إعلان الشهادة الابتدائية بولاية القضارف والناجون من الحرب يتفوقون

 


 

جعفر خضر
5 July, 2023

 

نسبة نجاح الشهادة الابتدائية بولاية القضارف 52%
نازحو الخرطوم يتفوقون على مدينة القضارف والمدينة تتفوق على المحليات
ثلث تلاميذ الصف السادس هجروا المدارس خلال عامين
البنات يتفوقن على البنين
إيقاف الحرب شرط ضروري لإصلاح التعليم

أعلنت الأسبوع الماضي ( 26 يونيو 2023) نتيجة الشهادة الابتدائية التي تجرى للمرة الأولى بولاية القضارف. إن السلم التعليمي الذي تم اعتماده في ظل الحكومة المدنية، المنقلب عليها، (6 - 3 - 3) جعل الصف السادس تتويجا للمرحلة الابتدائية.
غيب المسؤولون معلومات مهمة مثل نسب نجاح المواد المختلفة والمقارنة بين نتائج البنين والبنات في الولاية والمحليات، مما أفقد تقرير النتيجة معلومات مهمة للتحليل .

تسرب التلاميذ :
بلغ جملة عدد المتقدمين لامتحان شهادة التعليم الابتدائي بولاية القضارف للعام 2023 بلغ 31651 تلميذا وتلميذة. وبلغ عدد الجالسين 29,138 تلميذا وتلميذة، منهم عدد 1110 من التلاميذ النازحين من ولاية الخرطوم بسبب الحرب التي شنتها مليشيا الجنجويد على المدنيين وارتكبت فيها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
بلغت نسبة الغياب عن الامتحان من جملة المتقدمين 8%، وهي نسبة كبيرة، ربما يكون أحد أسبابها الظروف الاقتصادية القاسية التي تعيشها الأسر في ظل الحرب، إذ أن الموظفين لم يصرفوا مرتباتهم لثلاثة أشهر حسوما.
والادهى والامر ان تلاميذ وتلميذات الصف السادس الذين امتحنوا هذا العام بلغ عددهم 29,138، لكنهم عندما كانوا في الصف الرابع في العام 2021 كان عددهم 45 ألف (حسب الكتاب الإحصائي 2021) مما يعني أن أكثر من ثلثهم ( 15 ألف) قد هجر المدارس في السنتين الماضيتين!! وعليه لم يتقدموا لامتحان الشهادة الابتدائية هذا العام.
وهذا يكشف بوضوح أن المرحلة الابتدائية شكلها هرمي يتناقص تلاميذ الدفعة الواحدة بمتتالية هندسية تناقصية مع مرور السنوات!

نسبة النجاح:
لقد بلغ عدد الناجحين 15,166 بنسبة نجاح 52%، وهي نسبة ضئيلة في أول امتحانات الشهادة الابتدائية تدلل على التردي التعليمي الماثل.
تعاني مدارس الولاية من بيئة متردية يفتقر معظمها لمياه الشرب وشح الكهرباء وسوء الإجلاس. كما أن الكتاب المدرسي غير متوفر للتلاميذ، يحصل عليه البعض بشرائه ويستعصي على الكثيرين.
إن الحكومة لم تستجب لمطالب المعلمين بتحسين البيئة المدرسية وتعديل المرتبات رغم الإضرابات المتكررة والتي بددت حوالي ثلاثة أشهر من العام الدراسي، كما أنهم لم يصرفوا مرتباتهم لثلاثة أشهر كاملة.

البنات يتفوقن على البنين :
إن عدد البنات المتقدمات لامتحان الشهادة الابتدائية في الولاية أكبر من عدد البنين، بفارق 659 .
وسيطرت البنات على المراكز الأولى ، إذ أن عدد مدارس البنات الأوائل 16 مدرسة، مقابل 4 مدارس بنين؛ كما نجد أن عدد البنات في الأوائل 18 مقابل 6 أولاد .
كما أن عدد البنات اللائي أحرزن الدرجة الكاملة في كل المواد أكثر من البنين .

