"كانت الانسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدمو عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدل أن يشتغلوا باصلاح حماقات ارتكبوها" جورج برنارد شو
مدخل
من أنتم لولا البسطاء ؟ الحرب ضحاياها البسطاء والجوع ضحاياه البسطاء والحب ضحاياه البسطاء والتاج ضحاياه البسطاء من أنتم لولا البسطاء؟ كان رسول الله بسيطاً وزعيماً فوق الزعماء من أنتم لولا البسطاء ؟ نحن الأرض ونحن الحرث ونحن الزرع ونحن الماء من أنتم لولا البسطاء؟ حفنة أسماء جوفاء أعباء تنجب أعباء أشياء تخلف أشياء وغباء في ظل غباء من أنتم لولا البسطاء؟ نحن التاريخ فمن أنتم ؟ نحن الناس يا أزياء فاحترمونا ياعباد المال و أتباع النبلاء
الشاعر: عبدالله بن علوش الهاجري
الموضوع
«فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير حق»
لقد اتحد الشعب بكل أطيافه منذ إنطلاق ثورة ديسمبر مع قوى الحرية والتغيير من أجل إسقاط نظام الإنقاذ ، وبعد حين أكتشف الشعب بأن الأحزاب عن بكرة أبيها شكل واحد ، فمن اليمين إلى اليسار شاهدة مشنقة فقط ، فهم لا يبغون في الأرض سوى مماراة الحكم ، وأي مماراة في الحكم أكثر من أن تتحدث قوى التغيير عن النضال والنقاء الثوري وهم يتقرفصون فوق أثافي النفاق .. وما أثافي النفاق إلا التوق لمواقع الأقدام والسكوت في مواقع الكلام (ازمة شح الدواء) وافتعال المعارك مع طواحين الهواء والأوهام (لجان لا حصر لها) ، وأن تفعل قوى التغيير كل ذلك في وقت يرى فيه الناس بالعين المجردة كل الدواهي التي تحيط بالسودان والتي يجب أن تتجه إليه جهود الإصلاح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تصيب الفاجعة كل أرجاء الوطن الحبيب. وبهذا أصبحنا تائهين ، نمسي ونصبح في هذا الوطن على ذات الشاكلة وبدلا من أن ينتقل الحوار الوطني إلى اصطلاح أهداف الحكم ومرتكزاته الفكرية أصبح التقليد الأعمى هو السمة الغالبة وهو الحوار العقيم القديم المتجدد حول رموز الحكم الجديد وهياكله من تجمع مهنيين "وقوى إجماع" سميت بالوطنية "ونداء سودان" لم نسمع فيه نداء لأبناء الوطن إلا من الأنصار والحزبين ، "واتحاد ديمقراطي" لم نرى فيه ديمقراطية إلا تلك التي تتخذ من الحق شعارا جهارا يتم تدجينه لمغالبة الحكم الديمقراطي بأشكال رمزية كرتونية ، فكم وكم يصبح السودان على وطن وكم وكم يصبح السودان على امل حكم رشيد بينما قادتنا همهم الأعظم نصيب كل منهم من تركة السلطة بعد سقوط نظام الإنقاذ. والمضحك المبكي إن ما لم تفسده الأيام والسنين الطوال في المعارضة أفسدته السلطة في دقائق معدودات من عمر الثورة! فبعد نوال السودان لاستقلاله لم تجد القوى الاستعمارية بديلا فاعلا تضعه بحيث يتم إخضاع الناس وقهرهم وتغيب عقولهم سوى في تكوين أحزاب سياسية تدين بالولاء لتلك القوى الاستعمارية وليس للسودان حتى تمارس كل أنواع السياسات الشمولية بصورة تبدو وطنية .. هل أحدثكم عن أثافي النفاق أكثر ، أم ما تراه الأعين أصبح واضحا للجميع.
