الإغاثة الدارفورية لدعم قطر ..أهي قلة أدب ام الشغلة ؟

 


 

 

(1)
المساعد السابق لرئيس الجمهورية ثم حاكم أقليم دارفور سليمان أركو مناوي و المعروف ب مني ،لدي عنه إنطباع جيد.
كنت قد إنتقدته ببعض الخشونة إبان اتفاقية أبوجا للسلام بمقال تحت اسم ( بالمزيد من الحزن ننعى قضية دارفور).
إلتقيت بالأخ مني مرتين.
المرة الأولى كانت في الخرطوم عندما بدأ أعوانه ينفضون من حوله عندما بدأت المخاوف التي كنت قد سردتها بالمقال المذكور تتحقق امام أعينهم .لكن أشيع في المجالس ان مستشاره السياسي أنذاك هو من كان يقف وراء المؤآمرة، و هي الفرصة التي كان ينتظرها صلاح قوش للانتقام من المستشار المعني، و خاصة ان النظام السوداني سبق ان خاطب حكومة البلد الذي يقيم فيه ذلك المستشار مرات عدة بغية تسليمه إلا أن الحكومة تلك تجاهلت لعدم توفر ادلة مقنعة لدعاوي نظام الإنقاذ .
لذا تدخلت شخصياً لقيادة مبادرة لتفويت الفرصة على آلاعيب النظام.

(2)
بمقر إقامته بشارع البلدية إلتقيته مع اخوين اخرين .
أدهشني الرجل بلطفه و ثنائه على خصمه (المزعوم). وقتها لم تدخل قاموسه اللغوي كلمات من شاكلة (السماء ذات البروج ، قانون البونية و غيرها من ترهات الإنقلابيين الجدد و أعوانهم ). ثم أخبرنا بان مدير جهاز الامن صلاح قوش سيكون عنده في البيت بعد بضع دقائق ،و وعدنا بأن لا يكون هو سبباً لأي مكروه بحق رجل الأعمال و مستشاره الذي إبتعد عنه مغاضباً.
بينما نحن ننهي الاجتماع حضر صلاح قوش ؛ فغادرنا بيت السيد مني اركو ، لأغادر أنا بعدها السودان الي اليوم .

(3)
اللقاء الثاني مع الاخ اركو مناوي كان في بيلفام ( القيادة العامة للجيش الشعبي لتحرير السودان ) بجوبا في ذكرى الخامسة و العشرين لتأسيس الجيش الشعبي. حضر مساعد رئيس الجمهورية مني اركو ممثلاً للرئيس عمر البشير و القى كلمة وجدت إستحساناً من قبل الإخوة الضباط و خاصة أن الأستاذ السابق للغة يحسن الإنجليزية التي تخللت خطابه.
بعد خروجه من الحكومة ظل مقيماً أو متردداً على دول شرق افريقيا كغيره من قادة حركات الكفاح الثوري المسلح إلا أنني حافظت على مسافة متساوية من جميعهم - ليس بالإقتراب انما بالإبتعاد عنهم و ذلك لتباين وسائل الكفاح (رغم وحدة الهدف ).

(4)
من المحزن ان تتراجع دولتنا من حالة سيادة ( المرمطة) في عهد الإنقاذ البائد( عندما جلس الرئيس المخلوع صاغراً أمام فلاديمير بوتن يستجدي الحماية) ؛ الي دولة المحاور الإقليمية و بلا سيادة بعد الثورة. بذلك يقوم قائد قوات الدعم السريع و نائب رئيس مجلس السيادة بالحج في نهاية كل شهر الي مجمع الديانات الإبراهيمية بأبوظبي ، أما قائد الجيش ( و رئيس مجلس السيادة الانقلابي ) يزور قصر الإتحادية من وقت لآخر لتلقي أحدث الوصفات في التنكيل بالمتظاهرين السلميين . بينما حاكم أقليم دارفور يولي وجهه شطر العاصمة القطرية الدوحة.
لكل دولة أهدافها و أجنداتها الإستراتيجية و الجيوسياسية و ذلك مفهوم بالضرورة لكن المشفق ان يصل الحال الي مرحلة يكابد فيها من بيدهم أمر البلاد اليوم لتحقيق عُشر ما كان يحققه نظام الإنقاذ الذي أشبعنا القتل و الموت و أورثنا الفقر. و هل من فشل أبلغ من هذا ؟!

(5)
بعيداً عن أجندات و أهداف الدول و المحاور المذكورة ؛ نثمن الدور "الإيجابي" للإخوة القطريين و دولة قطر في صناعة السلام بدارفور .
دفعت دولة قطر بسخاء لسلام دارفور إلا ان القليل من ما تم دفعه قد وصل الي المستحقين في معسكرات النزوح و اللجوء.
برغم ذلك نكن الكثير من الامتنان تجاه قطر الدولة و الناس على وقوفهم مع اهل السودان.

الذي نعرفه ان المريض عادة ما يرد الجميل بعد الشفاء و ليس اثناء تمدده على سرير المرض ، ناهيك عن سرير الموت الذي يرقد فيه دارفور .
قطر التي تمتلك ثالث و ثالث عشر أكبر احتياطيات الغاز و النفط في العالم على التوالي ، و ناتجها المحلي في العام يقارب الثلاث مائة مليار دولار بينما عدد سكانها لا يتجاوز 230 ألف نسمة ليست في الحاجة الي الدعم من قوت الجياع.
لذا فإن اي تفكير لحشد الدعم لدولة بتلك المواصفات من قبل ساكني معسكرات المعاناة يعد ضرب من قلة الشغلة - لأن نعت قلة الأدب لا يليق "بالمرشال" مني اركو !!

 

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء