ليس هكذا تورد الأبل أيها الأتحاديون .. بقلم بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان

 


 

 

قضايا ليست كذلك

(1-2)

بدأ هنالك كثير من الشباب والطلاب يشنون هجوماً غير مؤسس على الختمية أنطلاقاً من رأيهم أو صراعهم السياسي فى الحزب مع شيخ ومرشد الطريقة الختمية وليت أن هجومهم على الختمية أو مرشد الطريقة مؤسساً على النقد السياسي والوطنى الواعى المؤسس على الحجة والبراهين والمنطق. ولكن معظم ذلك الهجوم قد خرج من المنطق والأدب وأحترام الآخر بل صار سباباً شخصياً أكثر منه خلافاً سياسياً فى الحزب أو القضايا الوطنية. وهذا فى عرف قيمنا وتقاليدنا الوطنية وخلقنا الأسلامى الذي أمر به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأحترام الصغير وتوقير الكبير. والختمية جزء أصيل وكبير وفاعل فى الحركة الأتحادية وحزبها الأتحادى الديمقراطى ولا أظنهم يقبلون بأى صورة من الصور سب مرشدهم وشيخ طريقتهم بأقذع أنواع السباب التى تخرج عن طور الأدب والخلق القويم. وليعلم هذا الشباب المتشنج أنه لولا الختمية لما كان هنالك حزباً اتحادياً محققاً للأستقلال ولا حاكماً فى أول حكومة منفرداً. ولا نلقى القول على عواهنه ولكن سنبرهن عليه عبر مسارات الحركة الوطنية منذ المهدية وحتى الآن. ونحن مع كل من ينتقد قيادة الحزب نقداً مؤسساً أو تحميلها أخطاء ارتكبت فى حق الحزب والوطن لأنه ليس هنالك من هو معصوماً عن الخطأ ولكن حتى النقد المؤسس يجب أن يكون بأدب وأحترام وخلق وليكن أختلاف الرأى الذى لا يفسد للود قضية.
هذه مقدمة لابد منها لأن ما يأتى سيكون سرداً للختمية ودورهم الوطنى بقيادة شيوخهم منذ عهد السيد محمد عثمان الأقرب الذى عاصر ظهور المهدية وذلك كان المدخل فى القضية الوطنية من منطلق دينى لأن المهدية طردته وطاردته فى وطنه فأخذ أبنه الأصغر السيد على وترك أبنه الكبر السيد احمد لان المهدية بدأت كمرتكز دينى تقوم ثورتها ضد الحكم التركى من منطلق دينى وهى دولة الخلافة الأسلامية وقتها. وقف السيد محمد عثمان الأقرب بن السيد الحسن أبجلابية ضد الأدعاء بالمهدية وقال أن صفات محمد أحمد لا تنطبق عليه صفات المهدى المنتظر ولذلك هذه الدعوة من ناحية دينية ليس لها أى مستند دينى فقهى وقال لمحمد احمد عند بناء قبة الشيخ القرشى ود الزين معلم المهدى قال قل انك تريد ان تقود ثورة ضد الحكم التركى ولا تقل أنك المهدى المنتظر تريد خداع جموع المسلمين السودانيين. وقام السيد محمد عثمان الأقرب بالأتصال بمعظم شيوخ الطرق الصوفية مما جعل كثير من هذه الطرق ضد المهدية وهذا ما جعل المهدى ومن بعده خليفته يشنون الهجوم الكاسح على شيوخ الطرق الصوفية وقاموا بتقطيع سبحهم وتعذيب واستعداء الكثيرين منهم وكان الأستعداء الأشد على الطريقة الختمية ومرشدها. وعندما قامت ثوررة الهواوير وكلهم كانوا ختمية ضد حكم الخليفة عبد الله التعايشى ودارت بينهم المعارك اباح الخليفة عبد الله التعايشى دم السيد محمد عثمان الأقرب وبدأت مطااردته مما أضطره لأخذ أبنه السيد على الميرغنى وترك أخيه االأكبر السيد أحمد الميرغنى فى السجادة بكسلا . وسار بأبنه السيد على الميرغنى وسار به بمحاذاة ساحل البحر الأحمر ودخل الحدود المصرية وتوفى السيد محمد عثمان الأقرب فى الطريق قبل أن يصل القاهرة ونقل جثمانه للقاهرة ودفن بها وقبره ظاهر يزار بالقاهرة.
