البرهان والمجلس السيادي ومصير الطاغية الروماني نيكولاي تشاوسيسكو

 


 

محمد فضل علي
12 November, 2021

 

باداء الفريق البرهان القسم بالامس رئيسا لمجلس سيادي مزعوم وبالنظر الي قائمة اعضاء المجلس الذي من المفترض ان يدير البلاد في الفترة القادمة وبعيدا عن شخصنة القضايا والانتقاص من اقدار الاخرين وبما ان قضية حكم البلاد تعتبر قضية عامة من الدرجة الاولي وبالنظر الي اسماء اعضاء المجلس وخلفياتهم نجد مجموعة من الناس عملوا في مرافق مختلفة طيلة حياتهم عدا ادارة الدولة والقضايا العامة وتوليهم مثل هذا المنصب في ظروف الفراغ القانوني والسياسي والانهيار الاقتصادي والفوضي السائدة في السودان منذ سقوط النظام السابق في العام 2019 وحتي اليوم.
هذه الشلة السيادية مجتمعة لن تستطيع ان تدير قرية في السودان الراهن في ظل العزلة الدولية المحكمة و المتصاعدة في كل يوم والغير مسبوقة منذ استقلال السودان خلال فترة الحكومات المدنية والعسكرية التي تعاقبت علي حكم البلاد.
اذا لماذا هذا الاندفاع والقرار المفاجئ بتعيين هذه التشكيلة الغريبة للمجلس المشار اليه ..
التفسير الوحيد ان هناك جهة ما ستدير البلاد تحت ستار هذا المجلس " الفطيس " الذي لن يجد اي دعم من الاغلبية الصامتة والضاربة في الشارع السوداني وحتي علي صعيد تحالفاتهم الخارجية فلن يجدوا اي مساند ومبارك لمولودهم الجديد وان وجدوا فلن يجدوا غير دعم بروتكولي خجول وحذر حتي من الاقربين في مصر ودول الخليج العربي وسينحصر الامر في برقيات المجاملة البروتوكولية المعتادة عند تنصيب زيد او عبيد من الروساء والملوك واذا كان هناك عاقل بين هولاء القوم فليقدم لهم نصيحة خالصة ان يكتفوا بهذا القدر من التخبط والاندفاع وان لايجنحوا للاحتفاء او الاحتفال بهذا المجلس " الفطيس " .
وعلي مايبدو انهم قد اجتهدوا في اخفاء معالم الجريمة والعودة التدرجية للعناوين الرئيسية من اساليب وتكتيكات الحركة الاسلامية التضليلية المعروفة باشراك زيد او عبيد من غير الاخوان المسلمين وان فعلوها اليوم فقد فعلوها بالامس واشركوا الجنوبي بيو يو كوان وفيصل ابو صالح وعثمان احمد حسن والاثنين الاخرين من العسكريين المهنيين الذين احترموا انفسهم وتقدموا باستقالات مبكرة من مجلس ثورة الانقاذ المزعوم وللاسف هم اليوم متهمين امام عدالة عمياء ومحكمة اشبه بشاهد لم يري اي حاجة بتهمة انقلاب عسكري لم يكن له اي وجود وبدلا عن ملاحقة الفاعل الحقيقي والحركة الاسلامية عما جري في الثلاثين من يونيو 1989 يحاكمون الجيش السوداني الذي قدم في ذلك الوقت ثمانية وعشرين شهيدا من خلاصة ضباطه المهنيين والوطنيين الشجعان ليتحول الجيش الي متهم بتدبير انقلاب عسكري ليس له اي وجود وتلك واحدة من اكبر الثغرات والاخفاقات القانونية التي صاحبت العدالة الانتقالية والحكومة التي انقلب عليها الاخوان المسلمين اليوم من علي البعد بالريموت كنترول اذا جاز التعبير.
شبكات الاعلام السوداني المحاصرة داخل البلاد وفي بلاد المهجر التي يتواجد فيها السودانيين اضافة الي مبادرات الحركة الجماهيرية الطوعية استطاعت اختراق الحصار الغريب وتدابير الفاشية المعاصرة وقطع اتصالات الانترنت والهجمات الاليكترونية التي استهدفت كل الانشطة الاعلامية والمبادرات السياسية التطوعية حتي خارج البلاد في بلاد مثل الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا واستراليا وفي بلاد اخري واستطاعت تلك المنابر والانشطة الطوعية توفير الادلة المادية القاطعة علي عودة نظام الحركة الاسلامية والخمينية السودانية في ثوبه الجديد وذلك عبر قرارات متعددة اصدرها الفريق البرهان .
من المفارقات التي شهدها زمن الانقاذ في فترة التسعينات انهم قاموا بتعيين شخصية معروفة من ظرفاء مجالس الانس والسمر في سودان ماقبل الانقاذ في منصب وزاري علي درجة عالية من الحساسية وعند اول زيارة له لاحد مجالس الانس المشار اليها وجد عاصفة من الانتقاد من اخوانه من سمار تلك الليالي فقل لهم ضاحكا ..
" انتو زعلانين ليه انا الوزير الوحيد الذي اشرب الويسكي في حراسة الشرطة "
في اشارة الي الحراسة التي وضعتها الحكومة الرسالية علي ابواب منزله انذاك ..
لم تكن مجرد نكته ولكنها الحقيقة عن الطبيعة الممعنة في الانتهازية والتلون من هولاء المتاسلمين ...
السيناريو المتوقع خلال الايام وربما الساعات القليلة القادمة ان تتصاعد الاحتجاجات التي ستتحول الي مواجهات وصدامات غير متكافئة بحساب الافراط في استخدام القوة المعتاد والمعروف في مواجهة الحركة الجماهيرية والقتل الذي لم يتوقف منذ سقوط النظام وحتي هذه اللحظة ..
سيحدث ذلك في ظرف مختلف وفي غياب حمدوك والحكومة الانتقالية مما سيلغي تحفظات حركة الشارع السوداني السابقة وسيطلق سراح حركة الشعب السوداني ان تذهب الي مداها بعد ان تساوت في نظر الناس الاشياء ولا استبعد وقوع خسائر ضخمة وسط المحتجين في الشارع السوداني بصورة قد تعيد سيناريو ما حدث في رومانيا فترة التسعينات والتي انتهت بمصرع الطاغية الروماني نيكولاي تشاوسيكو وزوجته بطريقة درامية امام انظار العالم كله بعد انتصار الانتفاضة الشعبية في محكمة عسكرية استمرت ساعة واحدة.
من المفارقات القدرية ان يفلت المعزول عمر البشير من هذا المصير المستحق ويتطوع البرهان الذي لاعلاقة له بالعمل السياسي وحتي عضوية تنظيم الاخوان بتقديم نفسه ومن معه طواعية لينتهوا الي مثل هذا المصير في سيناريو متوقع استنادا الي قرائن الاحوال ومجريات الامور في السودان اليوم.
/////////////////////////

 

 

آراء