التحرك السياسي الحصيف يتوارى في ظل حرب الوكلاء

 


 

 

هذه حرب مدمرة وسلاحها المتطور في ايادي جهلاء صراعهم من أجل السلطة والثورة وليس من أجل العدالة والحرية والسلام .
ليس من أجل التنمية المتوازنة وليس من أجل الهامش كما يدعي البعض ولا الديمقراطية ولا استرداد مسار الثورة . أنما أطراف الحرب تتنافس من أجل أن تنال اكبر عدد من الوكالات الدولية (أن تكون وكيلا للقوى الدولية في بلدانهم) وكما تفعل الشركات التجارية في تكريب سيرتها الذاتية والمشاريع التي قامت بها عندما تحاول أن تنال توكيلا لعلامة تجارية عالمية أو لتفوز بمناقصة محلية . وطبعا الوكالات مقسمة بحيث يكون هناك وكيلا في الإقليم ثم وكيلا في المنطقة ثم وكيلا حصريا في البلد ووكيلا في المدينة ثم موزع معتمد وكل صاحب مصلحة يسعى ليضع مقدراته أمام تلك القوى بالتدريج لينال نصيبه من تلك الوكالة وكل يسعوا لتكبير كومه التجاري من الثروة .حتى يكون الاقوى ويبدأ في تكوين مملكته الخاصة وحتى يصل إلي مرحلة الاستيلاء على الدولة ويخوض في ذلك كل المعارك حتى يصل إلي مرحلة صراع الفيلة .
علينا هنا أن ننظر الي الوكلاء الإقليمين والوكلاء المحليين والوكالات الحصرية والموزعين في ظل واقعنا في السودان.
بالطبع مسألة المصالح المشتركة بين الشعوب وبين الدول والتي يجب أن تحكمها قوانين دولية وعلاقات دبلوماسية لا تنتقص من قدر اي مواطن من مواطني الدول ولا تتعدى على حقوقه وحقوقه هذه بما فيها نصيبه من ثروات بلاده التي في باطن الأرض وفوقه وكل مصدر من مصادر دخل الدولة.
ويمضي الأمر هنا كما تنظر له الشركات الدولية اسواق ومراكز للثروات الطبيعية يجب الاستحواذ عليها في ظل جشع الشركات العالمية ونظرتها اللانسانية لسكان السودان ورؤيتهم الدونية لهم اذ يعتقد قادة الدول المسمية بالعظمى أن هولاء السكان في تلك البقع من الأرض لا يستحقون الحياة الطبيعية لأنهم اقل منهم في درجة الإنسانية لذلك لا يستحقون الاستمتاع بالثروات التي على أراضيهم حتى ولو كانت ملكهم وبالتالي أيضا ليس لهم حق في الاستفادة من منجزات البشرية العلمية والتي تسرع في زيادة وعيهم وتوعيتهم بقضاياهم بل ترمي لهم من منتجات تلك الثروات البشرية بالمستهلكات من التكنولوجيا المستهلكات التي تلهي الإنسان وتجره الي حد الإدمان عليها لتأخذ جل وقته وتتركه انسان محاصر في العالم الافتراضي غير آبه بالواقع الذي حوله ، فتسهل تداول تلك المنتجات العلمية وتحاول تضعها بديلا اجتماعيا لتمحو الاجتماعي المباشر وتقلل من دوره .
أنه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ،انها العنصرية وأنها النازية والفاشية في القرن الواحد والعشرين . بل بمقايس الماضي أن الإبادة الجماعية الان هي الافظع والابشع والتشريد والنزوح في السودان هو الأكبر على مستوى العالم في تاريخه المكتوب...
قوانين الطبيعة تؤكد أن المادة متحركة ولا تعرف الثبات وكذلك التاريخ وبمعنى اخر الحياة مستمرة لا تتعطل وان لكل فعل رد فعل مواز له ، ففي حالة سوداننا الحبيب كلما تحركت قواه الحية وانتفض انسانه متتطلعا نحو حياة كريمة بامتلاكه القرار السياسي والاقتصادي والسيادة الوطنية على أراضيه تحسس الوكلاء العالمين جيوبهم وخزاناتهم وقاموا بالتحرك نحو وكلاءهم المحليين يغدقون عليهم بالوعود بالمناصب ويوهموهم بمقدراتهم على إدارة شؤون بلادهم وأنهم حتى ولو لم يستطيعوا فاصحاب الوكالة سيقفون معهم حتى يقفوا على أرجلهم ويتمكنوا من السيطرة. إذن فهي ذات التجربة التجارية التي ذكرناها هي ذات الوكالة التجارية وهرمها التسويقي الذي يسعى لزيادة نسبة تواجده في تلك الأسواق باي شكل حتى وإن كان السيطرة على البلاد بأكملها .
ومن ضمن سياسات الوكلاء التجاريين سياسات تجفيف الأسواق وتصفيتها من اي سلع واي عقبات يرونها هم قد تعيق عملهم . وبالذات السلع المنتجة محليا فتسخر الوكالات أموالا تحت بند التسويق لتسيطر على التجار والأشخاص المؤثرين وتتغلغل في البلد بشتى الطرق .
.فلنا أن نستوعب ع أن تلك الشركات العابرة للحدود كما تنظر للبشر كمستهلكين وتبيع لهم السلع تفعل في شعبنا ذات الفعل وتعمل لتجفيف أسواقنا من الإنتاج المحلي الذي بالتأكيد لن يوفر لها أي ربح أو فائدة أو سيطرة لذلك تدعم من يقبلون وكالاتها الذين سينفذون سياساتها وهذا ما يقوم به طرفي الحرب وما يسعى له مسوقي الحلول الوكالية التي تلبي طلبات تلك الدول وتشاركها فتات الأرباح.
ففي غمار هذا الصراع السوداني لا يظهر السياسين السودانيين وحدهم بل يظهر التجار وأصحاب الوكالات التجارية والعسكر والمليشيات وينخفض ويتوارى صوت السياسين أمام ضجة التسويق التجاري والتنافس حول من يفوز بثقة الوكيل الإقليمي الذي سيمتع الوكيل الحصري بكفالته كما يحدث الآن . فمعركة الاسواق معركة حياة وموت الوكيل يبذل فيها قصارى جهده وإمكانياته فيها من تبيض الوجه ومحاولة تنقيح وتنقية فاشلة لقادة تلوثت أياديهم بالسرقة وبدماء الأبرياء وتسخير الآلة الإعلامية حتى الدعم اللوجستي الحربي اللامحدود . إضافة لشغل المنافسين ومحاولات كسب اكبر قدر منهم لصالح الوكيل لتسهيل أموره .

