ادارة الرئيس الامريكى الديمقراطى جو بايدن: رؤيا السياسة الخارجية والاستراتيجية الامريكية الجديدة
الاطروحة التى قدمها الرئيس جو بايدن بشأن مرتكزات السياسة الخارجية الجديدة اثناء حملته الانتخابية والمحاضرات التى قدمها التى تبين الرؤيا المركزية الاستراتيجية لادارته تجاه العالم تحتوى على المزاوجة بين مدارس السياسة الخارجية التقليدية الأربعة المعروفة. ولذلك نلخص مبادىء تلك المدارس إمعانا فى التوضيح :
المدرسة الهاملتونية:
تهتم هذه المدرسة بالقيمة العليا للديمقراطية وعدم الثقة بالرأى العام مع تعيين الثقات فى المواقع العليا ممن لهم إلمام بالمصالح التجارية وهو ما تحتاج إليه الدولة جيدة التنظيم.
وتدعم هذه المدرسة إحلال امريكا محل الامبراطورية البريطانية وإستخدام القوة الاقتصادية كأداة رئيسة لإرساء الهيمنة العالمية. كما ترى ضرورة إنشاء امريكا نظام عالمى مهيمن تتولى حمايته لضمان امن التجارة الحرة مما يعطى الرأسماليين الفرصة لجنى الفوائد العظيمة. وبالرغم من ان الاعمال التجارية الكبرى ترعى مصالحها ولكنها تخدم رفاه الامة بكاملها. الاقتصاد هو أساس هذه المدرسة التى تعول على الوسائل الاقتصادية لتحقيق الاستقرار والسلام والدور الملائم للولايات المتحدة ولذلك لا تعطى القوة العسكرية او الجيش اى اهمية سوى انه يشكل الضامن لأمن الدولة وإنسياب البضائع والرأسمال. ومن اولويات هذه المدرسة:
• إعطاء الاولوية للتحالف القوى بين الادارة الأمريكية (الحكومة) والاعمال التجارية الكبرى بهدف توطيد الاستقرار الداخلى وإنجاز التأثير الخارجى مع ضرورة دمج الولايات المتحدة فى الاقتصاد العالمى وفق شروط تفضيلية
• وراثة الامبراطورية البريطانية والتصدى للقيام بأعبائها والتعاون الوثيق مع بريطانيا
• لا يمكن للولايات المتحدة ونظامها الديمقراطى الاستمرار بدون تحقيق إزدهار الاقتصاد الراسمالى المعافى وضرورة حماية تطوير الملكية الخاصة
• اسبقية الدفاع عن الديمقراطية الامريكية
• الحكومة الراشدة ضرورية لادارة الدولة المنظمة بشكل جيد لخدمة المواطنين
• التاكيد على مدنية الدولة مع مراعاة الحاجة الماسة لبناء جيش مؤهل
• مطالبة الدبلوماسيين الامريكيين بتخصيص قدر كبير من الوقت للتعامل مع التجارة والمسائل العسكرية
المدرسة الويلسونية:
تتميز هذه المدرسة بتأثير تاريخى قديم ومتواصل على السياسة الخارجية الامريكية ؛ فهى تولى المبادىء الاخلاقية الاسبقية التى تستحق الحماية من قبل الولايات المتحدة على النحو التالى:
• أن امريكا تمتلك التزاما اخلاقيا ومصلحة قومية فى نشر القيم الديمقراطية والاجتماعية الامريكية فى العالم من أجل خلق مجتمع دولى يعتمد حكم القانون
• الاهتمام بالجوانب القانونية والاخلاقية للنظام الدولى اكثر من الاجندة الاقتصادية
• عدم تحبيذ الحرب من منطلقات إنسانية لا سياسية
• رفض التدخلات الخارجية ومحاولات تغيير الانظمة السياسية
• العمل على تشجيع السلام والادارة الناعمة للأزمات
• منح الأولوية للحرية وتقرير مصير الشعوب وتشجيع التجارة الحرة
المدرسة الجيفرسونية:
إتخذت إسمها من احد آباء إعلان الاستقلال حيث تسعى إلى بلورة مبادىء تشتمل على نمط من الديمقراطية المباشرة مع إلتزام المبادىء التالية:
• ضرورة وجود ديمقراطية عفية لاجل إزدهار الراسمالية والاعمال التجارية ولذلك لابد من فحص عملية الراسمالية لأنها لا تؤدى فى كل الاحوال إلى تعزيز الديمقراطية
• مهمة السياسة الخارجية تكمن فى إدارة التدخلات الامريكية فى العالم التى لا يمكن تفاديها لكى تتم بتكلفة ومخاطر معقولة
• إعتماد الوسائل الاقل تكلفة وخطرا لحماية إستقلال امريكا ومناهضة المساعى الرامية إلى فرض القيم الامريكية على الدول الاخرى
• الاثر السلبى للسرية على مستوى الثقة العامة والحكومة الديمقراطية أدى إلى عدم االتقيد بالحروب العادلة
• إحكام الضبط على القيود الدستورية المفروضة على السلطة التنفيذية
المدرسة الجاكسونية:
هى مدرسة قيم وثقافة شعبوية وتتبنى مبادؤها الحضور العسكرى الدولى لامريكا ، وتهتم بخلق صلة حميمة بالدستور بالاخص وثيقة الحقوق وحماية حريات المواطنيين الامريكيين
• الهدف الاساسى للحكومة الامريكية فى المجالين الداخلى والخارجى هو تحقيق الامن والرفاه الاقتصادى للامريكيين
• تبنى ثقافة شعبوية تتمسك بالشرف والشجاعة والفخر العسكرى والاستقلال للامريكيين
• الشك تجاه الصفوة وتفضيل الهيكلة الفدرالية المرنة بمنح اكبر قدر من السلطات للولايات والحكومة المحلية
• تعتقد ان السياسة الدولية ستبقى عنيفة وفوضوية ما يستدعى ان تكون امريكا حذرة وقوية التسلح
• ديبلوماسية امريكية اتتصف بالحذق والقوة والاعتداد بالقانون الدولى والممارسة الدولية
رؤيا بايدن فى السياسة الخارجية والعلاقات الدولية
اعادة إكتشاف الديمقراطية:
من اهم الاهداف التى تسعى لها السياسة الخارجية الجديدة للرئيس الديمقراطى جو بايدن إعادة إكتشاف الديمقراطية أو إحيائها لا سيما بعد التهديد الذى واجهته من قبل الشعبويين . ويطمح بايدن إلى إصلاح الاعطاب التى طالت الديمقراطية الامريكية فى فترة حكم الرئيس الجمهورى دونالد ترمب ( 1916 -2020) ؛ وذلك برسم خريطة جديدة للسياسة الخارجية تحقق التواصل مع العالم الموجود حاليا والمتصّور تكوينه غدا. ومن اولوياته فى هذا الصدد إعادة الدور القيادى الامريكى فى داخل وخارج امريكا على المسرح الدولى بما يحقق الامن والرفاه ونشر القيم الامريكية. وسوف يقوم بإتخاذ خطوات من شأنها ان تفضى إلى تجديد الديمقراطية وتحالفاتها وحماية المستقبل الاقتصادى ووضع أمريكا مجددا فى الصدارة العالمية والتصدى لقيادته بهدف وضع حلول
للتحديات التى تطول العالم.
