الأمة التي لا تقوم بنظافة مدنها أمة لا تبني نهضة أو حضارة!!
هذا بلاغ للناس
الامة التي لا تقوم بنظافة بلادها أمة ليست جديرة بالاحترم؛ أمة عاطلة ؛ فالأمم التي تعتمد على العمالة الوافدة لكنس شوارعها وجمع نفاياتها أمة لا ولن تبني نهضة وحضارة ، فالحضارات تبني وتقوم بسواعد بنيها ؛ فالأمم التي تستكنف وتتكبر على القيام بنظافة بيئتها هي أمة إتكالية مستكبرة ؛خاصة لو إن كانت معتفدات واعراف تلك الأمة تحض على شمولية النظافة . فالحضارات تقوم تحت اصرار مواردها البشرية على المشاركة في مناشط حياتها وتعتمد على نفسها لا غيرها ؛ الحضارات تبنى بحبات عرق شعوب تلك الأمم. فالأهرامات بناها الفراعنة ؛ حدائق بابل بناها العراقيون ؛ أهرامات البجراوية بناها النوبيون السودانيون ؛ أهرامات المايا - في أمريكا اللاتينية - بناها الهنود الحمر؛ الاكروبوليس بناه اليونانيون ، بعلبك بناها- سكان لبنان القدماء – الفينيقيون ؛ نواعير حمص بناها السوريون ؛ والتحف المعمارية المتمثلة في مساجد اسطنبول بناها الاتراك في عصر الخلافة الاسلامية العثمانية.!!
فمن يلقي نظرة عابرة على شوارع أحيائنا نجد أنها مليئة وتزخر بالنفايات والتي نلقيها بأيادينا في شوارعنا واحيائنا ومرافقنا ونيلنا وكأنها جميعاً ليست ضمن خارطة جغرافية بلادنا واحيائها؛ كما أن مسئولية نظافتها ورعايتها على مواطني اولانباتور المغول ؛ وإن كل الامراض التي نعاني منها سببها شعب وسكان غير سكان بلدنا وكأنها ليست من فعل ايادينا المؤذية . فلنتساءل: هل كل هذا ناتج عن سوء فهمنا وإدراكنا ولا مبالاتنا وجهلنا لمعنى صحة البيئة خاصة أن المناخ في بلادنا بحد ذاته بيئة مشجعة لأمراض المناطق الحارة ؟! هل أننا لا نعلم أن لدينا موسم أمطار هو أيضاً بيئة خصبة لتوالد الذباب والناموس وكليهما مولد للدوسنتاريا والملاري؟! ؛ فما بالنا إن كنا نعلم علم اليقين أن حالة المناخ في بلادنا هي بيئة حاضنة للأمراض ونحن النين نزيد الطين بلة بإلغاء القازورات في الطرقات التي هي أصلاً بيئة حاضنة ومشجعة على توالد الحشرات والتي هي مسبب رئيس في أغلب الأمراض التي نعاني منها لأنها أماكن تجمع مياه لمياه الأمطار ومستنقعات لتوالد البعوض.