أثافي النفاق .. قضية الدين
إن الدعوى الكاذبة من جانب النشطاء الخلصاء بأن دين الدولة هو ما يعيق تقدمها يعد جرما أدبيا وثقافيا وتاريخيا يجب أن لا يمر مرور الكرام. فهم يتحدثون عن التجربة الغربية الرشيدة في الحكم التي خلصت ادعاءاتها بأن الدين لا شأن له بالدولة! وهل هذا كلام عقلاء؟ فإن التجارب الأوروبية التي تقوم عليها الديموقراطيات الحديثة قضت بتنصيب رؤسائهم وفق مرجعية الكنيسة ، أي بأن يكون هذا الرئيس او ذاك منتمي إلى طائفة الكنيسة التي تتعهدها الدولة وترعاها ، ولا تسمح بتنصيب رئيس دون عقيدة دينية ، وماذا عن الولايات المتحدة الدولة العظمى!! فكل رئيس يأتي لابد أن تتم مراسم تنصيبه من داخل كنيسة سان جون القريبة من البيت الأبيض!! إذن فإن دين الدولة لا مساس فيه ، لكن سياسينا الجدد يطمحون لطمس الهوية وتشكيل هوية أخرى بادعاءهم الكاذب بأن الدين هو أصل كل فجور سياسي و تناسوا فجورهم الذي لا يغتفر وهو تعمية العامة عن أصل الخلاف وهو خلاف سياسي بحت. أي أنه خلاف بين اليمين واليسار حول شكل وضع وتنظيم عمل السياسة ، ولا شأن لدين الدولة بكل من يصدحون بافتراءات مضللة وكاذبة. وكان من الأجدى للنشطاء ومن ورائهم من أحزاب بأن لا يتهموا الدين ولا يخلطوا بين فواعل البشر المتغيرة وأصول الدين الثابتة ، فالنظام السابق لا يمثل الدين بل يمثل نفسه ، كما أن النظام عموما لا يمثل الدولة في كينونتها .. إنها الجدلية الأعظم التي يخطئ في تفسيرها العوام في أرجاء الأرض الأربعة حين يخلطون بين النظام والدولة ، فالدولة هي الكيان القائم والمستقل عن أي نظام ، وكان من الأجدى أن يتم التعامل مع القضية بصورة منطقية بأن يتم تناول جدلية «"الدين والسياسة"» بدلا من «"دين الدولة"» ، فدين الدولة قائم لا يمكن المساس به أبدا ، وكل التجارب الغربية المتأصلة لاتسمح بالمساس بدين الدولة لكنها تعمل على عدم خلط الدين بالسياسة وهذا هو المطلوب إثباته. أما غير ذلك فهو نفاق حزبي جديد يتشح بثوب الفضيلة التي تخفي من رزائل وفتن لا حصر لها.
