مملكة آل دقلو بين الحلم  والحقيقه ؟؟!!

 


 

 

قائد قوات الجنجويد الفريق أول خلا محمد حمدان دقلو يمضي بخطي حثيثة في تكوين مملكة آل دقلو  تيمنا بالمملكة العربية السعودية التي اختارت لنفسها إسم السعودية بعد أن تمكنت عائلة آل سعود من تشكيل ميليشيا من القبائل العربية تحت قيادتها ثم قامت بالسيطرة علي منطقة الحجاز واجزاء من الجزيرة العربية  ومن ثم اطلقت عليها إسم المملكة العربية السعودية المشتق من إسم عائلة آل سعود التي أسست المملكة الحالية .. كذلك سيكون الحال مع آل دقلو الذين تمكنوا من تكوين ميليشيا مسلحة من العائلة والمقربين لها من أهل المنطقة وكانت البداية مع التفلتات الأمنية بولايات دارفور في أوائل الألفية الثانية .. بدأت هذه الميليشيا في التمدد بعد أن دعمتها الدولة بالسلاح والعتاد لتقوم بالوكالة عنها في ردع معارضيها بالمنطقة .. الكل يعرف مدي الوحشية والجرائم الفظيعة التي ارتكبتها هذه الميليشيا  من قتل ونهب وسلب واغتصابات بل حرق قري بأكملها  الامر الذي تسبب في نزوح الملايين  من السكان الي معسكرات اللاجئين التي تكونت علي إمتداد أقاليم دارفور .. لقد وصلت ممارسات ميليشيا الجنجويد من الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان لمستوي الإبادة الجماعية التي يعاقب عليها القانون الدولي ..

بعد تلك المجازر الفظيعة التي ارتكبتها، تطورت ميليشيا آل دقلو تدريجيا حتي أصبحت تمتلك قوة ضاربة من السلاح والعتاد الذي لا يستهان به بسبب  ازدياد حوجة النظام البائد لخدماتها القذرة في المزيد من القمع والإرهاب لكل من تسول له نفسه بمعارضة الظلم والفساد الذي كان يمارسه نظام الإخوان ضد الأبرياء العزل من أفراد المجتمع الذين كانوا يعارضون النظام الديكتاتوري المستبد وينشدون الحرية والسلام والعدالة ..

للأسف عصابة آل دقلو تم تقنينها بواسطة المخلوع الذي أمر بترفيعها من ميليشيا جنجويد الي قوات ما يسمي بحرس الحدود مكافأة علي دورها الكبير في كبت وإرهاب المواطنين العزل ونسبة لحاجه النظام المتواصل لخدماتها فرض الأمر الواقع تطويرها مرة أخرى الي ما  يسمي بقوات الدعم السريع ومنح قائدها رتبة العقيد خلا بدون أن تكون له مؤهلات لهذه الرتبة الرفيعة .. كان الغرض هذه المرة  الإستفادة من هذه الميليشيا في المهام غير الإنسانية التي لا تقدر عليها الا العصابات الخارجة عن القانون  .. لذلك كان المخلوع عمر البشير حريص ان يكون الراعي المباشر لها لتعمل تحت إمرته حتي يتثني له توجيها  في عمليات القمع والإرهاب في كل ارجاء البلاد بعد ان كان دورها حصريا في إقليم دارفور .. أصبحت مليشيا الدعم السريع تتجول وتجوب تخوم البلاد بأمر النظام للقيام بالمهام غير القانونية ضد أبناء الشعب مثلها مثل اي عصابات خارجة عن القانون لا تخضع للرقابة أو المحاسبة لأن هيكلتها لا تخضع للنظم العسكرية المألوفة التي يحكمها الضبط والربط .. من المفارقة أن جميع ضباط الميليشيا لم يتخرجو من الكليات العسكرية المعروفة ما عدا الذين تم استيعابهم مؤخر من مطرودي الجيش والأمن .. الرتب العسكرية داخل تلك العصابة تمنح حسب المزاج الخاص وصلة القرابة من قائدها الذي ابتدأ من رتبة النقيب خلا وتدرج في الترقية حتي وصل لرتبة الفريق أول خلا في فترة قياسية  لا تتناسب مع تدرج الترقيات في قانون القوات النظامية .. هذه الرتبة الرفيعة التي يحملها محمد حمدان دقلو الشهير بحيمدتي لم يصلها العظماء من ضباط القوات المسلحة ابتداء من الفريق احمد محمد اول قائد للجيش السوداني بعد الاستقلال  ثم الفريق عبود والفربق الخواض ومرورا باللواءت: امثال حسن بشير نصر، توفيق ابو كدوك، محمد احمد ابوالدهب، مزمل غندور .. الخ من شرفاء وكفاءات القوات المسلحة السودانية النادرة  ..

اللافت للنظر ان ميليشيا الدعم السريع تسيطر عليها عائلة آل دقلو .. كل الرتب العليا المهمة يشغلها الأشقاء وأفراد من الاسرة الممتدة بغرض التحكم في كل مفاصلها بدون أن يكون لهم أي مؤهلات لتلك الرتب الرفيعة .. مثال ذلك  شقيق حميدتي المدعو عبدالرحيم دقلو الذي نال رتبة الفريق خلا كقائد ثاني لهذه الميليشيا بدون مراعاة لمؤهلات تلك الرتبة غير انه شقيق لقائد الميليشيا ولم يستثني في  ذلك الأشقاء والأقارب في احتكار بقية الرتب الرفيعة دون اشتراط المؤهلات المطلوبة حتي تكون العصابة المسماة بالدعم السريع ملكا لأسرة آل دقلو بالكامل ..

