القسم السياسي بحكومة السودان ودور الوطنية السودانية .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
The Political Service and the Role of Sudanese Nationalism
W. Travis Hanes وليم ترافس هانز
ترجمة بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لمقتطفات من مقدمة كتاب دكتور وليم ترافس هانز المعنون: "الدبلوماسية الإمبريالية في عهد إنهاء الاستعمارImperial Diplomacy in the Era of Decolonization: The Sudan & Anglo Egyptian Relations, 1945 – 1956"
والكتاب، بحسب ما جاء في عرض منشور له، يتناول الدور الذي لعبه خبراء القسم (القلم) السياسي بحكومة السودان في تحديد العلاقة بين البريطانيين والمصريين في إدارة شئون السودان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما طلبت مصر رسميا مراجعة اتفاقية مصر وبريطانيا (صدقي – بيفن) الموقعة عام 1936م، وما حدث بعد ذلك من توقيع اتفاقية جديدة في عام 1953م، عقب قيام الثورة المصرية. ويبين الكتاب العوائق التي زرعها الموظفون البريطانيون في حكومة السودان أمام وضع تلك الاتفاقية الجديدة، حتى على حساب خطط الحكومة نفسها لمنح السودان استقلاله التام. ويميل الكاتب إلى أن بيفن (وزير الخارجية البريطاني) تخلى عن مبادئه المعلنة التي كانت تنادي بمنح الشعوب المستعمرة استقلالها، وعقد تلك الاتفاقية مع مصر حفاظا على مصالح بريطانيا الاستراتيجية، مخاطرا بحق السودان نفسه في تقرير مصيره، وذلك بتوصية من خبراء القسم السياسي بحكومة السودان.
والكتاب هو في الأصل أطروحة دكتوراه قدمها وليام ترافس هانز لجامعة تكساس في مدينة أوستن، وكانت تحت إشراف المؤرخ الشهير وليام روجر لويس. وعمل دكتور هانز أستاذا للتاريخ في عدة جامعات في ولاية تكساس، ومن أشهر مؤلفاته كتاب "حروب الأفيون The Opium Wars".
وهنالك الكثير من الكتب عن الوطنية في السودان بأقلام سودانيين مثل محمد عمر بشير ("الثورة والوطنية في السودان"، 1974م)، وجعفر محمد علي بخيت ("الادارة البريطانية والحركة الوطنية في السودان" 1972م) ومدثر عبد الرحيم (Imperialism & Nationalism in the Sudan). ولصفوت فانوس مقال ترجم بعنوان "دور بريطانيا في قيام وتطور الأحزاب السياسية في السودان"، ولعبد الله علي إبراهيم مقال بعنوان: Sudan Nationalism or Nationalisms نشر في مجلة "احترام" عام 2009م.
المترجم
****** ******* ************
كان أمضى سلاح في ترسانة حكومة السودان، وهي تخوض معركة معارضة الاتفاق البريطاني – المصري الذي كان سيقوض خططها المستقبلية للسودان، هو سلاح "الوطنية" السودانية. وتاريخ منشأ "الوطنية السودانية" له قصة مثيرة، ولكنها تتعدى نطاق هذه المقدمة. وأعد المحتوى الحقيقي لـ “الوطنية السودانية" أقل أهمية من مجري العلاقات المصرية – البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية من ذلك الالتفاف الذي قام به القسم السياسي بحكومة السودان، ونكوصه عن تأييد ذلك التقارب البريطاني – المصري. ويمكننا القول هنا – جدلا بلا شك – بأن "الوطنية السودانية" كانت هي نفسها من صنع القسم السياسي بحكومة السودان لدرجة كبيرة. وكان صنعها لتلك الحركة جزءً من جهادها ضد أي اتفاق بريطاني – مصري قد يعرض أجندتها في السودان.
