الحرب ومصلحة الطفل الفضلى

 


 

 

ياسر سليم شلبي

yas_shalabi@yahoo.com

ينص قانون الطفل لسنة 2010 في مادته الثانية على حق الطفل في الحياة و النمو . كيف نضمن حق الحياة و البقاء للأطفال دون أن ندعو لوقف الحرب ؟كيف يمكن وقف الاثار الكارثية للحرب على الأطفال و التي نعلمها جيدا ،بل هي واضحة كالشمس دون الدعوة للسلام و وقف الحرب!
ينص قانون الطفل على أن تكون لحماية الطفل ومصالحه الأولوية في كافة القرارات أياً كانت الجهة التي تصدرها . المقصود من هذه المادة ، أنه عندما يكون هناك أكثر من رأي أو خيار ، فينبغي أن يقع الخيار على الذي يخدم مبدأ مصالح الطفل الفضلى . المصلحة الفضلى للأطفال التى ينص عليها القانون ،أليست هي في الدعوة لوقف الحرب! أم هي في استمرارها حتي ينتهي جيل كامل! أليس لأطفالنا الحق في البقاء و النماء و العيش بسلام ؟! كما ينص قانوننا السوداني!
الأطفال أولا في كافة الأمور ، هذا ما ينص عليه قانون الطفل و الذي جعل مرجعية كل القرارات التي تصدر ، أن تكون وفق مصلحة الطفل الفضلى،بل ذهب الى أكثر من ذلك، حيث نص بوضوح: أيا كانت الجهة التي تصدر القرار و مهما كانت ،عليها الالتزام بمصلحة الطفل الفضلى و ايلاء الاعتبار الأول لها . ينص هذا القانون في مادته الثالثة على أن تسود أحكامه على أى حكم يتعارض معه تأويلا لمصلحة الطفل و كما ينص على ضمان حماية الطفل ذكراً أو أنثى من جميع أنواع وأشكال العنف أو الضرر أو المعاملة غير الإنسانية أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية و إتخاذ التدابيرالملائمة لتحقيق التأهيل البدني والنفسي وإعادة الإدماج الإجتماعي للطفل الذي يكون ضحية أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة أو التعذيب أو أي شكل من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة أو النزاعات المسلحة (47) هل يمكن ذلك دون مناصرة وقف الحرب؟ هل يمكن انهاء مأساة وويلات و معاناة الأطفال إلا بوقف الحرب ؟
تعد المصلحة الفضلى للطفل من المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، فهي تعد بمثابة حق أساسي ويتم الاسترشاد بهذا المبدأ فى تفسير وتطبيق كافة بنود حقوق الطفل و يتخذ هذا المبدأ كأساس لضمان الوفاء بحقوق الطفل وعليه فيجب تطبيقه بشكل واسع فى كافة القرارات ، وتعتبر أداة معيارية على ضوءها يتم إتخاذ القرارات ، و هذا ما ينص عليه قانوننا السوداني . بشأن هذا الحق ، ذكرت اللجنة الدولية لحقوق الطفل ان حق الطفل في المصلحة الفضلى هو مبدأ لتفسير جميع حقوق الطفل وإنفاذها ويقتضي التطبيق الكامل لها ووضع نهج قائم على الحقوق ، و أنه مفهوم ثلاثي الأبعاد ، حق أساسي، مبدأ قانوني تفسيري أساسي و كذلك قاعدة إجرائية (التعليق رقم 14 لسنة 2013) . و عليه ، يجب أن تقوم كافة القرارات على مصلحة الطفل الفضلى و هي المرجعية الأساسية و كما يجب إعمال هذا الحق إعمالاً كاملاً.
تأثير الحرب على أطفالنا واضح بإحصاءت كثيرة متوفرة من مختلف الجهات و من المشاهدات اليومية و الملاحظة ،أكبر أزمات النزوح و أسوء الأزمات التعليمية في العالم و الغذائية و الصحية..الخ ، يعاني أطفالنا من كوارث لا تحصى و لا تعد و تبعثروا في كل واد ، كابوس الحرب التي طال أمدها يطاردهم دوما . أضف الى ذلك الفيضانات و السيول و الأمراض و كما قال الشاعر :فصرت إذا أصابتني سهام..تكسرت النصال على النصال .
على سبيل المثال ،ينص قانون الطفل على إختصاصات شرطة حماية الأسرة والطفل على إتخاذ التدابير الكفيلة بوقاية الأطفال وحمايتهم من كافة أشكال الانتهاكات (55ج) كيف يمكن أن يتم ذلك في ظل استمرار الحرب و تأثيرها على حقوق الأطفال .كيف يمكن أن تعمل آليات حماية الطفل و هياكلها التي ينبغي أن تمنع وتستجيب للإساءة و الإستغلال والعنف الذى يتعرض له الأطفال ، كيف يمكن أن نتحدث عن نظام حماية الطفل و قطاعاته من الرعاية الإجتماعية والتعليم والصحة والعدالة للمنع والإستجابة للأخطار المتعلقة بالحماية ، كيف يمكن إعمال بيئة حامية للأطفال ،توفر حق الطفل في النمو وتحميه من كل أنواع الاستغلال والعنف ، كيف ذلك دون المطالبة بوقف الحرب !
لا خيار أبدا و خاصة لمن يناصروا الطفولة، إلا المناصرة و المناداة بوقف الحرب من أجل المصلحة الفضلى للأطفال و من أجل ضمان المبدأ الأساسي لحقوق الطفل و هو العمل على ضمان حق الحياة و البقاء لأطفالنا و هم يستحقون ذلك و أكثر ، هم الحاضر و نواة المستقبل. نختم بما ينص عليه قانون الطفل : تنمية الطفولة ورعايتها إلتزام دينى وانساني ووطني وقومى (المادة 2ن)
عجِّلوا بوقف الحرب من أجل حق الحياة و النماء للأطفال و التزاما بالمصلحة الفضلى لهم كما ينص قانوننا للطفل.

والله المستعان

ياسر سليم شلبي
باحث في حقوق الطفل

 

 

آراء