ويسعى بايدن لتقديم انموذج قيادة امريكية يحقق عن طريقها توحد العالم لمجابهة قضايا الانتشار النووى واعتداءات الدول الكبرى والارهاب العابر للدول الذى يتضمن الحرب السايبرية والهجرة الجماعية؛ بعد قيام إدارة الرئيس ترمب بتقليص وضعية امريكا فى العالم وتقويض تحالفاتها الديمقراطية وإضعاف قدرة امريكا على تعبئة الدول الاخرى لمجابهة تلك التحديات مما اسفر عن تهديد أمن ومستقبل امريكا. و يعتبر بايدن ان الديمقراطية تشكل أساس المجتمع الامريكى وقوته ومصدر تجدده فهى التى تقوى وتوسع مجال القيادة الامريكية وتحافظ على سلامته. وتشكل كذلك ماكينة البراعة الامريكية التى تقود رفاهه الاقتصادى. وهى مركز هوية امريكا وكيفية رؤيتها للعالم وكيفية رؤية العالم لامريكا. وهذا منبع القدرة الامريكية باعتبارها قوة من اجل التقدم فى العالم وتعبئة العمل الجماعى إنطلاقا من امريكا. وحسب رؤية بايدن ينبغى على امريكا ان تقود ليس فقط عبر نموذج القوة الامريكية بل عبر قوة الانموذج الامريكى. ولتعزيز الديمقراطية الامريكية قدم مقترحات من بينها إعادة النظر فى النظام التعليمى الامريكى بحيث لا يتم تحديد فرصة الطفل فى الحياة بناء على عرقه او رقمه البريدى ؛ واصلاح نظام العدالة الجنائية لازالة المفارقات غير العادلة واستعادة قانون حقوق الانتخاب ؛ وإصلاح النظام الانتخابى بتطبيق الشفافية فى الحملات الانتخابية ونظمها المالية للحيلولة دون إفساد الحياة السياسية
من قبل المال المحلى والاجنبى.
ومن اهم اجندة رؤيا جو بايدن الاحيائية ما يتعلق باحياء القيادة الاخلاقية الامريكية من خلال إنهاء الممارسة الفظيعة لفصل الاسر على الحدود الامريكية وحبس الاطفال المهاجرين فى السجون لاغراض الربح وهو حسب رأيه سوف لن يؤدى الى تحسين الوضعية الامنية على الحدود.
القمة العالمية للديمقراطية:
بعد انعقاد القمة العالمية للديمقراطية يرجح ان تصدر القمة العالمية نداء خاصا الى القطاع الخاص وشركات التكنولوجيا وعمالقة وسائط التواصل الاجتماعى للتقيد بالالتزامات التى تفرض عيهم تحمل مسؤولياتهم واهتمامهم البالغ تجاه الحفاظ على المجتمعات الديمقراطية المفتوحه وحماية حرية التعبير. وينتظر ان تتعهد تلك الشركات بضمان عدم تمكين الدول التى تفرض الرقابة على شعوبها او تسهيل القمع فى الصين وغيرها وتقوم بنشر الكراهية وتحريض الناس على العنف. ان مواجهة التحديات التى تطول العالم حاليا بحاجة إلى تنشيط الدور القيادى الامريكى المفقود الذى تدعمه اهداف واضحة واستراتيجيات سليمة. ويرى بايدن انه كى تتمكن امريكا من قيادة العالم مجددا يتوجب عليها إستعادة مصداقيتها ونفوذها. ومن المؤمل ان تعمد الديمقراطيات العالمية بقيادة امريكا جو بايدن إلى مواجهة تيارات الشعبويين والوطنيين المتزمتين والديماغوجيين وكذلك قوة الانظمة الاتوقراطية التى تعمل على تجزئة وإستغلال الديمقراطيات فى العالم . وسوف تتجه الديمقراطيات العالمية إلى مواجهة التهديدات حيال تجدد الحرب النووية والهجرة الجماعية وتأثير قطوعات التكنولوجيات الجديدة والتغير المناخى.