ومر تطور الحركة الوطنية في السودان في غضون الحكم الثنائي بتعقيدات كانت مصدرها عوامل داخلية عديدة. ويمكن أن نعد أن بدايات ظهور الحركة الوطنية السودانية قد ظهرت ضد الاستعمار التركي – المصري مع قيام الحركة المهدوية في نهايات القرن التاسع عشر، والتي توجت بسقوط الخرطوم، وقيام الدولة المهدية. وكان أخشى ما يخشاه الحكم البريطاني – المصري في سنواته العشرين الأولى هو عودة المهدية من جديد. ورغما عن أن المهدية كانت تمثل للبريطانيين نشاطا سياسيا دُنْيَوِيّا / زَمَنِيّا، إلا أنهم كانوا يدركون أيضا أنها حركة دينية في الأساس. ورغم أن البريطانيين كانوا يتعاملون مع المهدية كما يتعاملون مع أي حركة سياسية أخرى تتحدى (أو قد تتحدى) قواعد حكمهم، إلا أن معارضة السودانيين للمهدية كانت لها بعض الظلال والإيحاءات الدينية العميقة، خاصة عند رجال بعض الطرق الصوفية التي كانت سائدة في وقت إعلان المهدية في ثمانينات القرن التاسع عشر. وكان هؤلاء يكنون العداء للمهدية لإلغائها قديما لطرقهم جميعا، ويشعرون بالتهديد من احتمال عودتها من جديد، ويعارضون أشد المعارضة مجرد التفكير في أي محاولة أو توجه يسمح بإحيائها من جديد. وكان أشهر هؤلاء هم رجال طائفة الختمية، تحت قيادة السيد علي الميرغني، والذي أجبر عندما كان صغيرا للهرب إلى مصر في رفقة عائلته خوفا من بطش المهدية. لذا فقد وقعت الوطنية السودانية بعد الحرب العالمية الأولى في شراك صراع تنافس طائفي بين الختمية (تحت قيادة السيد الميرغني)، والمهدية الجديدة (تحت قيادة السيد عبد الرحمن المهدي).
ومنذ بدء "الحركة الوطنية" شكل الصراع الطائفي في السودان الخلفية للتطور السياسي في السودان. غير أن الإرادة البريطانية في السودان كانت هي نفسها من رعت ظهور حركة وطنية حديثة بالبلاد. وعلى الرغم من أن الحكم المهدوي كان قد انتصر على كل معارضيه وبسط سيطرته على كل القبائل بشمال السودان، إلا أنه لم يستطع اجتثاث كل حركة أو قبيلة معارضة له، ولم يكن كل من في السودان يؤمن بصحة المهدية ابتداءً. وبقيت "المهدية الجديدة" بزعامة السيد عبد الرحمن حركة طائفية على وجه العموم. وفي جانب آخر، بزغت حركة وطنية حديثة من أوساط السودانيين الذين تلقوا تعليما غربيا حديثا في مدارس الحكومة وكليتها. وكان الغرض الأولي من إعطاء السودانيين ذلك التعليم هو توظيف الخريجين السودانيين في الوظائف الإدارية الدنيا، ليحلوا محل الموظفين المصريين. ومن هؤلاء "الأفندية" (كما كان يسميهم البريطانيون) ظهرت الحركة الوطنية السودانية الحديثة.
وبدأت أولى تحركات تلك الحركة الوطنية الجديدة في السنوات القليلة التي تلت الحرب العالمية الأولى. فقد بدأ ضابط صغير من أصل دينكاوي يعمل في الجيش المصري بحملة شعارها "السودان للسودانيين". وسرعان ما عاقبته السلطات على فعلته تلك بالسجن. غير أن الحملة لم تتوقف عند ذلك الحد. ففي عام 1924م بلغ التوتر بين المصريين والسودانيين حد الكارثة. وظهر علي عبد اللطيف مجددا، وكان قد أطلق سراحه في ذلك الوقت. غير أنه في هذه المرة كان يدعو للتحالف مع مصر، كأقصر طريق لبلوغ الاستقلال عن الإدارة البريطانية في السودان. وعقب العديد من الاحتجاجات (كان من بينها اضراب الطلاب الحربيين بالخرطوم)، جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بتزامن احتجاجات بعض العسكر السودانيين مع اغتيال السردار ستاك في القاهرة. ومنحت تلك الأحداث للسلطات البريطانية في السودان كل ما تحتاجه من أدلة لتثبت أن "الأفندية" لا يمكن الوثوق بهم، وأنه من الخير لتلك السلطات أن تعتمد في حكم السودان على القادة "القبليين" و"التقليديين". وتمخضت أحداث عام 1924م عن قيام الإدارة (الأهلية) غير المباشرة، عبر القادة السودانيين التقليديين، والمشايخ والزعماء. وشكل كل ذلك سياسة الحكومة في إدارة مناطق السودان المختلفة.
وظلت "الوطنية السودانية" هامدة نسبيا من بعد إخماد نيران حركة 1924م، وانصراف الحكومة عن صفوة المتعلمين من خريجي مدارسها، وإلى حين إبرام المعاهدة البريطانية – المصرية في 1936م. ولم تواجه الحكومة أي تحد أو معارضة أساسها مبادئ الوطنية أو شعاراتها. وتجاهلت الإدارة الحكومية طبقة "الأفندية" تماما، ولم تلجأ لاستخدامهم إلا كمساعدين محتملين لرجال الإدارة الأهلية من النظار والشيوخ والعمد. ولكن مع استبدال السير جون مافي حاكم عام السودان بالسير استيوارت سايمز في عام 1934م، تغير وضع "الأفندية"، وصار لهم اعتبار وحيثية مكنتهم من إحياء ما خمد من "الوطنية السودانية".
