أبو شوك: العطاء المستمر والصبر على الوفاء

 


 

 

أبو شوك: العطاء المستمر والصبر على الوفاء
قراءة في كتاب: أحمد أبو شوك، المؤرخ يُوسُف فَضل حَسن، رصانة الكسب وجزالة العطاء، (2023)

حامد فضل الله \ برلين

أتقدم بالشكر الجزيل والامتنان الخالص للبروفيسور أحمد إبراهيم أبوشوك بإهدائه لي كتابه الجديد الموسوم بـ: "المؤرخ يُوسُف فَضل حَسن، رصانة الكسب وجزالة العطاء"، والذي صدر في طبعته الأولى بداية هذا العام (2023) عن معهد إفريقيا، الشارقة. تهيكل الكتاب في سبعة فصول، إلى جانب تقديمين بأقلام آخرين، ومقدمة وخاتمة، فضلاً عن الملاحق وثبت المصادر والمراجع وفهرس عام. تزين الغلاف الأمامي للكتاب بصورة للمؤرخ يُوسُف فضل حسن، وتضمنت صفحاته الـ (398) صفحة العديد من الصور.
قليلةٌ هي تلك الكتب، التي تشدّك منذُ الصفحة الأولى، وتطربك بأفكارها ومعلوماتها ومنهجها وتحليلها وأسلوبها، فتأثرك، ولا تستطيع تركها قبل أن تطوي الصفحة الأخيرة. إن هذا الكتاب، الذي هو قيد العرض الآن، ليس روايةً أو قصّة، تتابع فيهما السرد، أو الحبكة وانتظار لحظة التنوير، أو ديوان شعر يحلّق بك في ملكوت الكلمات، وإنما هو كتاب في السيرة العامة ويؤرخ لعالم جليل وأكاديمي مرموق هو "البروفيسور يُوسُف فضل"، مد الله في عمره. وقد أخبر أبو شوك القارئات والقراء عن هذه السيرة، قائلاً: "هي سيرة مؤرخٍ ثبتٍ، أفنى معظم سنواته عمره في تجويد كسبه المعرفي وبَذْل عطائه الأكاديمي، دون أن يترك هامشًا واسعًا لبقية اهتماماته الحياتية الأخرى، التي تقع خارج نطاق اهتمامه الرئيس". قدم أبو شوك هذه السيرة بأسلوب سلس وشيق، يحض على التأمل، ويثير الفضول وحب الاستكشاف.
إستأنس أبو شوك، مؤلف سيرة المؤرخ يُوسُف، كما أخبرنا في مقدمته، بالسياق التاريخي والسياسي والاجتماعي والثقافي الذي نشأ فيه صاحب السيرة وهذا يعينه في رسم صورة ذهنية كاملة عن حياته الاكاديمية؛ التي لم تنشأ من تلقاء نفسها في حوض من المزايا الموروثة؛ ولكنها أسست على مهارة توظيف القدرة الذاتية في إطار الظروف الموضوعية المحيطة. كما أن هناك دوافع موضوعية كثيرة دفعته لكتابة هذه السيرة منها: فهذه السيرة تقدم للقارئين والباحثين نموذجاً فريداً لكسب الفرد المعرفي (الخاص) في ظل السياسات التعليمية التي سنها المستعمر (العام)، وانبثقت منها مؤسسات تعليمية، شكلت الحواضن المعرفية التي استثمرها يُوسُف في كنفها مهاراته الذاتية بكفاءة أهلته أن يكون مدرساً وباحثاً وخادم مجتمع يشار إليه بالبنان في مجال تخصصه الأكاديمي، وتقدم السيرة نموذجاً للمؤرخ الذي استطاع أن يعزز منهج الدراسات البينية، القائمة على معالجة مشكلة البحث الواحدة من عدة زوايا منهجية، عابرة لحدود التخصصات الأكاديمية الوهمية، التي رسمتها المدرسة الوضعية بين العلوم الاجتماعية والاِنسانية والعلوم الأخرى المساعدة لها، وكلك ضرورة توثيق رؤية يُوسُف في توظيف المعرفة التاريخية في خدمة القضايا المعاصرة.