الحفاظ على صحة البيئة هي مسئولية الحفاظ على صحتنا وصحة أسرنا بل والاجيال القادمة ؛ إن صحة البيئة هي أهم ركن من أركان الصحة الوقائية. وحتى نحافظ على صحة البيئية علينا أن نزرع ثقافة صحة البيئة ؛ بدءً من توجيه اطفالنا بعدم رمي النفايات في قارعة الطريق ؛ وتضمين مناهج مدارسنا ما يغرس هذه الثقافة ونكرس للمنطلق العقدي في فهم تلاميذا لذلك ؛ وبأن نعلمهم أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة ؛ والأذي المتعمد هنا هو ما نلقي به من نفايات وقاذورات وحيوانات نافقة بأيدينا في قارعة الطريق عملاً بحكمة جحا بأن كل حدث خارج سور منزله هو غير معني به ؛ بمعنى آخر أننا أعداء أنفسنا ؛ فنحن من نسيء لصحتنا بأنفسنا لأننا نتسبب مباشرة في نشر المرض بيننا ونقله للآخرين في البيئة المحيطة، كل هذا لأن اعلامنا لا يقوم بمسئولياته تجاه المجتمع وانسانه ؛ ولأنه مشغول بالساسة والسياسة قبل صحة الانسان؛ فالإنسان أهميته تكمن في صوته الانتخابه فقط ما عدا ذلك فهو لا يساوي خردلة ، وليت الاعلام وساستنا نشروا الوعي بصحة البيئة بدلاً من المكايدات السياسة التي في بدئها ومنتهاها هي شهوة الحكم ؛ وليتها كانت قد استنفرت الطلاب في اجازاتهم الصيفية ومنتسبي الخدمة الوطنية وقوات الشعب المسلحة لخدمة المجتمع في نفير يتنادى وبتواطأ على نظافة مدننا وبهذا يزرعون ثقافة نظافة البلاد كونها مسئولية كل فرد من أفراد المجتمع بمختلف شرائحه على أن تشجع قيام منظمات عمل لمدني وجمعيات خيرية تعنى أمر صحة البيئة . ماذا لو أن استنفرت المحليات والمعتمديات والولايات كل شباب الاحياء على أن تكافئهم الدولة بمقابل تشجيعي إذ أنها في كل الاحوال تدفع لشركات نظافة مما تجبيه من السكان من رسوم مقابل النظافة وجمع القمامة وهي خدمة أما وهمية أو ضعيفة ؛ ثم نتبع ذلك تدريجياً بغرس نظافة المرافق والشوارع بسواعد ابنائنا .
إن الزائر لأي بلد يحكم عليها من مستوى النظافة والحفاظ على البيئة فيها ؛ ويتطلع في وجوه من يقوم بهذا العمل ؛ فإن وجدهم من أهل البلاد استقر في وجدانه أن هذه أمة ناهضة تعمل بجد من أن يكون لها موطيء قدم ومكانة بين الأمم . فهل شاهدنا وافد يكنس وينظف شوارع أي دولة من النمور الأسيوية ؛ لقد زرت معظمها ولم أر غير أهلها هم الذين يقومون بذلك ؛ بل ويقومون بذلك بمنتهى الحماسة وبكل فخر. إن عقوبة إلقاء النفايات في سنغافورة مثلاً خمسة وعشرون دولاراً سنغافورياً غرامة فورية؛ وقيل لي يومها أن المبالغة في الغرامة هو تعبير عن مدي إدراك الشعب مسئوليته في مشاركة الدولة عن أهمية النظافة كأمر مقدس ومكلف في ذات الوقت هدفه درأ الأمراض والحفاظ على صحة البيئة ويظهر الصورة الحضارية المشرقة عن الوطن. يومها علمت أن ضمن مناهج المدارس السنغافورية كتاب يحتوي ثلاث فصول؛ وهي مسئولية التلميذ تجاه الوطن ؛ الاداب العامة والذوق العام؛ عندها فقط أدركت سر معجزة تقدم النمور الآسيوية ومنها وسنغافورة!!
