Tharwat20042004@yahoo.com
ثروت قاسم
مقدمة :
يوم الجمعة الموافق 20 مارس ، نجحت مصر أخيراً في فرتكة وتبويظ مبادرة وإتفاقية الدوحة بخصوص ” دارفور” ، كما نجحت من قبل في تبويظ مؤتمر القمة العربي الإستثنائي بخصوص غزة . في يوم الجمعة هذا , إستجاب الدكتور خليل إبراهيم لإغراءات القاهرة ، وقرر تجميد محادثات الدوحة بين حركته ونظام الإنقاذ . وساق كذريعة طرد حكومة الخرطوم لـ 13 منظمة طوعية عاملة في مجال الإغاثة في دارفور . وقبل ذلك هدد بنسف مبادرة الدوحة ، إذا شارك فيها فصيل دارفوري غير حركته ، بعد أن رأى أن خمسة فصائل دارفورية قد توحدت في ليبيا , وتزمع المشاركة في محادثات الدوحة , جنباً إلى جنب مع حركته . كما هدد دكتور خليل خلال فبراير الماضي , بأنه سوف يجمد مشاركة حركته في مبادرة الدوحة , لو أصدرت محكمة الجنايات الدولية أمر قبض ضد الرئيس البشير ، لأنه لن يقبل أن يشارك في مفاوضات , مع نظام على رأسه مجرم مطلوب من العدالة الدولية , او كما قال . نعم لقد تعددت ذرائع الدكتور خليل ، والهدف واحد . وهو تبويظ مبادرة الدوحة حسب رغبة مصر. اولا كيداً لدولة قطر ، التي تعاديها مصر عداءاً مكشوفاً . وثانيا لان مصر تعتبر السودان مستعمرتها الخاصة .
وفي يوم الجمعة 20 مارس ، وبتحريض من سياسي سوداني تضرر من طرد منظمة طوعية تعمل في منطقته , هاجمت السفيرة سوزان رايس مندوبة أمريكا في مجلس الأمن ، نظام الإنقاذ لطرده للمنظمات الطوعية , وطالبت الخرطوم بالعدول عن قرارها , وإلا فإن أمريكا سوف تحمل الرئيس البشير شخصياً , مسئولية دم أي دارفوري يموت بعد الآن نتيجة لقرار حكومة الخرطوم الظالم .
وفي هذا الأثناء تعكف الدكتورة سمانتا باور ، في مجلس الأمن الوطني الأمريكي ، على وضع اللمسات الأخيرة لاستراتجية السودان , التي تحدد السياسة التي سوف تتبعها إدارة الرئيس أوباما بخصوص السودان ، والتي سوف يتم تنفيذها برعاية الممثل الرئاسي الأمريكي الخاص بالسودان الجنرال سكوت قريشن .
وهناك شبه ” شكلة ” في البيت الأبيض بخصوص سياسة الرئيس أوباما بخصوص السودان . فهناك الفريق الذي يدعو لإستعمال القوة الخشنة . ويقود هذا الفريق ، رامبو مدير مكتب الرئيس أوباما ، ونائب الرئيس يوسف بايدن ، ووزيرة الخارجية هيلري كلينتون , والسفيرة سوزان رايس . وهناك فريق ثاني يدعو لإستعمال القوة الناعمة . وتقود هذا الفريق الدكتورة سمانتا باور المذكورة أعلاه .
وفي هذه المقالة نستعرض خلفيات الصراع بين هذين الفريقين , وتداعياته على السياسة التي سوف يتبعها في نهاية المطاف الرئيس أوباما بخصوص السودان .
الرئيس كيندي :
الرئيس أوباما يحاكي الرئيس السابق جون كينيدي في كثير من أفعاله وممارساته . وينبغي له ذلك . ومن هذه الصفات الحميدة والمشتركة بينهما ، أن الرئيس كينيدي كان لا يتخذ قراراً في أي موضوع عليه إجماع من مستشاريه ، وهم كثر ، قبل أن يسمع رأياً مخالفاً ، ومسبباً من طرف آخر يعارض إجماع مستشاريه . وبعد أن يفلفل الرأي المعارض من كل جوانبه . يتخذ قراره ، الذي ربما كان مخالفاً لرأي مجموع مستشاريه . الرئيس أوباما يتخذ نفس الأسلوب والنهج المتوازن.