أما الذي يدعي إلى السخرية من عقول الناس وفي نفس الوقت يتناسى العبثية في التخطيط والذي لا يمكن السكوت عنه أبدا ، هو ادعائهم بأن كل أخطائهم الوزارية (شح الدواء مثلا) والتنظيمية (التي أفضت لفشل تقرير السلام خلال ثلاثة أشهر و امتدت لتسعة أشهر من عمر الحكومة) هي من صنع أناس آخرين وربما كيد من الأعداء فهذا الأخير ضرب من التعهير السياسي ، وإن أخطر ما يهدد الانظمة هي «فجوات التصديق بينها وبين قواعدها» ، وهذا ما نراه اليوم بأم أعيننا بأن قواعد تلك الأحزاب من الجماهير باتت فاقدة للثقة في قياداتها من المثقفاتية حتى بدأت تلك الأحزاب تلعب لعبة نحن الحكومة ونحن المعارضة (نحن الساس ونحن الراس) أي بأننا سنملك الملك شئتم ام ابيتم ، لذلك على كل إنسان سوداني صادق النوايا أن يطالب بمطلب واحد فقط حتى تستقيم حال دولته وهذا المطلب متمثل في مقولة واحدة «"سودان بدون أحزاب"» على أن تستبدل تلك الأحزاب نفسها بالحركات السياسية ، فالحركة السياسية تعمل على تقوية وحدة الصف الجماهيري بينما الحزب يعمل منفردا لإضعاف وحدة الصف بين تفريق الناس وتشتيتهم بين الأحزاب ذات المطالب الفئوية الضيقة التي تستهدف مباشرة سلطة الحكم ، حتى أصبحت الأحزاب الدينية تنافس الأحزاب العلمانية والأحزاب الطائفية تنافس الأحزاب الفكرية ، فبعض الناس يخلطون بين الحركة السياسية الجماهيرية والحراك الحزبي الفئوي الذي هو أصل كل بلية سياسية حلت على رؤوسنا. وبذلك لا يوجد حل حقيقي لمشكلة السودان إلا في تكوين جبهة وطنية جامعة متمثلة في كيان سياسي واحد يضم كل تلك الأحزاب التي تعمل مجتمعة على تحقيق الأهداف الوطنية الجماهيرية وليس تحقيق أهداف الحزب فقط للوصول الى سدة الحكم.
فلا يفيد قضايانا العامة والهامة ، ولا يفيد أهالينا أينما حلوا أن تكون أمور حياتنا السياسية موضوعا للتندر والتفاخر بالنفس في مجالس الأنس التشريفية على موائد النخبة التي يدمنها نفر في مجالس يختلط فيها الحق العام بالطموح السياسي الخاص ، ويختلط فيها نوال السلطة بالكيد والتشفي من الفرقاء السياسيين ، حتى اختلط الجد بالهزل وأصبحت أجهزة الدولة مدعاة للسخرية والتهكم على الآخرين بدلا من تطوير وتنظيم المشاريع السياسية لبناء سودان حقيقي وليس بناء سودان جديد .. وهذا الشعار تحديدا يعد أحد السخافات الثورية التي تم بها تدجين عقول الشباب. فمن قمم السخرية من عقول الناس هي اصطلاح مسميات ورموز تعمل على تسطيح عقول البسطاء ، وإلا فما معنى سودان جديد؟ وبماذا سنفعل بالسودان القديم؟ هل سنحرقه حتى تشفي صدور قوم غادرين؟؟
أصبح النقاش في السودان "الجديد" لجاجة وترديد مسميات وفرضها على الواقع اليومي ، بل أصبح جزءا من معاش الناس الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا يتجادل في الوقائع والحقائق إلا الجهلاء ، لأن الوقائع والحقائق يتثبت منها العقلاء بالعودة إلى الموسوعة وسجلات الوثائق التي تفضح كل نوايا السياسيين المتحزبين وكل هذا هو شأن نفر لا يحسنون التفكير ولا يحسنون التدبير لكنهم يحسنون الإرهاب الفكري ضد كل صاحب رأي مغايير. فالمنهج الوحيد الذي يهدي إلى الحق هو منهج الإعتراف بحقائق الحياة لا مغالطة الواقع ، ومنهج الوضوح في القول لا الحديث المغمس عن خصوم الماضي وسيئات الأقدمين ، ومنهج إحترام عقول الناس لا افتراض جهلهم وغبائهم بترديد الشعارات ، ومنهج المعالجة السليمة لقضايا المجتمع المتغير لا فرض واقع جامد لا يمكن التثبت من صحته وعافيته.
