت أسس اختيار الخريجين للعمل في تلك الإدارة.
ما الذي كان يدعو أولئك الشباب من زبدة الخريجين البريطانيين للعمل في إدارة السودان؟ وما هي الفرص التي كان أولئك الشباب يتوقعون الحصول عليها بعد تعيينهم. وما هي تصوراتهم عن البلد الذي كانوا سيعملون به، وعن مهام الوظيفة نفسها؟ تنبأ ريجلاند ديفيس (مؤلف كتاب The Camel's Back Service in the Rural Sudan الصادر عام 1957م. المترجم) والذي أتى للخرطوم في عام 1911م بأنه مع نهاية القرن العشرين فسوف لن يبق أحد (أو على الأكثر يبقى عدد قليل) من زملائه ليسجل خواطره أو حتى ليتذكر تجربته في العمل بالسودان. وأكد ديفيس في كتابه على ثراء التجربة التي يجنيها الإداري البريطاني من عمله في أقاليم السودان المترامية الأطراف تحت ظروف عمل وحياة قاسية. وضرب لذلك بمثل عن حفل وداع أقيم له في أحد المناطق الريفية البعيدة فقال إنه بعد أن فرغ الجميع من إلقاء الخطب التقليدية، قام شيخ ذو لحية مخضبة بالحناء بعناقه وتقبيله على خديه، ثم انفجر باكيا من فرط التأثر.
وذكر آخرون أسبابا مختلفة دعتهم للالتحاق بخدمة القسم السياسي بالسودان. من ذلك الراتب المعقول (وليس الضخم جدا) والعطلة السنوية الطويلة، وفرص الاستمتاع بأجواء حرة طليقة في الصحارى والقفار والغابات، حيث الحياة الصحية النشطة التي تناسب الشاب النشط الصحيح البدن.
وصورت الدعايات التي نفذت لجذب الخريجين للعمل بالسودان والعيش به في صورة زاهية "حيث تعيش مختلف أنواع الحيوانات الوحشية والأليفة ... والطيور والفراشات الجميلة ... إنها جنة المحب للطبيعة وجمالها". غير أن وكيل وزارة الخارجية البريطانية لم يخف أمر التضحية التي تلازم العمل في القسم السياسي بحكومة السودان، والمصاعب والتحديات والحرمان، وحتى احتمال الموت، من جراء العمل والعيش تحت ظروف ذلك البلد القاسية. وهنالك أيضا من عبر عن رأي مخالف يقول بإن الإداري البريطاني في السودان ليس بشهيد. فهو يعمل بالسودان ويحب أن يبقى فيه لأنه سعيد بذلك، ويجد في عمله وحياته بالبلاد كل المتعة والرِّضا الوظيفي.
كتب أحد ناشئة الإداريين البريطانيين أن عمله يبدأ مع الفجر بعد أن يوقظه برفق خادمه من نومه تحت النجوم في سطح المنزل، ويحضر له الشاي والإفطار. ثم يمتطي صهوة جواده ويدلف للمكتب، حيث يعمل طوال اليوم في إمضاء الحق والفصل بين الخصوم. إذا كان ذلك عملا روتينيا فما قولك في العمل في مكتب بلندن منذ الصباح حتى آخر النهار؟!
يقف الموظف على الصفة الشمالية من للنيل ويحدق في توقع مثير عبر المياه الجارية إلى أشجار النخيل المحيطة بمدينة الخرطوم من بعيد. تلك هي الحياة (الحقيقة) بالنسبة للموظف البريطاني.
alibadreldin@hotmail.com