ولهذا فهو يدرس حالياً مع مستشاريه كل الخيارات المتاحة للإتفاق على إستراتيجية بعيدة المدى , وخطة مرحلية قصيرة المدى , بخصوص معالجة المسألة السودانية .
في هذا السياق يمكن الإشارة إلى الضغوط الكثيرة على الرئيس أوباما لعمل ما يجب عمله , لوقف المجازر والإبادات الجماعية وجرائم الحرب في دارفور . هذه الضغوط تأتي من مصادر مختلفة من داخل وخارج أمريكا : من كثير من أعضاء الكونغرس ، ومن اللوبيات الصهيونية في أمريكا , ومن الرأي العام الأمريكي والمتنفذين فيه , وآخرهم الممثل والناشط الأمريكي كلووني , الذي زار دارفور , مطلع شهر مارس , وقابل الرئيس أوباما بعد زيارته لدارفور وأطلعه على الوضع المأساوي في دارفور ، وضرورة إيقاف الإبادات الجماعية المستمرة في دارفور بأسرع فرصة , والآن وليس غداً .
الحملة الإنتخابية :
ذكرت اللوبيات الصهيونية في أمريكا الرئيس أوباما بضرورة تفعيل الوعود التي قطعها على نفسه أبان حملته الإنتخابية بخصوص دارفور . في أثناء حملته الإنتخابية , كرر الرئيس أوباما أكثر من مرة , أن دارفور تمثل له الشر في إطلاقه ، وأن دارفور وصمة في جبين الضمير العالمي , ويجب إزالتها بإيقاف النزيف الدموي في دارفور وفوراً . وفي أثناء حملتها الإنتخابية , وعدت المرشحة هيلري كلينتون ، التي أصبحت الآن وزيرة الخارجية ، وعدت بأن تفرض حظراً جوياً على الطيران الحربي السوداني فوق دارفور ، بمجرد أن تصبح رئيسة لأمريكا . كما دعى السناتور وقتها يوسف بايدن “وهو نائب الرئيس حالياً ” ودعت الناشطة ومستشارة المرشح أوباما وقتها سوزان رايس ” وهي سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة حالياً ” إلى إستعمال القوة الخشنة , وتدمير الطيران الحربي السوداني ، لوقف مجازر دارفور .
تسآلت اللوبيات الصهيونية في أمريكا ساخرة ، عن جدية إدارة أوباما في تفعيل وعودها خلال الحملة الإنتخابية ؟ ودعت الرئيس أوباما إلى أخذ التور الإنقاذي من قرونه ، والقذف به إلى مزبلة التاريخ ، لإنقاذ أهل دارفور من المجازر والإبادات الجماعية .
المطبخ الأمريكي :
دعنا نلقي نظرة سريعة على المطبخ داخل البيت الأبيض ، وما يدور بداخله من طبخات سودانية ، بعضها قد إستوى وأغلبها نيء . وقبل ذلك نبدأ ونقرر ان المسألة السودانية تعتمد وحصرياً على الطباخ الأمريكي . فلا أحد غيره عنده الوقت ، والرغبة ، والقدرة ، والإمكانيات المادية والعسكرية للدخول في حفرة دارفور ، وإنقاذ أهلها من مصيبتهم .
ثمة نقطة أخرى مهمة بالنسبة للقوم في الخرطوم . الكلب الأمريكي يمكنه أن يخربش ، بل يمكنه أن يعض . أما الكلاب الأوربية وغيرها من الكلاب ، سوى أن كانت عربية أو كوستاريكية ، فهي تنبح , وتنبح فقط . ونظام الإنقاذ يخاف من الخربشة والعض ، ولكن لا يهتم كثيراً بالنباح . فالكلاب يمكن لهل ان تنبح ما شاء لها النباح , والجمال الإنقاذية ماشة لا تلوى على شئ . أما الخربشة والعض ، فهذا موضوع آخر .
صقور وصقور :
زريبة دارفور في البيت الأبيض تموج وتفور بنوعين من الصقور ” لا توجد أي حمائم في هذه الزريبة ” .
النوع الأول صقور كاسرة متعطشة للدماء . والنوع الثاني صقور بت ناس ، يمكنها الإنتظار لغاية عام 2011 , ثم الإنقضاض والإجهاز على فريستها .