فعندما تشتبه الأمور على الناس فلابد من الإعتبار بآخرها ، وها نحن قد وصلنا إلى آخرها ، حكومة تكنوقراط لم توفر معاش الناس ، ولم تعالج الخلاف السياسي بين الخصوم برغم حاضنتها قوى الحرية والتغيير بل ازداد الانقسام انقساما ، وهذه الأواخر تنبئ بأن الانشقاقات هي سمة السياسيين على مر العصور والأزمنة والأدهى والأمر هو تزامن عمل القوى السياسية في الحكومة والمعارضة وهذا ما ابتغوه بوصفهم سودان جديد ، بأن يكونوا هم النظام وهم المعارضة ، وأن سقط النظام ينتصبون مجددا من بؤرة المعارضة لصنع نظام جديد وهكذا تدور الدوائر وهلم جر. وبين هذا وذاك يتم الطرح الموضوعي لقضايانا العامة بنشر الشعارات التي ترددها "التجمعات" فيتناقلها الابعدون والاقربون من كل باهت ضمير في الوقت الذي تموت فيه أحلامنا أمام أعيننا وأصبح جل العمل الوطني يقف عند حد ابتذال الشعارات وتهريج المنابر على حدب وصوب. فإن أزمة السودان الحقيقية هي أزمة التثاقف ، أي اكتساب الثقافة من الأجانب وليس صنعها ، أزمة التثاقف تقوم على الاعتزاز بالثقافة الأجنبية وتطبيق القيم والنظريات المستقاة من الثقافة الغربية بدلا من الاعتزاز بما ورثناه من قيم وعادات حميدة شكلت مضمون ارثنا الثقافي والاخلاقي والانساني الذي يتحاكى به القاصي والداني في كل الدول المجاورة والإقليمية عن كرم السودانيين واخلاقهم الحميدة وتكافلهم مع القريب والبعيد وتضامنهم جماعة ..
«وأن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون» البقرة 146
الوحدة الوطنية أم ديمقراطية القلة
يرتجي الناسُ أن يقـومَ إمــامٌ ناطقٌ في الكتيبة الخرســاء كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه والمســاء فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة عند المسير والإرســـاء إنما هذه المذاهب أسبـــاب لجذب الدنيا إلى الرؤسـاء
وبهذا نطرح تساؤل مشروع وهو: ما المبرر الأساسي لقيام كيان إعلان قوى الحرية والتغيير؟ الجواب: من أجل خلق تنظيم سياسي ديمقراطي جامع يلم شتات أهل السودان بعيدا عن تمزق الحزبية الضيقة ، وتفتت القبلية ، وشقاق الطائفية الراسخة في وجدان أتباعها .. تنظيم يكون الولاء في داخله للوطن لا لكيان اجتماعي او عرقي معين. تنظيم تكون الممارسة السياسية فيه بالحوار الموضوعي لا الهتاف العشوائي وسيادة رأي التجمع .. تنظيم ترتكز فاعليته على الجهد الفكري والبحث والدراسة لا صيحات الاتباع وافتعال المواكب. تنظيم يدرك ان اي جهد سياسي لا يهدف إلى تحقيق وحدة الأمة ، وإشاعة السلام والعدل الاقتصادي والاجتماعي ، وتوفير كرامة الانسان فيها لا كشعارات وإنما كبرامج محددة .. إنما هو تنظيم لا يستحق اسمه ، وبذلك لا تستحق قوى الحرية والتغيير اسمها لانها لم تشرع لا في ترسيخ معاني الحرية وفتح باب الديمقراطيات (بل قاموا بالعكس باحتلال المنابر والتغني بالامنيات التي حققت ديمقراطية القلة) وكذلك لم تشرع في التغيير على أي صعيد يرجى منه خيرا ، فلم يتحقق السلام ولا العدالة الانتقالية ولا غيرهما من أمنيات الثورة. إذن ما الجدوى من أحزاب "قوى الحرية والتغيير"!!!
فليس من بين القضايا العامة من اسرار إلا عند الذين جعلوا ديدنهم في الحياة هو الهمس الخائر ، والتخريج الباطل ، والقياس الفاسد والسعي بين الناس بنميم وتشويه الصور .. نقع من الأباطيل والسفاسف التي تفضح وهن وهشاشة هذا الكيان بما فيه من تجمع .. وهي اباطيل وسفاسف لا تنفذ إلى جوهر القضايا بل تقف عند هوى الأفراد وكلهم هالك وذو نسب في الهالكين بعيد.