الدبلوماسية والعون الاجنبى:
سوف يرفع بايدن من قيمة الدبلوماسية بوصفها الوسيلة والاداة الاولى للارتباط الامريكى بالعالم وسيعمل على إعادة بناء وزارة الخارجية الامريكية بحيث يتم الاستثمار فى تعزيز قوة الهيئات الدبلوماسية فى العالم وتوظيف موهبة وغنى التعددية الامريكية من اجل التعاون مع الدول فى تجديد الشراكات الامريكية التاريخية بما فى ذلك حلف الناتو باعتباره الدرع الحامية للدول الاعضاء التى يربطها تحالف ديمقراطى. وسيعمل بايدن على تعزيز التعاون مع الشركاء الديمقراطيين خارج امريكا واوربا وفى آسيا من اجل تحصين القدرات الجماعية وإدخال اصدقاء الديمقراطية فى امريكا اللاتينية وافريقيا. وسوف يقوى التحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا واسرائيل. وسوف تضطلع الدبلوماسية الامريكية فى صيغتها الجديدة للتصدى للتهديدات الجديدة غير التقليدية مثل الفساد المسلح والسرقة السايبرية والتحديات الجديدة فى الفضاء واعالى البحار. ويؤمن بايدن بتوظيف آلية الدبلوماسية فى تحقيق اهداف السياسة الخارجية وتفعيل وزارة الخارجية الامريكية. ونظرا لأن الرئيس السابق دونالد ترمب قد لجأ إلى الانتقاص من قيمة التحالفات الامريكية وعمل على القضاء عليها بالانسحاب من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ؛ فإن بايدن على العكس يؤمن بإن الولايات المتحدة لايمكنها مواجهة التحديات الجديدة فى الساحة الدولية بدون بناء علاقات وثيقة مع حلفائها وتعاون المؤسسات الدولية.
ومن المرتقب ان يتم اعتماد التوجهات التالية:
• عقد مؤتمر الامم الديمقراطية لمناقشة ثلاثة قضايا تشتمل على مكافحة الفساد ومواجهة النظم المستبدة الصاعدة ودعم حقوق الانسان
• التزام بتجديد بناء التحالفات والانضمام إلى الاتفاقيات بما فى ذلك تقديم الدعم لحلف الناتو واحياء الاتفاق النووى الايرانى واتفاقية باريس للمناخ وتوثيق العلاقات مع إستراليا وإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية
• التصدى لمحاصرة تنامى مد الشعبوية والوطنية المتزمتة حول العالم
• فى حال إنسحاب امريكا من لعب دور قيادى عالمى فإن القوى المستبدة سوف تتقدم لملء الفراغ
• ان من اكبر واميز انجازات السياسة الخارجية الامريكية هو الاستثمار ات فى الامن الجماعى والرفاه والتى امكن انجازها فى شراكة مع حلفاء الولايات المتحدة
مكافحة الارهاب:
سوف يتمسك جو بايدن باستراتيجية مكافحة الارهاب مع تغير فى الجوهر حيث يطلق على مقاربته فى هذا الشان " مكافحة الارهاب المضافة". وهو يتبنى منهج محاربة الشبكات الارهابية داخل الدول الخارجية بإستخدام مجموعات صغيرة من القوات الامريكية الخاصة وبشن ضربات جوية ساحقة بدلا عن نشر قوات امريكية . المعلوم ان استراتيجية مكافحة الارهاب المذكورة حددت معالمها إدارة الرئيس السابق براك اوباما وذلك بمحاربة الجهاديين والجماعات المقاتلة الاخرى فى العالم بشن عمليات فى كل من باكستان وافغانستان والعراق وغرب أفريقيا والقرن الافريقى وشبة جزيرة العرب حيث تزايدت الضربات الجوية بإستخدام طائرات الدرون. وتشمل هذه العمليات حتى المواطنيين الامريكيين الارهابيين. ويعترض جو بايدن على القرار التنفيذى الذى اصدره ترمب بمنع المسافرين من عدة دول ذات اغلبيات مسلمة من الدخول للولايات المتحدة بدافع محاصرة الارهابيين المحتملين. وتهدف استراتيجية بايدن إلى التاكيد على إنهاء امكانية انتعاش بقايا القاعدة و نشطاء الدولة الاسلامية وذلك بدعم تمديد السلطات الفدرالية لمكافحة الارهاب؛ حيث قام بطرح قانون لم تتم إجازته تم تقديمه فى عام 1995 بهدف توسيع السلطات الحكومية الرقابية ؛ ويذكر ان قانون باتريوت لعام 2001 إشتمل على معظم نصوص القانون السابق . وفى عام 2015 قامت إدارة اوباما بالمصادقة على قانون الحرية الامريكى الذى ادى إلى تجديد قانون باتريوت مضافا إليه بعض القيود على الرقابة. وعندما كان بايدن نائبا للرئيس أوباما وقف مع إغلاق معسكر غوانتنامو فى كوبا الذى اعتبره حينها بمثابة إعلان لتجنيد الارهابيين إلا ان الكونغرس الامريكى اعترض على الاغلاق الكامل للمعسكر.
