إدارة مصادر المياه

 


 

د. حسن بشير
20 December, 2009

 

     من المفترض ان تكون واحدة من نتائج قمة كوبنهاجن التي خصصت لمناقشة التغيرات المناخية هي زيادة الوعي بالمشاكل البيئية و التنمية المستدامة و التي تعتبر المياه واحدة من عناصرها الرئيسية. شارك السودان في هذه القمة كرئيس لمجموعة ال 77 و التي نسقت بفاعلية و نشاط مع الصين في تحديد مواقفها حول الملفات البيئية الشائكة ، مع ملاحظة ان العديد من الفضائيات و منها العربية كانت تشير الي مندوب السودان كمسئول لمجموعة ال 77 فقط دون ذكر نسبه الي السودان ، و هذا نهج متبع في التقليل من ظهور السودان بشكل ايجابي في التجمعات الدولية. من داخل الجدل الدائر حول البيئة و التغيرات المناخية يظهر السودان كواحد من البلدان التي ستتأثر بشكل كبير بتلك التغيرات ، مما سينعكس علي موارده و علي جميع أوجه النشاط الاقتصادي فيه. عاني السودان من موجات متكررة من الجفاف و الفيضانات و الظواهر الاخري التي اثرت بشكل كبير علي الانتاج الزراعي بمختلف انواعه. من جانب اخر يعتبر التصحر من اكبر المشاكل التي يعاني منها السودان. في هذا العام تأثرت أجزءا واسعة من البلاد بشح الأمطار الامر الذي شكل تهديدا حقيقيا علي الأمن الغذائي.

      جميع تلك الظواهر تستدعي التحرك السريع في وضع سياسات تشتمل علي جميع المتطلبات البيئية بشكل يلبي شروط التنمية المستدامة. من المؤكد ان المياه تشكل محورا اساسيا في تلك التنمية خاصة في علاقتها بالتنمية الريفية. يحتاج ذلك الي انشاء مؤسسة متخصصة في ادارة مصادر المياه و من الممكن ان تكون تابعة لوزارة الري و الموارد الطبيعية. لكن ادارة مصادر المياه بالشكل الذي نقصده ذات تخصصات متداخلة تتعدي سلطات الوزارة القائمة. تلك الادارة لن تتوقف اختصاصاتها علي ادارة مصادر المياه بشكلها التقليدي فقط من مياه البحار و الانهار و قنوات الري و غيرها و انما تشمل ايضا شبكات المياه في المدن ، تدوير مياه الصرف الصحي و الجوانب الاجتماعية للمياه مثل تعرفة المياه المناسبة للشرائح الفقيرة. يضاف الي ذلك تختص مثل تلك الادارات بترشيد استهلاك المياه و الحصاد المائي و تقليل الفاقد منها و تحسين جودتها.

      هناك مشكلة حقيقة للمياه في السودان، اذ و بالرغم من توفر مصادره من مياه الانهار الدائمة و الموسمية و مياه الامطار و المياه الجوفية ، الا ان الكثير من مناطق السودان تعاني من العطش و شح المياه اللازمة للزراعة. يضاف لتلك المشاكل مشكلة تلوث المياه بشكل عام و اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في المدن خاصة بعض مناطق العاصمة القومية. يستدعي ذلك اقامة مشاريع كبري للمياه مما يتطلب تكوين ادارة مختصة علي درجة كبيرة من الكفاءة . تقوم بعض البلدان بإنشاء ما يسمي ب"بنك المياه"  برؤوس اموال ضخمة لتعزيز الامن المائي و هذه فكرة صائبة في تنمية مصادر المياه و توظيفها في التنمية الريفية المستدامة و توفير المياه اللازمة لطلب المدن في الشرب و التصنيع و الصرف الصحي و غيرها من استخدامات المياه. يساهم ذلك الاتجاه في تطوير ثقافة المياه الغائبة عن السودان و الدليل علي ذلك الحديث المتكرر حول إهدار المياه و ضعف بنيات الري . اذا كان البعض يعتقد ان مصادر المياه في بلد مثل السودان لا خوف عليها فعليهم مراجعة مواقفهم و النظر الي منسوب النيل هذا العام مع  ملاحظة ان السودان من المناطق الجافة شديدة الحرارة. اخيرا لا بد من القول ان مثل تلك الادرات تطلع بالتنسيق و إقامة الشراكات علي المستويين الإقليمي و الدولي لنجاح مشروعاتها و ضمان نجاحها و استدامتها.

 

hassan mn bashir [mnhassanb@yahoo.com]

 

آراء