الدكتور نافع علي نافع (السوداني الأصيل)

 


 

سارة عيسى
16 June, 2013

 




يُحكى أنه في بداية التسعينات وعندما كانت حكومة الإنقاذ تُشعل حرب الجنوب وهي تستخدم العرق والدين ، أن الدكتور جون قرنق رفض التفاوض مع كل غازي صلاح الدين العتباني والدكتور علي الحاج محمد وذلك بحجة الشك في جذورهما السودانية ، ويُقال أن الدكتور علي الحاج محمد رد على هذا الاعتراض بمزاحه المعروف: في السودان دا ما في إثنين  أتوا من بلد واحد ".
لكن من الذي اشاع ان هناك سودانيين أصليين ( كم كامل ) وسودانيين  دخلاء على الوطن ( نص كم ) ؟؟ وما هي معايير السودنة ؟؟ فهل هي الملفح الأبيض واحتذاء مركوب جلد النمر والعمامة الكبيرة والثبات عند البطان ؟؟ أم  السودنة هي لبس ريش النعام كما فعل البشير في جوبا ووضع قرون الثور في الرأس ؟؟ ربما يكون الخال الرئاسي الطيب مصطفى دقيقاً في التوصيف عندما وصف العنصر الأفريقي في السودان  بشكل عام " بأنهم لا يشبهوننا في شئ " ، إذاً الخلاف ليس حول تقاسم السلطة والثروة أو ممارسة الشعائر الدينية ، فالخلاف يرتكز على جذور إثنية ، هناك صفوة من ( مضر ) – إن صح التوصيف – تصف نفسها بأنها شعب الله المختار ، لكن يُعتبر الدكتور حسن مكي من المؤسسين لهذه المدرسة (الآرية ) ، فهو الذي كان يعتبر أن الحركة الشعبية تقوم على مشروع يهدف لطرد العرب من السودان كما فعل نظرائهم  الفرنجة في الأندلس ، وبروفيسور التاريخ يجعل المسألة  نوعاً  من الصراع العرقي والديني ، وهو يجهل أن ما حدث في الأندلس كان سقوطاً لإمبراطورية فشلت في إستيعاب جميع المكونات  في هذا المكان ، وهذا لا يجعل السودان يدخل نطاق هذه المقارنة ، فلا يوجد من بيننا من ينتصب لصقر قريش أو بني جهور .
هذه اللغة العنصرية نامت قليلا بعد فصل الجنوب ، لكنها إنتعشت هذه الأيام بسبب الحرب في جنوب كردفان ، وربما يكون السبب أن الأمور في الميدان العسكري لا تسير بالشكل المطلوب ، لدرجة أن العقيد الصوارمي قد ملّ إلقاء البيانات العسكرية ،  وأجزم بأن حكومة الإنقاذ لا تقرأ التاريخ  جيداً عندما تشن حروبها العسكرية في كل مكان ، بل أنها لا تستفيد   من دروس الغزاة من أمثال هيكس وغردون باشا ، فدارفور حاربت الغزاة حتى الرمق الأخير ، وقد إستشهد السلطان علي دينار على يد الإنجليز ، أما منطقة كردفان فكانت مقبرة لجيوش التركية ، هذه المناطق رمال متحركة من الموت ، وقالها الدكتور نافع وأعترف بأن الجيش السوداني لم يعد قادراً على تلك المواجهة ، وقد صدقنا وهو كذوب ، لكن لماذا فشل الجيش السوداني في هذه المهمة ؟؟ والسبب ليس لأن الجيش السوداني تنقصه الإمكانيات ، بل السبب لأن الحرب الحالية قامت على عقيدة قتالية ظالمة ، فهي حرب كما وصفها الدكتور نافع بين أبناء السودان ( الأصلاء ) وبين الدخلاء ، فالأصلاء يهاجمون الدخلاء في عقر دارهم ونقل الحرب لأرضهم كما يُسمى بالحرب الإستباقية ، فهي حرب القصد منها تأديب النوبة المتمردين وردههم إلى ( كراكيرهم ) في الجبال ، لذلك لا أعتقد أن الدكتور نافع قد اساء إستخدام الألفاظ  عندما تحدث عن السودانيين ( الاصلاء )، هذا الرجل يعرف ما يقوله بدقة ولا يتراجع عنه مهما كانت النتائج ، فالدكتور نافع تحدث عن ما يعتلج في دواخله وعبر عن نفسه بشكل شفاف ، فقد خاطب الدكتور نافع أهل الجزيرة ، فهو يعتبر منطقة الجزيرة راس الرمح في مواجهة الحركات المسلحة في دارفور وكردفان ،  فهي الوقود البشري لهذه المحارق ، ولذلك تم إنتداب الزبير طه مسؤول الحرب النفسية ليكون والياً على الجزيرة ، هذه المنطقة تعاني من الأمراض والفقر لكن هذا لم يردع الوالي من جعل  كل أهلها مشاريع شهادة ، ولا نسمع عنه مشاريع مثل  إنشاء مستشفيات أو مكافحة الأوبئة والأمراض ، ولكننا نراه يحتفل بتسيير المتحركات العسكرية نحو دارفور وكردفان . ومن هنا يجب أن نعترف أن الدكتور نافع أعلن الحرب الحقيقية ، فهو لا يثق في الجيش لكنه يثق في المليشيات والمرتزقة ، وهو يتحدث عن حرب فاصلة ، لكنني أطمئنه بالقول : أنه لا توجد حروب فاصلة في السودان ، فالدكتور نافع هو القيادي الوحيد الذي لم يفقد عزيزاً في هذه الحروب ، صحيح أننا رأينا صور إبنه في تحرير هجليج المزعوم ، لكن هذا الإبن يداعب ملذات الحياة وزينة الدنيا في شواطئ البلاد البعيدة ، والصورة التي رايناها في هجليج كانت للذكرى والإبتهاج .
سارة عيسي



sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء