*بقدر ما يحزننا ما يجري في بلادنا من نزاعات وحروب أججت الفتن وأشعلت النيران وخربت العمران ودفعت المواطنين للجوء إلى أوروبا‘ بقدر ما نقدر التضامن الإنساني الذي تداعت له أوروبا لمعالجة أزمة تدفق آلاف اللاجئين السوريين. *لسنا في مجال البكاء على الأوضاع المأساوية التي أدخلت بعض البلاد نفسها فيها بسبب فشلها في حل نزاعاتها الداخلية‘ لكننا حزانى على فشل بلادنا في معالجة الخلافات الداخلية بين مواطنيها. *نكتب هذا بعد أن شهدنا كيف تدافعت الدول الأوروبية لاستيعاب آلاف اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا في أوضاع إنسانية صعبة‘ وبهذه المناسبة دعونا نحيي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي بادرت بالإعلان عن مشروع بلادها لاستضافة المزيد من اللاجئين‘ ودعت دول الاتحاد الأوروبي لاستيعابهم. *مجلس العموم البريطاني قرر عقد جلسة طارئة لمناقشة الخطط الحكومية لاستضافة عدد من اللاجئين وقال ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إن بلاده ستستوعب 20 ألف لاجئ سوري خلال الخمسة أعوام القادمة. *من ناحيته قال مستشار النمسا فريزنيمكان إنه حان الوقت لوقف تدريجي للإجراءات الاستثنائية تجاه اللاجئين‘ فيما قال رئيس وزراء أستراليا توني أبوت إنه سيسمح لمزيد من طالبي اللجوء السوريين لدخول أستراليا كما دعا وزير الخزانة الأسترالية جوش فرايدنتبرج إلى توفير مساكن لهم. *هذه الأزمة التي أقلقت العالم أعادت للأذهان أخلاقيات" الواجب الإنساني" كما عبر عنها الفيلسوف الألماني أمانويل كانط التي قال فيها إن الواجب الأخلاقي يدفعنا لأداء الواجب تجاه طالبي المساعدة بغض النظر عن معتقداتهم أو إثنياتهم أو توجهاتهم أو جهاتهم. *هذا يدفعنا نحن وجارتنا الوليدة دولة جنوب السودان - أصحاب الوجعة - لتكثيف الجهود بجدية وصدق لحل مشكلاتنا الداخلية بأنفسنا بدلاً من تركها تتفاقم وتستفحل. *إننا ندق أجراس الخطر للانتباه لتداعيات ما يجري في بلادنا من خلافات ونزاعات ودمار‘ وفي نفس الوقت نحيي التداعي الإنساني الأوروبي تلبية لنداء الواجب الأخلاقي.