التجارة الدولية:
يعتبر جو بايدن من مناصرى تحرير التجارة مما دعاه إلى انتقاد نظام التعريفة الجمركية الذى وضعه ترمب مؤمنا بوجوب اخذ واشنطن زمام القيادة لوضع قواعد لتنظيم التجارة العالمية وخفض المعوقات التجارية عالميا . ويطالب ان تضع الولايات المتحدة قواعد لخارطة الطريق التجارية الدولية وجعلها اكثر عدالة بالنسبة للعمال وحماية البيئة. واكد انه سوف لن يوقع على اى صفقة تجارية لا تتضمن استثمارات اساسية فى مجالى الوظائف والبنية التحتية أو لا تتضمن العمل ودعاة حماية البيئة فى المفاوضات. ومن منصب نائب الرئيس فى ادارة اوباما دعم بايدن صفقة تجارة أو شراكة منطقة آسيا والمحيط الهادى التى رفضها الرئيس ترمب حيث يعزو سبب تقدم الصين إلى التراجع الامريكى عن الشراكة المذكورة. ويطالب بايدن بوضع تدابير انتقامية قاسية ضد الدول التى تنتهك قواعد التجارة الدولية عبر تقديم الدعم لشركاتها وسرقة الملكية الفكرية للولايات المتحدة . وان يتم تنفيذ القوانين التجارية الحالية بطريقة افضل على ان تقوم الولايات المتحدة بتوظيف رافعتها الاقتصادية للتفاوض من أجل الحصول على صفقات أفضل ويعارض بايدن الحرب التجارية التى فرضها الرئيس ترمب على الصين ويصف التعريفة الجمركية التى وضعها ترمب بانها تهزم نفسها بنفسها لان الامريكيين يتحملون تكلفتها. وفى عام 1993 صوت بايدن فى الكونغرس لصالح اتفاقية التجارة الحرة لشمال امريكا المعروفة بمصطلح NAFTA ودعم النسخة الجديدة التى اعاد ترمب التفاوض بشأنها وكذلك دعم اتفاقية الولايات المتحدة - المكسيك - كندا ؛ وذلك للتحسن الذى طرأ على بنودها المتعلقة بحقوق العمل. كما وقف مع تطبيع العلاقات التجارية مع الصين. ويطالب بدعم واشنطن تنمية وتطوير الدول الافريقية عبر تعزيز العلاقات التجارية وفتح اسواق جديدة للاعمال التجارية الامريكية
روسيا:
حذر بايدن من ان روسيا تحت قيادة فلادمير بوتين ضالعة فى مهاجمة ثوابت الديمقراطية الغربية والعمل على إضعاف حلف الناتو وتجزئة الاتحاد الاوربى وتقويض النظام الانتخابى الامريكى. وحذرها من استخدام المؤسسات المالية الغربية لغسيل بلايين الدولارات التى تستخدم لاحقا بهدف التاثير على السياسيين. ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل حول هجوم روسيا على الديمقراطية الامريكية على غرار لجنة التحقيق فى احداث 11/ 9 ؛ لدراسة كيفية ردع مساعى موسكو الحثيثة والمعوقة. وينادى بتقوية الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين البنية التحتية السايبرية وسد منافذ الاموال الاجنبية وزيادة شفافية المنصات الاسفيرية وتحسين مستوى التنسيق فى المجالين الاستخبارى وجهود تطبيق القانون. ويطالب بايدن بإستمرار وتوسيع نطاق العقوبات التى فرضتها إدارة اوباما على موسكو فى عام 2014 بعد إجتياحها اكرانيا. وسوف يسعى لزيادة العون العسكرى المقدم إلى اكرانيا المشروط بإجراء إصلاحات لمكافحة الفساد لكى تدفع روسيا ثمنا باهظا لتدخلها هناك. ولما كان نائبا للرئيس طالب بارسال اسلحة إلى اكرانيا لتعزيز صمودها ضد التمرد المدعوم من روسيا فى الاقاليم الشرقية . كما دعم مساعى ترمب فى هذا الصدد ايضا. وعارض مناداة ترمب بإعادة ضم روسيا إلى مجموعة السبعة بعد إبعادها من عضويتها فى عام 2014 بعد ضمها منطقة القرم . وبالرغم من وقوفه مع تشديد العقوبات وعزل روسيا الا انه ينادى باجراء تدابير جديدة للحد من التسلح تبدأ بتمديد معاهدة "ستارت" جديدة لخفض كميات السلاح النووى.
أفغانستان:
وعد بسحب الجنود الامريكان من افغانستان فى وقت مبكر من ولايته الرئاسية عبر حراك دبلوماسى رفيع المستوى يضم افغانستان وجيرانها حيث وافق بايدن على غزو افغانستان فى عام 2001. وعوضا عن ذلك يفضل بايدن إبقاء فرق صغيرة من القوات الخاصة والاستخبارات لمكافحة الارهاب مع مواصلة المباحثات مع طالبان . ولما كان نائب رئيس فى ولاية اوباما نادى بخفض القوات الامريكية هناك مع تواجد بعثة محدودة وانتقد التقارير التى اعدها صانعى السياسات الامريكيين فى عام 2019 بأنها مضللة للشعب فيما يتعلق بتقدم الحرب وعملية بناء الامة فى افغانستان . ويحتج بأن الصرف العسكرى يتركز حول عمليات الحرب التقليدية بدلا عن المناطق الدفاعية الناشئة مثل العمليات الفضائية والمجال السبرانى. ويطالب بالحفاظ على تفوق امريكا وسط تصاعد المنافسة بين القوى العظمى لا سيما الصين وروسيا.
كوريا الشمالية :
يدعم بايدن إعتماد الدبلوماسية مع كوريا الشمالية بعد فشل مفاوضات ترمب – كيم جونغ اون التى ادت إلى زيادة شرعية ديكتاتور بيونغ يانغ وتقوية نظامه بدون تقديم اى تنازلات. ويدعم التفاوض المستمر شريطة ان يتخذ الرئيس الكورى خطوات جادة نحو نزع السلاح النووى الكورى والقبول بمفتشين لسلاحه النووى . ولذلك فهو سوف يحجم عن مواصلة الدبلوماسية الشخصية المباشرة مع كيم جونغ اون. وسوف يلجأ بايدن إلى شن حملة مدعومة ومنسقة مع حلفاء امريكا لتشجيع التفاوض واوضح ان ترمب قام بعزل امريكا عن حلفائها فى آسيا بالاخص كوريا الجنوبية ولذا سوف يعمل على تعزيز العلاقات بين واشنطن وسيول.