كان السير استيوارت سايمز قد قرر أن يوقف سياسة سلفه في الحكم فيما يخص "الحكم اللامباشر" والإدارة الأهلية، وأن ينتهج سياسة جديدة قوامها الإصلاح، وزيادة رَفاهة الشعب السوداني المادية عن طريق مضاعفة النمو الاقتصادي والتحديث. وجاهد الحاكم العام الجديد كي يصد تيار ورأي القسم السياسي بالحكومة، فأمر بمراجعة مناهج تعليم السودانيين، وأعلن عن نيته إدخال المتعلمين السودانيين في سلك الوظائف العليا. ووجه أيضا بتحويل شعار الإدارة الأهلية في الحكم اللامباشر المنادي بـ "التفويض devolution" إلى سياسة "التخفيف dilution"، والتي هدفت لإحلال السودانيين المؤهلين محل غيرهم في الوظائف، وإدخال الديمقراطية في نظام الإدارة الأهلية الأوتوقراطي (انظر مقال ثيوبولد المترجم بعنوان "التطورات السياسية في السودان الإنجليزي – المصري". ورغم ذلك، فقد بقي التقدم في إنفاذ تلك السياسة بطيئا، بسبب التَلَكُّؤ المقصود عند الإداريين في القسم السياسي للحكومة.
وكان يوم التوقيع على اتفاقية صدقي – بيفن (1936م) يوما فاصلا بالنسبة للمشاعر الوطنية السودانية، وحاسما بالنسبة لموقف القسم السياسي لحكومة السودان من سياسة "التخفيف"، ومن سياسات الحاكم العام الجديد الإصلاحية. فقد كان الإداريون البريطانيون يخشون من أن تتمخض تلك الاتفاقية عن عودة المصريين للمشاركة في إدارة البلاد، وكانوا يفضلون ترقية الموظفين السودانيين ليشاركونهم في إدارة البلاد على أوبة الاداريين المصريين للسودان مجددا. وفي ذات الوقت شعر المتعلمون السودانيون بأن طرفي الحكم الثنائي قد انتقصا من قدرهم وعملا على "تهميشهم" في مفاوضاتهما للوصول لاتفاقية 1936م (التي استغرقت نحو تسعة شهور). وعد المتعلمون السودانيون كذلك العبارة التي وردت في الاتفاقية والتي جاء فيها بأن الغرض من الحكم الثنائي هو "رَفاهة الشعب السوداني" انتقاصا مزريا لقدر الشعب السوداني، ويظهره بمظهر العاجز عن تحقيق ذلك الهدف، وعن حكم نفسه بنفسه، أو بدون عون خارجي. وكرد على ذلك الانتقاص، وبمباركة وتعاون تام من الإدارة البريطانية، شرع بعض متعلمي السودان في عام 1938م في تكوين "مؤتمر الخريجين العام" بحسبانه الممثل الواعي لآراء وأفكار الطبقة "المستنيرة"، والقادر على توصيل تلك الآراء والأفكار للحكم الثنائي (جاء في مقال بالإنجليزية لصفوت صبحي فانوس بعنوان (دور بريطانيا في قيام وتطور المجتمع المدني في السودان) أن " الجمعيات الأدبية مثلت النواة التي انبثق منها "مؤتمر الخريجين" والتنظيمات السياسية التي بدأت في التكوين عقب تخفيف الحظر على ممارسة العمل السياسي في عام 1936م حين وقعت الاتفاقية بين مصر وبريطانيا. وكان لتلك الاتفاقية عظيم الأثر في إحداث تغيير كبير في السياسة البريطانية في السودان، إذ فتحت تلك الاتفاقية السودان لسيل كبير من الموظفين والجنود المصريين. وخشي البريطانيون من أن تؤدي زيادة الوجود المصري في السودان إلى تحالف بين السودانيين والحركات القومية / الوطنية المصرية يضر بمصالحهم في السودان، ولذا فقد مضت حكومة السودان في إتباع سياسة أكثر انفتاحا وتشجيعا لمنظمات المجتمع المدني".
وأصيبت الإدارة البريطانية بالسودان بخيبة أمل عظيمة وهم يرون "مؤتمر الخريجين" يتورط في المنافسة والمناكفة الطائفية بين السيد علي الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي. وكان الزعيمان الطائفيان يتسابقان للظفر باحتواء ذلك "الجسم الجديد" القادم لعالم السياسة السودانية. وهنا ظهر تيار ثالث لا ينتمي لأي من الطائفتين، بل يؤمن بوطنية سودانية علمانية. وقاد ذلك التيار إسماعيل الأزهري (والذي سيغدو فيما أقبل من سنوات أول رئيس للوزراء لحكومة السودان المستقلة). غير أن الأزهري وأتباعه من "الأشقاء" سرعان ما أدركوا استحالة الخروج من دائرة الصراع الطائفي بين السيدين الميرغني والمهدي.
