الأمن علينا و المعايش على الله !
على أية حال
--- يبدو أن محور الأمن و الدفاع سيحظى بقدر كبير من ميزانية العام المقبل أيضا ، مثلما حظي بقدر كبير من ميزانيات الأعوام السابقة ، بحسب اشارة وزير المالية في جلسة البرلمان التي تناولت قضية معاش الناس .. و اللافت أن الوزير كان حريصا و هو يشير إلى ذلك ، على أن يلقي بمسؤولية محور المعايش على الله جل في علاه ! - ربما ليبرئ ساحة الحكومة من مسؤولية أية آثار أو ضائقة معيشية قد تحدث نتيجة لذلك حيث قال : ( سندعم الأمن بقوة و المعايش على الله ) ! .
--- إذن يا أيها المواطن .. عليك أن تعلم أن جل ميزانية العام المقبل سيتم توجيهها الى الأمن و الدفاع ، فإذا استفحلت الضائقة المعيشية القائمة ، نتيجة لذلك و تفاقمت ، اذا إرتفعت الاسعار أو إنفلتت ، إذا انهارت احوالك المعيشية فوق انهيارها و زادت أعباءك فاعلم أن كل هذا يدخل ضمن محور المعايش ، لا محور الأمن ، و أن محور المعايش لا يدخل في اطار مسؤولية الحكومة ، فالحكومة عليها الأمن و الدفاع .. و المعايش على الله !
--- إذا زادت حدة الفقر ، و إرتفعت معدلات هجرة العقول و تواصل نزيف الكوادر في التخصصات المختلفة و في التخصصات الطبية و استمر انهيار الخدمة الصحية التي يذهب لها الفتات من الميزانية العامة - [ في ميزانية العام 2015 تم تخصيص 779 مليون جنيه لقطاع الصحة في مقابل 13 مليار و 736 مليون جنيه لقطاع الأمن و الدفاع و الشرطة ] - ، فاعلم أن المسؤول عن ذلك هو الله - جل في علاه - لا الحكومة ، فالحكومة مسؤولة عن محور الأمن و الدفاع .. و مسؤولية المعايش التي يدخل كل ذلك في إطارها ، على الله !
--- إذا تفاقم الفقر ، و تردت الأحوال المعيشية و الاجتماعية فزادت معدلات الجريمة ، و تنامت معدلات الطلاق التي بلغت في العام الماضي "159" الف حالة طلاق في مقابل "247" الف حالة زواج شهدها ذات العام ، و إذا ارتفعت حالات التفكك الأسري و تسودت مانشيتات صحف العام المقبل أيضا بأخبار الانتحار و القتل و الإغتصاب و المخدرات ، فأعلم أن مسؤولية حدوث ذلك لا تقع على الحكومة ، فالحكومة مسؤولة عن محور الأمن و الدفاع ، أما تردي الأحوال المعيشية و الاجتماعية و الفقر و ما يترتب على هذه الأشياء فهو يدخل في محور المعايش .. و المعايش على الله لا على الحكومة !
--- إذا فاجأتك مانشيتات الصحف في العام القادم بإرتفاع مؤشر جرائم الإنحلال الأخلاقي ، إذا إرتفعت نسب معدلات الأطفال مجهولي الأبوين و تجاوزت ال "100" طفل لقيط في الشهر - الرقم الذي تجاوزناه منذ عامين و الذي يتزايد بإطراد ، و إذا استمرت حوادث الاغتصاب في الارتفاع فإياك أن تلقي باللائمة على الحكومة .. فالحكومة قد أعلمتك منذ وقت مبكر أنها مسؤولة عن محور الأمن و الدفاع .. لا عن محور المعايش الذي تترتب عليه و تندرج تحته هذه الأشياء ! و الذي هو على الله !
--- إذا إنهارت منظومة التعليم على إنهيارها و ساءت أوضاع المؤسسات التعليمية على سوءها فاعلم أن ذلك لا يدخل ضمن محور الأمن و الدفاع الذي هو تحت مسؤولية الحكومة . و أن مسؤولية ذلك على الله !
--- اذا إرتفعت ، في العام المقبل و زادت نسبة الإضطرابات النفسية وسط تلاميذ المدارس و تجاوزت الرقم ( 27% ) الذي سجلته هذا العام إدارة الصحة المدرسية التابعة لإدارة الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة ، فلا تنسى أن الباحثين و المختصين قد عزوا ذلك للفقر و لتدهور الأحوال المعيشية و الاجتماعية ، و أن هذا يدخل في إطار المعايش لا في إطار الأمن و الدفاع ، و تذكر أن وزير المالية قد أخبرك أن المعايش ليست على الحكومة ، فالحكومة مسؤولة عن الأمن و الدفاع ، و المعايش على الله !
---- و إذا إرتفعت و تمددت نسبة إدمان المخدرات وسط الشباب و تفشت و إنتشرت ظاهرة تعاطي الحبوب المنشطة و المخدرات في المدارس و الجامعات فأعلم أن الخبراء ، و الدراسات أرجعت مشكلة ادمان المخدرات للبطالة و للتفكك الأسري و لتردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية ،، و أن ذلك يدخل في محور المعايش التي أعلمتك الحكومة أنها على الله ..
--- إذن إذا حدث ذلك او شيء من ذلك فلا تلومن الحكومة .. فالحكومة قد اعلمتك منذ وقت مبكر أنها اختارت القيام بمسؤولية الأمن و الدفاع .. و أن معاشك على الله !
--- على أية حال : ليت الحكومة تعلم أن الله الذي ترجو أن يتكفل بأمر معاش الناس و إختارت أن تتكفل هي بأمر أمنهم ، قادر على أن يتكفل بأمر أمنهم أيضا الى جانب معاشهم .. فهو لا يعجزه أن يتكفل بالأمن و المعاش معا ، ليتها ( تخت اليقين في قلبها ) و تتوكل على الله و تبحث عن حلول أخرى بعيدا عن ( حيطتها القصيرة ) ميزانية ( الأمن و الدفاع ) التي أفقدت البيوت الأمن و سلبت البلاد الهدوء و الإستقرار .
sawsanyaseen1@gmail.com