ورجع السيد على الميرغنى للخرطوم بعد أربعة سنوات من أستقرار الحكم الأنجليزى المصرى أذ قبلها كان بسنكات. نزل السيد على الميرغنى فى ميراث والده من الشيخ خوجلى ابو الجاز بحلة حمد وبدأ ينظم أتباع الطريقة الختمية وأنشأ تنظيم شباب الختمية فى كل مدن وقرى السودان من أبناء الختمية وهو تنظيم شبابى شبه عسكرى تحسباً لأى رجوع للمهدية. ولأن معظم الطرق الصوفية بنيت على ميراث بيت النبوة وخاصة بعد ما تعرض له الحسن والحسين أبناء على بن ابى طالب وامهم فاطمة لزهراء أبنة محمد صلى الله عليه وسلم. وعمل السيد على من هذا الموقع من نسب الرسول عليه افضل الصلاة والتسليم لأن تلتف حوله معظم الطرق الصوفية وتقدمه وتأخذ بمشورته خاصة فيما تعرضت له تلك الطرق من حكم المهدية خاصة فى عهد الخليفة عبد الله التعايشى وكذلك التفت حوله كل القبائل التى استعداها الخليفة عبد الله التعايشى خاصة قبايل الجعليين والشايقية والشكرية والبطاحين ....ألخ.
عندما اشتدت وقوى عود الحركة الوطنية ضد الأستعمار بواسطة الخريجين ولحاجة الخريجين فى مؤتمرهم للجماهير لتنفيذ مشاريعهم سواءاً فى التعليم أو فى الحراك ضد المستعمر أولاً لجاوا للسيد عبد الرحمن المهدى والذى بدأ الأستعمار فى رفع شأنه وأعطائه الجزيرة أبا والتمويل ليكون قوة موازية للسيد على الميرغنى ومن وقتها ظهر الصراع الثنائى الذى نعانى منه البلاد حتى الآن. وعندما تكشف للخريجين ممثلة فى الأشقاء لجأوا للسيد على ورفعوا شعار وحدة وادى النيل ضد شعار السودان للسودانيين الذى رفعه السيد عبد الرحمن المهدى والذى كون على أثاثه حزب الأمة. أستمر حزب الأشقاء فى الساحة الوطنية برعاية وتأييد السيد على الميرغنى. وعندما تم توحيد الأحزاب الأتحادية فى الحزب الوطنى الأتحادى بعد ثورة 1952م المصرية أعطاها السيد على كامل التأييد والدعم وأتخذوه راعياً للحزب الوطنى الأتحادى. وتكون الحزب الوطنى الأتحادى من حركة المثقفين مضافاً اليهم كل الطرق الصوفية والقبائل اللتى استعداها حكم الخليفة عبد الله التعايشى وكان ألتفافهم هذا مبنى على رعاية السيد على الميرغنى للحزب الوطنى الأتحادى هذا غير أن كل الطرق الصوفية كونت المجلس الأعلى للتصوف وجعلت على قيادته ذلك الموسوعة الدينية والعلمية السيد على بن السيد محمد عثمان الأقرب بن السيد الحسن ابجلابية بن السيد محمد عثمان الختم مؤسس الطريقة الختمية. ودخل الحزب انتخابات الحكومة الأنتقالية قبل الأستقلال واكتسح الحزب الوطنى الأتحادى الأنتخابات بأغلبية أهلته ليكون أو حكومة وطنية منفرداً ولولا دعم السيد على ولولا الختمية والطرق الصوفية لما فاز الحزب بالأغلبية. ووقفت كل تلك الطرق والقبائل لأنها علمت أن فوز حزب الأمة سيقنن حكم الملكية كما كان يرجو السيد عبد الرحمن المهدى ليكون ملكاً على السودان وهم الذين خبروا حكم المهدية من قبل. ولذلك ما زال للطرق الصوفية والقبائل دور معلى فى تقرير الحكم فى السودان اذا كنا فعلاً نريد أن نحتكم لصناديق الأقتراع عبر الأنتخابات لأنهم هم الثقل الجماهيرى الذى يحدد أين يذهب صوته على مقاييس بعيدة عن البرنامج والأفكار والأطروحات السياسية فى بلد ترتفع فيه نسبة الأمية ونسبة الوعى السياسي. ولذلك لا داعى لأحداث شرخ بين مكونات المجتمع المدنى التقليدى والحزب وقياداته بدعاوى محاربة الطائفية. فالطائفية متغلغلة فى لبنان وهى قطر اكثر وعياً من كل النواحى من السودان وبلد تدار بديمقراطية توافقية أكثر رقياً وثباتاً من أكثر الدول التى تدعى أنها رائدة الديمقراطية. وهذه الطائفية اللبنانية تتدخل فى السياسة بالطول والعرض ولكنها لم تكن يوماً ضد تطور ونموء الديمقراطية ونموء وتطور لبنان. لذلك يكون ليس الموقف ضد الطائفية السياسية ولكن ضد ممارساتها وفى ذلك يمكن أن تنقد تلك الممارسات ولكن ليس بشتم قياداتها ببذئ القول.