وظلت المسائل السودانية السياسية المهمة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تدور حول سؤالين يتعلقان بأفضل الطرق للتخلص من الحكم الثنائي، وتأييد أو معارضة السيد عبد الرحمن المهدي. وطالما ظلت المسألة الأولى متشابكة مع المسألة الثانية، فلا مجال إذن لأي نجاح لحركة غير طائفية في المؤتمر (أو السودان ككل). وكان على السودانيين المفاضلة بين ثلاثة خيارات: التعاون مع حكومة السودان، أو السعي لنيل التأييد المصري، أو رفض التعاون مع المصريين ومع البريطانيين، والبقاء في حالة عزلة دون أن يأبه لهم أحد. وأيقنت فصائل وطنية مختلفة في مؤتمر الخريجين بأنه ليس بإمكانها مصادمة المصريين والبريطانيين معا وسعى كل فيصل من فصائل مؤتمر الخريجين الرئيسة (أتباع المهدي، والميرغني، والأشقاء) لاستخدام الإدارة البريطانية ضد الفصيل الآخر. وثار سؤال حول طبيعة علاقة مصر بالسودان أمام الفصيل الذي كان يؤيد مصر في صراعها ضد حكومة السودان: هل يعتبرون السودان جزءً أصيلا من المملكة المصرية (كما يصر المصريون دوما)، أم هو دولة منفصلة؟ كان كثير من "الأشقاء" يؤمنون بأنه يجب أن يرتبط السودان بمصر في نوع من الوحدة، لا سيما وهما يشتركان في الأصل واللغة والثقافة والتجربة التاريخية. غير أن أتباع السيد عبد الرحمن في المؤتمر كان يرفضون بشدة أي نوع من السيادة المصرية على السودان، ولا يقبلون بأدنى مساومة في ذلك الموقف.
ومع مرور السنوات بدأ واضحا جدا أن السيد عبد الرحمن قد ألقى بثقله مع حكومة السودان. ولم يجد الختمية (المعارضون لكل ما هو مهدوي) إزاء ذلك سوى الانضمام للأشقاء، لأسباب طائفية وتكتيكية، والتحالف مع المصريين. وأمام تلك المواقف المتصلبة لطرفي الصراع الطائفي سعى البريطانيون في الحكومة السودانية للمناورة بقدر الاستطاعة. ومن ذلك قيامهم باقتراح مبادرات اقتصادية وإدارية وسياسية من أجل إنفاذ السياسة التي سنها القسم السياسي بحكومة السودان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نفوذهم في التخطيط لمستقبل السودان.
وكان رأي القسم السياسي بحكومة السودان أن للصراع والمنافسة والكيد بين الميرغني والمهدي فائدة وخطر في آن معا. كانت الفائدة تكمن في إتاحة المجال لحكومة السودان للقول بأنه ما من فصيل واحد في الحركة الوطنية بقادر على الحديث باسم السودان بكل فصائله الوطنية، وهذا يوجب على الحكومة أن تقرر بنفسها أين تقع مصلحة السودان. وفي ذات الوقت، أجبر الانقسام بين الوطنيين السودانيين حكومة السودان على منافسة مصر من أجل الظفر بتأييد الطائفتين. ولأسباب تاريخية معلومة لم تكن حكومة السودان تتوقع أن يميل المهدويون نحو مصر والمصريين أبدا أو يرضوا بوجودها في السودان. وهذا ما شكل خطرا محتملا على الختمية، الذين عرفوا بميلهم لمصر. وقدرت الحكومة أن تأييدها العلني للسيد عبد الرحمن المهدي وأتباعه في المؤتمر سيدفع بالسيد علي وجماعته دفعا نحو الارتماء (أكثر) في أحضان المصريين.
نخلص إلى أن الطائفية في السودان قد حدت من قدرة حكومة السودان على رفع لواء "الوطنية السودانية" كفعل مضاد لدعاوى مصر في ثنائية حكم السودان، رغم أنها (أي الطائفية) كانت قد قدمت لها سلاحا مفيدا منعت به قيام بريطانيا من بيع السودان (بالجملة) لمصر، في مقابل تحالف عسكري مقبول مع القاهرة. واستخدم رجال القسم السياسي بحكومة السودان ذلك السلاح خير استخدام، وبقدر ما سمحت به مهارتهم – إلى أن ارتد ذلك السلاح عليهم- من دون سابق إنذار – فأصاب أرجلهم، وخرب خططهم التي كانوا قد أعدوها لمستقبل السودان.
alibadreldin@hotmail.com
////////////////////