ألعب غيرها !

 


 

 

مناظير -
* لم تمر بضعة ايام على مسرحية (حميدتي) الهزلية المفضوحة بانسحابه من المشهد السياسي وتفرغه لعقد المصالحات بين القبائل المتصارعة، حتى عاد مرة أخرى الى طبيعته الاجرامية واعتياده على التهديد والوعيد وصفات الثعلب المعروفة التي لا تخفى على احد مهما تدثر بثياب الواعظين، والتي تحدث عنها وفضحها أمير الشعراء (أحمد شوقي) في قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
برز الثعلب يوماً ** في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهذي ** ويسبُ الماكرينا
ويقول الحمدلله ** إله العالمينا
يا عباد الله توبوا ** فهو كهفُ التائبينا
وازهدوا في الطيرِ ** إن العيشَ عيشُ الزاهدينا
واطلبوا الديكَ يؤذن ** لصلاةِ الصبح فينا ..
(الى آخر القصيدة التي يقول فيها : مخطئُ من ظن يوماً ** أنَّ للثعلبِ دينا)
* ومخطئٌ أيضا من ظن لحظة واحدة أن (حميدتي) يمكن أن يكون مصلحا إجتماعيا، ويعتزل العمل السياسي، ويخرج الى الناس في ثياب الواعظ وهو الذي اعتاد على الاجرام، وكل الصفات والتاريخ الاسود الذي عرف به منذ ان شب عن الطوق!
* في حوار إذاعي أول أمس، اتهم (حميدتي) الأجهزة الأمنية بالعجز عن فرض الامن وهيبة الدولة في الخرطوم، معللاً ذلك بقفل الشوارع والمتاجر والصيدليات، داعيا الى حسم الفوضى، قائلا: " لو ما قادرين، نترك المجال لآخرين قادرين على فرض هيبة الدولة" .. وهو يقصد بذلك ان يُترك له المجال لحسم الفوضى في الخرطوم وفرض هيبة الدولة، كما فعل في دارفور، والدليل على ذلك قوله "ان كل المتفلتين في الاحداث الأخيرة في (الجنينة) تم القبض عليهم وترحيلهم الى سجن بورتسودان"، أى أنه استطاع بعد سفره واقامته في دارفور حسم المتفلتين والقبض عليهم وترحيلهم الى سجن بورتسودان، مضيفا،أن الاعتصامات والفوضى في الخرطوم تؤثر على هيبة الدولة، بمعنى أنه الذي سيحسم الفوضى ويفرض هيبة الدولة في الخرطوم لو تُرك له الأمر!
* هذا هو الشخص الذي أصدر بيانا قبل بضعة ايام اعلن فيه انسحابه من المشهد السياسي، وترْك الامر برمته للمدنيين للوصول الى اتفاق وتشكيل حكومة تتولى ادارة شؤون البلاد، وقبل أن يجف حبر البيان الهزلي أو المسرحية الثعلبية، إذا به يخرج متحدثاً عن الفوضى في الخرطوم واغلاق الشوارع والمتاجر، ويطالب بحسمها وفرض هيبة الدولة، وتفويضه السلطة ليفعل ذلك، كما فعل في دارفور .. وكأن القتل وانهار الدماء التي يُغرق بها الانقلابيون الخرطوم، وهو نائب قائدهم والشريك الاصيل في كل الجرائم، لا تكفي، ويريد التفويض لارتكاب المزيد من جرائم القتل وإراقة الدماء لفتح الشوارع والمتاجر وحسم الفوضى وفرض هيبة الدولة !
* وبعد ان يطلق كل تلك التهديدات في لقائه الإذاعي، يعود في نفس البرنامج ليتقمص شخصية الواعظ مرة أخرى، ويعرب عن أمله في تعاون الأطراف السودانية لتحقيق التوافق وتشكيل حكومة تقود إلى إجراء انتخابات، قائلا، "أتمنى أن نضع أيدينا في أيدي بعضناً البعض للوصول إلى وفاق من خلال الحوار وتشكيل حكومة تقود إلى انتخابات"، معتبراً أن الحوار في السودان مستمر "ونريد الخروج من الفتنة"، ويتحدث بكل براءة عن توقيع اتفاق صلح بين القبائل المتصارعة في النيل الأزرق.
* ولكننا نقول لحميدتي، كما قال الديك للرسول الذي أتاه من طرف الثعلب طالبا منه أن يلين ويستمع الى الثعلب :
بلِّغ الثعلبَ عني ** عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان مِمَّن ** دخل البطن اللعينا
أنهم قالوا وخير القول ** قول العارفينا
مخطئ من ظن يوما ** أن للثعلب دينا
* وبالسوداني الفصيح : (ألعب غيرها يا حميدتي )، فمن شبَّ على شئٍّ، شاب عليه !
الجريدة

 

آراء