أثر التدخلات الاجنبية على النزاع المسلح الدائر في السودان

 


 

 

لقد مضت تسعة أسابيع على إندلاع النزاع المسلح في السودان بين القوات المسلحة النظامية وقوات الدعم السريع المتمردة على القوات المسلحة واجه فيها السودانيين جراء ذلك القتال ظروفاً بالغة التعقيد من فقدان كبير في الارواح والممتلكات تصنف من خلالها العمليات القتالية الدائرة في البلاد وفقاً لمعايير القانون الدولي الإنساني بالنزاع المسلح غير الدولي.
لقد كشفت التقنيات الحديثة ضلوع أطراف أجنبية قدمت ومازلت تقدم دعماً مادياً بالتمويل والإمداد بالمعدات والتخطيط للعمليات العسكرية والاشراف على ميليشيات الدعم السريع التي تقاتل في مواجهة القوات المسلحة داخل أقليم الدولة السودانية وهذ السلوك يجرمه القانون الدولي الإنساني، فلا يجوز لاي دولة تمويل قوات غير رسمية خارجة عن نطاق القوات المسلحة الوطنية أو تنسيق عملهم او الإشراف عليهم، الامر الذي يغير من توصيف النزاع الدائر من نزاع مسلح غير دولي الى نزاعاً مسلحاً دولياً.
فعند مساندة دولة أجنبية لقوات منشقة أو متمردة في مواجهة القوات النظامية في الدولة يُحول توصيف النزاع من داخلي الى دولى بشرط أن يصل الدعم لحد السيطرة الكاملة على القوات المتمردة التى تقاتل في مواجهة القوات الحكومية "overall control " وتقاس السيطرة الكاملة عند وجود بعض المؤشرات مثل إصدار التعليمات المتعلقة بالعمليات الحربية، وتنظيم وتنسيق الخطط ،إختيار الهدف بالتمويل والتدريب والتسليح وتقديم الدعم الميداني للقوات المتمردة المسلحة.
ولايكفى مجرد الدعم اللوجستى والمادى فحسب، ليغيير من تصنيف النزاع بل يتطلب من الدولة الداعمة أن تصدر تعليمات محددة تتعلق بإرتكاب أفعال غير مشروعة ، كما حدث في قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة الامريكية عندما كانت قوات الكونترا المتمردة تحارب ضد حكومة نيكاراغوا وتعمل باسم الولايات المتحدة الامريكية، وقد ذكرت محكمة العدل الدولية في تلك القضية أن الاطراف غير الدول هم "وكلاء بحكم الواقع "defacto agent "واستدلت المحكمة بوجود علاقة تبعية وسيطرة كاملة، وأشارت الى أن الولايات المتحدة مسؤولة عن سلوكها في مواجهة حكومة نيكاراجوا، واضافت بان النزاع بين الولايات المتحدة والجيش النيكراغوي نزاع مسلح دولي، والنزاع بين الجيش النيكاراغوي والجماعات المسلحة نزاع مسلح غير دولي.
بناءً على ما تقدم يمكن تصنيف النزاع المسلح الدائر في السودان تصنيفاً مزدوجاً الى نزاع مسلح دولي بين السودان والدول التي قدمت ومازالت تقدم دعماً لقوات الدعم السريع المتمردة، الذي يدخل في إطار المادة الثانية المشتركة من إتفاقيات جنيف الاربع، وغير دولي بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع ،وفقاً لما أشارت اليه المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية “تاديتش” حيث نظرت إلى النزاع الداخلي على أنه تمرد وثورة وخيانة، يدخل في نطاق إختصاص القانون الجنائي الوطني، وتستبعد بالطريقة نفسها أي تدخل ممكن من جانب الدول الأخرى.

بقلم :د. رجاء عبدالله الزبير الملك

ruaaabuswar351@gmail.com
/////////////////////

 

آراء