آخر أيام الدينكا؟!

 


 

 

 

اخر الليل

اسحق احمد فضل الله

أمس الأول الإثنين الرابع والعشرين من فبراير يبدأ (التعب) الحقيقي للدينكا بعد أن تذوقت القبائل ـ ولأول مرة - لذة النصر العسكري المباشر على الدينكا..

والقبائل التي كانت تشكو وتمسح أنفها السائل .. ثم لا تلقى من الدينكا إلا المزيد من العسف تحمل السلاح أخيراً..و.

وخمسمائة مقاتل في ملكال يطردون ثلاث كتائب تتبعها الدبابات من الدينكا .. و ..

وما ظللنا نحذِّر منه طوال الأسبوع الماضي (ونحن نحدث عن تدفق القبائل الجنوبية إلى اللقاء في الخرطوم) يقع.

و..و..

(2)

ونبوءة أحد (دهاة) الانقاذ التي أطلقها أيام نيفاشا تتحقق بأسوأ صورها..

وأيام نيفاشا والحديث عن نسبة تقاسم السلطة كان الحوار بين أعضاء الوفد الحكومي يتحول إلى جدال ويوشك أن يتحول إلى نزاع..

وعلي عثمان ومن غرفته الخشبية التي تقوم فوق مئات الأعمدة الخشبية يظل ينظر إلى النعامة التي تمشي في السهل..

لكن في الأيام ذاتها وعن الشأن ذاته..

في الخرطوم كان يدور حوار لو سمعه قرنق لذهل..

في اللجنة التي تتابع نيفاشا من بيت البشير أحدهم كان يطلب من الدولة أن تترك الجنوب بكامله لحكومة الدينكا.

قال الرجل: لا نشترك بنسبة كبيرة في السلطة في الجنوب .. لأننا إن اقتسمنا السلطة مع الجنوبيين وجدنا أن النصف الجنوبي سوف يكون كله من نصيب الدينكا..

وما سوف يحدث هو.

أن الشمال سوف يظل يصب المال ويصب لتنمية الجنوب.

وأن المال سوف يذهب كله في (رمال) الدينكا .. ولن يصل إلى الشارع منه شيء..

والدينكا / الشريك الحكومي يومئذٍ/ سوف يزعمون للمواطن الجنوبي أن الجانب الشمالي من حكومة الجنوب هو الذي يعطل التنمية.

وما يحدث يومئذٍ هو..

أموال هائلة تذهب إلى الدينكا.

وخراب كامل يبقى في الجنوب.

واللوم كله يصب على الشمال بحيث يصبح الشريك الشمالي هو المنديل الذي يمسح به الدينكا أنفهم .. و..

الرجل يقترح.

: أن نتخلى عن النصيب الأعظم من السلطة للجنوبيين.

والنصيب الأعظم هذا سوف يذهب إلى الدينكا..

والدينكا سوف يفعلون بالناس الأفاعيل..

عندها ينكشف للمواطن الجنوبي من يغمسه في الماء ليغسله .. ومن يغمسه في الماء ليقتله..

والدينكا يذهبون بحكومة الجنوب بالفعل..

وأسوأ مخاوف عضو الوفد تتحقق لكن..

بعد معركة ملكال أمس يتحول كل شيء..

وقبائل الجنوب التي ظلت (تحاجج.. وتطلب وتحنس وتوسط وتبكي .. و..) دون جدوى .. تحمل السلاح.

وتتذوق لحم الدينكا..

وبعد ملكال أول هذا الأسبوع الطرف الأخر هو الذي سوف يعرف إيقاع البكاء والتحنيس.

(3)

بعض قادة جيش الحركة الذين يجذبون (الشيشة) في الديم  قبل أيام ويتحدثون بحلاوة كان بعضهم ـ وفي تطابق قدري ـ يروي مثلاً جنوبياً يقول.

: إن ذهبت لاصطياد التمساح وفشلت فلا تطمئن فقد جاء دور التمساح لاصطيادك أنت.

والحركة الشعبية التي ظلت للشهور الستة الماضية تحاول اصطياد التمساح في ملكال وغيرها .. وتفشل .. تطمئن..

بينما التمساح كان ـ كما أشرنا بالفعل ـ يدب تحت مياه الخرطوم..

بعدها بيوم أو يومين كان يقضم ساق الحركة في ملكال..

لكن ما يدب تحت الماء الآن هو الدينكا ذاتهم.

فالدينكا يعرفون أنهم يواجهون الخطر الحقيقي الآن إن هم سكتوا على هزيمتهم الغريبة .. التي تحطم تماماً كل معنويات الجيش (الحماية الوحيدة لهم الآن) .. والتي جعلت القبائل الأخرى تتلمظ الآن..

فالقبائل الموجوعة ليست هي النوير وحدهم..

لهذا فإن معركة ما سوف تشتعل حتماً في مكان ما في الأيام القليلة القادمة..

يبقى أن قبيلة الدينكا تلتفت الآن لتجد أن.

سلطانها العسكري يثقب تماماً بعد معركة ملكال أول هذا الأسبوع.

وإن أمريكا التي تسأل سلفاكير في زيارته الأخيرة عن (أولاد قرنق وأين هم؟) هي دولة تبحث عن بديل.

وان الانتخابات التي تقترب تحت إشارة مرعبة للإحصاء السكاني الآن هي سيف يقترب من عنق الدينكا ويقترب ويقترب .. ويقترب..

وان المجموعات الثلاث المقتتلة داخل الجهة الحاكمة من الحركة الشعبية - والتي تسعى لانتخابات لا يكون الوطني طرفاً فيها ـ سوف تفاجأ ـ لعلها ـ بانتخابات لا يكون الدينكا طرفاً فيها.

وأن القبائل في الجنوب ـ بعد أسبوع توابيت الدولارات ـ تنطلق الآن وتلتقي تحت الأرض لشيء. (اسألو منو استخباراتكم)!!

ومعركة ملكال تصبح شيئاً مثل الإصابة في حادث الحركة .لا يشعر صاحبه بمواجعه إلا صباح اليوم التالي..

ونبوءة الداهية في بيت الرئيس أيام نيفاشا تتحقق.

والرجل الآن يُهزُّ رأسه أسفاً.

والحركة تستيقظ الآن صباح اليوم التالي للإصابة.

 

آراء