كازنزاكس وظل الرغبة

 


 

 

التقى كزانزاكس بزوربا حقيقة وأعجب به فكتب روايته زوربا اليوناني ؛ وما أعتقده هو أن زوربا مثل الظل الآخر لرغبات كزانزاكس في الانفتاح الوجودي ، ليس بفلسفة هايدجر وإنما ذلك الإنفتاح على الرغبات الدفينة التي يكبتها كل كاتب ومبدع قد إنزوت ذاته بين سن القلم وصفحة الورق ، داخل عالم الكتابة وهوس القراءة وهاجس إنتاج كون يحمل خصوصيته في مواجهة الواقع . 

تلك الرغبة المكبوحة كبحا مرضيا (بفتح الميم والراء) يسقم البدن ولكنه -ويا للعجب- لا تصح روح الإبداع إلا به ، في تناسب عكسي مدهش.
الرغبة في تحرير الروح والجسد ، في الإندهاش بكل ما نراه يوميا وكأننا نراه لأول مرة ، الفرح في موضع الفرح والحزن والثورة في موضعهما . ترك التساؤلات الترستندنتالية ليبقى العقل متفاعلا مع سيرورة الحياة وصيرورتها فقط. الرقص ، الحب ، الجنس ، العنف ، الحياة فقط ولا شيء غير الحياة ، حيث لا مكان للموت ولا مكان للآلهة . إنه الحضور الكامل في الوجود ، والإنفعال الكامل بالموجود.
كانت هذه هي شخصية زوربا اليوناني في رواية كزانزاكس وظل الرغبة التي تتلوى في لظاها داخل جوانح الكاتب نفسه . ويمكنك وأنت تقرأ الرواية أن تقرأ مقدمات لعدة روايات أخرى كالعطر لزوسكيند حين جاء النص :(لكل إنسان رائحته الخاصة ...) وموسم الهجرة لصالح وغيرهما . إن ذلك دليل على أن الإبداع ينفجر من منبع واحد : النضال العقيم من أجل التحرر ، أو البحث المكظوم عن الإنفتاح على العالم ، أن نجد روائحنا الخاصة التي أضاعها الإبداع نفسه .. إنها حقا دائرة مغلقة


amallaw@hotmail.com

 

آراء