الشرق الاوسط:
أسهم جو بايدن من منصبه نائب للرئيس اوباما ومن خلال عضويته وتجربته الطويلة فى الكونغرس الامريكى فى المساهمة فى صياغة السياسة العسكرية و الدبلوماسية الامريكية ذات الصلة بالشرق الأوسط بالاضافة إلى تجاربه الخاصة مع دول العراق وإسرائيل وسوريا وإيران والسعودية والخليج وتركيا وغيرها من دول المنطقة.
إسرائيل:
يعرف عن الرئيس جو بايدن مناصرته القوية لإسرائيل منذ اواسط الثمانينات ؛ حيث جاهر فى الكونغرس الامريكى ليس بالتزامه فقط بأمن دولة إسرائيل بل انه "صهيونى" ولكنه غير يهودى. وقال إذا لم تكن إسرائيل موجود فسوف يسعى إلى خلقها. ولذلك يرجح بقاء الوضعية التى إنشاها دونالد ترمب بشكل انفرادى ولكنه يمتلك القدرة على الضغط على إسرائيل ولن يوقف العون الامريكى المقدم لها. وقبل فوزه بمنصب الرئاسة كان يدعم الحل القائم على دولتين فلسطينية وإسرائيليه ولكنه قال ان مقاربة الرئيس ترمب الاحادية ( الاعتراف بالقدس عاصمة ابدية لاسرائيل ) تجعل هذا المنحى شديد الصعوبة. ويقف بايدن مع نقل السفارة الامريكية إلى القدس وهو ما فعله ترمب فى عام 2018.
ومن جهة اخرى يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات فى المناطق المحتله وتقديم مزيد من العون لغزة وعلى القيادات الفلسطينية التوقف عن تمجيد العنف . كما يطالب الدول العربية بالتطبيع مع اسرائيل ولكنه لا يدعم خطط الحكومة الاسرائيلية لضم الضفة الغربية لأنها ستقضى على اى امل للسلام. ويؤكد انه سيعترض على نشاط حركة المقاطعة والعقوبات ووقف الاستثمارات التى تهدف إلى وضع ضغوط إقتصادية فى الكونغرس على إسرائيل ويصفها بأنها "معادية للسامية" .
إيران:
ان الاتفاقية النووية التاريخية التى ابرمتها إدارة اوباما مع إيران بالاتفاق مع الحلفاء الاوربيين منعت ايران من الحصول على السلاح النووى وبالرغم من ذلك فقد لجا الرئيس ترمب إلى الغائها مما مهد لايران استئناف برنامجها النووى وما يرتبط بذلك من تعريض المنطقة إلى حرب كارثية. والراجح عند امتثال إيران لشروط الاتفاقية التى الغاها ترمب فإن بايدن سوف ينضم إليها ويعمل على تمديدها . ويصف جو بايدن ايران بالقوة الداعمة لعدم الاستقرار فى المنطقة وينادى بمنعها من تطوير أسلحة نووية. ولكنه وصف موقف ترمب بالتعامل مع إيران بالكارثة - الذاتية وان الانسحاب من الاتفاقية النووية المبرمة معها فى عام 2015 لم ينجح فى منع ايران من تطوير برنامجها النووى. ووعد بالعمل على تجديد الاتفاقية اذا التزمت ايران بالامتثال القانونى اى بالقبول بتفتيش منشآتها النووية عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واعتبر مقتل ترمب للقائد الايرانى قاسم سليمانى بضربة عسكرية فى يناير 2020 مجرد تصعيد كبير تم تنفيذه بدون إعتبار للنتائج المتوقعة وان ترمب لا يملك السلطة لشن حرب مع ايران بدون مصادقة الكونغرس.
السعودية:
قد يتجه بايدن إلى إعادة تقييم الدعم الامريكى للسعودية اثر مشهد المقتل المريع للصحافى السعودى الامريكى جمال خاشوقجى وعواقب الحرب السعودية فى اليمن التى سبق ان دعمتها إ دارة الرئيس اوباما بالاضافة إلى فتح ملف حقوق الانسان. وحاليا يطالب بايدن ان تنهى واشنطن تورطها فى " نزاع لا يمكن الانتصار فيه" كما هدد بوقف شحنات السلاح للسعودية ومعاملتها مثل دولة منبوذة فى المسرح الدولى. وفى عام 2014 ؛ انتقد السعودية والقى باللوم عليها وحلفائها السنيين لسماحها بتدفق الموارد إلى الدولة الاسلامية فى عام 2014.
سوريا:
لم يؤيد جو بايدن ما أقدمت عليه إدارة ترمب من سحب القوات الامريكية من شمال سوريا والذى وصفه بخيانة الاكراد وانه عمل مشين فى السياسة الخارجية لم يسبق ان اقدم على فعله اى رئيس امريكى فى العصر الحديث. ولما كان نائب لاوباما كان متشككا تجاه تواجد قوات امريكية فى سوريا لأنه يعتقد ان اى اى استخدام كبير للقوة سوف تكون له عواقب غير متوقعة. وفى عام 2018 وصف سوريا بأنها واحدة من اكبر المعضلات بالنسبة للولايات المتحدة.
تركيا:
يطالب بايدن تركيا بدفع الثمن الباهظ لحملتها العسكرية التى قامت بها فى منطقة الأكراد فى سوريا . ويبدى بايدن قلقه على احتفاظ امريكا باسلحة نووية فى تركيا حيث يقترح تقديم دعم للمعارضة المحلية المناوئة لرجب طيب اردوغان.