هنالك فطرة فطر الله عليها الخلق وجعلها جزءاً من مكونهم الوجدانى لأن الله قال " وخلقناكم شعوباً وقبائلاً لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم" ولم يقل ان اكرمكم عند البشر اتقاكم لأن ذلك بمقياس البشر له مقاييس اخرى. وهذه القبائل والشعوب لابد ان تنظم نفسها ولابد أن تتخذ لها قائداً ترجع له فى الصغيرة والكبيرة.والشعوب تتخذ القائد ليس خبط عشواء ولكن لصفات يفوق بها الأخرين من الشجاعة والقوة والحمية والكرم والحكمة وسداد الرأى والخلق القويم المتعارف عليه. وبعد ذلك تتداول هذه القيادة فى ذريته سواءاً كانت تلك الصفات ذات طبيعة جينية او تربوية. ولذلك يتعلق مجموع تلك الشعوب بأبناء واحفاد ذلك القائد او الشيخ . واقرب مثال للأتحاديين رافضى التوريث وهم يتحلقون حول المواريث سواءاً كان من أل الهندى أو آل الأزهرى وألا ليقولوا لنا هم احسن منهم او من غيرهم فى ماذا غير هذا الأنتماء. ولذلك فلتكن العبرة ليس فى التحلق حول الوراث هؤلاء ولكن العبرة فى منهاجهم الذى يديرون به شئونهم او شئون حزبهم . ولذلك على النخبة المتعلمة ولا أقول المثقفة والشباب والطلاب أصحاب الحماس الزائد بدلاً من خلق صراع مع المجتمع التقليدى الذى ينتمى للحزب ممثلاً فى الطرق الصوفية والفبائل عليهم الأستفادة منهم دونما استعداء اذا كانوا فعلاً يؤمنون بالأحتكام على الديمقراطية عبر صناديق الأقتراع.
أقول لهؤلاء الشباب أن التاريخ يجب أن نتعلم من تجاربه لأن الرعيل الأول الذى تتغنون به لم يكن بالغباء ليخلق الصراع الذى تريدون خلقه فى الحركة الأتحادية الآن مع منظمات المجتمع المدنى التقليدية وعلى راسهم الطريقة الختمية وأأتباعها. لقد جرب من قبل بعض رعيلكم الأول وهم فى ذروة شبابهم بقيادة يحيى الفضلى ضد السيد على وكان يهتف الكهنوت مصيره الموت اكثر مما اتهموا به السيد محمد عثمان الميرنى بالمتخلف والمنقولى. وفى نهاية الآمر لآن السيد على فيه كل مقومات القيادة والحكمة وسداد الرأى عندما شكل السيد أسماعيل الأزهرى حكومته الأولى وأستبعد منها يحيى الفضلى بحكم عدائه لراعى الحزب وعرض التشكيل على السيد على الميرغنى للموافقة عليه قال السيد على أين يحيى الفضلى من هذا التشكيل؟ وقال له لا أوافق على تشكيل ليس فيه يحيى الفضلى. فما كان من الزعيم الأزهرى الآ أن غير التشكيل وأدخل يحيى الفضلى مما جعل يحيى الفضلى يقول قولته المشهورة التى سارت بها الركبان " السيد على كالشجرة المثمرة التى نلقيها بالحجارة وتلقينا بالثمار" ممن منكم يا هؤلاء من هو اعظم من يحي الفضلى او أسماعيل الأزهرى؟ مالكم كيف تحكمون! او المرحوم محمد أسماعيل الأزهرى عندما خاطب السيد محمد عثمان الميرغنى وقال له أنت وريث السيد علىى والسيد أسماعيل الأزهرى فى آن واحد" هل كان يلقى القول على عواهنه أم أنه كان يفهم كما فهم والده من قبل تركيبة حزبه؟ ولنا فى الحلقة القادمة متابعة مسيرة الحزب من بعد أنتفاضة أبريل 1985م وحتى الآن متعرضين لمنهج التوريث كأمثلة عندنا أو فى العالم كله لنصل الى منهج البشرية فى تنظيم نفسها ونحاول أن نجد العلل الموجودة فى التوريث وكيفية تفاديها.


