الساحل والصحراء.. حركة أزواد.. الأزمة المالية!!

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بلاغ للناس
قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية



توطـئة:
%    إن واحد من أهم الكتاب في الشأن الأفريقي – من وجهة نظري الشخصية- هو الأخ الأستاذ/ مكي المغربي والذي لا أعلم لماذا لم يدلِ بدلوه في هذا المعضل الشائك ، ولكني أتعشم أن يكتب، ولعلها جرأة مني أن أكتب عن حركة الأزواد  وهو موجود، ولكن عذري أن كتابتي  تعد من باب المعلومات العامة غير المتخصصة والهدف الذي يسوغ لي ذلك هو مجرد إلقاء الضوء على ملمحٍ في هذا الملف الذي لا يعلم الكثيرون عن خلفياته شيئاً، وربما لأننا نعتبر السودان جغرافياً هو العالم كله، وأن لا أحد غيرنا يشاركنا سكنى هذا الكوكب، ومرد ذلك أن الاعلام السوداني بشتى وسائله موغل في المحلية ، فأما معظم اهتمامه ينصب على الأخبار السودانية والتي هي حقاً متلاحقة ومتسارعة ، وهذا لا يعيبها ولا يعفيها من أن تفرد لها حيزاً، وكان من الضروري تهتم بأخبار وأحداث القارة لأننا ننتمي إليها، كما أن الملاحظ ومالا تخطئه الأذن والعين معاً أن البرامج الحوارية المحلية والفن يحتلان جل مساحة قنواتنا الفضائية، أما الاخبار الإقليمية والعالمية فتأتي مختصرة  وفي ذيل نشراتنا!!
المتــن:
%     فما يحدث اليوم في مالي هو حدث مثير وجدير بالاهتمام  ولا بد لنا من تليط الضوء عليه خاصة أن السودان عضو في تجمع الساحل والصحراء وعليه لا بد لنا من معرفة جذور هذه المشكلة فعندما أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد, إحدى أكبر فصائل المتمردين الطوارق, عن إقامة "دولة أزواد" في شمال مالي في 5 إبريل، تأكد للمراقبين أن هذه التطورات المفاجئة يحمل في رحمها مخاطر ومكاسب في آن واحد لدول الجوار وتحديدا الجزائر وموريتانيا. فمعروف أن منطقة شمال مالي التي تقع في عمق الصحراء الإفريقية الكبرى على الحدود مع النيجر والجزائر وموريتانيا، يعيش فيها ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من القبائل العربية وقبائل الطوارق المسلمين ذوي الأصول الأمازيغية. وتمتد منطقة شمال مالي أو كما يطلق عليها الطوارق " أزواد" على مساحة تعادل مساحتي فرنسا وبلجيكا ، إلا أن السبب الرئيس هو الإهمال الذي تعرض له الطوارق والعرب لعقود على يد حكومات مالي المتعاقبة. فمعروف أنه عندما استقلت جمهورية مالي عن الاستعمار الفرنسي في عهد الرئيس القوي مديبوكيتا في 1960 ضمت بالقوة ولايتي كيدال وتمبكتو الصحراويتين اللتين تشكلان أكثر من ثلث أراضي البلاد، وبالنظر إلى أنه ظهر منذ البداية انحياز ثقافي معادي للهوية العربية والإسلامية في شمال مالي ولجأت الحكومات المتعاقبة في باماكو التي ينحدر جل أعضائها من الجنوب المنخرط في الأجندة الاستعمارية منذ عقود لممارسات أسست لتهميش هذه المناطق، فقد أحس الطوارق بالخطر الذي يتهددهم وبدأوا ثورتهم في العام 1961 انطلاقا من كيدال ليلاقوا ردا عنيفا من طرف الجيش المالي، وحاول الرئيس المالي مديبوكيتا حينها فرض شروطه عبر سياسة الحديد والنار، ونجح في إقناع المغرب والجزائر بتسليم القيادات الطوارقية التي ساهمت في الثورة.