العراق:
دعم بايدن بحكم ارتباطه بالسياسة العراقية وعضويته فى الكونغرس خطة غزو الرئيس جورج بوش الابن العراق فى عام 2003 ؛ ولكنه عارض زيادة القوات الامريكية فى عام 2007 ؛ ثم اقترح تقسيم العراق إلى ثلاثة اقاليم تتمتع بالحكم الذاتى. وفى عام 2011 وبحكم نيابته للرئيس اوباما أشرف على سحب 150000 جندى امريكى من العراق ؛ وكذلك عودة القوات الامريكية مجدد للعراق لمقاتلة فرق الدولة الاسلامية فى عام 2014. ووصف فى وقت لاحق غزو العراق بالقرار الخطأ.
ليبيا:
وبحكم منصبه نائب الرئيس فى ادارة اوباما عارض بايدن التدخل فى ليبيا فى عام 2011 وكان متشككا بشأن إرسال قوات امريكية إلى سوريا.
الدفاع والتدخلات الخارجية:
قام بايدن بتاييد بعض التدخلات العسكرية الأمريكية فى الخارج وعارض بعض منها. وفى بعض المرات ناصر استخدام القوة لتأمين الاهداف الضيقة ؛ حيث كشف عن تشككه حيال قدرة الولايات المتحدة على تشكيل المجتمعات الاجنبية. ولذلك يدعم بايدن استخدام الطرق والوسائل الدبلوماسية وعمل الولايات المتحدة من خلال التحالفات والمنظمات الدولية حيث يجب استخدام القوة فقط للدفاع عن المصالح الحيوية عندما تكون الاهداف واضحة وممكنة التحقيق ؛ واعدا بوضع حد للحروب الدائمة فى افغانستان والشرق الاوسط. ويطالب امريكا بالتواضع حيال المقدرة على تغيير الظروف بشكل عميق حول العالم. ولذلك فهو سيعارض توظيف القوات الامريكية ضمن الجهود الرامية لانهاء الانظمة السياسية المارقة. ويعتقد ان الولايات المتحدة من منطلق الواجب الاخلاقى والمصلحة الامنية ستلجأ بالضرورة للقوة العسكرية فى حالات محددة من بينها الابادة العرقية والاسلحة الكيمائية وتفادى حدوث انقطاع لتجارة النفط العالمية. ويدعم الحظر المفروض على عمليات التعذيب وتطبيق مزيد من الشفافية على العمليات العسكرية فيما يخص الاصابات التى تلحق بالمدنيين. وانتقد تمدد نطاق السلطات التنفيذية الخاصة بالحرب وذلك لأن استخدام القوة بدون الحصول على مصادقة الكونغرس ، ما عدا فى حالة التهديد الوشيك ، يعتبر جريمة تستحق المقاضاة الجنائية. اللجوء لاستخدام القوة يجب ان يكون الخيار الاخير وفقط للدفاع عن المصالح الحيوية عندما يكون الهدف واضحا ومكن تحقيقه وبعلم وقبول الشعب الامريكى.
حلف الناتو:
يعتبر جو بايدن احد المناصرين لحلف الناتو منذ وقت طويل وممن شجعوا على توسعته بالتوجه صوب الشرق بإنضمام جورجيا واكرانيا إلى الناتو.ويطالب بزيادة الاستثمار فى الناتو الذى قال انه يجب ان ينشر قوات اكثر فى اوربا الشرقية لكبح العدوان الروسى. ويعتبر نصيرا متحمسا لحلف الناتو الذى يعتبره التحالف العسكرى الوحيد الاكثر اهمية فى تاريخ العالم .
ازمة التغير المناخى:
إدارة بايدن سوف تعمل على الانضمام مجددا إلى اتفاقية باريس للمناخ وستقود حملة دبلوماسية لزيادة سقوف التزام الدول بالاهداف المناخية من اجل الحصول على اقتصاد يعتمد على الطاقة النظيفة بدرجة صفرية من الانبعاثات بحلول عام 2050. وتخطط إدارة بايدن بعقد قمة دولية للمناخ من أجل إقناع قادة الدول ذات الانبعاثات الكربونية العالية للانضمام إلى الولايات المتحدة فى زيادة الالتزامات المناخية عن وضعيتها الراهنة. ويتضمن هذا الضغط على الصين التى تعتبر اكبر دولة انبعاثات كربونية فى العالم لرفع الدعم عن صادرات الفحم ونقل التلوث إلى الدول الاخرى عبر تمويل مشروعات طاقة المحروقات العضوية الرديئة بلاين الدولارات عبر مبادرة الحزام وطريق الحرير
السياسة الرقمية والامن السايبرى:
يؤكد بايدن ان التهديدات السايبرية تشكل تحديا متفاقما للامن القومى الامريكى ونزاهة الانتخابات وعافية الديمقراطية. ويطلب تدخل الحكومة للضغط على الشركات الناشطة فى مجال التكنولوجيا لاصلاح ممارساتها بشأن الخصوصية والرقابة وخطاب الكراهية. وسوف يعمل على عقد مؤتمر دولى للضغط على شركات قطاع التكولوجيا للتعهد بعدم تمكين المنصات من دولة الرقابة وتسهيل القمع فى الصين وغيرها ونشر الكراهية او تحريض الناس على العنف. كما يدعو إلى إستخدم العون الاجنبى الامريكى من أجل تقديم بدائل للعالم عن تكنولوجيا الرقابة المرعبة الصينية إضافة إلى التعاون مع الحلفاء لتطوير شبكات خليوية للجيل الخامس وغيرها من التكنولوجيا المتقدمة
