اقتصاديات الجيوش والأجهزة الامنية وبشائر الانهيار الاقتصادي

 


 

 

sanous@yahoo.com

((1)) من ((4))
الخلاف بين الدكتور ابراهيم البدوي والعساكر و السياسة في هذا العصر

في بوادر محاولة العساكر في السودان للغدر بحكومة الدكتور عبدالله ادم حمدوك، السابقة ، اختبر الغادرون كل سبل خنق الحكومة . شملت تلك السبل، التذمر وخلق المصاعب و الخصام مع كل وزير او مسئول مدنى، تم تعيننه من قبل الدكتور حمدوك ، اذا ما بدر من ذلك المسئول أي برامج وطنية او قطع الطريق على لصوص شلة الإنقاذ المندحرة لحماية لشعب من نهبهم وسرقتهم . ونذكر من أولئك المسئولين، الدكتور اكرم على التوم ودكتور عمر القراي و الدكتور إبراهيم احمد البدوي ، اول وزير للمالية في الحكومة الموءودة. كل من أولئك الجهابذة سببه الذى جعله يغادر الوزارة، وكلهم غادروا مكرهين. فلدكتور عمر القراي كان في طور قطع الطريق التي تنهب به مافيا الكتاب المدرسي الشعب . القراي اتوه بثوب المحافظين على الدين وحماية الشعب من كفره و الذى ادعوا كذبا انه ادخله في المنهج المدرسي. الدكتور اكرم بدأ في قطع شريان مص دماء الشعب من قبل مافيا الدواء ، فحسموا امره من خلف الكواليس مع عبدالله حمدوك. اما الدكتور إبراهيم البدوي فقد وصل بهم الامر ان يخرج علينا الفريق ياسر العطا ويقول مستهزأ، ان البدوي طلب منه تسليمه حوالى 80% من شركات الجيش.. ولا احد يجادل في ايهم اعلم بمصلحة البلاد الاقتصادية ، الفريق ياسر العطا ام الدكتور ابراهيم البدوي.
الدكتور إبراهيم البدوي مثله مثل كثير من الوطنيين السودان وتحديدا الذين كانوا يعملون بالخارج، حيث ظنوا و افترضوا ان المرحلة ما بعد سقوط الإنقاذ هي مرحلة حرجة جدا و على الحكومة و كل مسئول اتباع الوصف المدون بالكتب(التطبيق الحرفي للمعرفة) بغرض ان تلحق الدولة نفسها وتوقف الانزلاق و الانهيار الاقتصادي و توقعوا ان يتعاون الجميع في ذلك و بالتحديد القيادة العسكرية. معظم أولئك المسئولين كانوا غافلين عن المصالح الشخصية و الفئوية والقطاعية للمؤسسة العسكرية، ممثلة في عساكر مجلس السيادة و اختلاط هذه المصالح وتشابكها مع قطاع خاص يشكل كبار الكيزان و الاقربون، دعامته الرئيسية.

مشكلة هيمنة القطاع العسكري و الأمني على الاقتصاد السوداني لم يكن امرا جديدا. كثير من الناس قد يتذكر تعليق السفير البريطاني على هذا الامر ابان حكومة المخلوع عمر البشير و ما تلى ذلك من فرقعات كلامية اطلقها المستفيدون من النظام . و الامر انتهى الى لا شيء بعد تزميرهم و نفخهم لمزمار السيادة ودغدغات اخرى هم اول الكافرون بها . عند قدوم الدكتور إبراهيم البدوي و تسلمه وزارة المالية ، راي ان الامر لا يحتاج لأى عناء و ان المؤسسة العسكرية و الأمنية لن تتردد في القيام بخطوات لصالح الوطن. بكل اسف خاب ظن دكتور البدوي و الامر ادخله في صراعات وبغضاء بينه وبين أصحاب المصالحة الخاصة و انتهي الامر بخروجه من الوزارة. موقف الدكتور البدوي من الشركات العسكرية و الأمنية الممسكة بالاقتصادي السوداني من تلابيبه ، هو موقف املته عليه معرفته بالاقتصاد و هي مهنته التي لا يجادل فيها عاقل . مع ذلك علينا ان لا ننسي ان طلب خضوع هذه الشركات لوزارة المالية و ايلولتها للوزارة هو مطلب من قبل الجهات المانحة و المساعدة و التي تري في استقرار السودان امرا حيويا لأمنها القوي. بهذا الكتيب المسهب سوف نتناول لماذا يجمع خبراء الاقتصاد، محليون ودوليون ، سودانيون و أجانب ، والجهات المناحة و الجهات المقرضة ، على ضرورة خروج الجيوش و الأجهزة الأمنية من الأنشطة الاقتصادية ، في السودان و غيره و كل له سببه الوجيه و كيف ان طلب خروج هذه الأجهزة من العمل في الاقتصاد ، ليس له اى علاقة بإعاقة تطور هذه الأجهزة و تصنيعها لأسلحة فتاكة ( ترعب) بها الدول الخارجية ، و الغربية تحديدا، كما يروج لذلك الزلنطحية وأصحاب زرائب الفحم وستات الشاي و سائقي التكاتك وكثير المدعين للمعرفة ، بلا معرفة وبلا تدريب و بلا اطلاع.