ما هكذا تورد الأبل أيها الأتحاديون (2-2)

قلنا فى المقال السابق أننا نوضح بدايات دخول شيوخ الطريقة الختمية فى السياسة فى السودان والتى قلنا أنها بدأت مع ظهور الدعوة المهدية وموقفهم منها من الناحية الدينية ولا لأنهم مع الحكم التركى كما يدعى البعض وحتى لو أنهم مع الحكم التركى قد يكون منظوراً دينياً أذ أنها تمثل الخلافة الأسلامية وهذا جدل لا يهمنا كثيراً فى تناولنا لشأننا الحزبى. وليسوا هم وحدهم الذين وقفوا ضد الدعوة المهدية بل كل الطرق الصوفية فى السودان لم تعترف بمهدية محمد احمد اذ قالوا أن صفات المهدى المنتظر لا تنطبق عليه وقد دلل المسار والواقع أنهاا فعلاً لا تنطبق على محمد أحمد الدنقلاوى القادم من جزيرة لبب الذى سيملأ الارض عدلاً بعد أن ملئت جوراً والآرض معنى بها كل الدنيا وليس أرض السودان وحدها. وقلنا أن الظهور السياسي كان للسيد محمد عثمان الأقرب ومن بعده أبنه السيد على الميرغنى. وقلنا أن حضور السيد على للخرطوم مركز السلطة لديار أهله من ناحية جدته والدة والده السيد محمد عثمان الأقرب حفيدة الشيخ خوجلى أبو الجاز. ولأعتقاد كثيرين من أهل السودان ومعتنقى الطريقة وأعتقادهم بأنهم عترة المصطفى علييه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهبوه كثيراً من الأموال والأراضى وايضاً فن الأستعمار الثنائي البريطانى المصرى قد أعطاه الكثير كمنافس للمهدويين. وعندما شعروا بتمكن مركزالسيد على المالى ونفوذه الجماهيرى، أطلقوا السيد عبد الرحمن المهدى من عقاله ومنحوه الجزيرة أبا والتمويل وسمحوا له بالتحرك من جزيرة الفيل وتغاضوا عن دعواته للأنصار ليأتوا له فى الجزيرة أبا فى المبتدأ ليكونوا له عمال فى مشاريعه الزراعية بالجزيرة أبا بعد أن وهبها له النظام الأستعمارى وتمويله ليخلق لهم الموازنة ضد الختمية ومن وقتها قلت ظهرت الثنائية الطائفية التى أضرت ببلادنا وما زالت تضر بها. وحقيقة أن كثيراً من الطرق الصوفية دخلت فى العمل السياسي بكلياتها منذ عهد نميرى المايوى وشيوخه وزادوا بصورة أكبر فى عهد الأنقاذ هذا وكثير منها الآن فى حضن نظام الأنقاذ هذا. والمقال ليس يهدف للدفاع عن شيوخ الطرق الصوفية أذا أرتكبوا عملاً شائنا فى حق الوطن وتجيير كل اتباع الطريقة الختمية بموقف الأخرين من شيوخهم. واصلاً المقال مخاطب به الأتحاديين لنقول لهم أن الختمية جزء أساسي واصيل من الحركة الوطنية الأتحادية وبدونهم ما كانت حركة المثقفين فى مختلف أحزابهم من تحقيق الأجندة الوطنية بدونهم وكلماات الزعيم الأزهرى ما زالت ترن فى الأذان " كلما تتدلهم علينا الأمور نلجأ لذلك الأسد الرابض فى حلة خوجلى او حلة حمد".
نقول أن دور السيد على الميرغنى شيخ الطريقة الختمية فى الحزب الوطنى الأتحادى منذعام 1952م بعد اندماج الآحزاب الأتحادية فى الحزب الوطنى الأتحادى بتسهيل من اللواء نجيب رئيس مجلس قيادة ثورة يوليو 1952م ، كان دور الراعى لا يتدخل فى شئون الحزب الا عندما يستشار وان كان البعض يقول انه هو الذى يوجه سياسات الحزب وهو اعتقاد خاطئ او تقليل للرعيل االأول فى الحركة الأتحادية الذىن كانوا يقودون العمل الوطنى والحزبى آنذاك. ولأن جيل الرعيل الأول كان متمكناً من أهدافه ومساراته لمم تكن هنالك سهولة للسيد على أليفرض عليهم رأياً لأنهم أولاً كانوا مع السيد عبد الرحمن وعندما حاول أن يفرض عليهم رأيه ابتعدوا منه ورضوا بالعلاقة مع السيد على الميرغنى ليعطيهم التأييد والدعم الجماهيرى للنضال ضد الأستعمار دون أن يتدخل فى ِالهم السياسي ما لم يلجأوا له هم للأستشارة والأستنارة برأيه وفى الحقيقة السيد على الميرغغنى كان موسوعة فى التاريخ وكثير من العلوم وكثير الأضطلاع فى تجارب الأمم فى العالم أذ أن فترة وجوده فى مصر بعد خروجه مع والده ونيله للعلم بها مكنه من الكثير الذى لم يكن متاحاً للنخبة المتعلمة داخل السودان. وبعد وفاته حل محله ابنه السيد محمد عثمان المييرغنى والذى لم يتدخل فى شئون الحزب السياسية فى وجود السيد اسماعيل الأزهرى رئيساً للحزب. وحتى بعد وفاة الزعيم الأزهرى