السياسة تجاه المسلمين وحقوق الانسان والهجرة:
وخلافا لسياسة سلفه دونالد ترمب المتعنته وغير العادلة تجاه المسلمين سوف يعمل بايدن لانهاء حظر السفر المفروض على مواطنى الدول ذات الغالبية المسلمة. وستقوم ادراته بمراجعة سياسة اللجوء لرفع السياسات الضارة التى فرضها ترمب وقبول اللاجئين بمستوى يتماشى مع التزامات امريكا . كما انه سيضع حد للقاعدة العالمية التى تمنع تقديم الأموال إلى المنظمات الدولية الطوعية. وسيعمل على اعادة استخدام مصطلح " امة المهاجرين" فى البيان التبشيرى الخاص بالمواطنة وخدمات الهجرة لان ذلك يشكا حقيقة الامة الامريكية فهى امه مهاجرين. وستعمل إدارته على ترقية حقوق المرأة والبنات فى امريكا وحول العالم بالتركيز على تدابير تتعلق بمعالجة العنف القائم على الاساس الجندرى فى العالم. وسيؤكد على تجديد الالتزام الوطنى بإرساء وتشجيع حقوق الانسان والديمقراطية حول العالم
أفريقيا فى رؤيا جو بايدن
تعتبر إدارة الرئيس ترمب من اكثر الادارات الامريكية فى التاريخ المحقرة لأفريقيا حيث لجأت إلى إبعاد الافارقة من امريكا بسبب سياسة ترمب تجاه الهجرة المثيرة للجدل. ولقد هدد حينها الروائى النيجيرى العالمى "وولى سوينكا" الحائزة على جائزة نوبل فى الآداب بعيد إنتخاب ترمب بتمزيق بطاقة المواطنة الامريكية الخضراء التى حصل عليها. وبعد تعليق إدارة الرئيس ترمب للعلاقات المتعددة الاطراف فى السياسة الدولية لاول مرة خلال فترة الثمانية عقود الماضية ؛ تضررت إفريقيا بسبب إمتناع امريكا عن دفع مساهمتها المالية لوكالات الامم المتحدة التى ترتبط ببرامج كبيرة فى افريقيا مما عطل إنجازها.
تاريخيا إقتصرت زيارات الرؤساء الامريكيين إلى افريقيا على 16 دولة فقط من أصل 54 دولة حيث حظيت مصر بقدر اكبر من الزيارات بالمقارنة مع بقية دول القارة. ومن اصل 7 رؤساء سابقين للولايات المتحدة يتفرد الرئيس ترمب بأنه الوحيد الذى امعن فى إهمال القارة الافريقية بل وأحتقرها بالشتيمة المرذولة فى تغريداته وأمتنع عن زيارتها مكتفيا بارسال زوجته لزيارة بضع دول افريقية للترويج لصندوق مبادرة دعم النساء. وأكتفت ادارة الرئيس ترمب بدعوة كل من الرئيس النايجيرى محمدو بخارى والرئيس الكينى أوهورو كينياتا إلى البيت الابيض. اما وزارة الخارجية فقد تمسكت بالبرامج الثنائية التى كان يشرف عليها "تيبور ناجى" مساعد وزير الخارجية من خلفية معرفته للقارة حيث عمل فيها دبلوماسيا منذ عام 1978. وكان ناجى يتابع البرامج العملية التى ابتدرتها الادارات الامريكية السابقة ذات الصلة بالشراكات فى مجال الصحة لمكافحة مرض الايدز والتعاون الامنى والتجارة التفضيلية والطاقة والزراعة والتعليم بجانب مبادرة الرئيس اوباما بخصوص القيادات الافريقية الشابة.
وفى عام 2018 قبيل تنحيته من منصب مستشار الامن القومى اعد جون بولتون الاستراتيجية الامريكية تجاه افريقيا ويبدو ان بواعثها مناهضة الصين ونفوذها الكبير فى دولة أفريقيا مع التوعد بقطع العون الامريكى عن الدول التى تتمسك بالتصويت المستمر ضد امريكا ومصالحها القومية فى المنابر الدولية. والمعلوم ان الصين تقف على ارضية صلبة فى القارة الافريقية باستخدامها ادوات من بينها القروض والبنية التحتية والاتصالات. وينتظر ان تضع إدارة الرئيس بايدن إستراتيجية جديدة تجاه أفريقيا تتسم بالتوجه الايجابى ومقتبسة ومطورة لرؤيا اجندة الرئيس اوباما السابقة للتعاون لمواجهة التحديات العالمية التى تؤثر على القارة الافريقية مثل التغير المناخى والمجاعة والهجرة القسرية والتعاون فى تعزيز الامن والسلام الاقليمى ومكافحة فيروس كرونا التاجى. ويؤمل ان تقوم الولايات المتحدة بدعم المبادرات متعددة الاطراف مثل صندوق المناخ الاخضر فى افريقيا التى نكص عنها الرئيس ترمب بمثل ما فعل تجاه اتفاقية باريس للمناخ وذلك عبر إقامة شراكات مع الحكومات الافريقية.