الصقور الكاسرة :
تجد في مقدمة هذه الصقور الكاسرة , التي تؤمن بالقوة الخشنة نائب الرئيس يوسف بايدن ، ووزيرة الخارجية هيلري كلينتون , والسفيرة سوزان رايس ، ورامبو ، مدير مكتب الرئيس أوباما ، وثاني أقوى شخصية في الولايات المتحدة بعد الرئيس أوباما . هذه المجموعة تدعو إلى حظر جوي على الطيران الحربي السوداني فوق دارفور ، يتبعه تدمير الطيران الحربي السوداني على الأرض ، ومحاصرة ميناء بورتسودان لمنع تصدير البترول السوداني ، وتفتيش السفن القادمة لمصادرة أي أسلحة مرسلة للسودان ، وإرجاع السودان إلى مهدية , بل تركية الإتصالات بتعطيل تلفونات المحمول وشبكات الإنترنيت . كل تلك العقوبات لكي يقوم السودانيون بثورة ضد ثورة الإنقاذ , ويخلصوا أنفسهم منها . أو قل هذه هي أمانيهم . الرئيس أوباما يميل بقلبه لهذه المجموعة ، ولكنه , وكما كان كينيدي قبله , يسمع ويصغي بإهتمام لما تقول به المجموعة الثانية , التي تقترح مساراً مغايراً للمسار المذكور أعلاه .
صقور بت ناس :
السيدة سمانتا باور تقود الفريق الذي يدعو إلى إستعمال القوة الناعمة ، على الأقل من الآن ولحين إنتهاء إستفتاء عام 2011 . في هذه الفترة ، يمكن لإدارة أوباما أن تضيق الخناق على نظام الإنقاذ , بفرض مزيد من العقوبات الإقتصادية ، وبتجميد الإستثمارات الأجنبية في السودان ، وحث الدول الأفريقية والعربية على عزل , وعدم مخاطبة الرئيس البشير المطلوب للعدالة الدولية .
تستمر هذه الإجراءات ، التي تحاول أن تشرك أمريكا بقية المجتمع الدولي فيها ، من خلال قرارات من مجلس الأمن ، حتى عام 2011 , موعد إستفتاء جنوب السودان . وبعد إنفصال جنوب السودان ، في قانونية وديمقراطية وشفافية ، من شمال السودان ، يفتح أوباما ابواب جهنم علي شمال السودان , ويفعل امر قبض الرئيس البشير , ويجعل عاليها سافلها في شمال السودان .
تحادثت سمانتا باور مع الخال سلفاكير يوم الإثنين التاسع من مارس ، وطمأنته بأنها سوف تفعل كل ما تستطيعه حتى لا تؤثر سلباً ، أي إجراءات أمريكية مستقبلية ، على عقد إستفتاء جنوب السودان في ميعاده في عام 2011 . كما أرسل الرئيس ساركوزي صديقه الرئيس مبارك لمقابلة الخال سلفاكير في جوبا ، وطمأنته بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأن إستفتاء الجنوب سوف يتم عقده في عام 2011 ، وتحت كل الظروف . إطمأن الخال سلفاكير لتطمينات الرئيس ساركوزي والسيدة باور ، وبدأ ينوم علي العسل .
سمانتا باور :
وما أدراك ما هي ؟ السيدة باور أستاذة جامعية متخصصة في الإبادات الجماعية ، والعياذ بالله . وكانت مستشارة لشئون أفريقا في حملة المرشح أوباما . وأثناء الحملة عيرت السيدة باور المرشحة هيلري كلينتون بأنها صرصورة , وإنها وإنها وإنها . فجن جنون المرشحة هيلري , مما دعى السيدة باور للإستقالة من حملة المرشح أوباما . ولكنها إستمرت كمتطوعة ” لا قرش ولا تعريفة ” في الحملة , وتصرف على تنقلاتها وهوتيلاتها من جيبها الخاص ، إيماناً منها بأوباما ورسالته . وأصبحت صديقة الشطر بالشطر لميشيل زوجة أوباما . وهاك يا طق حنك , وقرقريبة بين الإثنتين , خصوصاً حول الصرصورة .
في ذلك الوقت كانت حظوظ المرشح أوباما في الفوز بالرئاسة ضبابية ، لأن معظم المراقبين كانوا يراهنون على أن هيلري سوف تنتصر على أوباما . وحتى في حالة إنتصار أوباما على هيلري , فإن الناخب الأمريكي الأبيض , سوف لن يسوط لرجل أسود ضد رجل أبيض , هو ماكين . كانت حظوظ أوباما بالفوز متدنية . ورغم ذلك راهنت السيدة باور, وبكل ما تملك على أوباما .
