الاستعصام بالقيم والدين بالأفك في مشاريع اغتيال الشخصيات

 


 

 

زهير عثمان حمد

في عصر التواصل الرقمي السريع وانتشار وسائل الإعلام الحديثة، أصبحت مشاريع اغتيال الشخصيات أداة شائعة للتلاعب بالرأي العام وتشويه سمعة الأفراد. هذا الاستخدام السلبي للإعلام يُعد أحد أشكال الحرب النفسية التي تستهدف الإضرار بسمعة الأشخاص واستقرارهم النفسي والاجتماعي. يتناول هذا المقال كيفية استخدام الدين والقيم كأداة للتزييف والتضليل في مشاريع اغتيال الشخصيات، مستندًا إلى نماذج من الأدب السوداني وتجارب عملية.

الأدب السوداني كمرآة للواقع
تُعبر أغنية "ما بخاف من شئ برضي خابر" من غناء أمدرمان القديم عن تجارب السودانيين في مواجهة التحديات والضغوط بقوة وشجاعة. الأغنية تعكس قيم الصبر والثبات في مواجهة الظلم والعدوان، ما يجعلها مرجعًا ثقافيًا وأدبيًا يعكس تجربة المجتمع السوداني في مقاومة القهر والفساد.

التزييف واستخدام الدين والقيم في اغتيال الشخصيات
التزييف الإعلامي: استخدام وسائل الإعلام لنشر معلومات مغلوطة أو مضللة عن شخصيات معينة بهدف تشويه سمعتها. يتم ذلك عبر حسابات وهمية أو تقارير مفبركة تُروج لها وسائل إعلام تابعة لجهات معينة.
تجميل المواقف بالدين: استخدام الدين كأداة لتبرير الأفعال غير الأخلاقية وتشويه صورة المعارضين. يُظهر النظام الحاكم في السودان نموذجًا واضحًا لهذا السلوك، حيث يتم استخدام الدين بشكل مظهري لتبرير القمع والفساد، بينما يتم فصل الدين الحقيقي الذي ينمي الضمير والأخلاق عن الممارسة الفعلية.
الأسماء الوهمية والإصرار على الحضور الإعلامي: يلجأ البعض إلى استخدام أسماء وهمية لتجميل مواقفهم والظهور بمظهر العقلانية، في حين أن الواقع يعكس نوايا خبيثة وأهدافًا مغرضة. هذه الخرافة تُستخدم لإقناع الجمهور بصدق ودوافع أصحاب هذه المواقف، بينما الحقيقة تكون مغايرة تمامًا.
المعارك الهوائية والاستعلاء والنرجسية بين المثقفين
يشهد السودان، كما هو الحال في العديد من الدول، حالة من المعارك الهوائية بين المثقفين. تتسم هذه المعارك بالاستعلاء والنرجسية، حيث يغيب الحاضر السياسي ويتم التركيز على الخلافات العقيمة. يتسم الخطاب بلغة ساقطة وتبرير مرضي للسلوكيات الشخصية. هذا الوضع يعكس غيبوبة عن الواقع السياسي، ويحول دون تقديم نقد بناء أو مساهمة فعالة في الحوار الوطني.
قيمة التحليل السياسي في توجيه الرأي العام
تلعب المقالات السياسية دورًا حيويًا في توجيه الرأي العام وصنع القرارات. تُحلل الجهات الأمنية هذه المقالات لتعزيز فهمها لاتجاهات المجتمع وتوظيفها في توجيه السياسات العامة. يتم استغلال كتاب الموالاة لتوجيه الرأي العام نحو دعم سياسات معينة وتشويه المعارضة.
المشاريع الفاشلة لاغتيال الشخصيات
تشهد السودان حملات متكررة لاغتيال الشخصيات باستخدام التزييف الديني والإعلامي، حيث يتم اتهام المعارضين بالعلمانية والانحراف عن الدين. تهدف هذه الحملات إلى تشويه صورة المعارضين وتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد، لكنها تؤدي إلى إضعاف الثقة العامة وتدمير النسيج الاجتماعي.
تحدي البقاء في ظل الاستبداد
في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها السودان، يتمثل التحدي الحقيقي في قضية بقاء هذا البلد ومستقبله. ليست القضية مجرد مواجهة دكتاتور عسكري مستبد يسعى للبقاء في السلطة بأي ثمن، بل هي قضية وجود ومستقبل يُهدد بظلام دامس حين يهرب أهله طلبًا للأمن والأمان، ويعانون من الجوع ودمار الخدمات الصحية. هذا هو مستقبل بقائنا كشعب، والسؤال الأهم هو: ماذا نحن فاعلون؟ كيف سنتعامل مع هذا التحدي المصيري؟

تُعد مشاريع اغتيال الشخصيات باستخدام التزييف الديني والإعلامي جزءًا من الحروب النفسية الحديثة التي تهدف إلى تدمير الخصوم عبر وسائل غير مشروعة. يظل الوعي الجماعي والثبات على القيم الحقيقية أهم أدوات المقاومة في مواجهة هذه الحملات. يحتاج المجتمع إلى تعزيز مبادئ الشفافية والمصداقية في الإعلام والعمل على تنمية الوعي الجماعي لمواجهة هذه التحديات بفعالية.

zuhair.osman@aol.com

 

آراء