ومن المرتقب دعم امريكا للمساعى العالمية المبذولة لتأمين اللقاح المضاد لفيروس كرونا التاجى إلى الدول الافريقية مجانا وهو ما يعرف بأسم "كوفاكس" حيث أدى انتشار الفيروس إلى كساد إقتصادى فى افريقيا لاول مرة منذ ربع قرن ؛ بالاصافة إلى عبء الديون المؤثر على نمو تلك الاقتصاديات. ومن جهة اخرى عملت إدارة ترمب إلى إعاقة فوز المرشحة الافريقية " نقوزى إيكونجو إيويلا " بمنصب الرئيس التنفيذى لمنظمة التجارة الدولية مما ترك اثرا سيئا فى نفوس النخب الافريقية. ومما لاشك فيه ان إدارة جو بايدن سوف تدعم النظم الديمقراطية والتوجه الديمقراطى فى القارة ضمن اجندة التعاون متعدد الاطراف بوصفه مكملا لأركان العلاقات الخارجية الفعالة والمثمرة. ويرجح ان يلعب الافارقة - الامريكيين دورا مفتاحيا فى تفعيل العلاقات الامريكية مع الدول الافريقية من واقع المنظور التاريخى والدور الايجابى الذى لعبوه فى تأمين الفوز للرئيس جو بايدن وائب الرئيس كمالا هاريس . ويرتقب ان تقوم إ دارة بايدن من خلال إعادة الارتباط الوثيقة بالدبلوماسية المتعددة الاطراف؛ بدعم مبادرات افريقيا القارية مثل "منطقة التجارة الحرة لافريقا القارية" و"وكالة الاتحاد الافريقى للتنمية" و"مراكز أفريقيا لمكافحة ومنع الاوبئة" وكذلك قانون " آقوا" - "قانون فرصة النمو الامريكية - الافريقية".
يرجح إتخاذ مسار اكثر إيجابية للارتباط مع أفريقيا لا سيما حيال قضايا مكافحة الارهاب القضية الموروثة من عهد الرئيس الامريكى السابق جورج بوش (2001-2008) والعون الاجنبى والتواجد العسكرى الامريكى فى بؤر رئيسة فى افريقيا لاهداف إستراتيجية حيث تسعى إدارة بايدن إلى تخطى العزلة المجيدة التى فرضها الرئيس ترمب على الولايات المتحدة بعزوفها عن القيام بدور قيادى دولى فى القضايا الرئيسة التى تهم العالم. إن قارة إفريقيا بحاجة ماسة إلى الاستفادة من اطروحة جو بايدن الانتخابية التى تهدف إلى اعادة الارتباط الايجابى مع العالم وحلفاء امريكا من اجل إرساء علاقات قوية وفاعلة بمستوى العلاقات التى انشأتها افريقيا مع الصين ولكن من خلال منظور جديد. تحتاج أفريقيا إلى تنشيط شراكات التجارة و الاستثمار مع امريكا وتقديم رؤيا عملية لتفعيل الديمقراطية وتأمين الدعم الامريكى فى هذا المجال لا سيما ان الصين بدأت مبكرا فى الترويج لنظام حكمها وترقية الحزب السياسى المؤلج والمعسكر.
ان افريقيا فى امس الحاجة لنقل التكنولوجيا وبناء البنيات التحتية وميكنة الزراعة وخلق وظائف للشباب الصاعد. الملاحظ ان حجم العون التنموى الامريكى إلى إفريقيا انخفض منذ تولى اوباما للرئاسة بسبب الفساد المستشرى فى الحكومات الافريقية ؛ ولذلك ربطت الاستراتيجية السابقة العون الامريكى بمقاومة الفساد وإقامة الشفافية حيث تم ربط العون بالمصالح الاستراتيجية الامريكية ضمن المنافسة الضارية المستعرة بين الصين وامريكا وروسيا فى السباق والتداعى صوب افريقيا. ولذلك يفضل لدعاة الديمقراطية فى افريقيا العمل على تامين الدعم الأمريكى واحترام حقوق الانسان التى ستكون من اسبقيات الارتباط مع إدارة بايدن من خلال الاستعانة بالكفاءات الافريقية فى المهاجر الامريكية والغربية وتوظيفها فى تفعيل برامج الارتباط والشراكات الامريكية مع افريقيا. ولذا ينبغى تقديم أسبقية قضايا الالتزام بالديمقراطية وحكم القانون والحوكمة والشفافية والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد ومناهضة التميز الاثنى والعرقى والاقصاء السياسى والتهميش الاقتصادى ودفع برامج الاصلاح السياسى والاقتصادى والعدلى وتقوية المجتمع المدنى ودور المراة إلى مقدمة برامج الفعل السياسى والاستفادة من نشر الديمقراطية لاحكام السدود والاقفال امام الانقلابات العسكرية؛ وكذلك العمل على إصلاح القطاعات العسكرية والامنية كى تتوائم مع نظم العمل الديمقراطى والتعددى وتحقيق السلام القاعدى وجعل القوات المسلحة وعاء قومى شامل لكل التعدديات العرقية بما يمهد لاقامة الدولة المدنية وتوسيع اطر المواطنة المدنية – القانونية. ةيجب على النشطاء الافارقة الافادة من إدارة بايدن لادماج الديمقراطية المحلية والافريقية من ضمن اجندة سياسته الخارجية التى طرحها خلال الحملة الانتخابية لاسيما تعزيز الديمقراطية العالمية وحقوق الانسان. سوف تحسم التجربة المدى الذى تتباعد به إستراتيجية الرئيس بايدن عن استراتيجية ترمب التى اعدها جون بولتون ومن اهدافها خلق فرص العمل بتنشيط القطاع الخاص للحد من البطالة. وثمة توقعات برفع مستوى العون التنموى وزيادة مستوى التعاون والتزويد بالدعم المالى لتطوير البنيات التحتية فى دول افريقيا . والمطلوب هو معاونة امريكا فى إرساء اسس عملية وعلمية مشتركة لرسم استراتيجية جديدة بناءة ومنسجمة مع مصالح الدول الافريقية لإعادة بناء اسس القيادة السياسية المدنية الديمقراطية.
faran.idriss5@gmail.com