أيحسب الإنسان أن يترك سداً ؟
ثم جاء نصر الله والفتح . وأصبح أوباما رئيساً . وضحكت السيدة باور أخيراً وكثيراً . كان أوباما يزمع أن يرشحها لموقع مساعدة وزيرة الخارجية للشئون الأفريقية ، ولكن السيدة هيلري لم تنس حكاية الصرصورة . فعينها أوباما مستشارة في مجلس الأمن الوطني . ويمكنها أن تدق الباب , وتدخل على أوباما في مكتبه البيضاوي ، على بعد عدة مكاتب من مكتبها ، في أي ساعة من ساعات النهار . وإستمرت القرقريبة بين السيدة باور وميشيل زوجة أوباما القوية , التي تدعوها كل أحد والتاني لتناول العشاء معهما ” أوباما وميشيل ” . ” وثلاثة أشياء ” في لباس !
بإختصار مفيد , السيدة باور هي المسئولية عن أعداد خطة سياسة إدارة أوباما بخصوص السودان , تساعدها ميشيل غافين .
هل عرفت قوة السيدة باور الآن ؟ هل عرفت لماذا تأخر الرئيس أوباما في تحديد خطته الإستراتيجية والتكتيكية بخصوص المسألة السودانية ؟ إمرأة واحدة مغمورة في كفة , وفي الكفة الأخرى رامبو ويوسف وهيلري وسوزان ، وترجح بهم . سبحانه وتعالى يضع قوته في أضعف خلقه . ويابخت نظام الإنقاذ بالمنقذة باور .
الجنرال سكوت قريشن :
لم يعين الرئيس أوباما مساعداً أو مساعدة لوزيرة الخارجية للشئون الأفريقية في محل الجهامة جنداي فريزر ، لأنه اراد أن ينتظر ليعرف إن كانت الكهرباء ماشة في الأسلاك بين هيلري وسمانتا باور . ولكن أجمع المراقبون أن كل واحدة ” تحمر ” للتانية إذا تلاقيتا . وسمانتا مبسوطة أربعة وعشرين قيراط في موقعها النافذ الجديد ، بعيداً عن الصرصورة .
الجنرال سكوت قريشن المبعوث الأمريكي الرئاسي الجديد للسودان صديق شخصي للرئيس أوباما , وقد شارك في حملة المرشح أوباما الإنتخابية . وهو يجيد التحدث باللغة السواحلية ، لغة الأم لوالد الرئيس أوباما . وقد كان والد الجنرال قريشن من المبشرين الذين عملوا في أفريقيا , حيث ولد وترعرع الجنرال في الكونغو . وعندما يقابل الجنرال الرئيس أوباما يحييه بـ ” جامبو ” ويرد عليه أوباما بـ ” جامبو سانا ” وهي إزيك في اللغة السواحلية .
إصطحب الجنرال صديقه السنياتور أوباما في رحلته إلى معسكرات اللاجئين الدارفوريين في شرق تشاد في أغسطس 2006 . وكان الجنرال يصحو مع الفجر ليجك جكته المعتادة ” خمسة أميال في ساعة زمان ” بينما الأطفال يجرون خلفه ، والكبار ينظرون في إعجاب وبلاهة لهذا الخواجة العنقالي . وبعد هذه الجكة كان يحب أن يتناول عصيدة دخن بملاح روب مع كول دارفوري . كما كان يرغب في معرفة لغات الفور والزغاوة وبقية القبائل الدارفورية , ليكتشف أي تشابه بين أياً من هذه اللغات واللغة السواحلية التي يجيدها . ولكن للأسف لم يجد أي وجه شبه , كما الشبه بين اللغة العربية واللغة السواحلية .
الجنرال رجل بسيط . بل البساطة تمشي على رجلين . وقد خاطب المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في أغسطس 2008 داعماً لترشيح المرشح أوباما . وذكر في خطبته بأن المرشح أوباما مصمم على إنهاء الإبادات الجماعية في دارفور , بمجرد أن يصبح رئيساً لأمريكا .