ركز الفصل الأول على تحليل المحيط السياسي والمحيط الثقافي ــ التعليمي والمحيط الاجتماعي الأكاديمي، التي أسهمت في تشكيل وعائه المعرفي وفي توجيه مسار عطائه الوظيفي. واستعرض الفصل الثاني الميلاد والنشأة والتعليم قبل الجامعي، وتابع الفصل الثالث رحلة التعليم الجامعي لصاحب السيرة، من كلية الخرطوم الجامعية إلى جامعة لندن، فيتناول الخطوط التأسيسية لحياته الأكاديمية بعد المرحلة الثانوية. وسلط الفصل الرابع الضوء على انضمامه لعضوية هيئة التدريس بكلية الآداب، جامعة الخرطوم ومُركزا على نشاطه التدريسي في شعبة التاريخ ودوره الأكاديمي في النهوض بشعبة أبحاث السودان، وتأسيس معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، ثم عمادة كلية الآداب وإدارة جامعة الخرطوم، ويناقش الإنجازات التي حققها والتحديات التي واجهها.
ووقف الفصل الخامس على منهج يوسف ومشروعه البحثي، وخاطب عنوان الفصل مراده: "المنهج التاريخي والمشروع البحثي". وفي هذا كتب المؤلف، قائلاً: "يقوم مشروع يُوسُف البحثي رأسياً على ثلاث طبقات، أولاها أطروحة صاحب المشروع (العرب والسودان (أطروحة الدكتوراه)؛ وثانيها العطاء الأكاديمي لشعبة أبحاث السودان؛ وثالثهما إسهام صاحب السيرة الذي تحرك بفعالية بين فضاء كسبه المعرفي المتراكم والعطاء المؤسسي لشعبة أبحاث السودان وبعدها معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية. واستندت قاعدة المشروع الأكاديمية إلى الفرضية " أن السودان لم يكن مجرد جسر عبرت عليه الثقافة العربية والاِسلامية إلى أفريقيا، ولا بوتقة انصهرت فيها الثقافتان العربية والأفريقية، وإنما كانت للسودان شخصيته التاريخية المتميزة منذ فجر التاريخ، ولعل المتابع لشخصية السوداني يجد أنها استطاعت أن تُسودن الثقافة العربية والاِسلامية قبل أن تتقبلها، كما أبرزت كينونتها الخاصة في إطار الثقافة الأفريقية التي تنتمي إليها".
وأستدعى المؤلف في الفصل السادس أحد عناوين كتب صاحب السيرة: (حواش على متون علماء ومؤرخين ومفكرين في تاريخ أفريقيا والسودان)، الذي صدر في طبعته الأولى عام 2007، ووسم به الفصل فجاء عنوانه: "حواش على متون المشروع". وبأدوات عالم التاريخ في التشريح والعرض والمراجعات للمقالات والأبحاث، والربط والاستحضار للخيط الناظم في المشاريع البحثية، استطاع أبوشوك في هذا الفصل أن يُجسِّد للقارئات والقراء طرفًا من الحواشي المتعلقة بمشروع يُوسُف البحثي الذي تناوله في الفصل الخامس. وأوضح المؤلف بأن هناك طرف آخر من الأدبيات التي أصدرها يُوسُف في أوعية نشر مختلفة وعرضها في مناسبات علمية متعددة. ثم بيَّن بأنه توجد بين كليهما تقاطعات أفقية ذات صلة بمشكلة المشروع الأصل وفرضيته القائمة على التمازج الثقافي والعرقي في سودان وادي النيل، ومتصلة بمدونات بعض العلماء وبعض المؤرخين والباحثين الذين أنتجوا سرديات تاريخية معززة لبعض فرضيات المشروع والنتائج التي توصل إليها. ثم أكد، قائلاً: "بناءً على هذه التقاطعات المعرفية جاء عنوان هذا الفصل "(حواشٍ على متون المشروع)".

