السلطة بين نزاع المؤيدين والمعارضين

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

استوقفني المثل الانجليزي القائل " إذا أردت أن تعرف حقيقة انسان فأعطه مالاً أو سلطة " أما أن تعطيه الاثنين معاً فإنه يترنح بينهما وفي اعتقادي يكون قد خرج من المألوف وفقد السلوك والأخلاق إذا لم يُحسن التوافق بينهما وهذه معضلة ، لها العديد من السلبيات ، ولعل أهمها النزاع والتكالب حول الحاكم الذي تنمو حوله بطانه مستفيدة تؤيد سلطته وتحافظ عليها بكآفة السبل ليس حباً فيه ولا ايماناً بمبدأ سلطته بل تعزيزاً لضمان مسار مصالح المؤيدين ، واحيانا داخل نطاق الحاكم تنمو الطبقة المعارضة التي حُرمت من امتيازات الحاكم ، فالحاكم مهما كان صالحاً في ذاته لا يدري ماذا يقوم به الأصهار والأعوان والأحباء حوله من مكايدات ومؤامرات في سبيل الاستغلال والترف .
هؤلاء ينهبون من ورائه وهو لا يشعر بل يري مظهرهم الوديع وابتسامتهم العذبة فلا يدري ماذا يختفي وراء ذلك ، كل أهل السلطة محاطون بحاشيه تحجب عنهم عامة الناس ، واحياناً يخرج الحاكم ، وآلي ، معتمد ، وزير الى الناس مستمعاً لشكواهم وهو بذلك يخدع نفسه لان حاشيته دبرت الامر وجهزت من يتحدث وكأنهم جميعاً على خشبة مسرح . ورغم ذلك لا يستطيع أي مسئول فهم ومعرفة حقيقة المجتمع الذي يحكمه لان كل اطار الزيارة أو اللقاء الجماهيري صنعته الحاشية بدقة تزين له كل شيء والكل تمام ياريس .
الحاشية التي تحيط بساستنا وحكامنا تستطيع أن تجعل الأسود في عينهم أبيض فاذا قامت المظاهرات تريد خبزاً قالت الحاشية إنهم يريدون  البقلاوة ، إذا طالبوا بحقهم من الحرية والعدل والمساواة قال عنهم أنهم خرجوا عن المله وأنهم زنادقة يحركهم الغرب الذي يستهدف بلادنا وهم ضد الدين ، والتهم كثيرة وجاهزة ، والمشكلة الكبرى إذا كانت حاشية الحاكم من رجال الدين فهؤلاء يجعلونه ظل الله في أرضه ويأتون بالملائكة والانبياء ليؤيدوا حكمه . كل الامجاد التي شيدها أهل السلطة قامت على اكتاف البائسين وعُجنت بدمائهم ولم يقم أثر واحد الا بعد أن انهالت السياط عليهم والسياط كثيرة .
كذلك يري البعض في عصرنا هذا أن الدين يدعو الشعوب الى الخضوع والاستسلام لحكامهم الظالمين ، وهذا الرأي ينطبق على الدين المستأجر الذي يستخدمه الطغاة ، أما الدين الحق فهو دين الثورة على الظلم والفقر والفساد والتسلط والتحزب بأحلي وأفضل معانيه . فالسلطة الرشيدة الواثقة من كل خطواتها هي التي تقود الثورة الشعبية لا تقاومها لأنها قائمة لتصحيح الاوضاع ومحاربة الفساد والمفسدين وتوفير  كل مقومات العدل الاجتماعي من هذا المنطلق الثورة واجبه .
الثورة واجبة لمحاربة الظلم ومقارعة الفساد وحصرهم ومحاسبتهم خاصة وقد اصبح الفساد ملازم لكل مرافق حياتنا ، هذه البطانة الفاسدة عديمة الاخلاق منحرفة السلوك تعرف كيف تتسلل للوظيفة وكيف تحاصر وتحارب كل من يقف في طريقها ، والحماية متوفرة لديهم والقوانين في مصلحتهم ، كل الظروف تتوافر لهم وعندك مكتب والي الخرطوم نموذجاً ، شاهدت برنامج تلفزيوني عن الفساد وعجبت عندما سمعت من أحدهم أن لديهم ايصالات مالية خاصة يتحصلون بها ثم يفرقون ذلك في أورنيك 15 ماذا يعني ذلك والله الذي سمعته لو في سلطة محترمة يُحال صاحبة للقانون بسرعة دون ابطاء . لعن الله البطانة الفاسدة التي تدافع عن السلطة وتقاتل وتصارع من اجلها في الظاهر وفي الباطن يتم كل ذلك لحماية مصالهم .
أما الفئه المعارضة في أغلبها تعارض بغرض حرمانها من امتيازات أهل السلطة أو ابعادها لأي سبب من الاسباب وبالتالي سبب المعارضة ينصب في اطار المصلحة وليس قضية المواطن يتحدثون ويتصارعون عن الدستور وقانون الانتخابات ، والشعب يموت موتاً بطيئاً من المرض والفقر والعوذ وهم في نعمة ، لذلك على المثقفين من ابناء بلادنا دور مهم في توعية العامة وتبصيرهم  بما يحدث ويحيق بهم ، علينا أن نحاربهم ونقف ضدهم وجميعهم لا يصلحون وليس لديهم ما يقدمونه عليهم الرحيل جميعاً فالبلاد محتاجة لفكر جديد وحكام جدد يحملون قيماً سودانية رفيعة .
ومشكلتنا الآن معالجة فساد الضمائر والنفوس ولعمري هذه المعضلة تهدم المجتمع أكثر من الحروب . آن الأوان لكي نحدث انقلاباً في أسلوب تفكيرنا السياسي فقد ذهب زمان النفاق  والكذب والتسلط وحل محله زمان الشعوب المقهورة  التي أرهقها الفقر والعوذ والمشقة ، لماذا العنت والتسلط ؟ كلنا مسلمون ونعرف أمور ديننا الحنيف معرفة جديد لذلك واقعنا ليست له علاقة بالدين اطلاقاً ، الدين يحارب الظلم ويحارب الفساد ويحارب الفقر ويحارب.....وواقعنا يؤطر لكل هذه القيم السالبة التي وجدت محاربه من كل الاديان . والله المستعان .
eidris2008@gmail.com
///////

 

آراء