إرباك مُخِل وحِراك مُضاد ..!بقلم: هيثم الفضل

 


 

هيثم الفضل
22 September, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
في محاولة جديدة لإزاحة الستارعن ما يُريد أن يُفصح عنه الحزب الشيوعي من (مُستهدفات) عبر مواقفهُ الغريبة في هذه المرحلة الحرجة من (حياة) ثورة ديسمبر المجيدة ، سنخوضُ مرةً أخرى في تحليل تلك المواقف مُستصحبين معنا التاريخ المُشرِّف للحزب العجوز في ملاحم النضال ضد الشموليات ، غير أن مواقف الحزب المُتعنِّتة والمُتطرِّفة تجاه محاولات قوى الثورة الحيَّة الداعية إلى توحيد جبهة التصَّدي للإنقلاب ، قد أصابت الكثيرين بالعجز في (فهم وتوصيف) هويتها وأسبابها وأهدافها ، ففي كل محاولة للتفسير لا يبدو في واقع الأمر شيء سوى (خِضم من المحاولات الحثيثة لتأخير مسار توحيد قوى الثورة وبالتالي إطالة عُمر الإنقلاب وربما المساهمة في بناء شمولية جديدة لا تعترف من حيث المبدأ بمُخطَّط الإنتقال الديموقراطي) ، هذا على المستوى النظري ، أما على المستوى (الواقعي) فإن الإنقلاب وعرَّابيه من عسكريين ومدنيين قد وجدوا ضالتهم وما كانوا لا يحلمون به من دعم (شيوعي) يعمل يومياً على تثبيت أقدامهم ، يعني بالدراجي الفصيح (وقعت ليهم في جرح) ، فقد إحتاطوا قبل الإنقلاب لكسر حوائط عزلتهم عبر صناعة حواضن (خسيسة) مدفوعة الأجر ومعلومة المصالح ، كان في مقدمتها فلول الإنقاذ البائدة ، وثانيها الحركات المسلحة المصادقة على سلام جوبا ، وثالثها النفعيين الجُدد من أمثال مبارك أردول والتوم هجو ومبارك الفاضل وغيرهم من القوى (الذيلية) المساندة للأنظمة الشمولية في أيي زمان ومكان ، أما (الداعم الرابع) الذي لم يكن في حُسبان الطُغاة الإنقلابيين (ووقع ليهم هدية من السما) ومن حيث لا يدرون ولا يعلمون ، هو الحزب الشيوعي ومواقفه من أهم وأقوى الكُتل السياسية المناهضة للإنقلاب والداعمة لخط الثورة ومطالب الشارع الثوري ، ومن أكثر الأوصاف التراجيدية التي أعجبتني في باب (بوهيمية) مواقف الحزب الشيوعي وتوجُّهاته بعد خروجه بفضل ثورة ديسمبر المجيدة من دائرة العمل التنظيمي السري (تحت الأرض) ، إلى العمل السياسي المُعلن والمُباشر ما أوردهُ الناشط الإسفيري عبد السلام كسلا في بعض وسائل التواصل الإجتماعي كمحاولة لإيجاد تفسير لما يُحدثهُ الشيوعي من إرباك مُخِل بفاعلية المقاومة وحِراك مُضاد لإنهاء الإنقلاب ، يقول عبد السلام : (( لا يوجد كيان سياسى أثار البلبلة والشتات كما الحزب الشيوعى ، على قدر ما كُنا نحفظ لهُ قدرهُ .. كونهُ الأنشط والأقدر على العمل فى الظلام ، إلا أنهُ قد فُجعنا حين إستحق الأمر العمل تحت الأضواء ... فالحزب أصبح خفاشاً لا يحيا إلا فى الظلام ، وأصبح يظن كل تحرك فى الأضواء هو خيانة أو مشروع غدر ، لم يجد الحزب بأساً من مُنازلة رفاق الثورة والزنازين ، ورفض الجلوس معهم فى مكان واحد ، فى حين لم يرى عيباً فى من مشاركة اللصوص والانقلابيين والدواعش فى الندوات والنقاشات التى تسعى لعرقلة ثورة الشعب .. إحترنا وتحيَّرنا ، ولكن فهمنا أن هذا الحزب يُظهر خلاف ما يُبطن ، وليس المنجل سوى سكيناً تطعنُ في خاصرة الثورة ...)).

ما قالهُ الأستاذ عبد السلام كسلا في السطور السابقة ، هو بعض ما يمكن أن (يحصدهُ) الحزب الشيوعي من (إنطباعات) لدى الرأي العام والشارع الثوري ، فالقواعد الجماهيرية الثورية تتجاوز الحدود (المرئية) و(المنظورة) بأعين الحزب العجوز ، فهناك الملايين الذين إقتربوا من تجاوز حد (الضجر) ليصلوا حد (العداء) و(المناوئة) لكل العوائق التي التي تقف في طريق الثورة وتحول دون إستئناف مسيرة التحوُّل الديموقراطي حتى لو كان مصدرها حزبٌ عريق في النضال ، وفي الختام أرجو من الآلة الإعلامية الشيوعية ألا تصف ما سبق بذلهُ من (نصائح) بأنه دعوة للتخاذُل و(الهبوط الناعم) ، هذا المُصطلح الذي أصبح فزَّاعة للشيوعيين كلما لم تتطابق رؤاك مع رؤاهم حول إنهاء الأزمة ، مثلهم مثل الإنقلابي مبارك أردول وبعض قادة الحركات المُسلحة الذين باتوا بإستمرار يصفون من يخالفونهم الرأي بـ (العُنصرية) ومُعاداة أصحاب البشرة السوداء.

haythamalfadl@gmail.com

 

آراء