الثالوث الأخطر (٢)

 


 

 

عادل محجوب على

adelmhjoubali49@gmail.com

•ما حل ببلد الإستبداد والنفاق الا قالا للفساد خذنا معك ، وتقشعر الأبدان السوية من ما ينشر هذه الأيام من تسريبات عن الفساد بالسودان ،وما خفى كان أعظم .
• يقول ابن خلدون إن انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوى الفقر والعجز عن توفير الضروريات وبداية لشرخ يؤدى إلى انهيار الدولة.
• و بوسع المستقصى عن الفساد بالسودان منذ بداية العشرية الثانية من سنوات الإنقاذ حتى الآن ، خاصة فى مجال العطاءات الحكومية والبترول والذهب والصادرات الرئسية عبر الشركات الأمنية وممارسات الشركات الرمادية ، والاعفاءات والامتيازات الحكومية الأخرى ، وما تعج به بعض السفارات بالعواصم التجارية الكبرى ، .حيث يخجل النفاق نفسه ، والفساد يمارس ، و هى لله هى لله لا للسلطة و للجاه ، تشق عنان السماء . وستترى التفاصيل فى هذا الشأن حتما من كثير من الملمين الذين يتحسرون ألما من ما حاق بهذا الوطن من تدمير وما أصاب الدين القيم من تشويه .
• وكثير من المحللين ذكروا أن انقلاب البرهان على حكومة الفترة الانتقالية كان مدفوعا من تحالف الفساد والكيزان و المساندة المصرية والرضى الأماراتى، و إعتصام الموز ماهو ألا غطاء لنفاق مستخدم .
•رغم أن هذا التحالف يشبه لبن سمك تمر هندى ،فيبدو أنه صحيح ، لما حدث بعده من سوء هضم سارع بإلإنحدار لهاوية الحرب .
•وقد اتضح للكثيرين بعد تسربات المحادثات الصوتية الاردولية المحمد عثمانية الأخيرة وما تلاها، والتى لم يتم نفيها ، مدى إرتباط الفساد بالعملية السياسية والأمنية .
• و للفساد بالسودان طرق وأساليب عديدة ، لا أظن أن لها نظير فى العالم لذا خلقت البون الشاسع بين موارد الدولة الطبيعية المتوفرة وفقر بنية الوطن التحتية وحال مواطنيه .
• و قد أفرز هذا الوضع عن طبقة فائقة الثراء ،فى وطن مدقع الفقر غنى الموارد ، والنماذج فى هذا الشأن على قفا من يشيل .
• ودفع من لا يخشى الفقر الذى ظلت تقوم به الشخصيات التى يدفع بها المؤتمر الوطنى لرئاسة أندية القمة فى إطار إستراتيجيتها للهيمنة على مفاصل الدولة وقطاعات المجتمع ، ماهو الا قمة رأس جبل جليد ، إرتباط المصالح السياسية والفساد .
•ومن العجيب إن الحواريون الذين يمارسون الفساد الإدارى تتم مكافئتهم على ذلك بهذا الوطن المنكوب . و بوسع المستقصى أن يجد عشرات المجلدات التى يندى لها جبين الإنسانية خجلا بكل وحدات القطاع العام فى هذا الشأن الا من رحم ربى .
• أما الفساد المالى والذى انشأت لأجله مافيا الفساد السودانى مئات الشركات بدولة الإمارات (دويلة الشر كما يقول بعضهم الآن ) ودول أخرى ، لإستباحة المال العام عبر المشتريات الحكومية السودانية بالعملة الحرة خاصة البترول والأسمدة والسيارات و لتهريب الذهب ،إذا تم التقصى الحصيف حول أمر الشركات المفتوحة لسودانيين بدولة الإمارات العربية وغيرها و ملاكها الحقيقيين وطبيعة عملها سيتضح حينها حجم تداخل الثالوث الخطير ، وأثره على ما جرى ويجرى بمجالات الاقتصاد والسياسة والأمن بالسودان.
• والفساد الذى يحدث بالسودان فى زمن الحرب الحالية وصل مستويات خيالية ، فما تم من النهب الجنجويدى المسلح وما تبعه من شفشفة لكل شىء ابتدأ من الأموال والسيارات والذهب ومرورا بالاثاثات والملابس وليس انتهاء بالأواني المنزلية، لا أعتقد أن التاريخ شهد سطوا على حصاد عشرات السنين بأرض الوطن والإغتراب لملايين الناس ، وجل الممتلكات العامة ، مثله ، فما نهب أو دمر يمثل جل حصاد العمر من الأملاك الخاصة والعامة ،منذ ما قبل دولة ٥٦ المفترى عليها ، ( طيب ما شلتوها وشلتو ميتينها ذاتو الفضل شنو تانى ) .
• ويمتد الفساد بزمن الحرب الراهن ليشمل ما تقوم به الميلشيات المسلحة الأخرى ، والعصابات الإجرامية التى أخرجت من السجون ، وكوادر التنظيمات المنغمسة فى الحرب ، والمضاربين في سوق الصرف، وأصحاب التوكيلات التجارية، ومحتكري السلع الغذائية، و مستوردى ومهربي المشتقات النفطية والسلع الغذائية والأدوية المستوردة، الذين يقومون ببيعها بأسعار مضاعفة، بخلاف تجارة الأسلحة التى لها الرواج فى زمن الحرب و الإنفلات .
•قال ابن القيم: (اتباع الهوى يعمي عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة وهما مادة كل فساد) والبشر يتبع هواه الا من رحم ربى لذا أمر محاربة الفساد يحتاج لرادع وكما قال عباس محمود العقاد (لأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد) • و يصعب الجهر بالحق فى ظل حكم الإستبداد ، لذا يسود النفاق والفساد .
• ولن يتم بتر هذا الثلاثى الخطر الا فى ظل نظام مدنى ديمقراطى ، وعلينا أن لا نخضع أنفسنا بمجرد إعتقاد أن الأنظمة الشمولية يمكن أن تكون إسلامية ، لأن ما يسود بها من إستبداد و نفاق وفساد يتعارض مع جوهر الدين القويم . يقول الله سبحانه وتعالى بالآية ٢٥ من سورة الرعد ( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )

 

 

آراء