أما في بلادنا فما أن فاحت رائحة البترول على قلته حتى ظننا أننا أصبحنا من أكبر دول أوبيك وأوابيك ؛ وحين شممنا رياح البترودولار اصبح جميعنا شيوخاً نزدري شرف العمل ولا يقبل احد إلا أن يكون أمير لدرجة أن الكارو لم تجد من يقودها او يقود الحمير. أول الوجوه التي تقابلك في المطار هي وجوه أسيوية تحمل هويات وتصاري دخول المطار وهم في أوفرولاتهم ؛ حتى ليحسب القادم أن كل دول أفريقيا إتجهت إلينا لصيانة طائراتها ؛ ربما لأننا نملك أكبر مركز متخصص لصيانة الطائرات ؛ وتصدم حينما تكتشف أن كل هؤلاء ما هم إلا عمال نظافة استقدموا كعمال نظافة كما هو الحال في دول الخليج ؛ نعم بالتأكيد أن أدوات ومعدات النظافة تقدمت فهل من الصعب تدريب كل هذا الجيش من شبابنا المتعطلين من ذي المؤهلات الدراسية الدنيا في التعامل مع هذه معدات النظافة الحديثة؟! ، هل هي تكنولوجيا متقدمة تحتاج لقدرات عقلية خارقة؟!
مسئولية شركات النظافة التي ظهرت كالنبت الشيطاني – وأنا لست ضدها أو ضد كثرتها ؛ ولكن ضد أن يكون هناك أي نافذ أو متنفذ أن يختبيء تحت هذه المؤسسات التي قامت تحت أسماء الإخوة والأقارب للقيام بمهام النظافة في المؤسسات التي يرأسونها وللحصول على أكبر هامش من الربح يستسهل استقدام عمالة رخيصة مقابل أن يظهر كل العيوب والمثالب في العمالة الوطنية مثل التسيب والكسل والجهل وعدم القدرة على استيعاب تشغيل المعدات ؛ وكما يقولون أن " الفقرا بيعرفوا بعض " فنحن المغتربين في دول الخليج ندرك أسرار وخبايا مثل هذه الترهات التي تطرح لتشرعن عمل الوافد وتحرم الوطني من شرف العمل في وطنه فيصبح المواطن في بلده وبفعل رجال الاعمال متعطلاً وليس عاطلاً .!!
إن الراتب الذي يحصل عليه عامل النظافة الوطني يدور في الاقتصاد الوطني ويحدث تنمية اقتصادية ويحرك السوق ويزدهر السوق والتجارة ويطور الموارد البشرية ، بعض دول الخليج لديها العذر لتستقدم العمالة الوافدة ويرجع ذلك لقلة تعداد سكانها ؛ فما هي أعذارنا؟!!
دبرت وفكرت يا ولدي فلم أجد عذراً لأحد؛ سواء لرجل أعمال؛ أو لوزارة الموارد البشرية المستحدثة ؛ ولا لوزارة العمل ؛ ولا مراكز التدريب المهني . أليس هناك جهات رقابية في ممثلياتنا في الخارج لتستمع لكل ما تتناقله العمالة الوافدة المستقدمة في تلك الدول عما تصف به تلك العمالة أهل تلك الدول التي كانوا يعملون فيها وتعميم أي عمل سلبي فردي ليشمل سمعة تلك الدول بصورة مطلقة. أم أن بعض من كانوا مغتربين وعادوا واصبحوا رجال أعمال ما زالت هناك بقايا من عقدة التحكم التي يطلق عليها نظام الكفيل والكفالة فأرادوا ممارسة ما كان لهم وجة نظر متحفظة عليه.!!
رحمة أيها الأحبة بالوطن واقتصاده وانسانه.. كفى أن تكونوا أنتم والزمان على الغلابة الغبش ؛ أمنحوا المتعطلين فرصة خدمة نظافة بيئة وطنهم فليست هي( هاي تك).!! .. اللهم أكفني شر أهلي فالأغراب نحن كفيلون بهم .. ربي أرفع عنا شهوة الطمع للمال على حساب المواطن الغلبان الاغبش الضعيف إذ أن بيننا من لا يجد لقمة يومه؛ اللهم أدِم علينا نعمة التكافل بين الغلابة الغبش حتى لا يقال أن هناك مواطن مات جوعاً بينما نحن نشاهد يومياً أعلانات عن منتج جديد استهلاكي لا قيمة مضافة منه إلى الاقتصاد الوطني!!
abubakr ibrahim [zorayyab@gmail.com]