%     ولعل من المهم أن نوضح أحدى أهم الحقائق  التاريخية أنه ومنذ عام 1961 وحتى مطلع 2012, اندلعت أعمال عنف وتمرد متكررة كانت تنتهي باتفاقيات سلام هشة مع الحكومة المركزية بوساطة ليبيا والجزائر. وفي الشهور الثلاثة الماضية اشتعل التمرد مجددا في شمال مالي وساعد على ذلك عودة مئات الطوارق سواء الذين كانوا يدعمون ا القذافي أو الذين فروا من الفقر والقتال في مناطقهم إلى "أزواد" مجددا وهم محملين بمختلف أنواع الأسلحة التي وصل بعضها إليهم بشكل أو بآخر. أن التوتر الحاصل بين الأزواد والجيش النظامي المالي يعدّ أحد إفرازات الحرب التي حدثت في ليبيا. ويضيف أن "كمية الأسلحة والذخائر الحية التي تمّ تهريبها إلى المنطقة ، وعودة الكثير من أبناء المنطقة إلى الديار ساهم في إشعال فتيل الحرب مجددًا أن "هذه المؤشرات تزامنت مع تصاعد حالات الفقر والبطالة، الأمر الذي هيّأ لعودة العنف المسلح كتعبير سياسي متشدد، يرفض الحوار، ويطالب باستقلال منطقة الأزواد"."
%     ربما يتساءل البعض عن السبب الذي يدعو التحالف " الصهيو يورو أمريكي" يتكالب على مالي، أو يتساءل لماذا هذه الحماسة من قبل فرنسا وما هي دواعي إسراعها بالتدخل؟! إن الدهشة تزول حالما نعرف أن إقليم أزواد هو وجبة دسمة في عيون المصالح الغربية الامبريالية الصهيونية ، وبالطبع لا سوق بدون أصحاب مصالح أو لصوص ، فأمريكا وفرنسا وبريطانيا  هم أصحاب المصلحة واللص في هذه الحالة هي إسرائيل، حيث أثبتت دراسات أجرتها شركة توتال الفرنسية أن هذا الإقليم يحتوي على ما يعادل ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، إلى جانب مخزون ملحي يكفي لخمسين سنة مقبلة، ناهيك عن البترول واليورانيوم". الآن علينا أن نقول إذا عُرفَ السبب بطلَ العجب!!
الحاشية:
%    إن المراقب للمشهد في الصحراء الكبرى  لا بد أن يتوقع عدة سيناريوهات يمكن أن تحدد مسار الأحداث بعد إعلان الحركة الوطنية لتحرير أزواد استقلال شمال مالي. وهل الجزائر يمكن أن تتحرك باتجاه نزاع قريب على حدودها الجنوبية؟ هناك بالضرورة  كثير من المحاذير لتوسع رقعة النزاع وعدم الاستقرار، لأن عدة مناطق تواجه وضعا غير مستقر، وتصعيدا في مناطق محاذية مثل شمال مالي، وجنوب ليبيا. ولا يجب أن ننسى الخلاف بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية، ولكن البلد الأكثر عرضة للخطر هو النيجر. ومع ذاك فإنه يتعين على جيران مالي أن تتحسب لتفجر الوضع وأن يأخذوا المخاطر المحدقة بالمنطقة بمنتهى الجدية. إن مالي تعتبر دون أي جدال أضعف حلقة في منطقة الساحل وانهيار نظام القذافي فجّر الوضع'' الجزائر كانت صائبة لما رفضت التدخل العسكري الأجنبي في المنطقة ربط المختص في الجماعات الإسلامية إثر وقوع شمال مالي بين أيدي متمردي حركة الازواد التي أعلنت استقلالها عن باماكو، إضافة إلى فرض كل من الجماعة الدينية أنصار التوحيد، والجماعة المسلحة حركة التوحيد والجهاد المنشقة عن القاعدة، منطقها وتقديم أنفسهم كفاعلين محوريين في المنطقة.
%     السؤال المهم هو: عن مدى ارتباط حركة أزواد بتنظيم القاعدة ، و القراءات الأولى التي ربطتها بالقاعدة؟! . بالنسبة لي فإتي أرى أن هذه القراءة يمكن أن تكون متسرعة، لأن أهداف هذه الجماعة تختلف عن تماماً عن القاعدة،. بل وعلى عكس القاعدة التي تهتم بالعنصر العربي في صفوفها لذلك فهي تختلف عنها، حيث إنها مكونة من عناصر غير عربية وتوارف، وهي تعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية. أما الفاعل الثالث، فهو ما يسمى بجماعة التوحيد والجهاد وهي أحد الحركات الطوارقية، فهي لا تملك القوة حتى تفرض نفسها، وتفرض ما تريد، وقد سبق وأعلنت انفصالها عن القاعدة''. وعن امتدادات ما تشهده مالي من أحداث، وتداعيات ذلك على المنطقة،: ''ينبغي أن يقرأ الوضع انطلاقا