بتعيين الجنرال الذي سوف ينفذ سياسة إدارة أوباما بخصوص دارفور ، نكون قد تجاوزنا العقبة الأولى ، وبقي علينا تجاوز عقبات أخرى كثيرة . أولها الإنتهاء من رسم السياسة التي سوف ينفذها الجنرال . فلا يزال مستشارو الرئيس أوباما , بقيادة السيدة باور , يعكفون على وضع اللمسات الأخيرة لهذه السياسة كما هو موضح أعلاه . كما أن هناك عراك داخلي علي من سوف يشرف على ملف السودان .. هل هي وزارة الخارجية , أم مجلس الأمن الوطني ؟ وهل يكون الجنرال تحت إشراف وزيرة الخارجية , أم يتبع لرئيس مجلس الأمن الوطني أم للرئيس أوباما مباشرة .
كان الجنرال مسئول عن فرض حظر جوي فوق المنطقة الشمالية الكردية , والجنوبية الشيعية في عراق صدام . وهناك كلام تحت تحت بفرض حظر جوي فوق دارفور . وتجربة الجنرال الثرة في هذا المضمار , ربما ساعدت في إختياره لهذا الموقع الحساس . وإن كانت صداقته الشخصية القوية للرئيس أوباما , من قبل أن يكون أوباما سناتور في مجلس الشيوخ , ربما كانت السبب الأقوى لإختياره . صداقته الشخصية لاوباما سر قوته , إذ يستطيع أن يهمس في أذن الرئيس , في أي وقت من ساعات الليل وأطراف النهار . هنا تكمن سر قوة الجنرال .
الجنرال قريشن سوف يخلف دانفورث ، وناتسيوس , ووليم سون في هذا الموقع الحساس . وهو لم يزر السودان من قبل .
سوف يبدأ الجنرال مهمته بزيارة لبعض الدول الأوربية والآسيوية , لحشد الدعم اللازم للضغط على نظام الإنقاذ , حتى يكون نظام الإنقاذ لوحده في مواجهة المجتمع الدولي . وبعدها سوف يحضر في زيارة إستماعية ، يستمع للرئيس البشير, وبالاخص الخال سلفاكير وغيرهما, قبل أن يرجع إلى واشنطون ليعد خطة مرحلية لمعالجة المسألة السودانية , في اطار الاستراتجية الامريكية العامة للسودان .
تعيين قراشن لا يصب بالضرورة في مصلحة نظام الإنقاذ . وربما كان العكس هو الصحيح ، ذلك أن الجنرال سوف يحضر للخرطوم لإعطاء الأوامر لزميله في السلاح الجنرال البشير , خصوصا وصورة من أمر القبض في جيبه . او هذا ما قالت به السيدة باور المسئولة عن ملف السودان في مجلس الأمن الوطني .
وكل ما تقول به باور ماشي !
حاشية:
أفتت هيئة علماء السودان بعدم جواز سفر الرئيس البشير خارج السودان .
منذ الدولة السنارية , مروراً بالتركية السابقة , والإستعمار الإنجليزي/ المصري ، كان رجال الدين , ودوماً , يصدرون الفتاوى التي ترضي السلطان . فلذلك فقدت فتاواهم السياسية أي مرجعية أو صدقية .
إعتصم بعض مناصري الرئيس البشير في وسط الخرطوم , وأعلنوا إنهم لن يفكون إعتصامهم , إلا بعد أن يعدل الرئيس البشير عن قراره بخصوص السفر إلى الدوحة . هذا الإعتصام فقد مصداقيته الشعبية بسبب قيادته المكونة من زوجتي الرئيس البشير , وإخوانه وعائلته , مما يبرهن مباركة الرئيس البشير لهكذا إعتصام ، ليكون ذريعة لعدم سفره للدوحة .
قطعا سوف يقبل الرئيس البشير بفتوى هيئة علماء السودان ، ويرضخ لإعتصام مناصريه ، ويوافق على توصية مريديه ومحبيه ، ويقرر عدم السفر إلى الدوحة نهاية هذا الشهر . هذا امر مفروق منه . وبهذا يكون قد حكم على نفسه بعدم السفر خارج السودان , من الآن فصاعداً , وبان يصير رهين المحبس الواحد , وليس المحبسين , ألا وهو شمال السودان . وهل يمكن لرئيس جمهورية فاعل الإستمرار في السلطة دون المشاركة في الإجتماعات الإقليمية والدولية , والتواصل مع زملائه الرؤساء الاخرين ؟
كما يخطط نظام الإنقاذ لإرسال خمسة وفود عالية المستوى لزيارة السعودية والدول الأعضاء في مجلس الأمن ، بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية , التي لن يتم إرسال أي وفد لها . الغرض من إرسال هذه الوفود هو محاولة إقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتمرير قرار يجمد أمر قبض الرئيس البشير . ولكن كل الدلائل تشيرإلى أن مهمة هذه الوفود , أسهل منها محاولة سيزيف إيصال الصخرة إلى أعلى الجبل في التراجيديا الإغريقية المعروفة .
