خروج بعثة اليوناميد من دارفور: التوقيت والآثار
————————————
تقضت لباناتِ وجدٍ رحيلِ - ويشف من أهل الصفاء غليلُ
ومدت أكفّْ للوداعِ تصافحت - وكادت عيونٌ للفراقِ تسيلُ
ولابد للإلفين من ذمّ لوعة - إذا ما الخليل بان عنه خليلُ
،،،، إبراهيم الموصلي ،،،،
✍️ كما هو متفق فقد تقرر إنهاء مهمة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لعمليات السلام في إقليم دارفور غربي السودان - المعروف إختصاراً ب "يوناميد" بنهاية هذا الشهر ديسمبر 2020 بعد عملها في الإقليم المضطرب لمدة 13 عاماً ،، وأنشأت قوات اليوناميد عام 2007 بقرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تحت الفصل السابع والتي تتكون من عدد 26 الف جندي تم توزيعهم في كل أنحاء إقليم دارفور في 35 مركزاً بغرض توفير الحماية للمدنيين والمساعدة في ضمان إيصال المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية والتابعة للأمم المتحدة مع توفير الأمن وسلامة الموظفين العاملين في تلك المنظمات الإنسانية لتقديم الغذاء والكساء والدواء والخدمات العلاجية للمدنيين العزل الناجين من هجمات المليشيات الحكومية.
?وعلي الرغم من سقوط نظام البشير وتوقيع إتفاق للسلام بين الحكومة المدنية وبعض حركات الكفاح المسلح في إقليم دارفور غربي البلاد مع إستثناء (عبدالواحد) والذي شهد واحدة من أعنف الصراعات الأهلية المسلحة في هذا القرن وإرتكب فيها النظام البائد أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون مواطن وتسببت في نزوح وتشريد أكثر من أربعة ملايين مواطن إلي معسكرات إيواء داخل الإقليم المنكوب وبعض دول الجوار المحيطة بالإقليم ،،، وعلي الرغم من توقيع إتفاق السلام إلّا أن المخاوف تنتاب المواطنين من تصاعد حالات العنف والإنتهاكات بسبب الفراغ الأمني الذي يتركه خروج بعثة اليوناميد !! فحتي في وجود البعثة كانت هناك بعض الإنتهاكات ضد المدنيين العزل (قتل ، نهب وإغتصاب) فكيف يكون الحال بعد رحيل البعثة؟؟
☀️ لقد تم الإتفاق علي إنشاء قوات وطنية مشتركة بين الجيش السوداني وجيوش الحركات الثورية الموقعة علي إتفاق السلام مؤخراً ،، إلا أن كل المؤشرات تدل علي أن مهمة هذه القوات لا تزال علي المحك في ظل الإستقطاب الأمني والسياسي الحاد في السودان عامة وإقليم دارفور خاصة حيث لم يبدأ إنزال الإتفاق علي الأرض وسط الهشاشة الأمنية والإجتماعية جراء عقود من الحروبات والصراعات وعدم الإستقرار وحالة التشظي المجتمعي التي وصلت ذروتها في عهد النظام البائد بإذكاء نيران الفتنة القبلية والصراعات العرقية التي إنتهجها النظام البائد الذميم في سياسته القذرة ( فرّق تَسُد ) لإضعاف كل المكونات من أجل أن يستمر في الحكم إلي ما لا نهاية!!
✍️ إذا نظرنا إلي مخاوف المواطنين ( أصحاب المصلحة ) نجد أن خوفهم له ما يبرره ويدعمه خاصة وقد تظاهروا في المعسكرات رفضاً لهذا القرار ( إنهاء وجود البعثة ) وإعتصم المتظاهرون في معسكر "كلمة" التي تقع بالقرب من مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور - وهي أكبر معسكر للنازحين في البلاد - تظاهروا ورفعوا لافتات تؤيد إستمرار عمل البعثة وترفض مغادرته ! نسبة لعدم ثقتهم بالقوات النظامية السودانية ومليشياتها المتهمة بإرتكاب المجازر والإنتهكات لقرابة العقدين وكانوا سبباً رئيسياً فيما وصل إليه الإقليم من تدهور وتمزق ! لذلك فإن المواطن يري بأن من كان سبباً في المشكل لن يكون جزءاً من الحل !! وعلي الرغم من أن هذه البعثة سوف تخلفها بعثة أخري تحت البند السادس وهي "يوناتميس" للمساعدة في تنفيذ إتفاق السلام وإعادة بناء المؤسسات وإعمار ما دمرته الحرب لكن حتي وصول تلك البعثة يبقي السؤال : من الذي سيوفر الحماية لهؤلاء المدنيين العزل في إقليم شاسع مترامي الأطراف وفي مساحة فرنسا في ظل إنتشار السلاح العشوائي في أيدي كثيرٍ من المليشيات والعصابات غير المنضبطة والخارجة عن القانون ؟ لذلك تظل قناعتنا بأن الوقت المناسب لخروج قوات اليوناميد هو بعد تشكيل القوة الوطنية المشتركة وإستلام مهامها من أيدي قوات اليوناميد بعملية تسليم وتسلّم.
m_elrabea@yahoo.com