من الوضع الداخلي المالي، الذي ستكون له امتدادات على دول كتشاد وموريتانيا والنيجر وبوركينافاسو''. كما أن دول غربية عبرت عن استعدادها بالاعتراف بدولة الأزواد إذا قدمت الأخيرة الضمانات الكافية في محاربة القاعدة، والمساهمة في إقامة الأمن والاستقرار في المنطقة، كما حصل الأمر مع جنوب السودان وجيبوتي وأريتيريا''. واعتبر أن لجوء الدول الغربية إلى التدخل العسكري من أجل إعادة الاستقرار في المنطقة مستبعد، كونها أدركت جيدا عدم مقدرتها على مجاراة فاتورة حرب العصابات خاصة وأن الأزمة المالية والاقتصادية ضربت هذه الدول فأقعدت عنجهيتها وصلفها وتباهيها بما تملكه من قوة وذراع طولي تصل بها أي مكان في العالم.
الهامـش"
%     أهم تحليل قرأته هو للخبير المغربي خالد الشكَراوي، الخبير في الشؤون الافريقية أن هذا الموقف تاريخيا وسياسيا يكشف عن مدى التهديد الذي يطال الوضع الحالي في مالي، وقال إنه يجب مقابلة هذا الوضع من خلال اتخاذ المجال الافريقي الغربي مدخلاً للغرب للسطو على ثروات هذا البلد التي  تتركز في الشمال المضطرب وليس من العقل أن يضع الغرب كل البيض في سلة الاسلاميين فلا بد من دعم النظام  الشرعي الذي سيكنه من الهيمنة والقبض على  هذه الثروات، وبالتالي هذا يفرض على  الدول المغاربية إجراءات ومواقف حازمة تتجاوز التنديد لحماية هذا الموروث الصوفي الثقافي المشترك، والدفاع عن الوضع الثقافي والاسلامي بهذا المجال، وأضاف الشكَراوي أنه يجب العمل على حل مشكلة شمال مالي التي قال إنها لن تمس فقط تمبكتو، ولكن "ربما سوف تمس كافة أمن منطقة الساحل والصحراء، وربما بعد ذلك المجالات المغاربية، خاصة الحدود الجزائرية المالية، بالإضافة إلى الحدود المالية الموريتانية" حسب الخبير المغربي. في السياق ذاته، أكد الشكَراوي أن الموقف الجزائري من مسألة الأمن في منطقة الساحل والصحراء مازال غامضا، وقال إنه "لحدود الساعة ليس هناك أي موقف حازم سواء اتجاه أنصار الدين أو اتجاه حركة تحرير أزواد أو حركة التوحيد والجهاد".
%    الغرب يقوم كالعادة بلعب دوره القذر المعهود،  فها هي دوله توزع الأدوار فيما بينها حتى لا تقطع حبل الاتصال مع هذه الجماعات في حال تغير أي ميزان للقوى، بالرغم من أن مجلس الأمن الدولي قد طلب إعداد خريطة طريق لإنهاء هذه الحرب خلال 45 يوما، من أجل إصدار إذنه الذي يشكل رخصة، وربما عزيمة، لاستخدام العضلات الحارقة لحل مشكلات، نشأت أصلا في الأذهان، وقد يكون من الممكن ومن الأجدى أن تعالج في الأذهان ،لا ريب أن اقتطاع 70% من أرض "دولة مستقلة ذات سيادة" يعتبر في فقه القانون الدستوري والقانون الدولي خطيئة كبرى، خاصة وقد أُضفيت على الحدود الموروثة عن الاستعمار قداسة بمقتضى الاتفاقيات الدولية وبمقتضى ميثاق الاتحاد الأفريقي على نحو خاص.. لكن السلاح قد نزع عن تلك الحدود قدسيتها في العديد من الحالات منها، فيما يتعلق بالفضاء العربي الإسلامي أو ما شابهه، حالات باكستان وبنغلاديش (مع العلم بأنهما غير متصلتين جغرافيا أصلا)، وإثيوبيا وإريتريا، وإندونيسيا وتيمور الشرقية، والسودان وجنوب السودان، وهذه الأخيرة هي أحدث الحالات وربما أبلغها أثرا (واقعا أو متوقعا) في الخريطة العربية الإسلامية.
قصاصة:
%    قال الشاعر:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا ** فما حيلة المضطر إلا ركوبها.
* يا أمة الاسلام استيقظي!! .. عوافي عليك وكمان مائة عوافي!!



Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]

 

آراء