* مرة اخرى تحتل مسألة وحدة الحركة الشعبية لتحرير السودان ، واجهة الاحداث ولكن في هذه المرة من القاهرة العاصمة التي فتحت ابوابها امام زعيم الحركة في ذلك الوقت الدكتور جون قرنق دي مبيور ليقوم بزيارتها في توقيت مختلف تماماً فتحت جميع النوافذ امام الحركة للتحرك بشكل فاعل في جميع المستويات التي كانت تحتاجها الحركة من اجل اتساع مساحات تأثيرها الاقليمي والمحلي في ذلك الوقت ، والان مرة اخرى تفتح القاهرة ابوابها للحركة من جديد من اجل ان تستعيد وحدتها المثيرة للجدل في توقيت سياسي مغاير تماماً لما كان سائداً ابان زيارة قرنق لهذه المدينة، تعود القاهرة الان لاستضافة رفاق الامس عبر بوابات متعددة وسط متغييرات عديدة الثابت فيها ان الرئيس موسفيني هو الوحيد الذي لا يزال على السلطة في يوغندا بينما حسني مبارك خارج اسوار القصر الرئاسي المصري
*الاولى تلبية او بكلمة اكثر تدقيقاً استجابة فورية لطلب من الرئيس اليوغندي يوري موسفيني الذي لا يزال هو الوحيد من زملائه من رؤوساء دول الايغاد المتحمس لمسألة اعادة وحدة الحركة الشعبية من جديد ، ما يؤكد ان الطلب اليوغندي يأتي ضمن اطار الخطوات التنسيقية المشتركة بين كمبالا والقاهرة المتهمتان اصلا بالوقوف قلبا وروحا مع الحكومة برئاسة الرئيس سلفاكير ميارديت في مواجهة كافة التحديات التي تقف امام صمود النظام الحاكم ، وهو تنسيق دفع باستمرار تبادل الاتهامات للدولتين بتقديم الدعم الفني والعسكري للحكومة في مواجهة الحركات التي تحارب ضد الحكومة ، ولاكثر من مرة ظلت القاهرة تنفي هذه الاتهامات بشدة ، ومهما يكن فان التنسيق المصري واليوغندي يؤكد ان تقاطع المصالح الاقليمية لا تزال تسيطر على الاجواء السياسية المتعلقة بالازمة الدائرة في البلاد ، ما يبرهن بان كمبالا التي لم تبدي أي حماسة تذكر بشأن مبادرة احياء اتفاقية السلام في البلاد ، تبحث عن طريق اخر لاستعادة الاستقرار في البلاد عن طريق وحدة الحركة باعتبارها مدخلا رئيسياً لمعالجة الازمة الدائرة في البلاد ، تتحرك كمبالا في هذا الاطار لانها تتفق وتؤمن بالحديث الذي يفيد بان وحدة الحركة تعني وحدة واستقرار جنوب السودان ، ووفق هذا المنطق نلاحظ ان الذين يمثلون وفدي الحركة الشعبية في الحكومة ، والحركة مجموعة المعتقليين السابقيين يؤمنون ايضا بل واطلقوا تصريحات تؤكد ان تفكك الحركة سيقود الى انهيار البلاد او هكذا تحدث من قبل كلا من فاقان اموم ودينق الور ومجاك دي أقوت وكوال منيانق والقائمة هنا تطول . **ثانياً بعيداً عن الملاحظة الخاصة بغياب مجموعتي مشار وتعبان من اعلان القاهرة ، نلاحظ ان ملف وحدة الحزب اصبحت الان شأن استخباراتي وهو ما يؤكده استضافة مقر المخابرات المصرية لهذا الاجتماع بحضور مدراء مخابرات لثلاثة دول " المصري ، اليوغندي الى جانب مدير الامن الداخلي في البلاد الفريق أكول كور " ، وهو امر يفتح الكثير من التساؤلات حول الاسباب التي دفعت الى بروز دور المخابرات في مسألة تتعلق بالمواقف السياسية للمجموعتين " الحكومة والمعتقليين السياسيين السابقيين " . *اولى التساؤلات التي تطرح نفسها عنا بشأن اعلان القاهرة يتعلق بحجم التنازلات التي طرحت خلال النقاشات التي جرت بين الطرفين ، خصوصا وان مجموعة المعتقليين السابقيين قبلت للمرة الثانية ان تخوض حوارا منفصلاً في اقل من 3 اشهر ، ما ينافي موقفها الاول الرافض تماماً لمسألة تحقيق او اجراء اي نقاش قائم على اقصاء اي طرف من اطراف الحركة الثلاثة بما في ذلك مجموعة ريك مشار ، ان خوض نقاشات بهذا المستوى يدفعنا للتساؤل حول حجم التنازل الذي يمكن ان يقدم في سبيل اجتماع فصيلين دون الثالث وتحت رعاية مباشرة من اجهزة المخابرات المصرية واليوغندية والتي كانت قد دعت قبل انعقاد هذه الاجتماعات قيادات من المجموعة من ضمنهم الدكتور مجاك دي اقوت واخرون قبل ان يتم تحديد الموعد الذس تمخض عنه اعلان القاهرة . * ومهما يكن من تنازلات قد قدمت فعليا على ارض الواقع الا ان عدم بروزها ضمن ثنايا الاعلان الرسمي يعني ضمنياً بان هذه التنازلات لا تعني شيئاً طالما ان الطرفين تعمدا عدم ابرزها يشكل علني الا من خلال التسريبات التي يفصح عنها بعض المقربين ومن ضمن هذه التسريبات الجدل المثار حول تنحي الرئيس من رئاسة الحزب او عدمه الى جانب مصير ريك مشار في الحزب ، الى جانب الاقرار بان مسألة تكوين لجنة فنية تمهد الطريق امام لقاء قادة الحزب لم يكن تعبيرا دقيقاً خصوصا وان البيان لم يشير او فلنقل ان فاقان اموم خلال حديثه عقب التوقيع على وثيقة اعلان القاهرة الى اسماء قادة الحزب الذين من المفترض ان يجتمعوا بعد ان تفرغ اللجنة الفنية من اعمالها وواجباتها المحددة لها ، فمثلا هل سيكون مشار حضورا في هذا الاجتماع الهام لقادة الحزب ؟ ، ان اي اجابة صريحة لهذا السؤال هو الذي سيحدد حجم التوقعات المتعلقة بنجاح وحدة الحزب من جديد وخلال ذلك فالمسألة ستصبح مثل اشواق واحلام بعيدة المنال لا يمكن ان تتحقق الا ببروز جيل جديد من قادة الحزب يحملون مفاهيم اخرى مختلفة عن تلك المفاهيم التي دفعت قادة الحزب الى تحويل خلافاتهم من شأن داخلي يخصهم الى قضية تهدد مستقبل البلاد بشكل كلي .