أولا: السياسة فى هذا العصر:

عالم اليوم يختلف تماما عن كل العصور التي سلفت. العالم أصبح دولة واحدة وسوقا واحدا تعرض فيه كل دولة بضاعتها و تشتري ما تريد، الا من ابى وتوهم انه يعيش في كوكب خارج مجرة درب التبانة وان سكان مجرتنا و المجموعة و الشمسية و كوكب الأرض هم عدو له . المال لم يعد ذهبا ولا فضة وسبل الثراء لم تعد محصورة في قهر الشعوب الأضعف وسلب ما عندها. المنعة العسكرية و السياسية لم تعد ترتبط فقط بعديد الجيوش واحصنتها ودروعها وعدد الرماة و خبرتهم و تخطيط قائد ملهم واحدا يقود الجيوش بخوذة بارزة تنصب في مكان ما . عالم اليوم يعتمد حصرا على المنعة الاقتصادية. المنعة الاقتصادية تعطي الدولة المعنية كل معينات المنعة الأخرى. المنعة الاقتصادية لأي دولة تأتي من مصدرين. المصدر الأول هو حسن الإدارة و السياسية الداخلية و الخارجية للدولة المعنية على مدي العصور التي خلت والتي بدورها انتجت قواعد علمية و معرفية ، افرزت منعة اقتصادية .. وهذه المنعة هي مستدامة ويمكن تحسينها و المحافظة عليها. اما المصدر الاخر للمنعة الاقتصادية هي هبات السماء من معادن ونفائس و حصاد استراتيجي طبيعي لمجموعة بشرية في ارض ما . هذه المنعة هي بالأحرى منعة مالية وقد تكون مؤقتة ، ان لم تخلق أسس لجعلها منعة مستدامة. عدا هذه المنعة الاقتصادية ، لا توجد اى بضاعة اخري يمكن ان تعرضها الدول في عالم اليوم. فالتباهي بالعرق او بالتاريخ او توهم احتار الفضيلة بالدين او بالأفكار او بالممارسة و توهم امتلاك أسلحة ترهب الخصوم ، حقيقيون ومتوهمون ، كلها بضاعة كاسدة و مرفوضة في عالم اليوم. مصداقا لهذا الكلام علينا فحص قائمة الاقتصاديات العشرين الكبرى في العالم. فالقائمة تتربع عليها دولة الولايات المتحدة و هي دولة علمانية شعبها متعدد الاديان و الأعراق ، وان غلب فيه اليسوعيون و الشعوب البيضاء. العضو الثاني وهو الاتحاد الأوربي. فلاتحاد الأوربي هو اتحاد معظم شعبه من الملحدين ويسوعيته يعتبرها حقبة في تاريخه وولت ، مثلها ومثل عصر الاقطاع ، اما عرقيا ، فان الاتحاد ينحدر شعبة من الاريين او البيض. العضو الثالث هو دولة الصين. هذه دولة شعبها ليس دينيا حيث 75% منه لا يؤمن بوجود خالق لهذ الكون، وعرقيا هم من العرق الأصفر. ونستمر في القائمة ونجد بها الهند ، الهندوسية ذات شعب داكن البشرة وخليط من الشعوب الصفراء و نجد كوريا وهى دولة اسيوية ذات شعب ينحدر من شعوب المليي وكل اسرة لها دين يختلف عن دين جيرانها ، حيث 46% ليس لهم دين و23% منهم بوذيين و 29% منهم يسوعيين. الخ. و نستمر في القائمة حتى نجد المملكة العربية السعودية ، عرب مسلمون ، ودولة تركيا ، وهم قوقاز غالبيتهم من المسلمين.. الخ ونجد اندونيسيا ، شعبها اصفر و معظمه مسلم ويوجد وسطهم مسيحيون و بوذيين. القاسم المشترك لهذه القائمة التي تحكم العالم هي المنعة الاقتصادية و ليس سواها.

الصحافة العالمية وبيوتات البحوث السياسية و المخططون الاستراتيجيون و المحللون الدوليون و الأجهزة المعلوماتية و الاستخباراتية، جميعها ، تحكم على النجاح السياسي لأي نظام في العالم اليوم ، بمعيار النجاح الاقتصادي للنظام السياسي القائم و مدى اخذه لشعبه في الاتجاه الصحيح الذى يعزز من منعته الاقتصادية. كل ما عدا ذلك فهو هباء ليس له وزن بالميزان الدولي.

 

السنوسي عبدالله ابوجولة
22 يناير 2023
نواصل

 

آراء