وأنبراء الشريف حسين الهندى لقيادة العمل المعارض ضد النظام المايوى لم يتدخل السيد محمد عثمان الميرغنى ولم يقل أنه راعى الحزب وهو الأحق ولم يوجه أو يأمر الشيخ على عبد الرحمن نائب رئيس الحزب أن يقف ضد الشريف حسين الهندى ما دام أنه قال أن السيد أسماعيل االأزهرىرئيس الحزب من داخل سجن كوبر كلفه بالسعى لتكوين الجبهة الوطنية. بل السيد محمد عثمان الميرغنى حقيقة قد القى خطاباً قوياً فى تشييع جثمان السيد أسماعيل الأزهرى يوم مواراته الثرى ألا انه قد عاد وايد مايو ويرسل لمجلس قيادة ثورة نميرى بالتهانى فى كل المناسبات. وقد تكون له اسبابه وهو شيخ طريقة لا يريد أن يدخل فى صراع سياسيى او عسكري كما فعل أمام الأنصار وكان فى كثير من المرات يذهب للشريف حسين الهندى فى لندن هو وأخيه. وقد وجه الشريف حسين الهندى الأتحاديين ألا يناصبوا السيد محمد عثمان الميرغنى والختمية العداء. بل قد جوز لمعظم شيوخ القبائل للألتحاق بنظام مايو ودخول مجالس شعبه وأتحايه الأشتراكى مبرراً ذلك بأنهم ّخيرة الحزب جماهيرياً وأن الجماهير تترتبط بمن يخدمهم ويعمل لهم الخدمات فى الصحة والتعليم ومياه الشرب وأذا قام المنتمين للأتحاد الأشتراكى والمتحقلين حول مايو من اليساريين والعروبيين فأأنهم سيسحبوا منهم ولاء الجماهير. ولذلك دخل منهم الكثيرين فى مجالس شعب نميرى باذن من الشريف حسين الهندى قائدهم وكان على رأسهم الشيخ محمد صديق طلحة ناظر عموم البطاحين عليه رحمة الله الذى لا يشك أحداً فى أنتمائه الأصيل لحزب الحركة الوطنية. وهدفنا من كل ذلك أن ينظر الأتحاديون الى تاريخهم بموضوعية ومكونات حزبهم بموضوعية وأنهم ينتمون لحزب جماهيرى ليس منغلقاً ايدولوجياً أو عقائدياً أو يدعى الثورية والراديكالية فهو حزب يضع رؤاه الوطنية وسياساته من تطلعات شعبهم ومثقفيه يستعملون ما أوتوا من علم لجعل تلك الطموحات والتطلعات أن ترى الوجود أسعاداً لهم وتسهيلاً لمعاشهم فى كل ضروب الحياة.
نأتى الى كيف أتى شيخ الطريقة الختمية على قمة الجهاز السياسي للحزب الأتحادى الديمقراطى بعد أنتفاضة رجب/أبريل 1985م وقد كنت شاهداً على ذلك العصر. فى يوم مراسم مواراة جسم الشهيد الشريف حسين الهندى الثرى فى قبة والده الشريف يوسف الهندى كاان هنالك حشداً كبيراً من الأتحاديين ومن القيادات التى كانت تقود النضال مع فقيد الحزب والوطن الشريف حسين. تجمع الأتحاديون وبدأوا يهتفون بأسم أخيه الشريف زين العابدين الهندى تأميناً له بالأضطلاع بالدور الذى كان يقوده شقيقه. وخطب فيهم الشريف زين العابدين الهندى قابلاً للتكليف والتحدى لقيادة عمل االأتحاديين المعارض للنظام المايوى ولم يعترض السيد محمد عثمان الميرغنى ولم يعترض أياً من الختمية وقياداتها لأن المطلوب أصلاً شاق وقد يؤدى لقطع الرقاب والمعروف عن أهلنا الختمية بحكم تربيتهم الصوفية أكثر الناس بعداً عن العنف والصراع. بل أن الأعتراض الذى ظهر كان من الأتحاديين الذين يعتقدون أن السيد أحمد زين العابدين المحامى أحق لأنه كان الساععد الأيمن للشريف حسين ولكن هتاف الجماهير الأتحادية المحتشدة كان فى صف الشريف زين العابدين الهندى وكان أقوى من أن يقف أحد ضده. هذا أضافة لما ظهر من خلاف بين الذين كانوا بالخارج مع الشريف حسين قبل وفاته واشتد واستعر بعد وفاته من قبل الوصول بجثمانه للسودان وكان معظم صراعهم ضد أحمد زين العابدين المحامى. هذا هو الوضع الذى حدث بعد وفاة الشريف حسين الهندى ولم يكن السيد محمد عثمان الميرغنى او قيادات الختمية اى دور فيه. وصار الشريف زين العابدين الهندى يدير الحزب بوضع اليد خلفاً لأخيه الشريف حسين لأن الشريف حسين لم يدعى أطلاقاً أنه رئيس الحزب الأتحادى الديمقراطى ولم يكن رئيس الجبهة الوطنية فقد كان رئيسها السيد الصادق المهدى خلفاً لعمه الشهيد الأمام الهادى وعندما صالح نميرى صار الشريف حسين الهندى قائداً لحزبه فى المعارضة ومعه المقاتلين الأنصار الذين رفضوا مسلك الصادق المهدى وأيضاً معهم بعض الأخوان المسلمين الذين رفضوا الدخول فى مصالحة الصادق والترابى مع النميرى.
والحقيقة التى لا مراء فيها أن السيد محمد عثمان الميرغنى خرج من الخرطوم االى سنكات كما قيل من أول يوم بدأت فيه أنتفاضة أبريل 1985م. وقد كنت وقتها فى نادى اساتذة جامعة الخرطوم مع التجمع الوطنى ضمن مجموعة من قيادات نقابة الزراعيين وكان معى من ضمن الأتحاديين عز العرب حسن ، دكتور عاصم على عبد الرحمن، عامر محمد حسين الجعلى والمرحوم محمود زروق. وعندما سقطت مايو وتكون مجلس قيادة الثورة وبدأت المفاوضات بين النقابات والقوى السياسية ومجلس قيادة الثورة ممثلاً فى اللواء عثمان عبد الله كنت قريباً من القيادات الآتحادية. وحقيقة بعد بيان القوات المسلحة مباشرة بدأ الحوار بين الأتحاديين لتكوين مكتب سياسي وأنتخاب مؤسسات الحزب. جاء الختمية بقيادة العم المرحوم محمد الحسن عبد الله يس وتحدثوا عن معظم اعضاء وقيادات المكتب السياسي للحزب المندمج قد رحلوا وكثير منهم انتمى لمايو وصاروا سدنة ولا يمكن ان يطالبوا بمناداة من تيقى من المكتب السياسي القديم. ولأن الحزب هو كان أندماجاً بين الحزب الوطنى الأتحادى وحزب الشعب الديمقراطى فلابد من تكوين مكتب سياسي من التيارين. هنا رفض الأستاذ على محمود ومحمود زروق بتاتاً أن يكون الختمية جزءاً من الحزب وهم لم يناضلوا مع الأتحاديين ضد مايو برغم أن البعض حاول أقناعهم بأن هنالك من الختمية من قدم العطاء وناضل وتعرض للتعذيب أكثر من كثير من الأتحاديين وذكروا على رأسهم عمر وحسن أبناء حضرة ومحى الدين محمد عثمان وعبد المنعم الطاهر وقد ذكروا كثيراً ممن لم أستحضرهم. وتقدم أحد الختمية ولولم تخنى الذاكرة العم محمد الحسن عبد الله يس بأقتراح أن يتم تكوين مكتب سياسي من خمسين عضواً ، خمسة وعشرون من الأتحاديين وخمسة وعشرون من الشعب الديممقراطى ووافق الذين كانوا مجتمعين على ذلك الأقتراح وأن يرشح السيد محمد عثمان الميرغنى الخمسة وعشرون الآخرين. هنا رفض بعض االأخوان أن يكون من لم يشاركوا فى النضال ضد مايو جزء من ممؤسسات الحزب وعندما صار القرار قرار الأغلبية من القيادات التى كانت مجتمعة خرج الأستاذ على محمود حسنيين والمرحوم محمود زروق وأعلنوا أن الحزب الوطنى االأتحادى. قد تكون هذه الأحداث غير متسلسلة لما اصابنا به العمر فى الذاكرة.
التأم أجتماع المكتب السياسي الخمسينى والذى حضره السسيد محمد عثمان الميرغنى ولم يكن من ضمن الخمسة وعشرون. قبل بداية الأجتماع تقدم عضو وقال أن عرف الحزب الأتحادى أن يرأس الأجتماع اكبر الأعضاء سناً وأقترح السيد محمد عثمان ووافق الأجتماع على رئاسة السيد محمد عثمان لذلك الأجتماع والآخرين أعتبروه أختياراً للسيد محمد عثمان الميرغنى ليرأس كل أجتماعات المكتب السياسي. ومن بعدها بدأوا يعطونه لقب رئيس المكتب السياسي وبعدها ينادونه برئيس الحزب على افتراض ان رئيس المكتب السياسي هو رئيس الحزب لأنه لم يتم انتخاب رئيس للحزب فى ذلك الأجتماع. وما كان لذلك الأجتماع أن يرضى برئاسة السيد محمد عثمان لأجتماع المكتب السياسي لولا أنحياز الشريف زين العابدين الهندى وجماعته للسيد محمد عثمان المرغنى نكاية فى حاج مضوى ومجموعته واصبح تيار الوطنى الأتحادى منقسم على نفسه والختمية كوم صم. فى ذلك الأجتماع تم أنتخاب أمين عام للحزب ومنها بدأت الكارثة التى أدت الى زيادة الأنقسامات لأنه من قبلها هنالك من كانوا رافضين لأن يتولى الشريف زين العابدين الهندى مكان أخيه. وعندما تم ترشيح الشريف زين العابدين الهندى لمنصب الأمين العام أعترض حاج مضوى وجماعته على ترشيح الشريف زين العابدين الهندى أميناً عاماً. وبعد الأجتماع الذى أنتهى بما لا يرضى حاج مضوى ومجموعته خرجوا وكونوا بما يعرف بالقيادة السياسية للأتحادى الديمقراطى. فصار تيار الوطنى الأتحادى ثلاثة تيارات أحدهما بقيادة الشريف زين العابدين الهندى فى الحزب مع السيد محمد عثمان الميرغنى، وهنالك الوطنى الأتحادى بقيادة الأستاذ على محمود حسنيين والقيادة السياسية بقيادة أحمد زين العابدين وحاج مضوى برغم ما فعل الحداد بينهما. هذه هى صورة الحزب بعد الأنتفاضة.
أختار السيد الشريف زين العابدين الهندى سيد احمد الحسين نائباً له والسيد محمد الحسن عبد الله يس أميناً للمال وكانت اجتماعات الأمانة العامة تعقد فى البيوت فى أولها لأن نادى الخريجين لم يكن جاهزاً ومهيأً للأجتماعات لأنه أصلاً كان مصادراً. كان الأمين العام بالنهار معظم وقته لملاقاة الأتحاديين ووفودهم يتم فى مكتب العم عمر حضرة فى وكالة حضرة القريبة من سانت جيمس. وأنا بنادى اساتذة جامعة الخرطوم ارسل لى الشريف زين العابدين الهندى شاباً مستدعياً لى فى وكالة حضرة للعقارات. والمسافة قريبة ذهبت له وقال لى بالحرف لقد تم الأتفاق على تشكيل وزارة الحكومة الأنتقالية وأعطوا كل من الأحزاب السياسية حقبة واحدة وقد أصررت أنا على وزارة الزراعة واريد موافقتك على ترشيحى لك لتتولى هذه الوزارة بأسم الحزب. فقلت له أنى لا أستطيع تولى هذه الوزارة لسببين الأول أنى مرشح من قبل مشروع الرهد الزراعى للتحضير لدرجة الماجستير وهذا هو قبولى من قبل جامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة وهنا قال لى نحن قادرين على تأجيلها لك حتى انتهاء الفترة الأنتقالية ورفضت وقلت له السبب الثانى أن الفترة الأنتقالية هى عام واحد وليست كافية لتحدث تغييراً فى القطاع الزراعى وليست كافية حتى لتنفيذ برنامج واحد لأن طبيعة الزراعة تحتاج لخطط طويلة الأمد حتى تؤدى الى نتائج ملموسة. وهنا قال لى اقتنعت بحجتك الثانية ولكن احملك أن ترشح بديلاً لك من الأتحاديين فوافقت على ذلك وكتب لى مذكرة لسيداحمد الحسين وقال له المسئول عن ترشيح وزيرنا لوزارة الزراعة محمد زين. وقبل أن أذهب لسيداحمد الحسين قررت مشاورة الزراعيين الأتحاديين الذين كانوا معنا فى نادى أساتذة جامعة الخرطوم. ولحسن الحظ عندما رجعت وجدت الأخ عز العرب حسن، الأخ دكتور عاصم على عبد االرحمن والأخ عامر محمد حسين الجعلى وتفاكرت معهم أن كان أى منهم يقبل التكليف وشرحت لهم الأسباب التى جعلتنى ارفض التكليف. وللحقيقة والتاريخ الثلاثة رفضوا ان يتولوا الوزارة مما جعلنى أقترح عليهم الأخ صديق عابدين محمد ولحسن الحظ كلهم يعرفونه ووافقوا على هذا الترشيح. أتصلت بالأخ صديق عابدين وشرحت له كل الملابسات ووافق مشكوراً وذهبنا شخصى وعز العرب وعامر الى سيد احمد الحسين واخبرته كل القصة وقال لى هذه تعليمات الشريف . وكتبت له بعض السطور عن سيرة الأخ صديق عابدين العملية وأعطيته نبذة عن سيرته الحزبية الأتحادية. ونحن معه اتصل باللواء عثمان عبد الله واعطاه اسم مرشحنا بالكامل وكان صديق عابدين وزيرنا فى حكومة الفترة الأنتقالية لأنتفاضة أبريل.