سعى الفصل السابع والأخير، ومن خلال عنوانه: "التعليم العالي وخدمة المجتمع"، إلى التوثيق بأن يُوسُف نأى بنفسه عن التحزب السياسي والنعرة العرقية طوال مشوار حياته الأكاديمية، إيفاءً لمطلوبات رسالته العلمية، وابتعاداً عن تجاذبات الفعل السياسي التي تتعارض مع أدائه الوظيفي. وقد وجد قبولاً عند كل الأنظمة السياسية الحاكمة باختلاف توجهاتها الأيديولوجية؛ الذي أهله لشغل بعض الوظائف الاِدارية ــ الأكاديمية في مؤسسات العليم العالي والمجالس والجمعيات واللجان الحكومية وشبه الحكومية ذات الصلة باهتماماته الأكاديمية". وهنا في تقديري، قد وفق المؤلف في وصفه ليُوسُف، فهو كذلك، وكان كأنه يتحدث عن نفسه، فهو أيضاً قد نأى بنفسه عن التحزب السياسي والنعرة العرقية في مشوار حياته الأكاديمية، وظل منقطاً للعطاء العلمي المستمر والجاد.

جاء تقديم الكتاب بقلم شخصيتين متميزتين أكاديمياً وفكرياً وثقافياً، هما البروفيسور عبد الله علي إبراهيم (التقديم الأول) والدكتور عبد الله الفكي البشير، خريج قسم التاريخ، بكلية الآداب، جامعة الخرطوم (التقديم الثاني)، وكليهما قد درس ونال بعض الدربة الأكاديمية على يديَّ البروفيسور يُوسُف فضل حسن، ويمثلان أجيال مختلفة من خريجي جامعة الخرطوم.
كتب عبدالله علي إبراهيم وهو تلميذ يُوسُف وزميله لاحقاً في وحدة أبحاث السودان ومعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، تقديما رصيناً، وأوضح، قائلاً: "... ربما كان يُوسُف من القلائل في جيله الأكاديمي الذين نأوا عن الحزبية لا السياسة إذا وسعنا السياسة لتكون الوطنية تاجها. وهو جيل تعاونت عليه نظم ديكتاتورية من كل ألوان الطيف الحزبي وأخذته من "برجه العاجي" إلى دست الحكم وأحزابه الفرد، وكانت النتيجة بأسة. فهجروا ما يعرفون إلى حيث لا يرغب أحد في معرفته حيث انتهوا. فلا يملك أحد منهم إلا أن يرعى بقيده في نظم قابضة للحاكم حتى حق النقض (الفيتو)، ولزم يُوسُف "فروة" الأكاديمية، ونثر سياسته الوطنية في سياسات كانت ذؤابتها تعظيم شعار التنوع الثقافي في تأليفه وتدريسه وخدمة للجامعة والمجتمع ... وهذ الكتاب الذي بيد القارئ كتاب مرموق بقلم مؤرخ ثبت أعانه اطلاع كثيف على تاريخ السودان يكتب عن مؤرخ هو تاريخ في حد ذاته. ويكتب عبد الله جملة طريفة تتعلق بالاستطراد "والاستطراد كالكولسترول حميد وخبيث. واستطراد الكتاب حميد جداً. فلن تمله لأنه أخذك عما أنت فيه إلى غيره".