تصفية السوق أو تجفيفها يكون بتصفية كل ما هو مقاوم لذلك وحدث هذا في اتجاه تصفية ثورة ديسمبر منذ بداية تشكلها في تصفية قياداتها من الشباب والكهول فيها برصاص القناصة ومدافعهم ثم بمحاولات تصفيتها عبر انقلاباتهم التي وجدت المقاومة القوية رغم نفوذ وكلائهم المحليين الذين تبنوا صوت الشارع اسميا وليس فعليا مما جعل اصحاب الوكالات أن يكفروا بشكل الشراكة التي فرضوها ووضح لهم خبل وعدم أهلية متطلعي الحصول على وكالاتهم مما اضطرهم اي الوكلاء مواصلة استخدامهم لكل السبل في سبيل السيطرة على الثروة والسلطة وكبح جماح الثورة التي تشكل لهم هواجس وسدا منيعا أمام وصولهم لاطماعهم.
فاشعل وكلائهم المحليين الحرب وفي اعتقادهم أنهم بها يصفّوا المحلية فخاضوا صراع الفيلة امام اصحاب الوكالات اللذين يستلذون بتكفلهم برعاية هذه الحرب كما يفعلون في تبني تسويقاً لمتنجاتهم منافسات صراع الثيران .
ويظل الدور الغائب هو دور القادة المحليين من أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا المشهد ، القادة الذين بطرحهم يمكن أن يلتف حولهم معظم السكان ، فالمسألة مسألة وطن ووجوده وعندما نبحث عن القادة لا ينتفي دور جماهير الشعب بل الجماهير هي التي تصنع القادة وجماهير بهذه التضحيات والمقاومة موجودة وتقاوم بشتى الطرق وواضح رفضها لكل مايدور. لكن تواجد قياداتها الحكيمة الماسكة بزمام الأمور مهم وملهم لها. ولا يعفي هذه القيادة عدم المباشرة أو البعد عن الوكلاء المحليين وتركهم للأعداء وحدهم فعندما تتقدم الشعب وتكون في طليعته حتى اعداءك وجماهيرهم من المؤيدين هم من بنات وابناء الشعب فهم جزء لا يتجزاء إن كنت قد طرحت برامج لشعبك يجب أن تضعهم في عين الاعتبار وتضعهم من ضمن أهدافك وتخطط خططك وترسم تكتيكاتك لتاخذهم من انياب وحوش العالم لكن كلما بعد عنهم ستتركهم لقمة سهلة هم والوطن فقوموا انهضوا ايها القادة واتركوا السكون المميت فالحصة وطن والحرب لازم تقيف .

abdelrahimhassan299@hotmail.com
////////////////////

 

آراء