نقول كل ذلك أن السيد محمد عثمان الميرغنى لم ينتزع الحزب بالقوة وأنما سلم له على طبق من ذهب من القيادات الأتحادية وقتها ولم يسلموه له الختمية أتباعه. والأتحاديون هم الذين صنعوا له أتفاقية نوفمبر 1988م المعروفة بأتفاقية الميرغنى قرنق ليجعلوا منه الزعيم الأمجد وعندما وافق على توقيعها كانت تقرأ له وتشرح له حتى داخل الطائرة وماذا يقول بعد التوقيع. وأن كان صاحب الأقتراح لتوقع بواسطة السيد محمد عثمان الميرغنى هو المرحوم محمد توفيق أنطلاقاً بأن فيها بند تجميد قوانين سبتمبر التى تسمى بالأسلامية وقال محمد توفيق لو وقعنا عليها نحن أو سيد احمد الحسين فأصحاب المشروع االأسلامى سيؤلبوا علينا الشعب الجاهل دينياً ويتهموننا بالعلمانية أما أذا وقعها شيخ طريقة دينية فسينقطع لسانهم. وكان هذا تم من اجل الوطن وبحسن نية الآ أن الأستقبال الذى وجده السيد مححمد عثمان الميرغنى بعد التوقيع وأزدياد الحراك والأشادة به جعله يستعلى على الجميع فى ىالحزب واستغلها لزخمه الذاتى ولم يستغلها من أجل الحزب. وهى نفسها الأتفاقية التى جعلته يقع فى أحضان جون قرنق ويستغله طوال مسار التجمع الوطنى الديمقراطى مما أدى لأنفصال الجنوب وهو رئيس التجمع لو وقف الموقف الصلب ضد تقرير المصير حسب ما تقول به مرتكزات وثوابت حزبه لما دخلنا فى الدايلمة التى نحن فيها الآن.
والأتحاديون الذين يشتمونه الآن كانوا داخل عباءته طوال فترة المعارضة المتمثلة فى التجمع الوطنى الديمقراطى وكانوا يسبحون بحمده وعندما كنا نحاول أن ننورهم بالمسار السياسي وأن السيد محمد عثمان لا يمتلك المقدرات الحزبية التى يمكن أن يقود بها معارضة قوية تؤدى لأسقاط النظام وسيستغله اليساريون والقوميون وحملة السلاح فلا تكون ردودهم الا أن يصفوننا بأقذع الصفات ويعلون من شأن السيد يكاد يصل لمرحلة الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والحمد لله فقد كنا تلك الفترة ونحن فى لندن تحت قيادة الرمز المرحوم ربيع حسنين السيد نقود معارضة شرسة ضد نظام الأنقاذ من ندوات وكتابة فى الصحف العربية ولقاءات مع منظمات حقوق الأنسان وعلاقات مع االأحزاب الحاكمة والمعارضة فى العالم ممثلة فى أحزاب الأشتراكة الديمقراطية. وكان مصيرنا عند دخولنا السودان السجون والتعذيب فى بيوت الأشباح الى أن خرجنا ثانية فى أواخر عام 1993م الى الدول الغربية. نحن مع كل من يوجه نقداً قوياً وهادفاً ومؤسساً للسيد محمد عثمان الميرغنى فى مساره الحزبى والوطنى. فنحن فى حاجة لمثل هذذا النقد اذا اردنا ان نبنى مستقبلاً زاهراً لحزبنا ووطننا. والحزب هو وسيلة وليس غاية وأنما الغاية هى الوطن والمواطن السودانى. وأذا صلحت الوسيلة قطع شك أن الغاية ستكون باهرة. وهذا حزبنا الوسيلة لن يستطيع تحقيق أى غايات وهو بهذا الأنشقاق والتشرذم والتنابز بالألقاب والمعارك فى غير ما معترك. وكل من يتعرض لأى قيادة أو فرد أتحادى بالسباب والشتم وبذى القول فلن نصمت عنه وقادرين على أن نرد له كيله بمكيالين.
نختم ونقول من أراد حزبه قوياً فاعلاً فليعمل له ولا يكثر الجعجعة والهتاف الفارغ والحماس الغير مؤسس وليس بالبذاءة تبلغ الغايات. وسنتناول فى مقال قادم أمر الوراثة والتوريث وهل هى كلها شر؟ أم أنها يمكن أن تكون نبراساً لحياة راشدة.؟ وسنتعرض لأمثلة كثيرة فى العالم وفحصها لمعرفة سيئها من حسنها؟ وفى أى مجال أساءت وفى أى مجال أحسنت.

mohamed.z.osman1950@gmail.com

 

آراء