وكتب عبد الله الفكي البشير، قائلاً: "هذا الكتاب هو فعل فداء وتجسيد لمعاني الاحترام والأدب مع الكبار. لقد فدى أحمد إبراهيم أبو شوك واضع هذا الكتاب، المثقفين في السودان وفي كثير من دول العالم، وهو ينوب عنهم في الوفاء والاعتراف بالفضل، والقيام بالواجب الثقافي والوطني، اتجاه البروفيسور يُوسُف فضل حسن. قد وهب يُوسُف جل حياته لخدمة السودان والاِنسان والعلم، وظل يعمل، باستمرار والتزام وجد، في تنمية الوعي وخدمة التنوير، من خلال التدريس وإنتاج المعرفة وخدمة المجتمع ...". وتكشف السيرة، باننا أمام مؤرخ مطبوع وصاحب خيال تاريخي، أرسى تقاليد علمية رفيعة، ظلت تنشد تجسير التواصل مع العالم، واتسمت بالصرامة والاحتراز في الوصول للنتائج وإطلاق الأحكام".
إشارة عبد الله الفكي البشير الهامة، بأن الكتاب هو تجسيد لمعاني الاحترام والوفاء والأدب مع الكبار من العلماء والأساتذة فإنني أضيف، بأن "أبوشوك" يجسد معاني الاحترام والوفاء أيضا، للكثير من الأدباء والفنانين والمثقفين ورجال الاِدارة الأهلية أو موظفي الخدمة المدنية، والإشادة بهم، كمثال: الشاعر محمد الحسن حسن سالم (حميد)، العمدة أحمد شوك محمد حسين، والاِداري القدير حامد علي شاش، والذي تعرفت عليه في جوبا، أثناء عملي متطوعا في السلاح الطبي، وحامد شاش الخلوق كان وقتها محافظ الاستوائية.
اشتمل الكتاب على الكثير من المعارف والمعاني والقصص والمواقف. وفي هذا كم أسعدني إيراد أبوشوك لقصة والدة يُوسُف في الكتاب، والتوثيق لدورها، والتأكيد على حضورها من قبل عبد الله الفكي البشير، فقد كتب عبدالله عنها، قائلاً: هي التي حفَّزت ابنها يُوسُف، وغرست فيه الشعور بالتحدي، ورسمت له طريق التميز وليس النجاح، حينما رُفض قبوله بمدرسة عطبرة الأوليَّة الشرقية للبنين، وأعتقد يُوسُف، كما أوضح لوالدته، بأن السبب ربما يعزى إلى صغر حجمه وقصر قامته. فردّت عليه والدته، كما أورد أبو شوك، قائلة: "القصير يطول"، فسألها يُوسُف: "كيف يطول القصير؟"، فأجابته قائلة: "يطول بالفرحة". وَلَّدت هذه العبارة البسيطة، كما ذكر أبو شوك، "في نفس يُوسُف شعورًا حافزًا، ظل يلازمه في كل مراحل حياته". وبالفعل قد طال يُوسُف بالفرحة، وكانت تلك المرأة في رؤيتها، وفي رهانها على ابنها، يُوسُف، وقد تحقق ما تنبأت به، متجاوزة للنظم المتبعة ومتقدمة عليها، فكانت هي العالمة، وليست الأمية، تعلمت وتخرجت في مدرسة الحياة، وفي هذا يقول الأستاذ محمود محمد طه: "الحياة أصدق من العلم".