وذلك لهذه الأسباب :
أولا ً: الولايات المتحدة الأمريكية أكدت أكثر من مرة أنها سوف تستعمل حق الفيتو لمنع تمرير أي قرار في مجلس الأمن يدعو لتجميد أمر القبض . وهاجمت السفيرة سوزان رايس ، سفيرة أمريكا لدى مجلس الأمن ، نظام الإنقاذ هجوماً مقذعاً يوم الجمعة 20 مارس لطرده للمنظمات الطوعية من دارفور . إذاً ما فائدة كل هذه الوفود , والولايات المتحدة سوف تستعمل حق الفيتو ضد أي قرار يدعو لتجميد أمر القبض ؟
ثانياً : فرنسا وبريطانيا أكدتا أنه إذا لم يسلم السودان المتهمين هارون وكوشيب للمحاكمة في لاهاي ، فانهما سوف تستعملان حق الفيتو ضد أي قرار في مجلس الأمن يدعو لتجميد أمر قبض الرئيس البشير . ويرفض السودان تسليم هذين المتهمين تحت أي ظرف .
ثالثا ً: الدول الأعضاء في الإتحاد الأوربي وفي مجلس الأمن ، النمسا وكرواتيا ، أكدتا أنهما سوف يقفان نفس موقف فرنسا وبريطانيا ، الأعضاء في الإتحاد الأوربي ، اي الموقف المذكور أعلاه .
رابعا : ً إتهم السودان كوستاريكا الدولة العضو في مجلس الأمن بأنها دولة موز , وصوت سيدها , تتلقى التعليمات من أمريكا . وحدثت ملاسنات شديدة اللهجة بين سفراء السودان وكوستاريكا لدى الأمم المتحدة . بعد كل ذلك , ماذا ينتظر السودان من كوستاريكا ان تفعل ؟
خامساً : نفى مندوب يوغنده لدى مجلس الأمن أن يكون قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار أمر قبض ضد الرئيس البشير ، أن يكون هكذا قرار قراراً عنصرياً.
سادسا ً: أدانت اليابان والمكسيك , الأعضاء في مجلس الأمن , وبشدة قرار حكومة السودان طرد المنظمات الطوعية من دارفور , وطلبت من حكومة السودان الرجوع عن هذا القرار , قبل مناقشة إمكانية تجميد أمر القبض . وترفض حكومة السودان الرجوع عن هذا القرار تحت أي ظرف .
سابعاً : لم توافق ليبيا وبوركينافاسو وفيتنام الأعضاء في مجلس الأمن على قرار حكومة السودان بطرد المنظمات الطوعية من دارفور .
ثامناً : لم توافق الصين وروسيا , الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن المالكين لحق الفيتو ، على قرار حكومة السودان بطرد المنظمات الطوعية من دارفور .
أعلاه موقف الدول الخمسة عشرة الأعضاء في مجلس الأمن من ملف الرئيس البشير . فماذا يمكن لهذه الوفود أن تفعل , لكي تقلب الفسيخ شربات، إذا تذكرنا أن زمن معجزات النبي موسى قد ولى وإلي غير رجعة .
سوف تخرج هذه الدول لسانها لهذه الوفود رفيعة المستوى ولسان حالها يقول :
هاأنتم يا أهل الإنقاذ , تمسكون في الفروع , وترسلون الوفود في مشارق الأرض ومغاربها , لتجميد أمر قبض الرئيس البشير , وتنسون الجذور وهي محنة دارفور , واهل دارفور الذين يموت منهم كل شهر , حالياً , أكثر من خمسة ألف دارفوري , من هجمات الجنجويد والمرض والمسغبة . هاانتم هؤلاء تنسون أهل دارفور وأنتم تتلون الكتاب ، أفلا تعقلون ؟ أم أنتم قوم مستهزئون ؟ بل أنتم قوم غافلون !