بعد ان احست ميليشيا الدعم السريع  بضعف القوات المسلحة التي تمت عن قصد من النظام البائد، بدأت التوسع في مشاريع الاستثمار التي بدأتها بالاستيلاء علي جبل عامر ثم جبل مون للتنقيب عن الذهب وفي سبيل ذلك قامت بإقصاء الاهالي وميليشيا مجلس الصحوة من تلك الجبال واعتقال زعيمها موسي هلال لعدة سنوات في سجونها الخاصة التي لا تتبع للدولة ولا يحكمها القضاء السوداني .. من بعدها عملت مليشيا الدعم السريع في تهريب الذهب مباشرة من مطاراتها الخاصة المنتشرة بين الجبال وبالقرب من مناجم التنقيب المختلفة الي خارج البلاد بدون رقيب او حسيب مع الاحتفاظ بكل عائدات الصادر من اطنان الذهب لنفسها  ولم تقف الميليشيا عند هذا الحد بل قامت  بإنشاء الشركات التجارية للتصدير والاستيراد مثل شركة الجنيد التي تحظي بالاعفاءت الجمركية .. تطور الأمر بالميليشيا في الاستيلاء مؤخرا علي مساحات زراعية شاسعة في عدة ولايات خاصة نهر النيل في اراضي مشروع المكابراب ومناطق الزراعة الآلية في شرق البلاد بولايات النيل الأزرق   والقضارف .. كما قامت قوات الجنجويد بشراء بنك الثروة الحيوانية وفي نيتها احتكار صادر الماشية وتسويق اللحوم بعد انشاء مسلخ خاص لهذا الأمر ولا ندري أين يتوقف طموح عائلة آل دقلو في النشاط التجاري المشبوه الذي لا يتناسب مع مهامها كقوات عسكرية مسلحة ينحصر دورها في المهام الأمنية والدفاعية فقط .. هذا الانتشار الكبير والسريع لأعمال مليشيا الدعم السريع بشقيه الأمني  والتجاري يدعو للحيرة  ويثير الريبة والشكوك في نوايا هذه العائلة .. ليست مبالغة إذا قلنا ان ثروة آل دقلو اليوم أصبحت توازي أكثر  من ميزانية حكومة البلاد بأكملها .. اخيرا لا ننسي  انه بالإضافة لتهريب الذهب والشركات التجارية المشبوهة عملت مليشيا آل دقلو علي تصدير قوات من الجنجويد المرتزقة لدول الجوار لتقاتل بجانب من يدفع أكثر، مثل اليمن ضمن ما يسمي بقوات التحالف العربي التي تمولها السعودية والإمارات  وفي ليبيا بجانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تدعمه كل من قطر وتركيا بالمال والعتاد .. ولا يستبعد ان تمتد الخدمات العسكرية في المستقبل الي غرب القارة الافريقية لتشمل  دول مثل تشاد، مالي، النيجر وأفريقيا الوسطي .. وقريبا سوف نسمع بقوات الدعم السريع الدولية لتكون جاهزة في الدفاع عن روسيا ضد أمريكا والغرب او العكس بحسب الضرورة  والمبلغ المدفوع لها ..

الآن يتربع قائد ميليشيا الدعم السريع  في منصب الرجل الثاني علي هرم الحكم  في البلاد ويتمتع بنفوذ غير محدود في كل الجوانب المهمة العسكرية منها والتنفيذية ويمتلك قوة مسلحة ضاربة مستقلة تماما من هيئة أركان القوات المسلحة، تأتمر فقط بأوامر مباشرة منه، حتي الفريق البرهان لا سلطة له عليها  ولا يستطيع أن يعفي او يرقي جنديا واحدا من افراد تلك الميليشيا ..  للأسف رأينا ضباطا كبار يرفعون التحية العسكرية بذلة ومهانة لفريق خلا لم تطأ قدماه قط الكليات العسكرية وهذا عار لن يمحوه تاريخ الجيش السوداني الحافل بالبطولات النادرة والمواقف الشجاعة .. أيضا  وللأسف الشديد جدا لم تترك لنا القوات المسلحة شيئا يدعو للفخر بها بعد ان فقدت عزتها وكرامتها وخذلت شعبها في أحلك لحظات نضاله عندما استنجد بها من غوغاء العصابات المسلحة ..

ختاما .. إذا إستمر الحال بتمدد طموح عائلة آل دقلو وانتشر نفوذها علي كل ربوع البلاد في غفلة من اهلها لن يكون غريبا يوما بزوغ ما يعرف بالمملكة الدقلاوية وعلي راسها جلالة خادم الجبلين (جبل عامر وجبل مون) الملك محمد بن حمدان آل دقلو  الوريث الشرعي لجمهورية السودان المنقرضة ..

تخيل يوم يكون عندك جواز سفر مكتوب عليه: الجنسية دقلاوي ..!! الله لا جاب اليوم داك  ولا حضرنا ليهو ..


# الشعب أقوي  .. أقوي والردة مستحيلة ✌?


د. عبدالله سيد احمد

abdallasudan@hotmail.com

 

آراء