مدينة القضارف تتفوق على المحليات :
احتلت أربع محليات المراكز الأربعة الأولى من حيث نسبة التحصيل ونسبة النجاح في ذات الوقت، وهي بالترتيب : بلدية القضارف، الفاو، قلع النحل، ريفي وسط القضارف- .
جاءت بلدية القضارف في المركز الأول بنسبة تحصيل 52.8% ونسبة نجاح 68.5%، تليها محلية الفاو بنسبة تحصيل 47.9% ونسبة نجاح 62.4%؛ ثم قلع النحل بنسبة تحصيل 44.1%، ونسبة نجاح 57.6%، وفي المركز الرابع محلية ريفي وسط القضارف بنسبة تحصيل 43.5% ونسبة نجاح 53.6%
وتذبذبت أربع محليات في المراكز الأربعة التالية من حيث نسبة التحصيل والنجاح.
فمن حيث نسبة التحصيل جاءت محلية البطانة في المركز الخامس بنسبة تحصيل 42.9%، تليها الفشقة ، القلابات الغربية، ثم القريشة.
أما من حيث نسبة النجاح فجاءت الفشقة في المركز الخامس بنسبة نجاح 48.2%، تليها القلابات الغربية، القريشة، ثم البطانة.
وجاءت في المراكز الأربعة الأخيرة من حيث نسبة التحصيل ونسبة النجاح معا على الترتيب : الرهد ، والقلابات الشرقية، المفازة، وأخيرا باسندة. وقد احتلت محلية باسندة المركز الأخير بنسبة تحصيل 31.9% ونسبة نجاح 21.8%.
جاءت بلدية القضارف في المركز الأول من حيث نسبة التحصيل ونسبة النجاح، كما أنها استأثرت بالمقاعد الأولى في قائمة المدارس والتلاميذ.
إن المدارس الأوائل حسب نسبة التحصيل من جملة العشرين الأوائل نجد 16 منها تقع ببلدية القضارف بنسبة 80% وأكثرها مدارس خاصة.
جاءت محلية الفاو في المركز الثاني، بفارق كبير من بلدية القضارف، لقد نالت 2 من المدارس الأوائل بنسبة 10%. ومدرسة واحدة بكل من : محلية الفشقة، والقلابات الشرقية بنسبة 5% لكل. وغابت ثماني محليات عن قائمة المدارس الأوائل .
كما نجد عدد 21 من التلاميذ والتلميذات الأوائل امتحنوا من بلدية القضارف (من جملة 24) يمثلون 88% وإذا استبعدنا النازحين الممتحنين من غرف الطوارئ وعددهم ثمانية يكون عدد الأوائل من مدارس بلدية القضارف 13 ويمثلون 54% من أوائل الولاية.
ونجد أن هنالك اثنان من محلية الفاو في قائمة الأوائل ويمثلون 8% . وهنالك طالبة واحدة من محلية الرهد تمثل 4% من أوائل الولاية، ولكنها كانت الاولى على الاطلاق وهي التلميذة مرح سيف الدين.
إن بلدية القضارف بها 27% من التلاميذ المتقدمين للامتحان وقرابة هذه النسبة من الجالسين فعليا، فكان ينبغي أن يكون منها نفس هذه النسبة من المدارس الأولى ومن التلميذات والتلاميذ الأوائل . ولكن البلدية بها 80% من المدارس الأوائل؛ وبها 88% من التلاميذ والتلميذات الأوائل، إذا حسبنا النازحين الممتحنين من غرف الطوارئ، واذا استبعدنا النازحين يكون بها 54% من التلاميذ الاوائل.
مما يؤكد المعروف بوجود فوارق تعليمية جلية بين مدينة القضارف والمحليات لصالح المدينة .
ولكن نتيجة شهادة الأساس تشير أيضا إلى فوارق تعليمية داخل بلدية القضارف نفسها، إذ نجد في المدارس الأوائل 11 مدرسة خاصة، مقابل 5 مدارس حكومية هي : أبايو المزدوجة الإبتدائية بنات، أبايو شمال الابتدائية بنات، الجباراب شرق الابتدائية بنات، وديم حمد الابتدائية بنات، والمفرقعات الابتدائية بنات. وغابت معظم مدارس الأحياء عن المنافسة.

نازحو الخرطوم يتفوقون على مدينة القضارف:
حصد التلاميذ والتلميذات النازحين من الخرطوم.الذين امتحنوا من طوارئ مدينة القضارف 8 مقاعد من الأوائل بنسبة 33٪ من جملة أوائل الولاية؛ رغم أن عدد النازحين الممتحنين 1110 تلميذا تلميذة، يمثلون أقل من 4% من الجالسين لامتحان الشهادة الابتدائية
ويمثل الاوائل من مدارس بلدية القضارف، عددهم 13، نسبة 54% من اوائل الولاية رغم أن الجالسين من بلدية القضارف يمثلون 27%.
مما يعني أن التلاميذ النازحين تفوقوا على بلدية القضارف نفسها رغم الظروف النفسية التي يعانون منها بسبب الحرب وعدم الاستقرار، بل أن التلميذ سلمان عبد المعز من النازحين جاء في المركز الثاني على مستوى الشهادة الابتدائية بالولاية!! .
إن تفوق نازحي الخرطوم على بلدية القضارف، وتفوق بلدية القضارف على بقية المحليات يكشف بوضوح الانحياز المديني للتعليم السوداني، إذ أن المناطق الحضرية تجد تعليما أفضل من المناطق الأقل حضرية، وتتوفر أسوأ خدمات التعليم في المناطق الريفية النائية حيث يسود نمط الزراعة المطرية والحياة الرعوية.

خاتمة:
ليس من المتوقع أن تحدث إصلاحات في التعليم بولاية القضارف في ظل سلطة مدير عام وزارة التربية الانقلابي عبد الوهاب إبراهيم عوض، ولا في ظل الوالي الانقلابي محمد عبد الرحمن محجوب الذي عاث في أرض الولاية فسادا.
إن الخطوة الأولى الضرورية لإصلاح التعليم، ليس في الولاية فحسب بل وفي كل السودان، هي أن يتم إيقاف الحرب الدائرة الآن، والتخلص من مليشيا الدعم السريع، وتأسيس سلطة مدنية انتقالية وجيش سوداني واحد ذي عقيدة وطنية يخضع للسلطة المدنية. تتم حل مشكلة التعليم في إطار مشروع وطني جديد وعقد اجتماعي يعمل على تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية اللا مركزية وفقا لشعارات ثورة ديسمبر .

gafar.khidir70@gmail.com
///////////////////

 

آراء