فكيف نشهد لتاربخ يزور حاضرة ، ناهيك عن مستقبله إن كتب له مستقبل. فتسجيل التاريخ ، وتدوين وقائعه ، وتقويم عبره ، إنما هو جهد أدبي وفكري يلتزم إيصاله للعامة على أكمل وجه. وهذا التسجيل يتطلب الاستقصاء وليس الإقصاء ، وتقويم عبرة وليس مفردات شعاراته الرنانة ، ويقتضي التجويد في صنع القرار وليس التغني بالمآثر الثورية السابقة حتى يتمكن سياسي قوى التغيير من مناصبهم ، وكل هذا يقتضي الأمانة الفكرية قبل المسؤولية الوطنية وان نتطرق إليها اليوم قبل الغد بكل الصدق والشجاعة.
لقد ظل المواطن السوداني منذ سبتمبر الماضي يطالب الحكومة بالشفافية ويرجو منها التوضيح لما يجري من بؤس لحاله المشهود ، ولم تأتي إجابة واضحة واحدة حقيقية تفصح عن طبيعة مجريات الأمور بل أصبح مسير المواطن موغل في درب توعرت مسالكه ، وبلادنا تسير في طريق جم المشاعب لا يلوح في أفقه خير ما يرجى من التغيير. وظلت دعاوي السياسيين تقول بأن ما يعانيه أهل السودان إنما هو طارئ عابر فرضته عليهم ظروف ليسوا بصانيعها ، وكأن المشاكل التي كاد يجدب معها البلد العاشب ما هي إلا كوارث من صنع الطبيعة ، لا نتاجا لأخطاء أحزاب قوى التغيير ، واستمر التعهير السياسي في القول والفعل بأن معاناة أهل السودان الواقعة على رؤوسنا الآن ما هي إلا إنعكاس لغضب السماء لا نتيجة حتمية لسوء النفس بالاماني العاطلة والغاشة والتوكل على الله دون ان نعقلها .. فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، وها قد لدغنا من جحر الاحزاب مرارا وتكرارا. هل فقدنا إيماننا حتى لدغنا مرارا كثيرة أم فقدنا حدسنا وحسنا بالحقيقة؟ لا لم نفقد إيماننا لكن حدسنا بالحقيقة قد خاننا وحسّنا أصبح مشوه بأيدي الغادرين من الأحزاب والنخب البراغماتية.
أما عن دعوات التبرير لهذا الجسم الوهم الذي اوهم جموع شعبنا بأن القيادة فيه لا هرمية بدعوى إن القيادة السياسية تريد ان تتيح للقاعدة فرص القيادة ، فهي دعوات باطلة لإخفاء الحقائق وتسطيح العقول وتشتيت الرأي العام عن طبيعة ما يجري داخله ، لاستدامة مفعول هذا الكيان في التلون والتخفي وتغيير الثوابت بغير حق .. وهل يستقيم البيت دون قيادة هرمية يتولى فيه الأب والأم مسؤولية تنظيم شؤون رعاياهم؟ فكيف يستقيم سودان كامل بدون قيادة هرمية!! لكن التعهير السياسي في أيامنا هذه على أشده: فكما تم تغيب البرلمان عمدا لتجنيب الحكومة مسؤولية المحاسبة ، تم تغيب الإدارة الهرمية للتجمع والكيان الحزبي لقوى التغيير لإبعاد اللوم عن المنفذين الحقيقيين ووضع صور كرتونية في الواجهة يستطيب بها الشعب ، فكما أنه لا يوجد منصب بدون إنتخابات فلا شرعية بلا آلية محاسبة.