تعرفت على البروف يُوسُف فضل لأول مرة منذ سنوات طويلة، عندما حضر إلى برلين، مشاركاً في مؤتمر لمدراء الجامعات الأفريقية قامت ألمانيا بتنظيمه. فجمعتنا دعوة كريمة من الأخ سامي على حامد خريج كلية الزراعة، جامعة الخرطوم وقتها مبعوثاً إلى برلين للتحضير لنيل شهادة الدكتوراه، وضم اللقاء الصديق جعفر سعد، ذلك اللقاء الحميم، تشوبه الآن لحظة من الحزن والألم، فقد تُوفىًّ الصديق الدكتور سامي علي حامد داخل منزله أثر شظايا من قذيفة أثناء الحرب اللعينة التي تدور الآن في الوطن بين الجيش وقوات الدعم السريع. واللقاء الثاني عندما حضر مع وفد من مصلحة الآثار وأساتذة من جامعة الخرطوم للمشاركة في مؤتمر عن الآثار، وقدم لنا الوفد محاضرة رائعة في دار الجالية السودانية في برلين، عن تاريخ السودان الحديث، وعن نتائج أبحاثهم في مصورات الصُفرة والاِشارة إلى أبحاث وحفريات الألمان، قديماً، ألمانيا الديمقراطية بقيادة علم الآثار فرتز هنزا وهنكل وحديثاً، ألمانيا الاتحادية بقيادة ديدرش فلندونج.
أما اللقاء الأخير فكان في الخرطوم، لقد ذكر أبوشوك، بأن يُوسُف كان يحرص ويحترم المواعيد، وأذكر أنني حضرت ندوة في الخرطوم كان يشرف عليها يُوسُف، وكان المتحدث الرئيس والأول واحد من أحد كبار زعماء الأحزاب السياسية، وجاء متأخرا، رحب به يُوسُف بكلمة "تفضل" وسوف تكون آخر المتحدثين.
أطلع يوُسُف على مخطوطة أبو شوك قبل نشرها، وردها إلى المؤلف دون تعليق، أنني أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب لهذه الاحجام، أولا كُتب النص بحيادية وموضوعية وتوثيق محكم، ثانياً احترام حرية ووجهة نظر الشخص وهذا ما اتصف به يُوسُف ومارسه عملياً حيال طلابه وزملائه ومعاونوه، وثالثاً الثقة الكاملة في المؤلف.
تعرفت على أبو شوك، من خلال زياراته المتكررة إلى برلين بدعوة من عدة مراكز بحثية، منها مركز دراسات الشرق الأوسط الحديث ببرلين بأشراف الأستاذة أولريكه فرايتاج والمحاضرة في معهد الدراسات الاِسلامية في جامعة برلين الحرة أيضاً. لقد استضافت فرايتاج من قبل في مركزها، أستاذ التاريخ في جامعة الخرطوم، الراحل البروفيسور محمد سعيد القدال.
وكان أبو شوك يقدم لنا ـــ رغم زياراته القصيرة وبرنامجه الأكاديمي المكثف ـــ محاضرات ــ في دار الجالية السودانية، والآن عن طريق خدمة زووم اونلاين ـــ عن تاريخ السودان والتطورات السياسية وسط جمع غفير من السودانيين والعرب.
كما كتب أبو شوك مقدمة ضافية لكتاب الرحالة الألماني إدوارد روبيل، الموسوم (رحلات في شمال السودان وكُرْدفان وشبه جزيرة سيناء وساحل الحجاز) فرانكفورت أم ماين 1829، وجاء اقتراح ترجمة الكتاب من الدبلوماسي الدكتور خالد محمد فرح بعد أن تبين له بأن الكتاب صدر باللغة الألمانية فقط. ترددت كثيرا في خوض التجربة، بعدما اطلعت على الكتاب وحجمه الكبير ولغته الألمانية القديمة، ولكن تشجيع خالد وقناعته بإمكانية نجاح التجربة، قمتُ بمساهمة السيدة فادية فضة بترجمة الكتاب.
قام خالد، وهو باحث رصين في القضايا الثقافية والتراث، بمراجعة دقيقة للكتاب وضبط أسماء الشخصيّات والأماكن والترخص في ترجمة العنوان، من دون إخلال بالمعنى الذي هدف إليه المؤلف، ونقل ما قصد إليه المؤلف بمصطلحات معاصرة، وأكثر سيرورة، وأسهل إدراكا بالنسبة لذهن القارئ غير المتخصص في الوقت الراهن.
مقدمة أبو شوك الضافية، والتي تتبع فيها، نشأة أدب الرحلات الغربي عن الشرق وعارضاً الجوانب الهامّة للكتاب، بجانب مراجعة خالد الدقيقة أكسبت الترجمة قيمة كبيرة، وهذا ما أشار إليه بعض اساتذة الدراسات الاِسلامية والعربية من الألمان الذين يحسنون اللغة العربية. مثل ما قال أحدهم: "تعتبر هذه الترجمة هدية للسودانيين وشرف للرحالة والعِالم الألماني".

يعلم هذا الكتاب كل من يقرأه، مع المتعة والإدراك والفهم لما نجهل من تاريخينا. ويضمّ، كذلك كثيراً من الوثائق والمستندات، ويكشف عن معدن الوفاء.
ينتمي أبو شوك الى علمائنا الجدد، بأسلوبهم ومنهجهم الخاص في تقصي وتفسير وتحليل التراث والتاريخ، مستخدمين أدوات البحث العلمية الجديدة ويرتكزون الى تراث أكاديمي ناصع يقف على قمته، منهم، على سيبل المثال، لا الحصر، مكي شبيكة، ويوسف فضل، ومحمد سعيد القدال، ومحمد إبراهيم أبو سليم، وعبد الله علي إبراهيم، وينتمي أبو شوك أيضاً إلى زمرة الأكاديميين والباحثين المرموقين في بلادنا، الذين يتوخون الدّقة في أبحاثهم وكتبه العديدة والمتنوعة شاهدة عليه.
التحية والتقدير للبروفيسور أبو شوك.

برلين12 مايو 2023

hamidfadlalla1936@gmail.com

 

آراء